الإثنين, ديسمبر 9, 2024
Homeمقالاتهل حقا اننا شعب فاسد ؟ الجزء الثاني : حاتم خاني

هل حقا اننا شعب فاسد ؟ الجزء الثاني : حاتم خاني

 

الحكومات الشرق اوسطية ال يمكنها العيش في بيئة سليمة نظيفة خالية من الفساد وذلك الن االفراد
الذين يقودون هذه الحكومات يعتقدون ان من حقهم هم فقط قيادة البلد , وهم فقط سيحافظون على استقاللية هذا البلد
ومؤمنون تماما ان البديل عنهم لذا فهم يتكالبون على السلطة ويسعون بكل قوة لالحتفاظ بها , ومن اجل ذلك يجب
عليهم اختالق مشاكل تشغل افكار المواطنين وتضع خط احمر لمدى تفكيرهم وتبعدهم عن المشاركة في السلطة اال
ضمن الحدود التي يسمحون هم بها, ومن االركان االساسية لهذه المشاكل التي تسعى السلطات الختالقها بين افراد
الشعب , نشر الفساد بين افراد هذا الشعب وخلق حالة عدم االلتزام بالقوانين السارية والسعي نحو نشر المحسوبية
والواسطة ومحاولة ابقائهم ضمن حالة الجاهلية القديمة واالستمرار باختالق عدو خارجي دائم يرهب به هذا الشعب ,)
اما انا او الوقوع بأيدي االعداء(
وفي كوردستان كان تأثير الشعب على االحزاب الكوردية قبل 2003 كبيرا جدا وكانت االحزاب هي التي
تتملق لهذا الشعب من اجل ارضائه , وتعاون الطرفان , الشعب واالحزاب من اجل الحفاظ قدر االمكان على تلميع
صورة كوردستان امام العالم الخارجي لكسب عطفهم من اجل استمرار الدفاع عنهم ضد صدام حسين , وكان السبب
االساس لهجرة الشباب في ذلك الوقت هو الخوف من العودة الى احضان الحكومة العراقية , في حين فضل غالبية
الشعب العمل والمشاركة في اعادة تأسيس الدوائر الحكومية وارساء مؤسسات الحكم الناقصة والعمل في هذه
. المؤسسات برواتب رمزية لم تكن تكفي ) حسبما قال احدهم لشراء كيس طحين (
حتى ان الحزبين الكبيرين سعيا الى التوافق في اول تجربة انتخابات من اجل المشاركة في الحكم وذلك الرضاء شعب
كوردستان في ذلك الوقت , اما االن والن رضا هذا الشعب لم يعد ضمن اولويات االحزاب فسوف نرى صعوبة
. تحقيق اي وفاق بينهم
قبل عام 2003 وعندما كانت الحياة في كوردستان تسير بصورة بسيطة وشبه عشوائية ولكن ضمن
ضوابط شعبية وهي عدم االخالل باالمن او االعتداء على االخرين او تجريدهم من حقوقهم اال في حدود االحداث
الفردية , لم تكن االحزاب تشعر بالقوة التي هي عليه االن ولم تكن االجهزة االمنية للحكومة بهذا االنضباط . لكن بعد
سقوط نظام البعث وبعد ان خلت الساحة الحزابنا واصبحت هي التي تقود االقليم دون خوف , بدأت الحرية المنفلتة
تزداد وبدأت بوادر انحسار الفضيلة وبدا االلتزام بالوالء للحزب اهم من الفضيلة او الدين او القانون , ولم يعد رادع
االعراف السماوية كافيا لردع الفساد , ولم يعد لتطبيق القوانين الوضعية اهمية اذا كانت تتعارض مع مصالح
االحزاب او المسؤولين , وتراجع الحس الوطني حتى اصبحت الوطنية هي مدى تنفيذ االجندات الحزبية , سواء
لالحزاب الحاكمة او االحزاب المنتمية لتيار المعارضة , وتولدت سلوكيات جديدة امام المواطنين لم نكن نعهدها )
نحن الكورد ( ايام كنا تحت حكم الحكومات العراقية , هذه السلوكيات هي , ان ال وجود للوطنية بقدر ما هي
المصالح التي تتحقق على حساب هذا الوطن , وان من ال يملك الواسطة او ليس حزبيا ال يستطيع ان يتعين , ال
يستطيع ان يجد عمال مرموقا , ال يستطيع القبول في مؤسسة تعليمية قريبة لرغباته , وان من يملك االموال يمكن ان
يشتري به الذمم ايضا , وانتشرت قناعة لدى الشباب ان من يرغب العيش برفاهية عليه المغادرة والهجرة من هذا
الوطن , واالمر االكثر ايالما وهوعدم قدرة اي مواطن لمنعه , ما تحقق االن في وقت لم يتمكن حتى اعتى الحكام في
العراق وهو صدام حسين من تحقيقه وهو سهولة انتشارالتعريب بصورة غير متوقعة داخل مدننا وبايدي وجهائنا
وبمباركة شديدة من قبل احزابنا وبطريقة واسلوب شرعي ) حسب تعبيرهم ( لم نعهده ولم نكن نتصوره في يوم من
. االيام واصبح مصير كوردستان المستقبلي على المحك
وبدأ تأثيرالشرائع السماوية على سلوكية الفرد يضعف واصبح الضمير الذي كان يتحكم بهذا السلوك يتوارى امام
استمرار الهزائم النفسية للمواطن , ويستثنى من مالحقة القوانين من كانت له اليد الطولى في الوصول الى اصحاب
النفوذ , من ناحية اخرى اصبحت هالة التهويل لقوة االحزاب تتعاظم وعندما يخطئ اي حزب يمكن ان تتحول هذه
االخطاء الى منجزات او محبطات لدور ذلك الحزب حسب القوة او الشعبية التي يتمتع بها الحزب في ذلك الوقت ,
ورويدا رويدا امتلك اعضاء االحزاب لبعض المقومات ال يمتلكها االخرون مثل تمتعهم بنوع من اثارة الخوف في

نفوس االخرين عند مخاطبتهم , او الحصول على منح مالية ومادية ال تمنح لالخرين او تمتعهم بنوع من الحصانة ال
. تشمل المواطن العادي
وهكذا تقوقع المواطن الذي يشكل البذرة االولى للشعب بحيث اصبح هو الحلقة االضعف في المجتمع تهزه رياح
المشاكل االجتماعية واالقتصادية بحيث لم يعد للسياسة تلك الفرصة الشغال فكره , فالجيوب الفارغة تحط من قدره ,
وخوفه على اوالده خشية الوقوع في براثن المخدرات او العاب القمار تدفعه اما الى الالمباالة , لتتفكك االسر بعدها
نتيجة تغلغل هذه المشاكل بين افراد العائلة او على االب البحث عن حل سماوي للحفاظ على اسرته ثم اللجوء الى منقذ
من االحزاب او من المتنفذين النقاذ اوالده عند سقوطهم في هذا الشرك وعندها سيضطر للولوج من داخل باب الفساد
.
الجزء القادم سنغوص في اسباب الفساد ومن بعدها سنحاول البحث عن بعض الحلول
التي تبدو مستحيلة في بعض االحيان

حاتم خاني
دهوك 27 / 11 / 2024

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular