شف برات (Şev Berât) د:خيري الشيخ

المقدمة: كانت إلهة القمر من بين أهم الآلهة في الحضارات القديمة، حيث ارتبطت بالخصوبة، والتقويم، والسحر، والرؤى والاقدار وتقرير المصائر.وكانت هناك ليالي مقدسة خصصت لعبادة إلهة القمر في مختلف الحضارات والشعوب والاقوام القديمة:

١. “شف برات”عند الازدائيين ( ليلة سرسال ليلة راس السنة الايزدية ):
الإيزيديون لديهم مفهوم خاص عن الخلق والوجود، حيث يؤمنون بأن طاووس ملك تلقى الأمر الإلهي بإدارة العالم بعد أن خُلق من النور الإلهي ولذا يسمون ليلة شف برات والنهار سرسال باسم تاووس النوراني لبداية الخلق والحياة على الأرض.

وفقًا لبعض الروايات، فإن ليلة شف برات تُعتبر الليلة التي تم فيها وضع القوانين الكونية الأولى و التخطيط للحياة قبل أن تبدا. كما في بعض المعتقدات القديمة حول “القدر المكتوب” الذي يوجد في ثقافات الشرق الأدنى القديمة، بما في ذلك التقاليد الفارسية والبابلية.
و يعتقد الازدائيين بأن ليلة شف برات هي لحظة مهمة في تاريخ الخلق، وكمفهوم التخطيط الإلهي السابق للحياة.

تعتمد كل الأعياد والمناسبات الإيزيدية على التقويم الشرقي( وهو تقويم شمسي-قمري) يتأخر عن التقويم الغربي بـ 13 يومًا.
هذا التقويم قديم جدًا، ويعود في جذوره إلى تقاويم حضارات ما بين النهرين، حيث كان يعتمد على دورات الشمس والقمر معًا.

اما شف برات (Şevê Beratê) فقط تعتمد منذ قدوم شيخ عدي وطريقته الصوفية العدوية على التقويم الهجري القمري،وهذا يدل على انه تم تحريف التاريخ الاصلي الذي كان ليلة رأس السنة الايزدية سرسال وجعله يصادف منتصف من شهر شعبان الهجري من قبل شيخ عدي وطريقته العدوية ومريديه ثم فرض على الازدائيين كامر واقع ومستمر ليومنا هذا.

كلمة “شف برات” (Şev Berât) تعني شه فا به رى هاتنا روزا نوو اي الليلة التي تسبق قدوم اليوم الجديد ،منذ بدا الخليقة والتكوين لذا كان احياء تلك الليلة في ليلة عيد سرسال ولحد اليوم تستمر طقوس اشعال الفتائل و المشاعل الزيتية في لالش مساء عيد راس السنة الايزدية ،كتعبير عن الامتنان للنور الإلهي، وإحياء لذكرى بدء الحياة على الأرض(شه فا به رى هاتنا رورزا سالا نوو = شه ف به رات ).
وكذلك شف برات تعني شه فا به رى هاتي بمعنى اول ليلة التي أتت والتي سبقت اول يوم للحياة على الأرض في عيد سرسال الذي يعتقد الازدائيين بانه عيد تاووس النوراني الذي بامر من الخالق خودا خلق الكون.
ويرتبط شف برات بالاله القمر سين،وتم تجسيده بشيخ حسن بن عدي الثاني من قبل العدويين
والنهار باله الشمس شمش حسب الميثولوجيا الازدائية النورانية البيرانية الدستور،وتم تجسيده بشيخ شمس ابن ازدين امير في محاولة لإرضاء عائلة الامير ايزدين الشمساني القبلة والبيراني الطريقة .

ويُعتقد أن إشعال ٣٦٥ او ٣٦٦ فتيلة في لالش خلال هذا الاحتفال يرمز إلى أيام السنة، مما يدل على استمرار الحياة.

في بعض الطرق الصوفية،ومنها الطريقة العدوية و المذهب الشافعي و الحنبلي الاسلامي يُعتقد أن ليلة المنتصف من شعبان (ليلة البراءة) تُشبه ليلة القدر من حيث الروحانية والتأثير و بانها فرصة للتوبة والذكر والاقتراب من الله ،لذا يقيمون الطقوس الروحية وتلاوة الأدعية و التراتيل .
وكانت دمشق( مدينة الشام) بصفتها مركزًا رئيسيًا للثقافة الإسلامية، تحتضن التقاليد الصوفية بقوة، ولذلك انتشر فيها الاحتفال بهذه الليلة .
لذا بعد قدوم المتصوفة
العدوين حرفوا هذه الليلة عن دستورها النوراني البيراني وغيروا تاريخها ليصادف تاريخ ليلة النصف من شعبان ( اي ١٥ شعبان الذي يصادف ليلة ١٤/١٥ من شباط لهذا العام ٢٠٢٥ م ) وبانها ليلة مباركة يتم فيها تقدير الأقدار وغفران الذنوب.وغيروا اسمها الى ليلة القدر والبعض يسميها المحيا اي احياء الليلة والاحتفاء بها ،وما زال أهل بعشيقة وبحزاني يسمونها المحيا . ثم جعلوا من تلك الليلة ليلة صلح بين الشمسانيين والادانيين واستمرت المحادثات بين الطرفين خلال ساعات هذه الليلة وعند الفجر وصلوا الى اتفاق وتسليم السلطة الدينية الى الشمسانين متمثلا بتسليم السجاد الى شيخ فخر ابن ايزدين امير ليكون الاب الروحي واحتفظ العدويين بالسلطة والزعامة الدنيوية ،ولكن هذا الاتفاق لم يدم طويلا ففي منتصف القرن السادس عشر الميلادي تم فرض الامير حسين الذي دعمه العثمانيين على السلطتين الدينية والدنيويةللايزديين وانتهى دور الاسرتين الشمسانية والإدانية وما زالت هذه العائلة تحتفظ بالإمارة، ودور بابا شيخ وشيخ الوزير وبابا كافان متمثلا بامادين من الاسرة الشمسانية دور رمزي وكذلك دور البيشمام البحزاني متمثلا الادانية اي بيت شيخ حسن وبيشيمام ايسيان متمثلا شرف الدين ايضا دور رمزي والقاتانيين لا دور لهم واصبح الامير يتحكم بالجميع تحت اسم رئيس المجلس الروحاني .

ادخل العدويين مفاهيم اسلامية من القرآن والحديث النبوي الى الديانة الازدائية وباسلوب لم يفهمه رجال الدين والابيار في ذلك الوقت لعدم درايتهم بالقراءة والكتابة واستمر رجال الدين يرددون هذا كالببغاء دون محاولة تفسيرها ومصدرها ،مع الاحترام والتقدير لرجال الدين الذين حفظوا النصوص والادعية والاقوال الايزدية على الصدر ويجب ان لا ننسى فضلهم لانه لولاهم لما تمكن الكتاب والباحثين من العثور على النصوص الدينية وعلى التزوير والتحريف الذي حدث لبعض النصوص والطقوس والتقاليد من قبل العدويين ومريديهم ولحد يومنا هذا :
١. ذكر المرحوم فقير حجي شمو ان الصلاة او الدعاء نحو الكعبة في ليلة القدر اي شف برات تعادل الف صلاة وهذا ما موجود في التراث الاسلامي وخاصة التصوفي .

ذكر المرحوم شيخ مرزا الختاري في حديثه عن ليلة شف برات عن طائر الانقر ويقصد العنقاء بانه يغمس جناحيه في ماء الكوثر وفي ليلة القدر يرش هذه المياه على الصالحين ومن تسقط عليه تلك المياه فيدخل الجنة وأكد ان هذه المعلومة من كوجك الياس البحزاني الذي بدوره اخذ من من سبقه. دون أن يعلم مكانة العنقاء والكوثر في الإسلام وعند المتصوفة.
– – -العنقاء في التصوف:
عند المتصوفة، أصبحت طائر العنقاء رمزًا روحيًا، يُستخدم للتعبير عن المعرفة الإلهية المخفية أو الحقيقة التي لا يمكن الوصول إليها .
في بعض التفسيرات، العنقاء ترمز إلى الفناء الروحي وإعادة البعث، وهي فكرة متصلة بالموت الصوفي حيث “يفنى الإنسان عن نفسه ليحيا بالله”.

-ماء الكوثر يُشير إلى نهر في الجنة كما ورد في الإسلام، وهو مذكور في القرآن الكريم في سورة الكوثر:
“إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ” (الكوثر:1).
و بحسب الأحاديث النبوية، فإن الكوثر نهر في الجنة أعطاه الله للنبي محمد .

٣.ذكر رجل الدين فقير حجي السنجاري وأكد بان شف برات كانت تجري مراسيمها ليلة راس السنة الايزيدية سرسال.
٤.يذكر رجل الدين فقير خلف قاسم بان الدعاء في شف برات يعادل الف مرة ويؤكد بان ليلة شف برات هي للملك شيخسن والنهار للملك شيشمس .
ونرفق مقاطع الفديو لهؤلاء رجال الدين لتوثيق ما قالوا عن شف برات .
توضيح :
كلمة “بەرات” (به‌رهات) في الكردية قد تحمل معانٍ مختلفة حسب سياق الجملة.

١.إذا كانت “بەرهات” (Berhat) بصيغة
الفعل الكردي “به‌رهاتن” (berhatin) والذي يعني “المجيء، المرور او العبور .
لذا تعني شف برات اي شه ف به رهات الليلة التي تسبق الانتقال او العبور الى السنة الجديدة لذا كانت في ليلة رأس السنة الايزدية سرسال.اي الليلة التي تسبق العبور والانتقال الى السنة الجديدة .
٢. شف برات شه فا به رى هاتنا روزا نوو او شه فا به ر هاتنا روزا نوو اي ليلة الاي تسبق الانتقال إلى اليوم الجديد .
٣.شف برات ،به ر يعني العطاء والخصوبة والمحصول مثلا نقول به رى في سالى اي منتج او محصول هذه السنة ،أو سنك و برى دايكى اي ثدي الام او عطاء الام وهو حليب لرضاعة طفلها لذا شف برات هي ليلة سرسال الذي يرمز إلى تجدد الحياة والخصوبة وبداية سنة جديدة.
٤.برات قد تعنى التزكية او البراءة او التبرئة او النجاة مثل قولنا في دعاء لشخص : ئى ب ماش بت ،ئى برات بت ،ئى ب خلات بت اي ان يكون ذات رزق وستر وحسن العقل والسمعة .
٥. به ر هات او اختصارا به رات وتكتب بالعربي برات بالفتحة ايضا تعني الشخص الايزيدي قام بزيارة لالش ش به ر زياره ت هات واكان كل من يزور المعبد يعطوه برات اي دليل بانه قام بزيارة المعبد ،وكانت الزيارة قديما بالسير مشيا او على الدابة لعدم توفر السيارات وكذلك لصعوبة مجيء كبار العمر والنساء والاطفال والمرضى لذا كانوا يطلبون من الشخص الذي يزور ان يجلب معه برات لكل عائلة منهم باعتبارها تصنع من تراب لالش حيث يؤخذ من كهف خاص بين مزار شيخ شمس ومزار خاتونا فخرا (غزال بنت فخردين زوجة هسن ابن شيخ شمس) وكذلك من ماء كانوا سبي العين البيضاء وتصنع على شكل كرات صغيرة ليسهل حملها وبهذه الطريقة تبارك تلك العوائل بتراب وماء لالش وكأنهم قاموا بالزيارة .
وكذلك اصبح البرات كحلف عندما يتصالح شخصان او عشيرتان .
وايضا تضنع على عينى الميت لقدسيتها .
وكان قديما كل رجل ايزيدي يحمل معه برات او في بيته .
ولكن للأسف نرجع ونكرر ان شيخ عدي بن مهما كان متزهدا ونازكا قد استغل هذا القوم البريء الذي يؤمن بالكرامات والباطن والاسرار النورانية واستغل هذه النقطة وقال انا السر الذي تنتظرونه بقوله تاووس ملك وايزي وشيخادي يه كن هوون جوو مه عنيا شيك نه كن اي ان تاووس ملك ويزيد وشيخ عدي من نفس السر وبهذا جعل من نفسه مرتبة الوهية متمثلا بتاووس ملك .وسمي المعبد المقدس بإسمه زياره تا شيخادي او كه ليى شيخادي والذي يزور يقولون له زياره تا ته بيروزبت فيجاوب باراته ل زياره تا شيخادي بت اي يقولون له زيارة مباركة فيقول ليكن حصتكم او سهمكم في زيارة شيخ عادي ولحد اليوم يفعل هذا أهل بعشيقة وبحزاني .
كما جعل البرات بإسمه براته شيخادي ،وحتى السناجق تاووسا شيخادي .

٦- في اللغة التركية برات تعني التبرئة .

٢. الحضارة السومرية والبابلية

ليلة القمر الجديد (الليلة الأولى من الشهر القمري اي البدر ): كانت مقدسة عند السومريين والبابليين لعبادة الإله نانا (سين)، إله القمر.
كانت مدينة أور مركز عبادة الإله سين، وكانت ليالي اكتمال القمر تُخصص له، حيث تقيم الاحتفالات ويقيم الكهنة طقوسًا خاصة في معبده.

٣. الحضارة المصرية القديمة
كان المصريون يقدسون الإله تحوت (إله القمر والحكمة)، وتقام له احتفالات خاصة في الليلة التي يكون فيها القمر بدرًا، حيث كانوا يعتقدون أن هذه الليلة تمنح القوة الروحية والمعرفة.

٤. الحضارة الإغريقية والرومانية

– ليلة عبادة سيليني وأرتميس (اكتمال القمر): كانت سيليني (إلهة القمر) وأرتميس (إلهة القمر والصيد) تُكرّسان في ليالي البدر، حيث كانت تقام طقوس في المعابد والأماكن الطبيعية مثل الغابات.

– ليلة لونا في روما القديمة: كانت الاله لونا النظير الروماني لسيليني، وكانت ليالي القمر الكامل تُعتبر مقدسة، ويقام فيها قرابين وصلوات لها.

٥. الحضارة الزرادشتية والفارسية القديمة:
احتفال مهرجان القمر (Mah Festival): كان الفرس القدماء يقدسون الإله القمري ماه، وتُقام له احتفالات خاصة في ليالي اكتمال القمر، حيث تُضاء المصابيح وتُقدم القرابين.
واحتفل الزرادشتية والفرس بليلة شف برات ، ويقال إن هناك صلة بين هذه الليلة وبعض الطقوس الفارسية القديمة مثل “مهرجان فروردين”، الذي كان يُقام للاحتفال بأرواح الأجداد .

٦. الحضارات الهندية والصينية

– ليلة كارتيكا بورنيما (Kartik Purnima): من أهم الليالي القمرية المقدسة في الهند، حيث يُعبد تشاندرا (إله القمر)، وتقام الطقوس على ضفاف الأنهار المقدسة.

– مهرجان القمر الصيني (Mid-Autumn Festival): يُعتبر احتفالاً مخصصًا لعبادة القمر ويعود تاريخه إلى آلاف السنين، حيث يُعتقد أن القمر يكون في أقوى حالاته في هذه الليلةاي عندما يكون بدرا.

٧. حضارات أمريكا الوسطى:
احتفالات الإله إكسشيل عند المايا: كانت إلهة القمر إكسشيل تُعبد في ليالي القمر الكامل، خاصة بين النساء اللاتي كنّ يطلبن البركة للخصوبة والشفاء.

ملاحظة:
١. بالنسبة للايزديين في استراليا سيكون شف برات في توقيت اخر.
لان أستراليا تمتد عبر عدة مناطق زمنية، لذا يعتمد الوقت هناك على المنطقة المحددة. عندما تكون الساعة 6:00 مساءً في العراق (توقيت بغداد )، تكون الساعة في أستراليا كما يلي:

سيدني، ملبورن، كانبيرا → 3:00 صباحًا

بريزبن → 2:00 صباحًا

أديلايد → 2:30 صباحًا

داروين → 1:30 صباحًا

بيرث → 12:00 منتصف الليل

بعض المناطق قد يكون لديها تغيير في التوقيت الصيفي، مما يؤثر على الفروق الزمنية.
٢. هناك بعض الأكراد في السليمانية يحتفلون ب شف برات والاطفال يفترون على البيوت للحصول على عطاء من الحلوة او الفلوس لذا برات هنا ليلة العطاء اي توزيع الهديا والأرزاق. ونرفق فديو لتثبيت ذلك.

المصادر :
١. رجال الدين الايزديين والمسلمين .
٢.مقالات وابحاث لعدد من الكتاب والباحثين .
٣.مقاطع فيديو من يوتيوب .

د.خيري خضر الشيخ/ المانيا
شباط ٢٠٢٥م

Namnlöst