الجمعة, فبراير 14, 2025
Homeابحاثرحلة الأب دومينيكو سيستيني الإيطالي الى ايزيديةسنجار عام 1781م : الباحث /...

رحلة الأب دومينيكو سيستيني الإيطالي الى ايزيديةسنجار عام 1781م : الباحث / داود مراد ختاري

الرحلة الى العراق ترجمها من الفرنسية خالد عبداللطيف ، وذكره المؤرخ البريطاني ستيفن هيمسلي لونكريك (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) ضمن الرحالة الذين قصدوا العراق ووصفهبأنه «عالم ايطالي».

ولد الرحالة الأب دومينيكو سيستيني في مدينة فلورنسا الايطالية سنة (١٧٥٠) ، وأنهى دراسته في مدرسة سان مارك» ، ودخل السلك الكهنوتي ، ثم غادر بلدته في سنة (١٧٧٤) ، وزار كلاً من روما ونابولي وصقلية .

مغادرة زاخو والوصول إلى سنجار موطن الايزيدية

عند مطلع الفجر اتجهنا جنوبًا واجتزنا جبالاً جرداء شديدة الانحدار ، وشاهدنا بعض أشجار السنديان (البلوط) الصغيرة ونبات «أناكيرس» ذو الرائحة الكريهة والدفلى () .

وبعد أن اجتزنا هذه السلسة الجبلية في كردستان ، نزلنا في قرية (سمني) ، عند خيمة أحد الأغوات من ايزيديي «سنجار» ، بالقرب من بئر ذات مياه مجة ، وكان علينا أن نقنع بالموجود.

يمارس الايزيدية المقيمون في سنجار – التي يطلق عليها الأقدمون اسم «سنجارا» – طقوسهم الخاصة ويقدر عددهم بنحو أربعة آلاف فارس مسلحين بالرماح .

وصف المدينة :

تحدث الرحالة السويدي السيد جان أوتر عن سنجار في أثناء زيارته الموصل (سنة ١٧٤٢) ، فقال أنها مقاطعة في بلاد ربيعة وسط البادية ، جنوبي نصيبين ، وتقع إلى الجنوب ، عند سفح جبل خصب جداً ، يبعد عن الموصل ثلاثة أيام باتجاه الغرب . وفيها قلعة وبساتين ، ومياهها وافرة ، وهي المنطقة الوحيدة في بلاد ما بين النهرين التي تنتج التمور . بيوتها كبيرة وجميلة .

وذكرها دومينيكو تقع المدينة على بعد ثلاثة أيام من الموصل ، في سهل كثير الخصوبة ، وفيها قلعة وبساتين ومياه وفيرة ، كما أن فيها أنواعاً ممتازة من التين والتمر .

وكان قصر عباس أنوي في سنجار ، الذي حملت المياه والبساتين اسمه ، مقراً لشاه فارس ، وهو أحد القصور التي منحها الشاه اسمه ، ويروى أن المنجمين قد تكهنوا لوالده ((ملك شاء )) أن زوجته إن لم تلد في اليوم المحدد فإن ابنه سيصبح أميرا عظيم الشأن ، فبذل ما بوسعه لتتأخر الولادة يوما واحدا عن موعدها،

ذكر السيد جان أوتر هذا الموقع ضمن حديثه عن سنجار ، فقال : «وقد استخدم قصر عباس أنوي بحدائقه الرائعة ومياهه العذبة مقراً لملوك البلاد ، إذ أطلق اسم أحد هؤلاء الملوك على هذه المدينة .

العثور على بعض المسكوكات الأثرية في سنجار

كانت «سنجار» مستعمرة رومانية ، فقد عثرنا فيها على مسكوكات عليها نقوش تعود إلى الكسندر سفيروس» و «كوردیان» و «ترانكولين» . وقد حصلت على قطعتين ، إحداهما لكورديان وترانكولين ، والثانية لامرأة جالسة على صخرة وأمامها سنابل وسنتور مسلح بقوس ، وفي أسفلها مشهد نهر ، وتمثل القطعة الأولى كورديان وترانكولين متقابلين ، لأن ترانكولين رافقت والدها الامبراطور كورديان في حملته ، أما العملة الثانية ، فتمثل امرأة جالسة على صخرة من مدينة «ربيعة» التي تقع على منحدر جبل ، وترمز السنابل لأراضيها الخصبة ، ويرمز السنتور((Centaure كائن خرافي نصفه رجل ونصفه حصان)) إلى بسالة أهلها المهرة باستخدام القوس ، ويرمز النهر الذي يسقيها إلى نهر «ساكوراسمصب الخابور في نهر الفرات كما ذكر بطليموس »

وصف الايزيدية في سنجار

هناك بحيرة في وسطها جزيرة ، وفي أعلى موقع في الجزيرة ثمة هرم، والايزيدية الذين يسكنون فيها من أصل كردي ، وهم يعيشون على السلب ، ويزعمون أنهم من اتباع (الشيخ عادي ). والحقيقة أنهم ليسوا محمديين ولا مسيحيين ولا يهوداً ، بل ولا حتى وثنيين . ويعتمر شيخهم عمامة سوداء ، ويلبس كهنتهم زيا يشبه زي الدومينيكان باستثناء المعطف الأسود ، إذ أن معاطفهم بيضاء . وهم يقولون أن الشيخ «عادي سيدخلهم الجنة بلا حساب ، وتعد خطيئة كبرى إذا ما بصق أحدهم على الأرض ، أما إذا كان مضطرا فعليه أن يبصق بيده ثم يفركها بالتراب . ويروي زينوفون أن هذه العادة موجودة عند الفرس أيضا .

وقيل لي أن لديهم في كردستان أميرا أو بابا اعتادوا على زيارته مع أسرهم في أيام محددة من السنة .

وكان ممن أرسلوا لمرافقتنا من زاخو شخص يهودي طلب منا أن ندفع له أجرته ليعود قبل حلول يوم السبت ، وكان لا يريد السفر في مثل هذا اليوم.

زارنا في خيمتنا زعيم الايزيدية مع ثلة كبيرة من حاشيته ،وقابلناه بوجوه جافة . وطلب منا الخمر ، فقدمنا له خمر ماردين. وقدمنا لهذا الآغا قطعة قماش ايضاً، وإلا تعرضنا لبعض حيله .

مغادرة سنجار والوصول إلى تللسقف

واصلنا السير ليلاً تحت حراسة خمسة من الايزيدية ، وكنا نسرع في سيرنا فوق روابي جبال كردستان» التي كانت قممها مغطاة بالثلوج والشلالات تنحدر منها عبر الوديان . وكانت جميع القرى الايزيدية تقع على المرتفعات ويعلو كل منها حصن صغير، وخلال النهار وصلنا إلى «تللسقف» ، وهي قرية يسكنها النساطرة .

مغادرة سنجار للزيارة الثانية

في يوم الثلاثاء ، ۲۰ تشرين الثاني / نوفمبر ، ۱۷۸۱ م اجتزنا مدينة «سنجار» ، إلا أننا كنا بعيدين جدا عن لما كان الذي اجتزناه عند ذهابنا للبصرة . وفي الطريق اصطدنا حيوان «الغرير» ، وهو من القوارض الشائعة جدا في البادية . وفي الليل ضللنا طريقنا واضطررنا إلى التوقف لكي تعثر على الطريق في أثناء النهار ، وقد وصلنا إلى إحدى القرى بعد أن أنهكنا التعب وكدنا أن نموت جوعا وعطا ، لولا أن شيخها الذي يتصف بالإنسانية قدم لنا الطعام والشراب . وفي هذا المكان تركنا رئيس الحماية واستمر رجاله بمرافقتنا إلى نصيبين .

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular