الأربعاء, أبريل 24, 2024
Homeمقالاتلماذا الكراهية ؟ : شفان شيخ علو

لماذا الكراهية ؟ : شفان شيخ علو

لماذا لا نتحمّل بعضنا البعض ؟ لماذا نغضب على بعضنا البعض ؟ لماذا يخاصم بعضنا البعض ؟ لماذا لا يسامح بعضنا البعض ؟ إنها أمثلة حية ويومية نعيشها في بيوتنا، وبيننا نحن الجيران في الحي، وفي الشارع، وحتى في مكان العمل. أو نسمع بوقائع أو أحداث يومية: كبيرة وصغيرة، وأحياناً تكون مؤسفة وتسبب مشاكل كثيرة في المجتمع. وكغيري أعرف أن وراء  كل ذلك تكون الكراهية هي المسؤولة. إنها مثل السم المنتشر في الدم وأول ما يصيب يكون القلب، فلا يعود الجسم قادراً على ضبط نفسه لا يعود العقل يتحمل هذا الضغط، فيفقد الإنسان توازنه في هذه الحالة .
يا لها من قوة مخرّبة ومدمّرة ومهلكة هذه العاطفة، التي إذا انتشرت في أي مجتمع، أو سكنت أي جسم تحوّله إلى خراب .
من أين تأتي هذه الكراهية التي يكون حاملها أول ضحية لها أو يدفع ثمنها غالياً، وقد تكّلفه حياته إذا خضع لها، وقد ازدادت قوتها، كما في القتل مثلاً ؟
إن فقدان المرونة، أي عدم السيطرة على النفس، أي النظر إلى الموضوع عن بعد، وتقدير المشكلة، ودون التفكير في العواقب ، أسباب مباشرة لظهور الكراهية .
في مجتمع يشهد انتشار الكراهية فيه، يفقد تماسكه، ويصبح ساحة للخصومات ، ولتدخلات المغرضين والأعداء . وكلما تصورناها كبيرة وخطيرة، كلما أمكننا أن نحسب حساباً لها ، فنتخذ الإجراء اللازم قبل فوات الأوان .
الكراهية تسوّد حياة من يكره قبل سواه، إنها أساس التشاؤل، وكذلك القلق والنكد ، والوساوس، والشك في كل شيء، حتى في أقرب المقربين، والكاره ينظر إلى العالم من حوله وكـأنه يعاديه، ولا يريد له خيراً.
إننا حين نبتعد عن أنفسنا نكون عرضة لهذه العاطفة المخربة . أي حين نعتبر الآخرين مسؤولين عن كل ما يحصل لنا من مصائب. أو إنهم لا يريدون لنا خيراً .
فالذي يفشل في دراسته، قد يكره معلّمه، وكأنه هو وراء فشله في الدراسة والذي يخسر في عمل تجاري له، قد يشير إلى أشخاص معينين يكونون سبباً لخسارته، أو حين يعتبر أن نجاح أحدهم: وقد يكون قريباً منا أو أحد معارفنا، أو جارنا حتى، مسبباً له الانزعاج فيكرهه، بدلاً من أن يتعلم منه، فيكون نشيطاً في مجتمعه ومفيداً لنفسه وللآخرين .
وأخطر ما يظهر في الكراهية، لدى أحدهم حين يربط كراهيته بأفراد مجتمعه ، وبلده، ويتمنى للجميع الخراب .
ذلك ما نسمع به أو نراه في سلوك البعض في أمكنة مختلفة. نعم من حقنا أن ننزعج، أن نغضب، أن نتضايق، أن نعبّر عن قلقنا تجاه حوادث مؤلمة بنتائجها، وهنا تكون الغيرة موجودة وكذلك الحرص على السلامة العامة. لكن ذلك لا يجب أن نبتعد عن الحكمة في التفكير. علينا أن نبحث عن المشكلة، أو نكون هادئين، دون تضخيم الأمور، لأن هذا السلوك هو الذي يكون خير دواء مفيد لذلك الداء الكبير الذي ينتشر في الجسم أي الكراهية !
لكم هو جميل أن نقدَّم  الهدوء على التوتر، والحوارالهادىء على الصياح فيما بيننا، وتبادل العتاب والنقد البناء وليس الاتهامات المباشرة والإساءات الشخصية التي قد تشمل أفراد العائلة والمجتمع .
ليس هناك ما هو مفيد أبداً من هذه العاطفة السلبية تماماً. ترى ماذا يستفيد أحدهم إذا كره غيره، وقد ابتعد عنه، ودعى له بالشر والمرض والوقوع في المشاكل ؟ ماذا لو وضع هو نفسه محله؟ ألا يكون ذلك محزناً له ؟
كل الذين يتحدثون عن الأمور النفسية، يشيرون إلى أن ليس هناك داء وليس له دواء. ولو أن أي واحد منا تصرف بهدوء، وحاسب نفسه على أخطائها، وتقبَّل نقد الآخرين لها، وتعلَّم من أخطائه، ومارس عمله بعيداً عن الحسد الذي يرتبط بالكراهية بالمقابل، لا بد أن يتحرر من كل ما له علاقة بالكراهية .
وفي هذا الوقت الصعب، لكم نحن بحاجة إلى أن نسمع من بعضنا البعض كلمة حلوة، ومصافحة خالصة ومن القلب، ليكون مجتمعنا أكثر عطاء في قيمه الإنسانية وفي كسب ثقة الآخرين بنا، وتقديرهم لنا ولبلدنا.
إن مقياس الشخصية البناءة، هو في انفتاحها على الآخرين، وفي تفانيه من أجل مجتمعه، فيتكون المحبة أولى درجات النجاح وأهمها، بما أنها تقرّب بين الأشخاص وتطهّر قلوبهم من آفة الكراهية ودورها الفتاك والمخرب في المجتمع وفي النفوس .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular