السبت, أبريل 20, 2024
Homeمقالاتحاكمي الصغير قد كبر : سلمى الخوري

حاكمي الصغير قد كبر : سلمى الخوري

نتصور أنفسنا أننا نحكم على امور الحياة التي نحن نعيشها ونمارس خبراتنا
بها باننا نضجنا ونمارس حياتنا اليومية بأوهام قد تكون في أعتقادنا هي
المثلى في التربية الأجتماعية ، وعلاقتنا بأبناءنا ونحن نحاول أن نربيهم
التربية التي نعتقد أنها في صالحنا كمربين وفي صالح الجيل الذي نريد له أن
يسلك في الطريق الصالح له كإنسان صالح وطموح للحياة الأفضل بصلاحها .
وفي مواقف معينة نرى أنفسنا نصطدم مع أطفالنا ، أنهم يحاكمونا بكل براءة
على تصرفاتنا التي نخطئ فيها بقصد أو بغير قصد في مواقف نعتقد في
ممارستنا لها أنها التربية الصحيحة .

لا…لا…

كانت الساعة السادسة مساءً والشمس قد رحلت من مدة وجيزة لتدور دورتها اليومية ،
الأم منهمكة في إعداد العشاء ، وإذا بها تلتفت الى حيث مصدر الحركة من وراءها .
ابنتها التي لم تبتلع السنة السادسة بعد تقود بيدها آخاها الصغير الذي لم يتمم بعد تعلمه للكلام جيداً ، وكان بيدها الأخرى صرة صغيرة ـ وتفاجئت الأم ـ
– ” ما هذا ؟ الى أين تأخذين أخاك …؟ ”
– سنذهب عن البيت.
– لماذا …؟!
– لكي أتزوجه …
وهنا ضحكت الأم ضحكة نابعة من قلب مفعم بحب الطفولة البريئة بأجوبتها .
– كيف يحدث أن تتزوج الأخت بأخاها ..؟
– لكي نخلص منك . قالتها الصغيرة بجدية وعناد .
– لماذا ..؟!
– لأنك تريدين دائما البيت مرتب وجميل ، وتصيحين ، لا توسخوا الأفرشة – لا تلعبوا
بالمكتبة – لا تبعثروا اللعب هنا وهناك – لاتصرخوا وترفعوا أصواتكم – لا – لا -لا –
إنني أكره بيت اللا .

ماما

جاءني باكيا أثر أرتطامه بباب الحمام ، ووقف بجانبي وأنا منكبة أقلب قصاصات ورقية متناثرة ملئت بأفكار متنوعة ،
لم ألتفت إليه ، فالوقت أمامي قصير ، حيث الدوام ينتظرني ، وعلي ان أعمل شيئا ، كنت برمجت للساعة هذه منذ البارحة .
سحب الأوراق والدفتر من بين يدي بقوة ورماهم أرضاً ، وسكت فجأة . سنة وثماني شهور أغتصبت الموقف ،
التفاته مني ، نظرة فاحصة لتعبيرات الوجه الطفولي وهي تطلب الأهتمام والحنان ، إحناءة راس لألملم ما تبعثر .
إن الأمومة حاجة أكبر من الأوراق المكتوبة ، وها هي واقفة بجانبي تطلبني ، وضعت الأوراق والقلم في الدرج أستدرت
ـ ما بك يا حبيبي ؟
أنبثق فاه عن كلمة
ـ ماما !!!
تيقنت أن ال “ماما ” شعور ومعنى ليس له حدود …

الزهور تموت

ــ لقد ماتت زهور الحديقة …!
قالها بطريقة مخبرة
ـــ إنه المطر يا ولدي .
ـــ وهل المطر يميت …!؟
ـــ عندما يكون شديداً قاسيا
ـــ وشدتك علينا التي تدعين أنها الرحمة التي سنعرفها مستقبلاً ما هي ؟؟
ـــ وعرفت أن حاكمي الصغير قد كبر .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular