الأربعاء, أبريل 24, 2024
Homeاراءكتابٌ قرأته لك 2 : حاجي علو

كتابٌ قرأته لك 2 : حاجي علو

في بداية القسم الثاني كنت أود أن أطرح سؤالاً على المُؤلّفة: من الأسبق زرادشت أم ملك فخردين ؟ فكلاهما قد أقرّا أن عناصر الكون هي أربعة (التراب, الماء, الهواء, النار) ومنها صنع ملك فخردين آدمه, فهل هي أثر ئيزدي في الزرادشتية أم أثر زرادشتي في الئيزدية ؟ وكيف إهتدت إلى هذا العنوان المعكوس لكتابها الثمين عندي, لا علاقة لي بغيري, كان عليها أن تعنونه (( الآثار المزداسنية في الديانة الئيزدية)) فعلا هو كتابٌ لا يُقدر بثمن في حفر التاريخ الكوردي المزدايسني, فكل شيء كُتب قبل الإسلام هو لجميع الكورد والفرس, الخطأ الذي وقعت فيه الباحثة هي التسمية, فالإسم الئيزدي كتسمية لدين عام لشعب, لم يكن قبل الشيخ حسن بتاتاً, وقبل الإسلام لم يكن هناك دين إسمه الدين الزرادشتي بتاتاً, زرادشت لم يخلق ديناً ولا سمّى ديناً ولا خلق مقدساً جديداً ولا ألغى مقدساً قديماً, هو ألغى الآلهة الذهنية كُلّها معلناً أن اهورامزدة المُمثّل بالشمس المحسوسة هو الإله الأعظم واهب الخير (مز+ دا) وكان معروفاً سلفاً والنار كانت مقدسة سلفاً كذلك الثور رمز الزراعة فقدسه زرادشت أكثر وحرم القرابين من أجله, وقد أوضحَت ذلك في كتابها بجلاء وهي نفسها مقدساتنا فقارنَتها بها وهذا عمل جيد جداَ , دين زرادشت كان الدين الميدي ال(مزديسنة) وهو نفسه الدين الئيزدي قبل الإسلام سماه المسلمون بالمجوس وبعد سقوط الساسان كُفّر وتمزّق إلى عدة تسميات مجوسية مزدية داسنية ديصانية مانوية مزدكية زروانية زرادشتية وكلها نفس الدين الذي دونه زرادشت في كتابه الآفستا ونسب إليه وإن كانت هناك إختلافات أقليمية إلا أنّ المقدسات هي نفسها ربما تختلف في الأهمية من مكان لآخر فمثلاً عندنا الشمس أهم من النار وعند الزردشتيين الإيرانيين النار أهم من الشمس وكلاهما مقدسان عند الجميع, هذه التسميات كلها ظهرت بعد الإسلام تحقيراً للإسم الحقيقي الساساني المُكفّر (مزدةيسنا) المشتق أصلاً من (أهورامزدايسنة) حرفياً تعني (عبدة الشمس واهبة الخير – إله الخير) حسب المفهوم العام وكان هذا قبل زرادشت, وقد حُرّم بعد الإسلام وإختفى نهائيّا ونادراً إذا ظهر داسنيٌ يدعي أسماءً شتى مثل موحدون مريدون محيّرون مؤمنون أهل الحق, أو يقتل أو يسلم وينتهي أمره وترى بعينيك أن 95% من الكورد قد أسلموا بهذه الطريقة ولم ينج أحد بغير الإختفاء بالجبال والئيزديون الساكنون في أراض سهلية الآن قد نزحوا بعد هولاكو إلى السفوح المحيطة بالجبال خاصة في العهد العثماني فدُفعوا جنوباً بعكس العهد العباسي الذي كان يدفعهم شمالاً, والإسم الداسني ليس نسبةً إلى دهوكا داسنيا أو جبال داسن هذه تسميات متأخّرة جداً جاءت بعد إبادتهم في الأماكن الأخرى وأسلمتهم وإنحسار من تبقّى منهم إلى تلك الجهات فعرفت بها وكان هذا إسماً مخيفاً يتحنبونه ففضلوا عليه الإسم اليزيدي الذي لم يكن إسماً غريباً عليهم فهو مشتق من ئيزيد المنتظر الإله البابلي إله الكيشيين الكورد السنجاريين نسبه الشيخ حسن إلى يزيد بن معاوية تقيّةً .
في الكتاب ملاحظات كثيرة ومهمة جداً لدرجة غطّت كل الدين بحيث لا يصح وصفها بآثار دين في دين , لأنه هو نفس الدين بكامل مبادئه ومقدساته الدينية والمظاهر الإجتماعية حتى الزي, وإذا أردت المقارنة فيكون السابق هو الذي يترك أثاره في اللاحق بعكس عنوان الكتاب, فالمثرائية هي دين الكورد الشمساني الأسبق ,وقد سبقه الإسم الزرواني الكيشي 15 قرن قبل الميلاد وتلاه الإسم المزداسنية في العهد الميدي ثمّ كُبّس بظهور الإسلام فمُحي من الوجود إلاّ سراً جداً ومختصراً داسنياً فيما بينهم ثم خرج للملأ ئيزدياً بعد الشيخ حسن, و (الميثرائية) كلمة كوردية محورة من كلمة ميهر الحيّة حتى اليوم بين الكورد والفرس تعني (الشمس, العظيم, الملاك, الملك, الشجاع, الرجل, الزوج …) ومشتقاتها كثيرة, ميهربان ميهرداد ميهر آباد ميهركًان وقد حورته اللغات الأجنبية بحسب لهجاتها إلى ميثرائية بحرف(ث) الآرامية والأغريقية وهما من دوّنا الكثير عن ميدي وفارس, وهي ليست من لغة أهله والشعب يُعرَّف بلغته وليس بلغة الأجانب, عشيرة ميهركان السنجارية مثال حي لا تزال موجودة والشاه تلقب بآريا ميهر أي عظيم الآريين أو ملكهم أو قائدهم …. أي جميع الكورد والفرس عبدة ميهر الشمس, وكان الشاه علمانيّاً فأُطاح به شعبه الجاهل الذي يستحق أن يسحقه الملالي ويقودوه إلى جهنم وبئس المآل, وقد أكدت الباحثة ذلك في هامش ص 26 بأنها تلفظ في البهلوية ميهر ومهرك, وهي لغة أٌقرب إلى الكوردية من الفارسية فكان دعماً معنوياً كبيراً لنا في تثبيت علاقتنا بدين ميهر الذي ترجم تحت الحكم العربي الإسلامي إلى الشمس وشمساني وهي أسماء عربية أجنبية لا تختلف عن اليوناني والآرامي مثرا ومثرائية ومن الجائز أن نعود إلى التسمية الصحيحة الحية أن نتسمى بالداسني الحي أو (ميهركي ـ ميهركان ) العشيرة الموجودة التي لا تزال تتسمى به . في ص 73 إستشهدت بالمارونسي أن الزرادشتية هي إمتداد للدين المزداسني وهذا ما نؤكد عليه وهو الدين الداسني الئيزدي الحالي. في ص 191 و192 في باب العبادة ذكرت (النيايش) وهو خطأ, الصحيح هو النمايش أي الإمتثال بين يدي الإله(التضرُع) والتسمية الأخرى هي نماز/ نفيزـ بثلاث نقاط في الكوردية, أي الصلاة وهي حية حتى اليوم ولما أصبحت تعني الصلاة الإسلامية عافها الئيزديون وبدلوها بالدعاء العربية أو بةروةستة الكوردية وتعني العبادة , ثم ذكرت الحزام الزرادشتي المقدس ودعائه, و لنا أيضاً فيه دعاء (دوعا بشت كًريدانيَ /النهوض من النوم) مخصص للحزام الذي هو جزءٌ مقدس من الزي الشمساني رجالاً ونساءً, السنجاريون كانوا متمسكين حتى بلونه البرتقالي, بالضبط كما كان الزي الساساني, التطور في الملابس أتى عليه في الشيخان قبل أٌقل من جيل عند النساء وتطور أكثر عند الرجال والمتدينون متمسكون به كجزء من الدين تماماً كالعمامة والكلك والكيرفان الذي تناولته الباحثة فقالت( أنهم, الزرادشتيون, يلبسون قميصاً باكمام وله جيبٌ صغير يسمى الكًيربان للأعمال الصالحة, وهو من تسعة قطع تربط بدون أزرار…. وتتضمّن الأُسس العامة للزرادشتيّة ) وهذا ما يُؤكد عليه الدين الئيزدي الحالي فبدون الكراس الأبيض والكًيرفان الدائري لا يكون الفرد ئيزدياً هذا الكًيرفان الذي أكّد عليه عمر بن خطاب في أسلمة الساسانيين الداسنيين, كل من يدخل الإسلام حفظاً على حياته عليه أن يشق كًيرفانه علامة دخول الإسلام حتى طغى الإسم العربي طوق على الأصلي الكيرفان فنسميه (توكا ئيزي), من طوقه سليم فهو كافر يُذبح ومن طوقه مشقوق فقد أسلم , وحتى لوكان قد أسلم وعثر عليه بطوق سليم يُقتل فوراً فهو مسلم زنديق لم يتخلَّ عن دينه المجوسي, والأزرار ممنوعة في الكراس الئيزدي كما في الأسس العامة للزرادشتية بحسب ما كتبته الباحثة.
في ص 152 كتبت تقول أن رتبة الباباشيخ تتطابق في درجتها وظيفة الكاهن الأعظم للقبائل الهندو آرية , وقد أكدنا مراراً أن منصب الباباشيخ أقدم بكثير من مقدم الشيخ عدي, أصلاً إسمه أختيار وشيخ تسمية جديدة, في موضوع الملائكة ص 185, كتبت أسماء الخالدين المقدسين الذين أشار إليهم أمين زكي أيضاً بأنها أرواح مقدسة معاونة لأهورامزدا, لكن لماذا ألغى جميع الآلهة وأبقى على الملائكة ؟ أعتقد أنها حل وسط بين رميها في سلة المهملات والإعتراف بآلوهيتها, فالشعب الميدي غضب لتعليماته في إلغاء الآلهة المتعددة نهائياً فتنازل زرادشت ورفع من شأنها ثانيةً فجعلها مساعدة لأهورامزدا/الشمس, وهكذا نشأت فكرة الملائكة الأمشاسبندات, وقد إختفت هذه الأسماء بعد الإسلام حتى عند الئيزديين وفرضت عليهم الأسماء العبرية المعترف بها في الإسلام (عزرائيل وجماعته) بل فرضوا عليهم إسم التيس عزازيل بأنه معبودهم طاوسيملك . في ص 164 تجتر الباحثة تلفيقات الدملوجي ومن على شاكلته فكتبت: (… كانت في داخل المعبد كتابات ئيزدية قديمة تشبه العبرية وكتابات مسمارية أتت عليها أعمال الصيانة والعمران…. ) وهذه كذبة كبيرة أخرى, هل هناك مهندس مختص بالآثار يُضيّع المعالم التاريخية الثمينة لمجرد الترميم ؟ هكذا قال الدملوجي أيضاً أن كان في لالش حجر كتب عليه بالمسماري فدفنه أحد الئيزديين الغيورين, هناك آية الكورسي لا تزال باقية لم يمسها أحد, إنها محاولات لربط لالش باديان الرافدين القديمة وهذا محض هراء ليس له دليل و ليست هناك كتابة ئيزدية أبداً, القديمة هي الساسانية التي إنقرضت وتتطورت إلى الكوردية والفارسية الحالية وبعد الشيخ عدي أصبحت كتابة عربية بلهجة بحزاني ومن يدعي غير هذا عليه أن يأتي بالنموذج الحي , ربما لا يزال في إيران من يعرفون الخط الفهلوي القديم جداً وخط بيستون, لكن بالنسبة لنا لم نعثر على خط خاص بالئيزديين من أي شكلٍ أو نوع.
ملاحظات الكِتاب التي تؤكد مزداسنية الدين الئيزدي كثيرة جداً لا يُمكن تغطيتها في مقال, أهم الآلهة المهمة الأخرى في دين زردشت هي إلهة الماء ئيناهيتا وهي إله الماء والآفستا, وهي إسم أهم أيام الأسبوع الئيزدية وهو يوم الجمعة (ئيني) ومخصص للغسيل لأنه يوم إله الماء, أما جارشمبوا سور (أحمر) فتقول أنها مكتوبة في الآفستا (سور) وهي كلمة كوردية وليست فارسية أي أن لغة بيستون الفهلوية أقرب إلى الكوردية, وحتى اليوم إيران تستخدم أسماء أيام الأسبوع الكوردية ولها إسماء فارسية قديمة ( كيوان شيد ميهرشيد …. ئيناهيتاشيد) لم يستعملوها منذ القدم, أما بقيّة اللغة فهما لغتان توأمان ولا مجال للأمثلة التي لا تعد ولا تحصى, فالعد من 1- 10 مشترك, و من عشرة إلى عشرين هي كلها فارسية يستخدمها الكورد وهي ليست كوردية بإستثناء 18 هي كوردية يستخدمها الفرس وما زاد على ذلك مشترك للآخر, بينما لا توجد كلمة آشورية ولا سومرية في لغة الئيزديين رغم الإدعاء بالأصو ل المشتركة وهي متعايشة في نفس المكان لكن الدكتورة (إنسجاماً مع التيار) إدعت بعض المشتركات التي لا علاقة لنا بها مثل أكيتو أكيتي أو زكموك ونابو وهي أسماء ليست كوردية ولا شبيهة لها ولا مرة قد حدث أنها صادفت يوم السرصال ولا الإسم متقارب إنها أٌقوام متجاورة تقلد بعضها ولها إحتفالاتها المتشابهة لأنها في نفس البيئة والمناخ, أليس عجباً أن الئيزديين يتعايشون مع الآشوريين لآلاف السنين ولم يقتبسوا كلمةً من لغتهم ؟ شيءٌ لا يُصدق . لكن أهم ما أثلج صدري قولها في هامش ص 85 : أن إبن تيمية أشاد بدورهم (الئيزديين) في مجاهدة الصليبيين, وهو لم يشهد عصر الدولة الأيوبية ما يُؤكّد أصله الكوردي الداسني قبل أن يسلم أسلافه ويتعمق هو في الإسلام, آملاً أن يصيبه شيئاً من مجاهدة أعمامه فيدخل الجنة .
إنه كتاب مهم وعلى من يرغب في معرفة أصول الئيزديين وحقيقة دينهم, عليه أن لا تفوته قراءة هذا الكتاب وشكراً لجهود المُؤلّفة
حاجي علو
هامش ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ هور كلمة كوردية وليست فارسية تعني الشمس بلهجة الشبك والهورمان , مز تعني الثمن, السعر, الخير, الأُجرة , دا تعني وهب أعطى, وبةسني تعني عبدَ, فتكون المعنى الكامل ل (هورامزداسني) (عبدة الشمس واهبة الخير) شاعت بإسم مزديسنة دين الدولة الرسمي, والآن داسني أو داسنيةكان
2 ـ آفستا , آبستا : إسم كوردي وفارسي مشتق من الماء بالتقرير والتنوين: إنه ماءٌ (آف أست ـ آب أست) أست فعل كينونة فارسية للمفرد الغائب , تقابلها الفتحة بالكوردية , ة و is بالإنكليزية وist الألمانية, إنها لغات من أصل واحد تشترك في الكينونة نفسها
(it is water, es ist wasser)

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular