كتاب قرأته لك 1: حاجي علو

في الحقيقة أني تصفحته بسرعة لكنه أذهلني بتطرّقه العميق إلى الحقائق والتاريخ الدقيق للشعب الداسني الذي سمي بالئيزدي مُؤخراً جداً وبحث في دينهم في منابعه العليا وبنزاهة مطلقة لم نشهدها حتى عند المستشرقين, ذلك هو كتاب (أثر الديانة الأيزيدية في الديانة الزرادشتية) للدكتورة المصرية عايدة بدر التي أجهدت نفسها مشكورةً في البحث عن حقيقة الداسنيين (الئيزديين حالياً) ودينهم الممنوع من الصرف حتى اليوم, لقد وضعت يدها على موضع الداء وكشفت كل الحقيقة التي سبقت الإسلام, لكن مع شديد الأسف, ما أن وصلت بأحداث التاريخ إلى عتبة الإسلام حتى نسفت كل الجهود التي بذلتها حين نقلت بأمانة من المصادر الكاذبة التي لم تدون في حينها ولا مكانها إلاّ بعد عدة قرون من روايات وصقلٍ للجرائم , وهي تعلم علم اليقين أن حرفاً لم يُكتب بالعربية قبل خلافة المأمون بعد 200 هجرية ومن قِبل الفرس المستعربين, وما سبق ذلك علم الكلام/ الرجال, يُنقل شفاهاً وبمبالغات وصقلٍ جيلاً بعد جيل, حتى السيرة النبوية التي ألّفها إبن إسحق في 140 هجرية دونها عبدالملك بن هشام في عهد المأمون, الأكثر بطلاناً في التاريخ, ما نقلته من كتب التاريخ حرفياً: (أن قائد الحملة سعد بن أبي وقاص استفسر عن كيفية التعامل مع الكرد االأيزيديين فجاء جوابه أن سنوا بهم سنة أهل الكتاب …..) ثم: (أما الفتاوي التكفرية المنظمة ودعوات اإلابادة والحملات العسكرية المنظمة فقد بدأت في عهد الإدارة العثمانية …..) فعلاً الفتاوي من رجال الدين كانت في العهد العثماني فكان الفرمان لأنّ الخليفة العثماني كان تركيّاً لا يفهم من العربية شيئا, لكن في عهد الخلافة العربية الإسلامية كانت فتوى واحدة من الخليفة إستناداً إلى عدة سور منها سورة الفتح 16 (سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ … تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ….) ناهيك عن الأحاديث العديدة سارية المفعول لستة قرون متواصلة على مدار الساعة كالتي كانت في كوجو, حتى مجيء هولاكو, بدأها الخليفة عمر بن الخطاب بالعهدة العمرية لأهل الذمة إستناداً لسورة التوبة 29 , فكانت العهدة العمرية إعفاءً لهم من القتل مقابل الجزية وغيرهم الذبح أو الإسلام, وهم لم يكونوا ئيزديين بل جميع العراقيين الساسانيين دينهم يسمى ال(مزدايسنة) الباقي حتى اليوم بأسم الداسني/ الئيزدي وبعد الشيخ حسن, نعم لقد كانت الباحثة أمينة في نقل مدونات التاريخ الذي كتبه المنتصرون بالسيف, لكنها تناست الحقائق التي كشفتها بحوث المستشرقين فأكدوا فيها بطلان كل التاريخ العربي الإسلامي ، ألا تعلم أن الأمويين إستخدموا المسيحيين في الكتابة, حتى أبوجعفر المنصور لم يعثر على عربيٍّ واحد ليكلفه بكتابة السيرة النبوية فكلّف عبداً مسيحيّاً لتلك المهمة وهو إبن إسحق بن كوثان الذي فتح فم زق التناقضات. هل كان سعد بن أبي وقاص يعرف إسم الئيزديين ؟ الذين تسموا بهذا الإسم بعد الشيخ حسن فقط, كل الشعب الساساني العراقي كانوا مزديسنة دين الدولة الرسمي العام من أفغانستان وإلى سوريا , بمختلف المذاهب الزرادشتية يسميهم العرب بالمجوس, ثم أن تلك كانت سياسة عسكرية إستخدمها في الحروب لتفريق صفوف العدو بهذه الدعايات الرنانة يمدح قسماً ويدين قسماً بحسب قصة الثيران الثلاثة عندما أكلهم ذئبٌ واحد, فالحرب خدعة خاصةً في الإسلام, أنسيتِ معركة أليس التي ذبح فيه خالد بن الوليد سبعين ألف رجل بعد الإستسلام هل نسيت الحجاج الثقفي وجرائمه وقافلة نينوى الداسنيّة التي أُرسلت خصيصاً لدعم ثورات آل البيت التي كلها كانت على أكتاف التوابين المزداسنيين المستسلمين وغزوات الأمويين المستمرة على العراق الداسني الئيزدي الثائر…. كلها أُخمدت بالدماء حتى قتلوا قائدهم الأقوى عبيدالله بن زياد والحصين بن نمير وإبن محارقة , إبراهيم الأشتر المالكي كان أميراً على داسنيي الموصل إبان إستقلال المختار القصير, عمر بن العاص سوّى المدائن العاصمة بالأرض في بداية عصيان المختار. في بداية الحكم العباسي أرسل المنصور خالد البرمكي إلى بلاد الموصل تبعته حملة هارون الرشيد على الموصل ثم جعفر الداسني الحضري …….. وقد إستمرت الحملات عليهم على أشدها حتى هربوا إلى أصقاع العالم المختلفة شرقاً وغرباً وشمالاً ولم يبق في الوسط والجنوب وفي كل مكانٍ وصلته يد العرب إلا من أسلم وإستعرب نهائيّاً أغلبهم تشيّعوا, ولم تتوقف الثورات المتوالية حتى إستقدموا هولاكو للتغلب على الحكم العباسي ففعلوا ونجحوا, ونجا الئيزديون قبل ان ينقرضوا وغيرهم من الطوائف إحتفظت بهويتها القومية بفضل هولاكو وإلا لأسلم وإستعرب كل من كان في الشرق الأوسط.
ثمَّ قولها أن الخليفة العباسي المستكفي بالله أرسل دعماً لإعمار لالش وهو الخليفة الذي عاش ومات قبل ولادة الشيخ عدي بن مسافر, ولو علم وتمكن الخليفة العباسي بوجود الداسنيين في القطب الجنوبي لجهز حملة لإبادتهم كما كان يفعل سابقوه :
( [[تتفق المصادر االيزيدية والكردية والآرامية، أنه (آدي بن زيفر/ربما مسافر) كما ورد في كتاب “مزدها روژ” الذي وضعه الشيخ حسن الداسني، ويذكر فيه أنه ابن اخ الشيخ آدي، انحدر من الأقوام التيراهية المجوسية، التي هاجرت من جبال هكاري نحو الشام، وعاد مع ابن عمه (آلي) في أيام الخليفة العباسي المستكفي بالله، حيث استطاع استمالة الخليفة لمطالبه بعد أن أظهر العديد من الكرامات، فأعطاهما كتاباً, إلى سلطان الموصل “ناصر الدولة” لمعاونتهما في ترميم وإعادة الأماكن المقدسة في لالش، ومنحهما الحرية التامة لإقامة شعائر ديانتهما بين الداسنيين./ حسن الداسني، مزدها روز، ت: أنور مايي، دهوك2001م، ص98 /.خليل جندي، مرجع سابق، ص30 /.ممو عثمان، مرجع سابق، ص88 باقسري، مرجع سابق، ص73 ]] . الأدهى من ذلك أنّ خيرة كتبتنا الئيزديين قد أيّدو ذلك وإستشهدت بهم الباحثة, لقد وقعوا جميعاً في نفس الحفرة, حفرة الشيخ عدي بن مسافرالشامي الذي لم يرَ لالش ولا عرفه المزداسنيون (الئيزديون), ولد في لبنان وعاش في بغداد وتوفي في بؤزا من بلاد الهكار وليس له بالدين الئيزدي الحالي علاقة, وكتاب مزدها روز لم يكتبه الشيخ حسن ولا الشيخ عدي ولا يعلم بمؤلفه أحد كغيره من مشورات وكتابات الداسنيين كتبه أبيار الكورد عندما كانوا في منتصف الطريق إلى الإسلام بعظهم نجوا بفضل رجال النهضة الداسنية بعد صلاح الدين مثل الشيخ عدي الثاني وابنه الشيخ حسن وملك فخردين وشيشمس وكثيرين من الأبيار, وبالنسبة لي لا أعلم عنه شيئاً لو إطلعت عليه سيكون لنا فيه رأياً أدق .
كل باحث أو كاتب في الدين الئيزدي يحمل القلم و لم يبدأ بصلاح الدين وينتهي بهولاكو سينتهي إلى نفس النتيجة الفارغة ويخرج صفر اليدين, فيعزّي نفسه بأن الجميع لم يحسمو أية نتيجة فيعود إلى المربع الأول ويضع القلم خائباً محسوراً.
حاجي علو 14 . 3. 2023