الجمعة, فبراير 14, 2025
Homeابحاثمن أَثينا الى لالشْ ج2 : غازي نزام

من أَثينا الى لالشْ ج2 : غازي نزام

رَغم غموض الفَلسفة وصعوبتهِا والدين وتعقيداته وتفسيراته ، إلا إِننا لانستَطيع بأَي شَكل من الأَشكال أَن نُفرق بَينهم ، حيث أن الفَلسفة هي البَوابة الرئيسية أَو النافذة التي نَدخل من خلالها الى الدين وتَفسير أَركانهِ كالأسطورة والمُعتقد والطقوس والحَياة والمَوت ومابَعدهُ ، وتَناولنا في الجُزء الأَول من هذا المَقال فَلسفَة الطَبيعة عند الأَغريق من خِلال فَلاسفة ماقبل سُقراط أَو مايُسمى بالطبيعيين أَو ( فلاسفة الطبيعة ) أَمثال ، طاليس وألكسمندر وأَلكسمنيس وأَمبيدوقليس وغيرهم ومقارنتها مع فَلسفة الديانة الأيزيدية من خلال النصوص الشفاهية المُقدسة  لديهم . والان وفي  الجزءالثاني من المَقال نَتاول جانب آخر من فَلسفة الدين وهو الجانب الروحي أَو الميثولوجي أَو مايُسمى بما وراء الطَبيعية أَو ( الميتافيزيقيا ) ،وأخترنا فلاسفة أَغريق آخرين للمُقارنة وهم كل من ( فيثاغورس وأَفلاطون وُسقراط )  فلاسفة المَرحلة الثانية (بِحَسَب التًَصنيف العلمي )أَو مايُسمىفَلاسفة مابَعد سُقراط رَغم أن فيثاغورس هو قَبل سقراط  حيث كانت  ِولادَتهُ بين سنتي ٥٨٠ و ٥٧٠ قبل الميلاد ، في جَزيرة ساموس وهاجر منها الى أيطالياومَصر وبَعض بُلدان الشَرق ، وكان فيثاغورس عالماً رياضياً وطبياً وفيلسوفاً ، وموسيقياً ( مُهتماً بالموسيقى )،حيث كان يؤمن بأَن الموسيقى تَعكس أنسجام الكَون وتَرتيبهِ ، ويَربط علاقة الموسيقى بالرياضيات مثل النْسَب الرياضية التي تُحَدْد النَغمات الموسيقية ، وهذا الأكتشاف عَزز فلسفتهِ عَن وجود نظام كوني ،مُتناغم ،يَعتَمد على العِلاقة العَددية بينهم (1) ، وَلنا وَقفة عَن الموسيقى وقدسيتهِ عند الديانة الأيزيدية في نِهاية المَقال ،

وعَن النَفس يَقول فيثاغورس أنهُ السابق ، وهي مُنفصلة عَن البَدن ، أَي أن جَوهرها يَختلف عَن جوهَر البَدَن ، وتُقال النفس أَو الروح في هذا المَذهَب الفَلسفي بمَعنى واحد ، وهي خالدة وأَزلية فَلها وجود سابق عَلى البَدَن ، ولاتَفنى بِفنائهِ ( البَدَن ) ،لأنها ذات جَوهر إلهي (2)كَما عند الأيزيدية ، حيث يَعتقدون أن الروح أَزَلية ورَحمانية . كما جاء في النَص الديني  الأيزيدي .

روحا ره حمانئ

نابت فانى

وا لبه ر ده ستئ وى خودانى

المعنى :
الروح رَحمانية إلهية

لاتُفنى ولاتَزول

وهي بين أَيدي الألهة أَو الله

وعلى ذلك بِحسب فيثاغورس تَكون طَبيعة الأنسان ثُنائية ،أَي أنه مؤلفة من نَفس وبَدَن ، فَفي حين أننا نَجد أن البَدَن فانٍٍ نَجد أن النفس كانت مَوجودة قبل حلولها في البدن وهي أَزلية . وأن النفس قَد سُجنت في البَدَن ، وتَعيش فيهِ وكأنهُ في قَبر لأَنها تَتلقى عِقاباً على ذَنب أقترَفَتهُ ، ونتيجة لهذا الذَنب تُعاقب بالهبوط الى البَدَن ،وتُسمى عِندنا الأيزيدية  (  ب الحلول ) (3) أَو تَناسخ الأَرواح (كراس گهورين ) من بَدن الى بَدَن ومن أنسان الى أنسان أَو حيوان ثم أقتَنفوا أَثرهُ حَياة الزُهد والتَقَشف ، وضَرورة تَطهير النَفس وخُلاصة مِما يُدَنسها من آثام الجسم ، وعالجتُ مَوضوع التَناسخ والحلول في مَقال مُفَصل بتاريخ ١٧/ آب / ٢٠٢٢ ، ونُشِرَ في مَجلة لالش الثقافية العَدد (٤٩) الذي يَصدرها مَركز لالشدهوك في ربيع من العام ٢٠٢٣ ، ولفيثاغورس أَتباع كثيرون يعتَقدون بِفَلسفَتهِ ويأمنون بأَفكارهِ وهم من أَتباع جمعيتهِ التي تُسَمى ( جمعية فيثاغورس ). وعَن فلسفة الروح أَو النفس والأنسان والحَياة والموت عند الأيزيديةهناك نصوص دينية تُفسر المَوضوع بشكل واضح وصَريح وأَهم هذهِ النصوص ،

قه ولئ سه ره مه ركئ

قه ولئ زه بونئ مه كسور

قه ولئ شيخو بكر

ونُشِرَتْ هذه النصوص من زَمن بعيد حوالي أَكثر من نصف قرن من قِبَل العَديد من الكتاب والمثقفين الأيزيديين وعَدد من المَجلات الدورية ( بعدَ أَن َرفع عنهم الحَظر من قبل رجال الدين )، وفي السَنوات الأَخيرة في عدد من المواقع الأَلكترونية بأستطاعة القاريء الكريم الرجوع اليها ،لكونها نصوص طويلة ليس بالأمكانالأشارة اليها جَميعها في هذا المقال ، ولهذا الغَرض أخترتُ كِتاب ( صفحات من الأَدب الديني الأيزيدي ) للكاتب والباحث الدكتور خليل جندي سَبقات من نص  ( سه ره مه رگى ) وتفسيرها باللغة العربية من كتاب الكاتب بدَل فقير حجي ( لالش نامة ) حيث يَقول النص:-

قه ولئ سه ره مه ركئ:-

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روژه كئ ئه ز نه بوم

ئه و سُّره كه خه وله بوم

موخلقئ خالقئ خوبوم

المعنى :

في ذات يومٍ لَم أَكن مَخلوقاً

كنتُ سّراً مُخفياً

أَنا مَخلوقُ خالقي

ئه و سُّرا مه دكوژى

سه رئ قالب دنژى

مسكينو! بنى آده موا ! هلو بژى

المعنى :

ذلك السُّر الذي يَقتلَني ( يموتني )*

خَلقَت اليَدان ، القَدمان ، الرأَس والجَسَد

يا أبن آدم المسكين ( دَبَت فيك الروح ) أنهض وعِش

ژقه نديلئ نازلبوو ئه و سُّره

ئيلاهيو نسيبه ك ته ئه فراندبوو ژ منره

ئه زى رازيمه ، هه كه هنده ك ، هه كه پرّه

المعنى :ـ

نزل ذلك السّر من القَنديل

إلهى خَلَقتَ لي نَصيباً

نَحنٌ راضون بها قليلاً أَو كثيراً(4)

وخلاصة معنى هذهِ النصوص في الميثولوجيا الأيزيديةتَقول بأَن الروح نورانية وأبدية وخَلَقها الله منذ الأَزل وَوضعهُ في القَنديل (( أَو السُّر )) أَو سُّمبول ، والقنديل كلمة مُقدسة عند الأيزيدية ،وهي تُعَد مَنبع النور أًَو عَين الشمس نَفسَهُ ، أَو الشمس المُقدس ، ولو تَمَعّنا هذا النص لتبين لنا بأن خَلق الأنسان هو لَيس بأتحاد أو تَلاقح الرَجل مع المَرأة أَو الأمرأة ، ولكن الأَصل هو الروح أَو النَواة أَو خَميرة الحَياة الذي خُلق في بَطن الأم ( المرأة ) بأَمر من الله والسُّر من القنديل المُقدس(5).

وعَن قدسية الموسيقى لدى الديانة الأيزيدية تَم ذِكرها في نصوص دينية مُقدسة، لأهميتها وقدسيتها ، وتُسخدمالموسيقى الدينية المُتَكونة من ( الدَف والشَبّابة ) المُقدسَتان ، أَثناء المَراسيم الدينية فقط ولايَجوز أطلاقاً أستخدامها في مَراسيم دنيوية  ، ولاتُستخدم إلا من قِبل رجال الدين القَوالين والمُختصين بالعَزف على هذهِ الآلات وتَرتيل الأَقوال الدينية ، ويَكون أستخدامها في مراسيم ( السما، الصَما )** ودفن المَوتى ومَجالس التَعزية وبَعض الأعياد الدينية منها عيد رأس السنة والمراسيم الدينية في مَعبد لالش ، وأثناء جَولة رَمز الطاؤوس لكونهِ يرمز الى قَنديل العرش وديك العرش ، وكذلك أَثناء مَراسيم الخِتان وبِعزف ديني خاص ، ( لأن الأيزيدية يَنظرون الى الخِتان كطَقس مُقدس وواجب على كل شَخص أيزيدي ، ذَكَر، لأن من الواجب خِتان جَميع الذكور )وعند أستخدام الدَف والشباب تُرَش بماء الزمزموعَين البيضاء من لالش المُقدسَتين (6) ، ولقُدسيتهما( الدَّف والشَباب ) تُقَبَّل من قِبل عامة الناس في جَميع هذهِ المناسابات آنفة الذكر عند الحضور، وجاء في النَص الديني (( قه ولئ زه بونئ مه كسور )) (7)

پشتى هه فسه د سال ، هه فت سؤر هاتنه هندافه

قالب مابووى بئ گاڤه

گوتى روحئ توبوجى ناجيه ناڤه

المعنى :

بَعدَ سبعمائة سنة ، أَتت سَبعة أَسرار الهية وأَطَلَّت عليهِ

بقى القالب ( الجَسَد ) جامداً

قال للروح لماذا ! لاتَدبين فيهِ ؟

روحئ گو : لبا ئاشقا وه مه علومه

هه تا بومن ژبانا نين شازو و قدوو مه

نيڤه كا روحئ و قالبئ ئاده م زؤر توخومه

المعنى :

قالت الروح : هكذا للعُشاق معلوماً

أن لَم تَنزل من أَجلي الموسيقى ( شاز و قدوم ) من الأَعالي

بيني وبين قالب النَبي آدم حدود كثيرة

شازو قدووم هاتو حه درى

نورا موحبه تئ هنگه فته سه رى

روح هات ل قالبئ ئاده م ئيورى

المعنى :

أَتَت الشاز والقدوم ( الموسيقى ) وحَضَرَتا

فَسَرَّت في نَفسِهِ نور المَحَبة

أَتَت الروح ودَبَت في قالب النبي آدم

المَصادر :

.1 عالم صوفي ، جوستيان غاردر .

.2 التصوف الرياضي عند فيثاغورس ، دكتور شرف الدين عبدالحميد / كلية الآداب جامعة سوهاج

.3 قصة الفلسفة اليونانية ، أَحمد أَمين ، زَكي نجيب محمود ، القاهرة ، مطبعة دار الكتب المصرية ١٩٣٥ .

*. هُنا السُّر يُحّيي كَما يُقتَل أَو يُمَّوت

.4 لالش نامة ، الكاتب بَدل فقير حجي

.5  صفحات من الأدب الديني الأيزيدي ( باللغة الكردية ) ، الباحث والكاتب الدكتور خليل جندي

**. مراسيم خاصة تُقام من قبل رجال الدين في لالشفي المناسبات الدينية

.6 ، مقدسات الأيزيدية ،للباحث ممتاز حسين خلو ، مجلة لالش العدد ٣٥ للعام ٢٠١٢

.7 مه رگه ، عزالدين باقسري

غازي نزام / أوكسبورك

٢٤/ كانون الثاني / ٢٠٢٥

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular