الثلاثاء, ديسمبر 10, 2024
Homeاراءبينَ الگريڤان الأيزيدي والگريبان الزَردَشتي دِراسة مُقارنة : غازي نزام

بينَ الگريڤان الأيزيدي والگريبان الزَردَشتي دِراسة مُقارنة : غازي نزام

تَحَدثنا في مَقالنا السابق في 18 من هذا الشَهر أكتوبر2024 عَن المُقارنة بين القَميص الزَردَشتي ( السْدره) والخَرقة الأيزيدية بشكل مُوَسع ، وهُنا وفي هذا المَقال سَوفَ نَبحث في مَوضوع لايَقل عَنهُ أَهمية من الناحية الفَلسَفية والميثولوجية بَل وحتى الطَقسية لِكلا الديانَتين القديمَتين ،وهو البَحث والمُقارنة بَين  الگريڤان الأيزيدي ،والگريبان الزَردَشتي .  هنا قَد تَختلف  المُقارنة شيئاً في المَعني أَو المَضمون  بين الگريڤانيين الزَردَشتي والأيزيدي ولكن سَوف نَرى لاحقاً التشابه والتناصْ واضِحاً جداً بينهما في التفاصيل أَثناء البَحث ، فأَحياناً يُسمى اللِباس  ( الكراس ) وأحياناً  جزء منهُ ، وهو الجزء العلويأَو الياقة ، فالگريڤان الأيزيدي يُسمى ب ( الطوق ـ ( Tok  — Grivan) أَو الزيق وأَحياناً ( پيسير ) كما يُسَميه أهلنا في سنجار . والزيق هي فَتحة في ثوب الرجال أَو فَساتين النساء ، ويُشتَرط أَن تُقَص وتُخَيط بأيادي أيزيدية ، وهو من مُمَيزات الأنسان الأيزيدي ، وأحدى عَلامات ( رموز ) طاؤوس مَلك ، ويُعَد لبس الطوق رُكن أَساس من أَركان الديانة الأيزيدية (  ئيكه  ژفه رزيت ته ريقه تى ) (١) وهو الجزء الأَهم من ال ( كراس ) وهو طَوقهُ أَو زيقَهُ الذي يَجب أَن يَكون دائرياً بشكل دائرة ، ويُلبس تَحت الملابس على الجَسد مباشرة  كَقَميص أَو كراس ( كما في الخرقة عند طَبقة الفقراء ) ويُسمونهُ  ب ( توك أَو گريڤان ) فالداخل فيهِ مُعترف بِسلطة ( أيزي أَو الله ) ويُسمى عادة ( توكائيزى )  والخارج عَنهُ كأنهُ خارج من الدين الأيزيدي ، ومنذ القدم يُعد هذا اللبس شِعاراً مُقدساً لهم يُمَيزهم عَن غَيرهم ويُقرون بِهِ ويُقَدسونَهُ .(٢)

وعَن الزيق والطوق أَو التوك .

جاء في المُنجد : زيق :  زيق الثوب جعلَ لَهُ زيقاً

والزيق من الثوب :  ما أحاط منهُ  بالعنق وما كَف من جانب الجَيب

أَما الطوق : طوق والطوقة : أَلبَسهُ أَياه . تَطوق لبس الطوق ، جَمع أَطواق : حلي للعنق يحيط بِهِ كل ما أستدار بشيء .

ويُسمى بالكردية ( گريڤان ) ، وهي لفظة مُرَكبة من مقطَعين الأَو ( گر گير ) ومعناها الدائرة ، و گيران  ( الدَوران ) و ( گه رده ن ) بِمعنى الجَيد والعُنق ، أَما المَقطع الثاني ڤان أَصلها ( ڤيان )  المَحبة ، وبذلك تَصبح مَعناها دائرة المحَبة ، والأيزيدية يَلبسون الطوق منذ الولادة وهي الفَتحة الدائرية في أَعلى الثوب كَما أَشرنا ويُخيط ويُقَص من قِبل الشيخ أَو أخت الآخرة عند خياطة فَساتين النساء * والمَعنى التاريخي للطَوق أَو الدائرة جاءت في الكتابة المسمارية حَيث تُمثل الدائرة رمز للأله ( شار ) وهوأَحد الأله السومرية ، والألهآشور في الكثير من المَنحوتات المُكتَشفة يَحمل العَصا والحَلقَة . والدائرة تَرمز الى العَهد والوَفاء والخلود عند المَصريين القُدماء .وأتخذت المِيثرائيةالدائرة رَمزاً لقُرص الشَمس شِعاراً مُقدساً لها ، وكانت تُسمى دائرة العَهد والمَواثيق نسبة لِصفة الأله ( ميثرا )  (٣).وكان للگريڤان قديماً عند الأيزيديةشكلاٍ مختلفاً حيث كان يَحمل  الكراس على جانبهِ الأَيسَر جَيباً صَغيراً وأحيانا تَحت الحَلق مباشراً ، وأَتذكر شَخصياٍ  كُنت ألبسهُ حينما كُنت ُ صَغيراً ، ورُبما لايَزال بِنفس التَصميم  ويَحمل الجَيب في مناطق يزيدية  أخرى. والمَعنى الديني لهذا الجَيب هو مايَستطيع الشَخص أَن يَملَئُهُ  (الجَيب ) بأَعمالهِ مَدى الحياة من حَسَنات وأَعمال جيدة أَو سَيئات وأعمال غَير جيدة  ويَتَحاسب عليها الأيزيدي بَعد وفاتهِ  بقدر أَعمالهِ، وهناك مَن يَقول  من رِجال الدين بأَن الغاية منهُ هو لِحَمل الشخص الأيزيدي ( البراة المُقدس ) في جيبهِ لترافقهُ دائماً أينما رحل وَمدى الحَياة .

Ingen fotobeskrivning tillgänglig.

دُعاء التوك :

***********

ئيزى توك  ژقوبا فەلەکێ دەرانى

ناڤى خو يى شيرين لسه ر دانى

ئيزدياسەرێ خۆ  هه لانى

***********************

توك خه لاته كى ب موره

هاتبو ژ خه زينا  ژوره

دانا سه ر ملێ ئيزديا  ب قرار ئيزييى سوره

رييا توكێ ب حّه يفو جو ره

***********************************

توك  ژ ئه زمانا هاته

نازل كر دووانزده هه زار خه لاته

ژ مه فريكرن ماشو به راته (٤)

الگريبان الزَردَشتي

*****************.

هو الجزء الأَعلى والأَكثر أَهمية في القَميص الزَردَشتي ( السّدرة ) ويُسمى ( جيره بان )  الذي يَشعل العقد ويَدل على الوَلاء والأيمان في الدين ويُعرف  Girehban  باسم   Kissehkerfeh   أَي المِحفظة أَو كيس البر ، وهي مصنوعة على شكل حقيبة أَو مِحفظة تقع أَسفل الحَلق بقليل ، أنهُ يُشير بشكل رَمزي الى أَن الرَجل يَجب أَن يَكون مجتهداً ، وليس عَليهِ فقط ملئ محفظتهِ أَو حَقيبتهِ بالمال  ولكن أَيضاً بالأحسان ، ويُلبس عادة تَحت المَلابس َو الثَوب ،ويُعد ثوب داخلي بحسب المُصطلح الحَديث أذا صَح التعبير وكَما مَر عَلينا في بداية المَقال (٥)،والجيب الصَغير الذي يَقع أَمام السدرة ويُسمى ( گردة ) يَرمز الى المَسؤوليات والوَظائف الذي يَجب أَن يَحملها كل شَخص في الدين الزَردَشتي وَعليهِ أنجازها بِدقة ، أَما ( گريبانأَو الياقة ) وتسمى ( گين گرفة ) أَو كيس الأَعمال الصالحة ، وهي تَرمز الى أَن كل عَمل صالح يَتَراكم بَعضهُ على بَعض ويَصل بالأنسان الى السَعادة ،وقربها الى القَلب تَعني بأَن الأَعمال الصالحة يَجب أَن تَعمَل بقناعة وصَفاء القَلب (٦) وَيَقول بِهِ المعاني السامية من ناحية علم الأخلاق الزردَشتي و(Girdo ) فتحة العنق الجزء الأَول الذي يُحيط بالرقبة ويَعني أن على المرء التَخفيف من الأَوزار عَن عُنقهِ ، وذلك بالعمل الصالح ، والذي يُحيط بالعنق (Giraban  ) وتَعني جُعبة الصَلاح والأستقامة ( وهي تشبه الجيب على القميص التقليدي ) مشيراً الى الأيمان والأخلاص للدين والتفاني  فيهِ ، ويوضع على ناحية القلب ، مذكراً لابسهُ أَن يَكون قلبهُ مفعَماً بالعَواطف السامية والمشاعر النبيلة وحب الغير والخَير ومنح المال للمُحتاجين ، وهي في الوَقت نَفسَهُ مستودع الأَسرار الأنسانية (٧) وهو جيب الأَعمال الصالحة على المؤمن لابس السّدرة أَن يَنظر الى الگريبان ويَسأَل نفسهُ هل هو مملوء بأًَعمال صالحة (٨)

المُقارَنة والأستنتاج :

*****************

تَبين لي من خلال المَعلومات التي وردَت في المَقال ومن المَصادر التاريخية حَول الگريڤان ، أن المُشتركات والتَشابه حولَ المَوضوع كانت واضحة جداً عند الديانَتين  وكان الهدف المشترك حَول لبسهِ ومَضمونهِ الديني والمقدس من حيث الأَعمال الصالحة والنيّات الحَسنة والعَمل الأَخلاقي وصَفاء القَلب ، وحَلقة الأتصال بين الشخص والمَعبود  أَو الأله الأَعظَم للحصول على مُبتغاه ، وهو الفَوز بالخلود والخَلاص من العَذاب ، نحو روح نَقية وصافية ، والعَودة بعد المَوت الى حَياة خالية من عَذابات الدُنيا . وضمن المقارنة والبحث حَول الگريبان ، أَثار أنتباهي ما أَشار اليه الأستاذ الكاتب حاجي علو في كتابهِ ( بحث عن الرموز والطقوس الأيزيدية ) الفرق بين الطوق الدائري والطوق المفتوح أَو المشقوق ( پيسير قه لاشتي ) بالكوردية ، وهي الكَلمة الدارجة( الغير المُحببة أَو المَرغوبة ) عند أيزيدية سنجار أَثناء الحَديث عن الطَوق ، حيث يُحرم عليهم باتاً أَن يَلبسوا ( الطوق المفتوح أَو المَشقوق ) ويُعد من كَبائر الذنوب عندهم ، ويوعز  الباحث السَبب الى أن الأسلام فرضها عليهم ثانية وسَماهم بالتوّابين وهم الداسنيونوالزرادَشتيون ، حيث كانوا يَلبسون ملابس بَيضاء كالأيزيدية لكن بتوك ،مشقوق ،تلك علامة دخولهم الأسلام ، بِحسب وَصية عمر بن الخَطاب ، أن كل من في رَقبتهم طوق الكفار يُفرض عليهم الأسلام ، أَو يُقتل ، فَمن أسلم كيف يُمَيَّز عَن غيرهِ ممن لَم يَسلموا ! هل يُعّرون من ملابسهم ؟ فكان شق طوق القَميص ( الكراس ) عَلامة دخولهم الأسلام ، وَسموهم بالتوابين بعد فرض الأسلام عليهم ، وهكذا أَصبح الأسم العربي ( طوق ) وبالكوردية ( توك ) شِعاراً لتمسك الداسني بدينهِ السابق ، ومن يُخالف ذلك ويَلبس التوك أَو الطوق المفتوح أَو المَشقوق يُعد خارجاً من الملّة كما ذكرنا ، وهو تَحليل مَعقول أستنتَجَهُ الكاتب من مُسلسل تلفزيوني ( المختار الثَقَفي )، وأن أختلفت الآراء والمَصادر عليهِ (٩)

المصادر :

٠١د. خليل جندي ، الدين الأيزيدي / المُعتقدات ،الميثولوجيا ، الطَبَقات الدينية ، تقديم الدكتور ، سَعد سَلوم ، مؤسسة مَسارات للتنمية ، بيروت ، بغداد

٠٢ الكاتب خيري أبراهيم كورو ، أَهم المُقدسات عند الأيزيدية / مَجلة لالش ، دهوك ، كردستان العراق ، العدد ٤٣ ، لسنة ٢٠١٨

*٠ أَصبح أرتداء الطَوق أَو الگريڤان  قليل الأرتداء جداً في الوَقت الحاضر من قبل أبناء الديانة الأيزيدية  بأعتباره من الطقوس القديمة عَفى عليها الزَمن أَو لأسباب التَطور الفكري والعلمي أو فارق الزَمن أَو أسباب أخرى يَحتفظ بهِ كل شَخص حَسب قناعاتهِ ومبرراتهِ .

٠٣ الكاتب والباحث ممتاز سليمان خلو ، مقدسات الأيزيدية، مجلة لالش ، دهوك العدد ، ٣٥ لسنة ٢٠١٢

٠٤ ممتاز حسين خلو ، المصدر نفسهُ

٠٥  أبراهيم زراري ، فَهم الزرادشتية بدون تَحريف ط١ ، ديوان العرب للنشر والتوزيع ، لسنة ٢٠٢١

٠٦د . جَمشيد يوسفي ، الزرادَشتية ، الديانة ، الطقوس ، والتحولات اللاحقة  ، بناءً على نصوص الأَفستا ، ط١ ، لسنة ٢٠١٢ ، منشورات  زَين بيروت

٠٧ ، خالد السيد محمد غانم ،/ الزرادشتية ، تاريخاً وعقيدة وشريعة ، دراسة مقارنة ، تقديم الدكتور منذر الحائك ، خطوات للنشر والتوزيع  ط١ ، سورية ، دمشق لسنة ٢٠٠٦

٠٨ داود الچَلبي الموصلي نقلاً عَن الفرنسية / كتاب الفنديداد  ، أَهم الكتب التي تتأَلف منها الأَفستا ، وهي مجموعة كتب المجوس الزرادَشتيين ، مَطبعة الاتحاد ، الموصل  ، ١٩٥٢ ميلادية ، ١٣٧١ هجرية

٠٩ الكاتب حاجي علو ،بحث قاموسي في تعريف رموز ومُقدَسات الأيزيديين، ط١، مَطبعة نركال ، الموصل ، المَجموعة الثقافية ،

غازي نَزام /أوكسبورك

١/ ١١ /٢٠٢٤

RELATED ARTICLES

2 COMMENTS

  1. تحية طيبة
    ليس هناك من داع للمقارنة فحرف الـ(ف) الكوردية تلفظ ( ب) في مئات الكلمات المشتركة و بنفس المعنى آف ماء يلفظه الفرس آب, داباد زافا, ئةور غيم ئةبر , أما التوك / الطوق فهي كلمة عربية أطلقها عمر بن الخطاب على الكيرفان الفارسي , لتمييز من دخل الإسلام عمن لم يدخل فاكان التوك هو الهوية من طوقه مشقوق فهم مسلم يُترك ومن طوقه سليم يُقتل , وهكذا إشتهر الئيزدي بالطوق وهو توك ئيزيد حتى اليوم , بالمناسبة الئيزيد المعني هو ئيزيد الكيشيين البابليين الزروانيين ونسميه ئيزيدي سور

  2. المقارنة من الجانب الفلسفي،الميثولوجي .وليس،المعنوي .المعنى متقارب ومتشابه واضح استاذ . اترك لجنابك موضوع الرست او الحزام المقدس او ( المئزر) الزرادشتي (پشت گرێ دان)
    ، اعمل مقارنة بينها ونورنا بمعلومات جنابك القيمة استاذنا العزيز ابو سوار

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular