تنفيذ مشاريع سنجار: مجرد وعود انتخابية أم حقيقة؟
مع اقتراب موعد الانتخابات في العراق، تتزايد الوعود التي يطلقها السياسيون والحملات الانتخابية حول تنفيذ مشاريع حيوية تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين. تتنوع الوعود بين تحسين خدمات الصحة والتعليم والكهرباء والماء، إضافة إلى تحسين شبكة الطرق وتوفير فرص العمل للشباب. لكن هل هذه الوعود حقيقية أم مجرد كلمات تُقال في كل موسم انتخابي؟
منذ عام 2003، لم تتحقق معظم الوعود التي تم الإعلان عنها في مختلف المناطق العراقية، وغالبًا ما تكون النتائج مخيبة للآمال. واحدة من المناطق التي تعاني من هذه الوعود المستمرة هي سنجار، حيث تم الإعلان عن مشاريع ضخمة منذ سنوات، مثل إنشاء جامعة سنجار، بناء مستشفيات حديثة، وتحسين خدمات المياه والكهرباء و الطرق ولكن في الواقع، تبقى هذه المشاريع عادةً في مرحلة الخطط والأوراق دون تنفيذ فعلي على أرض الواقع.
على الرغم من كثرة الوعود، يبقى المواطن في سنجار في انتظار تحسينات ملموسة في حياته اليومية. تعاني المنطقة من نقص حاد في الخدمات الصحية، حيث كان من المفترض أن يتم بناء مستشفيات حديثة لتحسين الرعاية الصحية، ولكن لم يتم تنفيذ هذه الوعود. وكذلك بالنسبة للتعليم، فقد تم الإعلان عن بناء جامعة سنجار، ولكن المشروع لم يتقدم سوى خطوات قليلة، بينما بقيت الأرض التي كان من المفترض أن تُبنى عليها الجامعة غير مستغلة حتى الآن.
أما فيما يتعلق بالبنية التحتية، مثل خدمات المياه والكهرباء، فإن الوضع لا يزال يعاني من الانقطاع المستمر للكهرباء وتدني خدمات المياه، رغم الوعود المتكررة بتحسينها. كما أن الطرق التي تعد من الأساسيات التي تسهل حركة المواطنين، ظلت في حالة متدهورة، مما يعكس الإخفاق في تلبية احتياجات السكان.
وعلى صعيد الإسكان، ورغم وعود الحكومة بتوزيع الأراضي السكنية وتمليك البيوت، إلا أن هذه الوعود لم تُنفذ، ما جعل العديد من الأسر تواجه ظروفًا معيشية صعبة. وفيما يتعلق بإمدادات البنزين، ورغم التأكيدات العديدة من المسؤولين على تحسين هذه الإمدادات، ما زالت سنجار تعاني من نقص حاد في إمدادات الوقود، مما يؤثر على حياة المواطنين اليومية.
يعود فشل تنفيذ هذه المشاريع إلى عدة عوامل أبرزها الفساد الإداري، التأخير في التمويل، والتحديات الأمنية، بالإضافة إلى تغيير الأولويات مع تغير الحكومات. هذه العوامل تسببت في تعطيل أو إلغاء العديد من المشاريع التي كانت جزءًا من حملات انتخابية سابقة، وزادت من معاناة المواطنين في سنجار.
لتحويل الوعود الانتخابية إلى حقيقة، يجب أن يتحلى المرشحون والأحزاب السياسية بالشفافية والمصداقية، ويقدموا خططًا واضحة تتضمن جدولًا زمنيًا دقيقًا لتنفيذ المشاريع، مع تعزيز الشفافية من خلال إطلاع المواطنين على سير العمل. كما يمكن للشراكة مع المنظمات الدولية أن تساهم في ضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة وفعالية.
بالرغم من الوعود الكثيرة التي تقدمها الحملات الانتخابية في سنجار، يظهر الواقع أن معظم هذه المشاريع تبقى على الورق فقط. لذلك، يجب أن يتسم السياسيون بالمصداقية والشفافية في طرح الوعود الانتخابية، وأن يتم التركيز على تنفيذ مشاريع تلبي احتياجات المواطنين بشكل حقيقي.
أما بالنسبة للوعود السابقة التي لم تُنفذ، فإن الكثير منها ما زال يشكل مصدرًا للغضب والإحباط بين المواطنين في سنجار. فعلى سبيل المثال، تعويضات المادة 140 لم تُنفذ بشكل كامل، حيث لم يستلم حوالي 50% من الإيزيديين تعويضاتهم، بالإضافة إلى عدم شمول جميع الإيزيديين. كما أن توزيع الأراضي السكنية الذي وعدت به الحكومة السابقة بقيادة مصطفى الكاظمي لم يتحقق بشكل ملموس. وفيما يتعلق بـ تسجيل الدور السكنية باسم الإيزيديين، فإن الحكومة العراقية وعدت بذلك بعد جينوسايد الايزيديين عام 2014، إلا أنه لم يتم الوفاء بالوعود حتى الآن.
إن هذه الوعود التي لم تُنفذ تزيد من الشكوك حول مصداقية الوعود الحالية التي ستُعرض في الحملات الانتخابية القادمة ، ويجعل المواطنين يشعرون بالإحباط وعدم الثقة في السياسيين.
من المؤسف أن الحكومة لم تلتزم بوعودها تجاه أهالي سنجار منذ عام 2003، حيث كانت هناك العديد من الوعود المتعلقة بالطرق والمواصلات، الماء والكهرباء، التعليم، الرعاية الصحية، الإسكان والأراضي، وفرص العمل. لم يتم الوفاء بهذه الوعود، مما زاد من معاناة السكان في تأمين احتياجاتهم الأساسية.
إضافة إلى ذلك، لم تُتخذ خطوات حقيقية بشأن حقوق الشهداء والمخطوفين، ولم يتم فتح ملفات المقابر الجماعية بشكل كافٍ لتحليلها وتكريم الضحايا. كما أن ملف النزوح ما زال مفتوحًا دون حل جذري، حيث لم تتمكن الحكومة من توفير العودة الآمنة للسكان إلى ديارهم.
إن الوضع في سنجار يتطلب معالجة جادة وسريعة من قبل الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لضمان تقديم حقوق الشعب الإيزيدي والاعتراف بمعاناتهم.
إن الوعود الانتخابية التي تتكرر في كل موسم انتخابي في سنجار تحتاج إلى تقييم حقيقي من قبل المواطنين. يجب أن تكون هناك رقابة فعالة على تنفيذ المشاريع، ويجب أن يتحمل المرشحون والحكومات مسؤولياتهم تجاه سكان سنجار، الذين يستحقون تحسينًا حقيقيًا في مستوى حياتهم، بعيدًا عن الوعود الفارغة التي لا تتحقق أبدًا.
خلو خلاني
8/3/2025