الجمعة, أبريل 19, 2024
Homeمقالاتبيار روباري : الأزمة البريطانية مستمرة رغم نجاة تيرزا ماي

بيار روباري : الأزمة البريطانية مستمرة رغم نجاة تيرزا ماي

 

نجاة رئيسة وزراء بريطانيا تيرزا ماي (حزب الماحفظين) من عملية سحب الثقة منها، بالتأكيد لا يعني نجاة بريطانيا أوتوماتيكيآ من أزمتها الخطيرة والتي تزداد سوءً يوم بعد يوم، مع إقتراب موعد خروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي في 29 آذار المقبل، في ظل فوضى داخلية يعم حزبها، ومع رفض البرلمان البريطاني بأغلبيته، الإتفاق الذي توصلت إليها ماي مع قادة الإتحاد الأوروبي. برأي هناك ثلاثة عقبات رئيسية تقف في طريق ماي لتمرير إتفاقها مع بروكسل وهي:

العقبة الأولى:

الإنقسام الشديد داخل كتلة حزبها المحافظ في البرلمان، حول الإتفاق الذي أبرمته الست ماي مع قادة الإتحاد الأوروبي. فهناك تيار يرفض الإتفاق الحالي ويعتبرونه سيئ، ويفضلون عليه إنسحاب دون إتفاق. وهناك تيار آخر يرفض رفضاً قاطعآ، خروج بلدهم دون إتفاق يضمن إستمرار روابط قوية مع الاتحاد الأوروبي، أكبر تكتل تجاري في العالم لضمان مصالح بريطانيا الإقتصادية والمالية والتجارية.

العقبة الثانية:

هي أن الانقسامات حول «بريكست» ليست مقتصرة على حزب المحافظين وحده، بل يشمل أيضآ جميع أحزاب المعارضة أيضآ، ومعهم الشارع البريطاني بأجمله. حزب العمال المعارض بقيادة كوربين هو الأخر لديه معدلة في هذا الشأن، حيث أن حزبه منقسم على نفسه في هذا الأمر، ولولا خلافات حزب المحافظين لكانت أزمة حزب العمال حول موضوع «بريكست» أكثر وضوحاً دون شك.

والحزب الوحدوي الديمقراطي الآيرلندي، حليف تيريزا ماي في البرلمان، والذي من غير دعمه لم تكن لتتوفر الأغلبية للمحافظين في البرلمان الحالي، يرفض هو الأخر خطة ماي المعروضة وأعلن بأنه لن يقبل بأي صيغة لا تحقق شرطين أساسيين هما:

الشرط الأول: عدم وضع حدود ملموسة تعرقل حرية حركة البشر والبضائع بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا.

الشرط الثاني:عدم اتخاذ أي إجراءات تضعف روابط إقليم آيرلندا الشمالية ببقية الاتحاد البريطانيأما الحزب القومي الاسكوتلندي وحزب الليبراليين الديمقراطيين فإنهما يعارضان «بريكست» ويحبذان فكرة إجراء استفتاء ثان بعد أن باتت الرؤية أكثر وضوحاً أمام الشعب البريطاني بشأن الخيارات المتاحة وتبعاتها.

 

العقبة الثالثة: أن الاتفاق الذي توصلت إليه حكومة ماي مع الاتحاد الأوروبي، قبل فترة قصيرة مرفوض من غالبية مجلس العموم البريطاني، ولهذا أجلت التصويت عليه داخل البرلمان، وأخذت على العواصم الأوروبية المهمة، للبحث عن مخرج وسفينة نجاة لها ولبريطانية، ولكنها عادات  من هذه الجولة خالية الوفاض. وهذا يعني أن الإتفاق بات في مهب الريح.

 

الحل؟ في الواقع ليس هناك حل أفضل من المطروح أي “الإتفاق” المتفق عليه بين الطرفين، لأن كافة الخيارات الإخرى صعبة وفيها قدر كبير من المجازفة. وخاصة خيار الخروج من دون اتفاق وهو ما يعرف بسيناريو (حافة الهاوية) لأن عواقبه الاقتصادية كارثية بالفعل كما اعترفت بذلك الحكومة البريطانية الحالية ذاتها.

 

أما البديل الأمثل هو الذهاب إلى إنتخابات مبكرة أو إجراء إستفتاء ثاني تبقي بريطانيا عضوة في الإتحاد، كما يطالب أكثرية البريطانيين وقادة سياسيين كطوني بلير رئيس الوزراء العمالي الأسبق ولكن كلا البديلان لا يناسبان حزب المحافظين، فمن جهة هناك تيار عريض داخله يرفض فكرة البقاء من أساسها، وثانيآ، الذهاب لإنتخابات في هذه الأجواء والإنقسام الداخلي الذي بأهل هذا الحزب يعني فوز غريمهم حزب العمال (يسار وسط)، وهذا ما تحاول ماي تجنبه بكافة الوسائل.

 

 قد يتسأل أحدكم إذا كان الحال كذلك، لماذا ورط البريطانين أنفسهم في هذه الورطة العويصة؟ أصل الحكاية، تعود للعجرفة الإنكليزية والتي ترتبط بماضيهم الإستعماري، وإحساسهم بأنهم ليسوا أوروبيين، وبأن هؤلاء الأخرين أقل شأن منهم. سيكولوجية بعض الإنكليز الذين كانوا يحكمون العالم، لا تتقبل أن تتساوى المملكة المتحدة مع دول أوروبية عديدة لا وزن ولا شأن لها، مثل جمهورية رومانيا، وسلوفكيا وكرواتيا وليتوانياوهذا الإحساس منعهم من الإندماج الكامل في الهيئات والمؤسسات الأوروبية، ولذا رفضت أن تنضم لمنطقة اليورو. بريطانيا تريد إتحادآ على مزاجها، ويكون فيه لها السيادة، وهذا ما لم يقبله الأوروبيين ورفضوه جملة وتفصيلآ. والخروج من الإتحاد الأوروبي، كما هو معروف، لا يقل صعوبة من الدخول إليه. فالبريطانيين يدركون أنهم غير قادرين على إهمال وتجاهل الإتحاد الأوروبي، الذي يربطهم به حدود مائية وبرية من تحت البحر، وإمكانات هذا الإتحاد الإقتصادية والتجارية الهائلة.

 

شخصيآ، أرى من الصواب إجراء إستفتاء ثاني تبقي المملكة المتحدة عضوة في الإتحاد الأوروبي وهذا في مصلحة الطرفين، وخاصة أن بريطانيا دولة ذات ثقل إقتصادي، سياسي ومالي عالمي ولا شك في ذلك. ولا شك أن الأسابيع المقبلة ستكون حبلى بالأحث والتطورات والمواقف، دعونا ننتظر ونرى.

 

16 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular