السبت, أبريل 20, 2024
Homeاراءخالد علوكة : ( ألسَماع )

خالد علوكة : ( ألسَماع )

( ألسَماع )

سماع فعل امر بمعنى اسمع وفيه الحان وانشاد الامداح والاقوال بالذكر ،ويُعرف السماع كما يقول د يوسف زيدلن بانه : – مجلس سماع صوفي يجتمع فيه الاخوان حول منشد الاشعار – ويذكر فيه الله وتستعمل بعض الالات الموسيقية مثل الدف والشبابة اي (الناي) ويقوم بالضرب والانشاد (القوالون ) كما عند ابناء الديانة الايزيدية.
والسماع ركن مهم في الفكر التعبدي للزهد وخاصة الصوفي ، والسماع فيه ثلاث طبقات وايضا له ثلاث اركان اكدها الجنيد والانصاري والغزالي وتمثل الاركان ( الزمان والمكان والاخوان ) (1 ) .
ويقسم علم اصول الحديث بصفة عامة الى ثمانية اولها : السماع.
والسماع : ( ليس سوى فرع من الرقص الروحي الازلي وارتباطه بعالم الارواح يسمح بادائه في اي زمان ومكان وعصر وهو جزء من الرقص الكوني حول النفس – و السماع بحضور الحبيب مثل صلاة خلف نبي ) ( 2 ).

وفي المثنوي لجلال الدين الرومي جاء فيه بان (النداء للسماع ياتي من السماء ) ، متمثلا بزهرة عباد الشمس بدون جاذبية الشمس للزهرة لايمكنه الحركة ، وكذلك الانسان يدور حول الاساس الروحي اي حول الذات الالهية (3) .
ومتصوف هندي اسمه عيسى جند الله – ساوى السماع بالصلاة – واخر سماه – السماع معراج الاولياء – .
الموسيقى وحركات الرقص بالطواف في السماع : ——————————————–
ومن الآلات المستعملة الدف والناي او الشبابة و جلال الدين الرومي في المثنوي الذي رافقه في مسقط راسه مدينة قونيه في تركيا المتصوف ( شمس الدين التبريزي) حيث اتخذ الرومي من الموسيقى والرقص سبيلا للوصول الى الله . وكان مولعا بالرقص الدوراني والدف والناي الى حد كتب على قبره – لا تاتٍ الى قبري من دون دَف – وقال عن الناي ( الانسان هو الناي الذي يتكلم عندما تلامسه نفحة المعشوق الالهي ) . وايضا الطواف هو قاعدة تقليدية للصوفية مرادفا له الرقص والذي ( يعتق النفس من قيود الجاذبية الارضية بتوجهها نحو مركز مختلف للجاذبية وتحديد المعشوق الذي يدور حوله الرقص الازلي ) (4 ) .
وفي السماع ( يعد الرقص والدوران في الحقيقة من اقدم الافعال الدينية على الاطلاق والرقص هو اللعب المطلق وقد اعتبر في بلاد الاغريق القديمة بمثابة حركة الالهة وقباب السماء واحيانا توصف حركة الروح عند اقترابها من الله بالرقص السماوي – (5) .
والسماع الحقيقي : يعتبر رقص في الدم حسب رواية الحجاج بالرقص في اغلال اعدامه والسماع هنا يٌغني فناء زهده ببقاءه حيا .
وفي كتاب اداب السماع في الاحياء للغزالي – يقول في القلب فضيلة شريفة لم تقدر قوة النطق على إخراجها باللفظ فاخرجتها النفس بالالحان فلما ظهرت سٌرَت النفس وطربت اليها فاستمعوا من النفس وناجوها وتركوا مناجاة الظواهر والامور الظاهرة ) .
وظل السماع ملازما لبعض الاديان والمذاهب : مفعماً بالرقص عند سماع الموسيقى فان النفس عند السرور تبسط الدم في العروق الى ظاهر البدن وتحصره عند الفم – (6) .

السماع كطقس من اركان الدين:-
ونظرا لاهمية السماع كطقس ديني اختزل علم الورق بالسماع وهو طريقة تصوفية وكونها تدخل ضمن (الطقس الديني ) والتي تعتبر مكون اساس من مكونات الدين الثلاث الرئيسية وهي (المعتقد والطقس والاسطورة ) . (والطقوس تستهدف استرضاء الالهة والتعبد لها ، لما تحويه الطقوس من نظام وترتيب ) (7 ) اضافة الى ( الخبرة والتجربة الدينية المباشرة ونقلة من الاداء الفردي للوعظ الى اداء جماعي ذي قواعد واصول مرسومة بدقة ومفعلة بالموسيقى الايقاعية والرقص الدوراني وتكرار صيغ كلامية خاص بالنفوس تنقلنا الى مستويات غير اعتيادية للوعي واستعادة الحالة الوجودية تلقائيا دون استنهاض مصطنع وكذلك تعيد التوازن الى النفس والجسد بعد خموله ) (8 ) .
مغزى السماع :-
نجول في المصادر لبيان وقع السماع على الاذان والعيون وثم تملك قلوب المؤمنين . وكون كلمات السماع تخرج من القلب وتقع على القلب عكس خروجها من اللسان ولم تتجاوز الآذان كما يقال . وكثيرا مايعاني المتعبد لله التلقين من الكتب المطبوعة من جفاف الكلمات وصعوبتها وعند ادخال اللحن عليه بالموسيقى يكون قد ادخلت جزء من سر الحياة والوجود في نفسية المتلقي يهضم الحالة ويتفاعل معها لتكون سماع وجد الوجد فيه رفعة واستغفاء .
والنغمات في السماع يستلذها الروح لانها مناغات ملاعبة الحبيب ، و كما ورد في رسالة روميه 10/ 17 فان ( الايمان من السماع ).
وهذا ( يحصل اولا بالملائكة الذين بهم تكشف الالهيات للناس ) (9).
و( سمع وسميع كانت من اسماء الالهة فلفظة سمع مثلا بمعنى سميع والسميع انما هي صفة للالهة هو سميع يسمع دعوات الداعين ولذلك يخاطبه المؤمنون ويقولون له سمع (باسميع ) ليسمع دعائهم وليجيب طلباتهم ) (10 ) .
والسماع يستجلب الرحمه من الله وفي قصة ليحيى بن سعيد القطان ( انه راى الحق في المنام فقال ياالهي كم ادعوك فلا تجيبني ؟ فقال يايحيى لاني أحب ان اسمع صوتك) (11) .وهنا السماع عند الله علم استاثر به تعالى لايعلمه الا هوً ، وهو من سره في الوجود .
وزاد يسر محمد بيض في – كتابه اليوم الاخر في الاديان السماوية والديانات القديمة ( بان حركة اللسان في التكلم تحرك موجات في الهواء كالتي في السماء تبقى في الاثير الى الابد بعد حدوثها في المرة الاولى ومن الممكن سماعها مرة اخرى ).
ونجد غاية السماع الصوفي : ( إلقاء الصوفي السمع وهو شهيد لان الله يسمعه بعد تجاوز كثافة العبارة الى الطاقة والاشارة ) (12 ) .
ومنذ القرن التاسع الميلادي اسس اماكن لحفلات السماع في بغداد ، ومن كتب السماع كتاب فيلسوف الصوفية عبدالكريم الجيلي بعنوان ( غنية ارباب السماع ) وايضا ابن العبري له كتاب بعنوان (السماع الطبيعي ) ويعرف بسمع الكيان . .
المصادر :
1- خصائص التجربة الصوفية في الاسلام د. نظلة الجبوري .
2- الشمس المنتصرة / آنا ماري شيمل .
3- الابعاد الصوفية في الاسلام وتاريخ التصوف / آنا ماري شيمل.
4 الشمس المنتصرة / آنا ماري شيمل .
5-.نفس المصدر رقم 3
6- الهوامل والشوامل للتوحيدي وبن مسكويه .
7- مغامرة العقل الاولى / فراس السواح .
8- دين الانسان / فراس السواح .
9- الخلاصة اللاهوتية ج/3 – توما الاكويني .
10- كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ج/1 جواد علي .
11- الرسالة القشيرية للنيسابوري .
12- نفس المصدر في رقم 1.

خالد علوكة – يناير/ 2019

RELATED ARTICLES

3 COMMENTS

  1. السماع طقس ديني عند الئيزديين بلاشك , لكن الذي أريد توضيحه ورفضه بشدة هو التصوف , فلا علاقة للدين الئيزدي بالتصوّف الإسلامي من أيّ شكل أو لون , إذا كان للشيخ عدي علاقة بالمتصوفين المسلمين كشيوخ بغداد مثلاً أو غيرهم , فلا أثر له في الدين الئيزدي الذي نشأ بعده وليس في زمانه ولا على يده , بل على يد رافضين للإسلام بأنواعه وهم الشمسانيون بالإتفاق مع الشيخ حسن وهو الرافض للإسلام أيضاً , الخرقة التي أتى بها الشيخوبكر هو لبس الحداد الأسود على موت الدولة الساسانية وإبادتها , الذي لبسه جده الأعلى مير براهيم الخورستاني المسمى بإسمه الحركيـ الحربي أبو مسلم الخراساني فجعل منه راية سوداء لمحاربة الإسلام وتعاون مع العباسيين مؤقتاً لتحقيق هدفه ولا علاقة له بالتصوف , هو عداء شديد للإسلام خدعه المنصور وقضى عليه .
    لا مقارنة بين السماع وحلقات الصوفية الصاخبة بترديد آيات الذكر مصحوبة بأفعال خارقة وطعن بالسيوف وحركات عنيفة بينما الساع صف من رجال الدين يتحركون بصمتٍ وهدوء وراء ممثل الشيخ عدي لابساً الخرقة والتاج والحُلة على أنغام الدف والشباب وتلحين أقوال الئيزديين البعيدة جداً عن المفهوم الإسلامي , تلك الملابس محرمة في الإسلام , عدا التاج معترف به عند الشيعة وليس السنة الصوفية .
    رغم أن الصوفية والشيعة من أصلٍ زرادشتي واحد وقد أسلموا تحت الضغط مما أدى إلى إجتهاداتٍ غير معترف بها عند المسلمين العرب الأصليين المتمثلين بالمذهب الأشعري الأزهري ………….. وشكراً

  2. يقول الدكتور عبدالقادر مارونسي في اطروحته للدكتوراه من ايران بأن المصريين القدماء كانوا يؤدون رقصة (سه ما) السماع وهي نفسها التي يؤدونها الايزيديون اليوم. فهو إذن طقس ديني قديم وليس مصدر المتصوفة المسلمين. محبتي

  3. شكرا لتصويبكم باغناء الموضوع بافكار ايجابية … الايزيدية دون شك قبل كثير اديان ولغة التصوف موجودة فيها قبلهم وكما ان اكثرهم صوفية اجانب ليسوا عربا .. اما كلمة سما الكوردية فعلا هي السماع في العربية وايضا سما تعنى الركض تدخل ضمن وصلب الموضوع مع تقديري العالي لكل رأي يزيد معرفتنا .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular