الجمعة, مارس 29, 2024
Homeالاخبار والاحداثفيلم "سبايا".. قصص بطولية وجوائز عالمية واتهامات بالتزوير

فيلم “سبايا”.. قصص بطولية وجوائز عالمية واتهامات بالتزوير

حصد فيلم "سبايا" الشارة الذهبية في فئة "أفضل فيلم وثائقي" في مهرجان الأفلام الذي ينظمه معهد السينما السويدي. وقبل عام، حصل  الفيلم على جائزة أفضل مخرج في مهرجان ساندانس الدولي العريق، في فئة السينما الوثائقية العالمية.
حصد فيلم “سبايا” الشارة الذهبية في فئة “أفضل فيلم وثائقي” في مهرجان الأفلام الذي ينظمه معهد السينما السويدي، كما حصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان ساندانس الدولي، في فئة السينما الوثائقية العالمية.

تدور أحداث الفيلم الوثائقي “سبايا” حول عمليات تعقب وإنقاذ للفتيات الأيزيديات المختطفات لدى تنظيم “داعش”، منذ هجوم سنجار عام 2014.

“سبايا” هو الجزء الثالث من ثلاثية وثائقية للمخرج الكردي -السويدي هوجير هيروري، بعد “الفتاة التي أنقذت حياتي” (2016) و”مزيل الألغام” (2018).

يتابع هوجير في الفيلم، الذي تبلغ مدته 91 دقيقة، كلا من زياد ومحمود، الذين يقومان بتحرير الفتيات الأيزيديات من داخل مخيم الهول في سوريا.

يحمل الرجلان مسدسات على الخصر، وهاتفا خلويا، ويقودان سيارة تستخدم في عمليات الإنقاذ المحفوفة بالمخاطر.

خلال النهار، يقوم الرجلان بالتحري عن الأيزيديات المخطوفات عبر الهاتف، مستعينين بشبكة من المخبرين ومقدمي المعلومات المنتشرين في شمال شرق سوريا، خصوصاً داخل مخيم الهول، ويتفحصحان صور الفتيات المفقودات، ويحاولان تحديد أماكن سكنهن داخل المخيم، قبل العودة ليلاً لإخراجهن، ونقلهن إلى المركز، وهو عبارة عن منزل متعدد الغرف، تسكنه عائلة محمود.

“بالنسبة لنا، نحن الأيزيديين، هذا شيء كبير. حتى الآن تم إنقاذ 206 فتيات، لكن لا يزال هناك عدة آلاف في عداد المفقودات”، يعلق محمود على سبب تأسيس “مركز البيت الأيزيدي”.

يتيح هوجير للصور أن تتحدث. لقد وضعنا في منتصف الحدث، يتكون الفيلم من سبعين بالمائة على الأقل من الحركة المكثفة. المشاهد الليلية تسيطر على الفيلم، مشاهد محطمة للأعصاب، توقف الأنفاس. لقطات مركّزة ومباشرة، لا توجد مقابلات طويلة، لا أحد يجلس ويشرح الأشياء والأحداث التي تجري في الفيلم، حيث يحاول طاقم الفيلم عدم لفت الأنظار. يتعلق الأمر أكثر بالنتائج والشهادات المتفرقة، وتصوير البيئة بشكل واقعي، بالمعنى الحرفي للكلمة لأن الكاميرا بالكاد تلتقط أي لقطات بانورامية كاملة.

تظهر سيدة تدعى ليلى تبكي من خلف نقابها، مستلقية على الأرض، بينما يلعب ابن محمود الصغير بجانبها. “أكره هذا العالم”. “كل شيء أسود”، تعلق ليلى.

إنها أول امرأة يتم إنقاذها في الفيلم، وهي أيضًا عملية الإنقاذ الأكثر دراماتيكية. نجح محمود وزياد، في العثور عليها في خيمة واصطحباها في سيارتهما وخرجا بها من مخيم الهول. في الخارج، يحدث شيء ما فجأة: شخص ما يتبعهم. سرعان ما يتضح أن عناصر من داعش يلاحقونهم.

يفلت أبطال الفيلم بصعوبة من الإرهابيين، ويصور باقي الفيلم تعافي ليلى في مركز الأيزيديين، حيث يُسمح للنساء بالراحة بعد الأسر قبل لم شملهن مع أقاربهن في العراق.

ليس من السهل تمامًا المناورة في فيلم “سبايا”. يتم إلقاء المُشاهد في عالم مليء بالغبار، حيث يُعرِّض المشاركون، والمخرج نفسه بوضوح، أنفسهم لخطر قاتل من أجل تنفيذ عمليات الإنقاذ في مدينة الخيام العملاقة ذات المتاهة، حيث لا يبدو أحد آمنًا.

دون أن تلاحظ، تنمو كومة الملابس السوداء أمام باب غرفة والدة محمود التي تستقبل الناجيات. “هذه الثياب يجب حرقها”، تعلق والدة محمود التي تتولى أمر العناية بالناجيات.

ولكن إذا كان لديك القليل من الصبر، فإن هوجير ببطء، ولكن بثبات، لا يزال يبني سياقًا معينًا يسمح لك بفهم أفضل لحالة المخطوفات وكيف يمكن أن تتشكل حياتهن في الحرية، حيث يتم نقل الكثير من الدراما النفسية بواسطة إيماءات هادئة وبسيطة تكشف كل نقاط ضعفهن: راحة اليد والجلد والنظرة. مع تقدم الدراما، تتشابك هذه العناصر المتناقضة للتأكيد على تناقضات الوجوه، والشك الذاتي، والشوق، والشعور بالذنب.

في الوقت نفسه، ليس صعبا ملاحظة العقاب المزدوج الذي تواجهه النساء الأيزيديات في هذه اللحظة، فيما يتعلق بـ”العفة” و”الطاعة”، مع الأخذ في الاعتبار أن الأطفال المولودين في “فترة السبي” لا مكان لهم في مشروع حرية الأمهات. “إنهم أطفال داعش”، يعلق صوت خفي في الفيلم. 
“يجب عليهن العودة إلى أصولهن، إلى دينهن، إلى ثقافتهن…”، يقول محمود الذي يحاول منذ بداية الفيلم تجاهل النظر إلى الكاميرا بشكل مقصود.

على بعد مسافة قصيرة من الحدود بين سوريا والعراق، تتقدم مجموعة من الأفراد لاستقبال المحررات، في لقطة مقربة تظهر وجوها مندهشة؛ نسمع نحيب الأب، وهو يعانق ابنته. لقاء منعش وغني بالتباين.

انتقادات واتهامات بالتزوير

تم منح “سبايا” الشارة الذهبية ضمن  فئة “أفضل فيلم وثائقي” في مهرجان الأفلام الذي ينظمه معهد السينما السويدي. وقبل عام، حصل  الفيلم على جائزة أفضل مخرج في مهرجان ساندانس الدولي العريق، في فئة السينما الوثائقية العالمية.

بالإضافة إلى الجوائز السويدية والدولية، أشاد النقاد بـ”سبايا” لرواية القصص الوثائقية الجريئة.

في مراجعة صحيفة “أخبار اليوم” السويدية واسعة الانتشار من الخريف الماضي، ورد أن الفيلم “يتجنب أي نوع من البطولات أو الإثارة. الحقيقة كافية كما هي”.

تم تمويل الفيلم من معهد الأفلام السويدي المملوك للدولة، وشارك في إنتاجه تلفزيون السويد الممول مباشرة من أموال دافعي الضرائب.

عندما فاز الفيلم بجائزة في مهرجان ساندانس، سلط المخرج هوجير هيروري الضوء على الشخصيتين الرئيسيتين محمود وزياد، باعتبارهما الأهم. بشكل مأساوي، توفي محمود فجأة في أعقاب نوبة قلبية قبل أيام فقط من العرض الأول في السويد.

“هم الأبطال الحقيقيون”، كما قال هوجير في ذلك الوقت، مهديا الجائزة لمركز بيت الأيزيديين.

ومع ذلك، فإن الاتهامات لمخرج الفيلم بدأت مباشرة في الظهور إلى العلن. ففي نهاية سبتمبر من العام الماضي، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالاً  نقديا عن الفيلم حظي باهتمام دولي كبير. أكدت عدة مصادر للصحيفة بأن المخرج هوجير لم يحصل على موافقة عدد من النساء الأيزيديات لمشاركتهن في الفيلم.

أشارت الصحيفة إلى ثلاث نساء قلن إنهن لم يفهمن الغرض من التصوير، أو أنه قيل لهن إن الفيلم لن يعرض في سوريا والعراق. وتقول امرأة أخرى إنها رفضت بشدة الظهور في الفيلم الوثائقي.

نفى هوجير هيروري ومنتج الفيلم أنتوني روسو ميريندا في حديث مع صحيفة ” أخبار اليوم” السويدية المعلومات الواردة. وقدم المنتج أيضًا بيانًا رسميًا تفصيلياً، نشر على موقع Variety.  ذكر فيه أنه تم الحصول على موافقة كتابية أو شفهية أو مصورة من جميع المشاركين في “سبايا”، وكذلك من أولياء أمر الفتيات.

بالإضافة إلى ذلك، جاء في البيان بأن “سبايا” إنتاج سويدي يتبع القانون السويدي، ووفقًا له، فإن الموافقات المكتوبة واللفظية والمصورة صالحة على حد سواء. العقود المكتوبة، بحسب البيان، مكتوبة باللغتين الإنجليزية والعربية.

ماجدالينا جانجارد، رئيسة قسم دعم الإنتاج في المعهد السويدي للسينما، أكدت أنه “من الضروري مقابلة المنتج والمخرج لطرح الأسئلة التي تتناولها مقالة نيويورك تايمز”.

وأضافت: “صحيح أن امرأتين لم ترغبا في المشاركة ولم ترغبا في التوقيع على عقديهما. وأخفى فريق العمل هويتهما من خلال التشويش على صورتهما وتشويه صوتهما لتجنب التعرف عليهما. تقييمنا هو أن المنتج والمخرج استجابا للاعتراضات التي جاءت من الممثلين وأجروا التعديلات اللازمة”.

لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد. نشرت صحيفة Kvartal” كفارتال اليمينية المحافظة في نهاية شهر أيار الماضي تحقيقاً استقصائياً مكونا من جزئين، يحتوي معلومات “جديدة”، وغير معروفة حتى الآن عن فيلم “سبايا”.

تذكر الصحيفة بأن العديد من النساء أخرجن من المخيم رغما عنهن، فيما أجبرت بعضهن على التخلي عن أطفالهن، كما خدعت بعضهن للانفصال عن أطفالهن، وتم تقديم وعود لهن بأنه سيتم لم شملهم لاحقًا. وتم إبقاء النساء اللواتي رفضن التخلي عن أطفالهن رهن الإقامة الجبرية لمدة تصل إلى عامين داخل مركز البيت الأيزيدي. وكذلك عرض تنظيم داعش على النساء شراء الأطفال.

نشرت كفارتال “Kvartal” أيضا تسجيلا صوتيا غير معروف المصدر، أظهر أن إحدى النساء أخبرت المخرج أن بطل الفيلم الوثائقي محمود تعامل مع النساء بشكل سيء.

اعتمدت الصحيفة في تحقيقها الاستقصائي أيضاً على تقرير من قناة الخدمة العامة الكندية سي بي سي CBC، حيث تمت مقابلة العديد من النساء الأيزيديات اللواتي أجبرن على التخلي عن أطفالهن. وتمت مقابلة محمود. ولكن من الواضح أن قناة CBC لم تكن تعلم عن مشاركته في الفيلم.

يقول محمود في التقرير إنه سمح لداعش بشراء أطفال النساء مقابل الحصول على معلومات، وأنه استخدمهم كسلع بعد فصلهم عن أمهاتهم.

قامت الصحيفة بتعقب المترجم الذي عينته سي بي سي CBC للمساعدة في التقرير، نيجيرفان ماندو. بعد الاطلاع على ما ورد في المقابلة، أكد المترجم أن محمود يقول إن مركز البيت الأيزيدي كان يقدم الأطفال إلى داعش مقابل معلومات عن المفقودين من الأيزيديين.

التلميح الوحيد الذي يحصل عليه الجمهور حول ما تعرضت له النساء وأطفالهن في مشهد في الفيلم يصور إحدى النساء وهي تبكي وتتخلى عن ابنها الصغير، بينما تشرح النساء المتطوعات في مركز البيت الأيزيدي ذلك بأنه “مؤقت فقط”.

في الجزء الثاني من التحقيق، قالت “كفارتال” إن العديد من المشاهد الرئيسية في “سبايا” ليست أصلية، ولكن تم التلاعب بها لتتناسب مع القصة التي يريد الفيلم تقديمها، منها أن مخرج الفيلم لم يكن حاضرًا أبدًا عند إطلاق سراح ليلى (المشهد الرئيسي في الفيلم)، إضافة إلى أنها ليست نفس الشخص الذي تعرض فريق الإنقاذ للمطاردة خلال عملية تحريره. ويزعم الفريق أنه مر في منطقة نفوذ تابعة لـ”داعش” الذي بادر عناصره عليه النيران، وحسب الصحيفة، فإن هذا المشهد تم تصويره مع امرأة أخرى.

هوجير اعترف أنه “أعطى انطباعًا بأنه كان حاضرًا عند إطلاق سراح ليلى”، وأنه “كان من الإهمال وغير الضروري بالنسبة لي ألا أحدد في المقابلة مع بي بي سي أن هذا المشهد كان يخص سيدة أخرى”. لذلك، اختارت مؤسسة البث البريطانية العامةBBC   حذف المقابلة مع هوجير في بداية شهر تموز 2022.

وكتبت بي بي سي في تعليق لــ “كفارتال”: “نحن ندرك أن هناك مخاوف قد أثيرت بشأن صحة بعض التصريحات التي أدلى بها المخرج، وقد حذفنا مقابلتنا معه، بعد مراجعتنا لها”.

رفض المخرج هوجير هيروري المشاركة في المراجعة الاستقصائية التي قامت بها صحيفة “كفارتال”. وقال في رسالة نصية أذاعتها نشرة الأخبار الثقافية في التلفزيون السويدي، بأن النقد سخيف، و”خاصة الآن عندما تأتي صحيفة كفارتال باتهامات خطيرة ضد شخص مات ولا يستطيع الدفاع عن نفسه”. وأضاف المخرج أنه يرد على الانتقادات “في المستقبل القريب”.

عبد اللطيف حاج محمد

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular