الخميس, أبريل 25, 2024
Homeاخبار عامةأطفال الهول.. تركة داعش العالقة في متاهة المجهول

أطفال الهول.. تركة داعش العالقة في متاهة المجهول

يعيش في مخيم الهول أكثر من 55 ألف شخص، ثلثاهم من الأطفال.
يعيش في مخيم الهول أكثر من 55 ألف شخص، ثلثاهم من الأطفال.

نساء يتشحن بالسواد يشرفن على وظيفة الحسبة، خلايا نائمة وأخرى نشطة، سجون سرية، عمليات اغتيال مقابل 50 دولارا، “سبايا” مازال مصيرهن مجهولا، مهربون وتجار بشر، وأطفال كتب عليهم أن يدفعوا ثمن جرائم آبائهم… هذا هو الوضع في مخيم الهول.

المخيم إرث ثقيل تركته “خلافة” داعش البائدة وراءها، وتحول إلى حديقة خلفية للتنظيم وخلاياه السرية، ووسيلة ناجعة لاستدرار الدعم والتعاطف، والأهم من كل هذا احتضانه آلاف الأطفال في بيئة مليئة بالعنف والتطرف.

“أشبال الهول”

أصدرت منظمة أطباء بلا حدود قبل يومين تقريرا بعنوان “بين نارين” رصدت فيه الأوضاع المأساوية للأطفال في مخيم الهول، وقالت بأن 64 في المئة من قاطني المخيم، الذين يبلغ عددهم أكثر من 55 ألف شخص، هم من الأطفال.

يعيش هؤلاء الأطفال ظروفا صعبة، حيث يموت كثيرون منهم بسبب سوء التغذية، والرعاية الصحية المتدنية، كما قُتل بعضهم في حوادث مختلفة بينها حوادث إطلاق نار. ومن إجمالي الوفيات داخل المخيم تبلغ نسبة الأطفال 35 في المئة منها.  وقال مدير العمليات في المنظمة مارتن فلوكسترا: “إن الفتيان يفرقون بالقوة عن أمهاتهم بمجرد بلوغهم 11 عاماً، من دون أن يُعرف عنهم شيء”. وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من “سوء الرعاية الصحية والخيام الممزقة والمياه الملوثة، والخطر الأكبر المتمثل في الأمراض المنتشرة بين الأطفال مثل الجرب والإسهال والإنفلونزا”.

لكن ما لم يذكره تقرير منظمة أطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات الدولية، ويتعذر إحصاؤه بلغة الأرقام هو طبيعة التنشئة الأيديولوجية التي يخضع لها أطفال المخيم، خصوصا أن الكثير من النساء هناك ما زلن يحتفظن بالولاء لتنظيم داعش، ويعتبرن ما قام به أزواجهن مبعثا للفخر، وبالتالي تمرير الخطاب المتطرف إلى الصغار واعتبار ذلك جزءا من واجبهن تجاه “الخلافة” المزعومة.

وأشار تقرير في مؤسسة كارنيجي إلى وجود أكثر من 8000 امرأة يعتنقن أفكارا متشددة، وهن مسؤولات عن نسبة كبيرة من أعمال العنف والاعتداء. الأطفال الذين دخلوا المخيم وهم في سنواتهم الأولى لا يحتاجون سوى لبضعة سنوات أخرى ليصبحوا قادرين على حمل السلاح، وقد رأينا في أفلام داعش أطفالا صغارا ينفذون عمليات إعدام وآخرين يقودون عربات مفخخة، وأفادت تقارير صحفية أن أطفالا في المخيم ضالعون فعلا في عمليات قتل لفائدة التنظيم.

لا يوجد في الهول مؤسسات تعليمية أو مراكز تأهيل أو دور للرعاية، فقط بعض الفضاءات التعليمية التي تعرض بعضها للتخريب المتعمد أو الإغلاق بفعل الجائحة، وتؤول في النهاية مهمة التعليم والتنشئة إلى الأمهات، فتبدل كثير منهن جهدا كبيرا في زرع فكرة الثأر في وجدان أطفالهن، وتبسيط خطاب التنظيم لهم، وأنهم ضحية حرب عالمية على الإسلام، فيصبح الطفل بعدة مدة قنبلة جاهزة لا يتطلب تفعيلها سوى نزع حلقة الأمان.

مادة دعائية

عوائد تنظيم داعش من مخيم الهول لا تقتصر فقط على الأطفال الذين ينتظر أن يصبحوا جنودا، وإنما يبادر وأنصاره على الإنترنت إلى توظيف معاناة المحتجزين في محاولة للحصول على التمويل وتجنيد عناصر جديدة في صفوفه. وقد ظهرت على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل المشفر، خصوصا تطبيقي تيلغرام وواتساب، عشرات القنوات والمجموعات التي ركزت منشوراتها وموادها الدعاية حول مخيم الهول، ووضعت رهن إشارة الراغبين في التبرع أرقاما هاتفية ومعرفات تواصل لترتيب عمليات التحويل وعناوين لمحافظ البيتكوين.

ودرجت بعض القنوات على نشر صور لنساء منقبات يحملن رزما من المال كدليل على وصول التبرعات إلى الجهات المعنية بها .

الانتشار الواسع للحسابات التي تزعم جمع التبرعات للعوائل في المخيمات يشير إلى أن عناصر التنظيم يعتمدون في تمويل جانب من نشاطاتهم على عائدات هذه العملية، وساعد وجود مكاتب تحويل الأموال ومحلات الصرافة في شمال سوريا في تسهيل إجراءاتها، إضافة إلى المعاملات الإلكترونية عبر البنوك الافتراضية والعملات المشفرة التي تجعل عملية المراقبة مهمة بالغة الصعوبة.

يجيد تنظيم داعش اللعب على الوتر الحساس في المجتمعات العربية، ويفرد مساحة مهمة في خطابه لما يسميه “محنة العفيفات” في مخيمات الاعتقال، ويحث أنصار على الثأر “لأعراضهن المنتهكة” ويدرك أن هذا الشحن العاطفي يمثل حافزا لدى الكثير منهم للانخراط في صفوفه، وبالتالي فلا مصلحة للتنظيم في تفكيك مخيم الهول باعتباره عاملا معززا لحضوره، ومادة ثرية لحملاته الدعائية.

محيط غير آمن

في غشت الماضي، شنت قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات الأمن الداخلي “الأسايش” حملة أمنية داخل المخيم بسبب ارتفاع معدلات الجريمة وازدياد نشاط الخلايا السرية التابعة لتنظيم داعش.

وفي بيان لها قالت قوات “الأسايش” “إنها عثرت على هواتف نقالة ومخازن بندقية أميركية مليئة بالرصاص، وأسلحة بيضاء وأدوات تستعمل في تعذيب المعتقلين، كانت خلايا تنظيم داعش تستعملها خلال استجواب المدنيين الذين تختطفهم في المخيم”.

وانتشرت القوات الكردية على نطاق واسع في المخيّم الجمعة، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

امتدت الحملة التي أطلق عليها اسم “الإنسانية والأمن” أسابيع وأسفرت أيضا حسب بيان لقوى الأمن الداخلي “عن اعتقال 226 إرهابياً، بينهم 36 امرأة متشددة شاركن في جرائم القتل والترهيب، والعثور على 25 خندقاً ونفقاً، وتدمير الكثير من النقاط والأوكار المخصصة لتلقين الفكر الإرهابي”.

وقد استنفرت قوات سوريا الديمقراطية آلافا من عناصرها من أجل اتمام المهمة وتغطية المساحة الشاسعة التي يحتلها المخيم وتفتيش آلاف الخيام، وهي مهمة محفوفة بالمخاطر، وتعتبر تحديا بالنسبة لفرق “قسد” الأمنية.

الخطر المرتبط بالمخيم لا يقتصر فقط على منع الفوضى داخله بل الأهم هو تأمين محيطه الخارجي. فقوات سوريا الديمقراطية التي تتولى حمايته تتحرك في بيئة يسودها الاضطراب، ولا تنفك تركيا تهدد باجتياح عسكري لمناطق الإدارة الذاتية وتعتبرها تهديدا مباشرا لأمنها القومي، كما اخترقت هيئة تحرير الشام ومجموعات متحالفة معها قبل أيام مناطق عفرين في اتجاه الشرق لكنها أوقفت زحفها بموجب اتفاق هدنة مع فصائل محسوبة على “الجيش الوطني” (مدعوم من تركيا). ومن شأن تمدد الهيئة وتموضعها على خطوط تماس مع مناطق الإدارة الذاتية أن يخلق حالة قصوى من عدم الاستقرار، ويفتح الأوضاع في شمال شرق سوريا على سيناريوهات كارثية ستعيد بلا شك صياغة خرائط السيطرة والنفوذ.

ويسير الوضع في المخيم إلى مزيد من التعقيد، بعدما أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية تعليق عمليات إعادة القاطنين في المخيم. وقالت الوزارة في بيان رسمي: “عُلقت عمليات إعادة العائلات حتى وضع آلية جديدة، وتهيئة الظروف المناسبة لإعادتهم”.

علّقت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، عمليات إعادة النازحين من مخيم الهول، وهو قرار أثار استياء الإدارة الذانية في شمال شرق سوريا، ما هي أسباب القرار، وهل توجد آلية جديدة لإعادة النازحين العراقيين من الهول؟

ويبلغ عدد العراقيين داخل مخيم الهول قرابة 25 ألفاً، وفقاً لأرقام الوزارة.

القرار أثار استياء “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا، واعتبرت أنه سيؤدي إلى تأخير خطط إنهاء ملف المخيم.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular