مستقبل الاتحاد الأوروبي سوف يتشكل في ضوء الطريقة التي يتعامل بها مع هذا الملف
مستقبل الاتحاد الأوروبي سوف يتشكل في ضوء الطريقة التي يتعامل بها مع هذا الملف

.

سلط تقرير نشرته صحيفة “ذي غلوب آند ميل” الكندية الضوء على معاناة المهاجرين الأيزيديين الذين تقطعت بهم السبل بين بيلاروسيا وبولندا، وسط أجواء من الجوع والبرد القارس وكيف عادوا لبلدهم العراق خالي الوفاض.

في نوفمبر الماضي، خيم هيثم وزوجته داليا وابنتهما قدر في الغابة لمدة 13 يوما على حدود بيلاروسيا، في انتظار دخول بولندا المجاورة.

وحال العديد من الأيزيديين الآخرين، وهم أقلية عرقية دينية في العراق، كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا، لكنهم بدلاً من ذلك، وجدوا أنفسهم عالقين بين البلدين، في ظروف متجمدة بلا طعام أو ماء.

يقول هيثم، 24 عاما، الذي يسكن حاليا في منزل صديق له بقرية تابعة لإقليم كردستان: “صدقني، إنه ليس شعورا جيدا عندما ترى ابنتك عالقة بين الحياة والموت”.

تستذكر داليا زوجة هيثم اللحظات المرعبة التي عاشتها خلال تلك على الحدود في بيلاروسيا: “كنت أحاول الحصول على المياه من خلال حفر الأرض، لكن لم يكن هناك شيء”.

وتضيف “حاولت أيضا أكل أوراق الشجر”، وتشير الصحيفة إلى أن نقص الماء والطعام أدى إلى عدم قدرتها على إرضاع ابنتها.

وكذلك، لم تتمكن الأسرة من الحصول على حفاضات لذلك أعادوا استخدام الحفاضات التي لديهم بعد تنظيفها بالمناديل.

غادر هيثم وعائلته، الذين حجبت الصحيفة أسماءهم الكاملة خوفا على سلامتهم، مخيم شاريا للنازحين، في محافظة دهوك بكردستان، في سبتمبر الماضي، متوجهين لتركيا.

من هناك طاروا إلى مينسك، في رحلة كلفتهم نحو 16 ألف دولار تمكنوا من جمعها بعد أن باعوا سيارتهم.

رافقهم خلال الرحلة إلى بيلاروسيا جارهم في مخيم شاريا، زياد، مع والديه وإخوته وثلاث عائلات أخرى.

يقول زياد: “أقمنا هناك (على الحدود) لمدة 10 أيام.. لم يكن هناك ماء، ولا حتى مياه غير صالحة للشرب متوفرة، ولا طعام”.

خلال ذلك الوقت، كانت الشرطة البيلاروسية “تدفعنا وتضربنا بالعصي لحملنا وإجبارنا على الذهاب أو الاقتراب من الحدود البولندية”.

ويضيف “كانت الشرطة البولندية تطلق الغاز المسيل للدموع علينا.. كنا محاصرين في الوسط”.

تمكنوا في النهاية من عبور الحدود البيلاروسية إلى بولندا عن طريق عمل ثغرة في السياج المكون من الأسلاك الشائكة. واتفقوا مع أحد المهربين على استئجار سيارة تقلهم لألمانيا.

يقول هيثم: “بقينا ننتظر السيارة لمدة ثلاثة أيام في بولندا، لكنها لم تأت.. كنا 30 شخصا جميعنا نختبئ معا في غابة”.

ويضيف “اتصلنا بالصليب الأحمر طلبا للمساعدة، وقالوا لنا إنهم سيأتون في غضون ثلاث ساعات، لكنهم لم يحضروا”.

ويتابع “اتصلنا بهم مرة أخرى، وقالوا هذه المرة سنأتيكم بعد نصف ساعة، لكن الشرطة البولندية جاءت بدلا عنهم”.

يقول هيثم إن الشرطة البولندية ضربته لأنه كان يتحدث الإنكليزية وفصلته عن بقية المجموعة، “قلتُ لهم إنني أريد البقاء مع عائلتي فركلوني”.

ولم ترد الحكومة البولندية على طلب الصحيفة للتعليق.

عرضت مجموعة العائلات دفع 500 دولار لكل فرد من أفراد الشرطة البيلاروسية للسماح لهم بالعودة عبر الحدود، لكنهم رفضوا.

في النهاية، تمكنوا من حفر ثغرة تحت السياج الحدودي الشائك وساروا مسافة ثلاثة كيلومترات قبل أن يستقلوا سيارات أجرة لإعادتهم إلى مينسك.

بعد ذلك، رأى هيثم إعلانا على فيسبوك يطلب منهم الاتصال بالسفارة العراقية في روسيا لترتيب عودة طائرة إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.

عاد هيثم لمنطقته بعد ذلك، لكنه اكتشف أن المستشفى التي يعمل بها في الموصل قد أوقفته عن العمل بسبب غيابه لمدة شهرين، “لقد ضاعت وظيفتي وذهبت أموالي”.

وقالت زوجته داليا: “لقد عدنا إلى لا شيء”.

رغم كل ما مروا به، يقول هيثم إنه متفائل بشأن مستقبل أسرته: “أنا ايجابي.. سأحاول وأحاول.. سأذهب إلى أوروبا، وإذا لم أتمكن سأحاول العثور على منزل ووظيفة والعيش هنا”.