الأربعاء, أبريل 24, 2024
Homeاراءالعافية في ينابيعنا الصافية :شفان شيخ علو

العافية في ينابيعنا الصافية :شفان شيخ علو

 

1-في فعل الخير

أريد من هذا العنوان أن يكون شاملاً، لأن يتعلق بتراثنا الإيزيدي، وبتلك الذخيرة الحية من الأقوال والأفعال التي تميّزنا نحن الإيزيدية عن غيرنا، وجوهرها: فعل الخير أولاً وأخيراً.
فمن المعلوم أن لكل شعب أقوالاً وأفعالاً ترتبط بعاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته، وهي في مجموعها ترتبط بمختلف جوانب الحياة الاجتماعية، وتكون مرشداً للناس لكي يتفاعلوا مع بعضهم البعض، ويقيموا علاقات لهم فيما بينهم والآخرين، وهذه الأقوال، وهي عبارة عن كلمات مكثفة، وتتردد على الألسنة لأهميتها، إلى جانب الأفعال التي تطبق الأقوال،  وتؤكدها، تشكل الحياة الأخلاقية لأفراد المجتمع أو الشعب.
إن قيمة إنسان ما تنبع من قيمة مجتمعه، وما يتلقاه من تعليمات ذات علاقة بدينه وواجباته ومن ثم حقوقه في المجتمع، في كل ما يخص الحياة الاجتماعية والنفسية .
ونشاهد كيف يتم مديح مجتمع معين، أو شعب معين في ثقافته التي تشكل هذه الأقوال المأثورة وذات العلاقة بالدين والحياة الاجتماعية، ومن خلال الأفعال الداعمة لها، الأساس الجوهري لها أخلاقياً.
في عقيدتنا نحن الإيزيدية، خلَّف لنا زعماؤنا ومشايخنا الروحيون وأسلافنا ثروة عظيمة ورائعة من هذه الأقوال والتي تسند الفرد منا في علاقته بنفسه وبغيره من داخل دينه وخارجه بالمقابل.
وحين أقرأ هذه الأقوال وأرى أنها متنوعة وكثيرة ومعبّرة ووراءها تجارب حية، أدرك ما تنطوي عليه هذه الأقوال والأفعال ذات العلاقة من قيم أخلاقية، تحث على التفاؤل وفعل الخير.
ولكي لا نطيل، سوف أتوقف عند نموذجين، نلتقي فيهما مع غيرنا ممن ينتمون إلى ديانات أخرى، وفي الوقت نفسه، يظهر الجانب الأخلاقي والمؤكّد على أن فعل الخير هو الأبقى ويبقي فاعله:

‏[Heke Tû Êkî  dibînî
‏Xêrekê vêre bigehînî
‏Nebêjê Tû ji kî Dînî
— — —-
‏Heke Te Xêrek di Rêya Xudê dabî
‏Te di Avê de berdabî
‏Li ba Xudê qed hinda nabî
في الأول:
إذا رأيت أحدهم
وعملت خيراً معه
لا تسل من أي دين هو.

وفي الثاني:
إذا عملت خيراً لوجه الله
وتركته لشأنه دون السؤال عنه
لن يضيع ذلك عند الله

إنهما يتكاملان، وهما رائعان ويختصران كل ما هو عظيم ويحافظ على ما هو موحّد بين البشرية بكامله، ويتجاوز حدود الخلافات بين أفراد البشر، لأن أصلهم هو الذي يوحدهم مع بعضهم.
في المثالين، يكون التفاني، والتأكيد على أن فعل الخير يبقى له أثر، وأن فاعل الخير، بقدر ما يقوم به، ولا يسأل عن الذين قدَّم له يد مساعدة، أو عمل معروفاً معه، دون أن يسأله عن معتقده أو دينه، يكون قد بلغ من الإنسانية المرتبة الكبيرة والسامية.وإذا كان مؤمناً بالله، فهو أكثر بقاء له، وأكثر تأثيراً في نفسه، حيث يكون سعيداً في روحه، متفائلاً، مستعداً لأن يكون أكثر حيوية، واستعداداً لعمل الخير، وهو مطمئن، بعيداً عن التردد، أو سوء الظن بنفسه أو بجاره أو بأي كان .
إنه الأساس الأمتن لجعل المجتمع قوياً متماسكاً، وصالحاً، وقادراً على رد أي سوء عنه كذلك.
وحين ننظر في ثقافات الشعوب، ونقرأ ما تركه أعلام الثقافة من أفكار مستنيرة، وفي الغرب، كمثال، وما نقرأ في مثل هذه الأقوال من قيمة ودعوة إلى المحبة والتعايش المشترك والتسامح والاحترام المتبادل، لا نشعر بالنقص أبداً، فما تركه أعلام الثقافة هناك فلسفياً، نعيشه في أقوالنا وأفعالنا روحياً، وبكلام مفهوم، كأسس متينة لقواعد أخلاقية تقاوم متغيرات الزمان، وتشد الأحفاد إلى الأجداد، فهل هناك أعظم وأروع وأجمل من أن نجسّد مثل هذه الاقوال والأفعال فيما بيننا، أينما كنا ، داخل الوطن أو خارجه، لنكون قدوة لأبنائنا، وإيجابيين مع الآخرين في بناء هذه الحياة حرة كريمة للجميع ودون تفريق ؟؟!! ومن خلال الثقة بالنفس، والنظر إلى الآخر كمكمل له، ومكتمل به معاً.
في الينابيع يكون الماء الزلال، الطاهر، الطبيعي، وهو مطلبنا، وبه وفيه تكون الحياة الحقة.
نعم، إيزيدينا أحياناً يبحث عن الماء أحياناً في أنهار الآخرين، بينما الينابيع الصافية والنقية والعذبة في بيته، وفي القرب منه، وفي دور العبادة لديه، وفي روحه، كما تعلّمه عقيدته المسالمة، والوصول إليه يحتاج إلى حركة بسيطة فقط، ليرتوي وهو مطمئن، وينام وهو مرتاح! والإنسان بعقيدته، وتفعيلها في الاٌقوال والأفعال الصادقة كما هي الينابيع الصافية وفيها تكون العافية..!

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular