الخميس, مايو 22, 2025
Homeاراءالإصلاح ضرورة حتمية (1-5) : علي سيدو رشو

الإصلاح ضرورة حتمية (1-5) : علي سيدو رشو

 

العنوان أعلاه هو ما نحتاجه اليوم لكي نواجه ما ينتظرنا من واقع متأزم لنرسم أو نؤطر لنا مساراً
موضوعيا نطرحه للمناقشة الحرة ونفهمه بروح إنسانية شفافة منفتحة على كل الآفاق والتحديات
والجهات. فذلك وحده قد يساعدنا على الكف عن كل هذا التراشق الانفعالي من التهم والتأويلات غير
المجدية، ويمكننا من ثم الوقوف على أرضية سليمة تتماشى مع الواقع الأيزيدي الذاتي وتتناسب كذلك
موضوعياً مع المحيط الديموغرافي المجاور لنا أو المتداخل معنا جغرافيا بمختلف توجهاتهم وأديانهم
وقومياتهم. لقد سبقنا العديد من السادة بطرح مفهوم الإصلاح وما يستوجب فعله ليتلاءم مع متطلبات
العصرنة، عليه نجد أهمية ما يلي:
أ ـ بأنه على الرغم من أن قوة الأيزيديين فاقت أي وقتِ مضى وذلك بسبب تعرّف العالم على تضحياتهم
والمآسي والويلات التي تكبدوها، والإبادات التي أيقظت الكثير من الخبايا والخفايا ونبهت الأذهان إلى
قضيتهم كشعب يباد وينقرض ويلقى الاضطهاد على الدوام. إلا أن الأيزيدية لا زالت كدين وكشعب
مهددتان فعليا وسائرتان نحو المصير المجهول بسبب هول الكارثة، ونحو بحر من الفوضى والعشوائية
التي لا تتمخض إلاّ عن إنتاج المصالح والأنانيات والتقديرات الضيقة والحسابات الخاطئة والتوجهات
الطائشة والنزعات الانقسامية التي لاتخدم المصلحة العامة. فقد بدأت تلك العيوب والسيئات الذاتية فضلا
عن العوامل الخارجية تنخر تماسكنا من الداخل حتى بدون أن نعي، وكأننا ننقاد في سفينة بدون ربّان.
لذلك وحيث إن معالم المشكلة الأساسية قد تحددت وتوضّحت بسبب التقنيات الفعّالة في التواصل
الأجتماعي، وهي قد تتمثل في السعي الحثيث نحو إيجاد وتسمية الربّان القادر على تحديد الاتجاه من
النواحي الذاتية والموضوعية، والتمكن من الإمساك بمقود السفينة، بل بالقدرة على فهم الإحداثيات عِبرَ
الترَفُع عن المصالح والأهواء وضمان الانفتاح على الجميع والتعاون مع الجميع من ناحية، و مجابهة
الإيعازات أو الإملاءات الخارجية أيا كان مصدرها من ناحية أخرى .

ب ـ في المقابل وحتى لا نغرق في السوداوية، علينا أن نفتخر بما قدمه الشعب الأيزيدي على مدى سنوات
المِحَن في مواجهة الإبادات والإصرار بالإبقاء على وجوده ككيان اجتماعي ـ ديني متماسك بهمة مقاتليه
من الرجال والنساء سواء عبر المقاومة القتالية المستميتة على أرض الواقع في سنجار وبقية مناطق
الأيزيديين، أو على مستوى التعريف بالقضية الأيزيدية في المحافل العالمية، أو من خلال التأقلم الجبّار
مع الظروف القاهرة التي فرضتها الأحداث عليهم في جبل سنجار ومخيمات النزوح والمهاجر، حيث
لاتزال مآلات التشرد وصور النزوح والعيش في المخيمات تستصرخ الضمير العالمي الغارق في
السبات. أو عِبرَ التحّدي المنيع الذي أبداه الطلبة الأيزيديون فتفوقوا في المدارس والجامعات رغم الحرمان
والقهر والعيش مع المآسي بعد أن تحدّوا المستحيل وطوّعوه لصالح مستقبلهم. أو من خلال الآلاف الذين
تظاهروا في الساحات والميادين والأروقة الأوربية والعالمية. أو خلال معونات الذين قدموا الغالي
والنفيس من المساعدات بأنواعها المادية والعينية والمعنوية. فهذه الإرادات تستحق الوقوف عليها وتثمينها
وإبرازها في جميع المحافل على أنها شكلت مع بعضها ومع ما يقوم بها الشباب من أعتصامات
ومظاهرات لأيقاف عملية الترحيل، أسطورة رائعة تحّدت كل الظروف والتحديات وعبرت بقضيتها إلى
المراكز العليا في العالم أو في العراق بحيث لم يبق أمامنا سوى خطوات لنصل إلى غاياتنا المنشودة، وأن
أولى هذه الخطوات هي التحصين الذاتي والمؤسساتي لواقع يتناسب وحجم المصاعب والتشتت الذي
نعاني منه من خلال حوار (إيزيدي – إيزيدي) هادف.

ج ـ المشكلة إذن تكمن بجزئها الأساسي، كخطوة أولى، في النواحي الذاتية (التماسك الداخلي)، وبالذات
في الإدارة التي كان يتولاها سمو الأمير الراحل تحسين بك شخصياً على مدى سبعة عقود، وما أعقبتها
من الإدارات بعد رحيله. فلم يكن في مراحله الأخيرة قادراِ على التمسك بالموقف؛ لا على الصعيد الذاتي
للأيزيديين والأيزيدياتي، ولا على المستوى الخارجي في التعامل مع الظروف الموضوعية. وإنما انتهج
الشكل الروتيني على سلف آبائه وأجداده بما كانوا عليه قبل مائة عام من الآن، مُستَبعِداً فكرة العصرنة
والتنمية البشرية وما حصلت من تغيرات سياسية واقتصادية وتطور تكنولوجي وظهور أجيال لا تقبل
بأنصاف الحلول وغابت بذلك الأهلية المطلوبة لقيادة هذا المجتمع الصعب. فلقد عجزت إدارة الأيزيديين
عن مواكبة التطورات المحلية والعالمية، كما لم تتمكن القدرات والإمكانيات على التمسك بضبط الاتجاه
الصحيح وتنظيمه، والتكيف مع الواقع والوقائع المستجدة حسب ما تتطلبه ظروف كل مرحلة بما فيها من
تعدد المفردات اليومية التي تجابه المجتمع على جميع مستوياته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية
والسلوكية والسياسية والدينية. وبذلك فإن أصل المشكلة انحصر في انه لم يكن بالإمكان إنجاز أي شيء
على أرض الواقع بدونه (أقصد الأمير)، في الوقت الذي لم يكن باستطاعته تقديم أي شيء بسبب تشابك
المصالح الذاتية والموضوعية في بعضها والخشية من مستقبل الأيزيديين في ظل نمو التطرف الإسلامي
السلفي المتنامي في المنطقة. وبذلك فقد المجتمع الأيزيدي غالبية الفرص التي كان بالإمكان الاستفادة
منها، مما نتج عنه شل حركة المفاصل المهمة المتمثلة في قيادة المجلس الروحاني ودور بابا شيخ
والمثقفين والنشطاء المدنيين وشيوخ العشائر وحتى السياسيين والبرلمانيين.

د. ومن وجهة نظر أخرى وحتى لانُحِّمل الأمير تحسين بك كل الوزر، فهنالك من كان يستفيد من موقف
الأمير هذا. فالمجلس الروحاني وجميع من لهم مصالح شخصية تغاضوا أو سايروا الواقع الأيزيدي
المتردي ليحافظوا على مصالحهم الشخصية، وجعلوا من موقف سمو الأمير هذا شماعة لتعليق فشلهم أو
عدم القيام بما يستوجب على تلك الشماعة وهو نفس الموقف الضعيف لوجهاء وشيوخ العشائر في سنجار
بكيفية التعامل مع محنة الأيزيديين. وعليه فان الموضوعية تفرض علينا أن نقر وننبه بأن التاريخ
سيحاسب الجميع بدءاً بالراحل الأمير تحسين بك وانتهاء ببقية المسئولين وكل من موقعه. فالمشاكل التي
بدأت تطفوا على السطح بعد عام 2007 على وجه التحديد، كانت بسبب الموقف اللامبالي من جانب
الراحل الأمير تحسين بك والمجلس الروحاني في التعامل مع جوهر قضايا الإصلاح الواجب خلقه في
النظام المؤسساتي الأيزيدي.

ه ـ البيوتات والمراكز والجمعيات الثقافية الاجتماعية الأيزيدية في أوربا وألمانيا بالذات تتحمل نصيبا لا
يستهان به من المسؤولية لعدم قيامها بالواجب الذي تأسست من أجله بشكل صحيح. كما أن جزءاً كبيراً
من تلك المسئولية تقع على كاهل المثقفين الذين بددوا الجهود وراحوا يعملون لتحقيق مصالح الآخرين
جهلاً أو تعمّداً. ثم ينبغي ومن باب أنصاف المشهد الأيزيدي الا نسهو عن الدور الضعيف والمتهادن
لشيوخ ووجهاء العشائر ورجال الدين في سنجار بدعمهم اللامحدود للإمارة بدون مقابل أو بدون المطالبة
باستحقاقاتهم المناطقية، وما يتعلق بذلك في تحسين الأحوال وإدخال بعض الإصلاحات على الواقع
الأيزيدي المتردي.
الأيزيديون شعب لهم ديانتهم وتاريخهم وتراثهم الخاص الذي بواسطته يتَميزون عن غيرهم من الشعوب.
ولقد دفعوا من الضحايا مالم يتصوره العقل، ولا يعقل بأن جميع تلك التضحيات كانت من أجل لا شيء أو
فقط بسبب التعنّت أو عدم الأيمان بالدين وأسسه، لأنه لا يمكن للإنسان أن يضحي بحياته إلا من أجل
مبادئ سامية. وهي كغيرها من المعتقدات أيضاً، تتمتع بأصول ودساتير وقوانين وأحكام. وبذلك ينطبق
عليهم ما ينطبق على بقية الديانات وشعوبهم. فأسس الدين لا تقاس بالفترات الزمنية، ولا تخضع دساتيره

حسبما يتصوّره البعض للاستبيان كما هو الحال قانون الأحوال الشخصية مثلا، ولا تقاس كذلك بالتطور
التكنولوجي، وإلا لتغير العالم المسيحي منذ مئات السنين ولتركوا الكنائس والأديرة والتعليمات ويمكن قد
ألفوا إنجيلا عصريا يلائم الوضع ويتماشى مع العصرنة أو أباحوا المحرمات أو على الأقل لكانوا قد
تركوا الجانب التبشيري أو فسحوا المجال لتعدد الزوجات بسبب الواقع الاجتماعي. فالتمسك بالدين لا
يعني الوقوف بوجه الحداثة وقيمها. ولا يقف الدين حائلا لدخول الإنسان في الحياة العصرية من حيث
التعاملات المادية والتعليم والتطور والتمدن. ولا يقف الدين بوجه الإصلاحات التي تنشد التطور الإيجابي
بإصلاح مؤسساته بما يتماشى مع التطور وزمن العولمة. ولا يقف الدين بوجه السعي بالتواصل مع
الحضارات الإنسانية. وإنما يقف الدين بوجه الرذيلة والنواقص والفوضى التي تحط من القيم النبيلة التي
تخدش كرامة الإنسان وتزيد من مستوى الجريمة والفواحش والكبائر التي تعكر على البشرية حياتها
ومستقبلها.
علي سيدو رشو
المانيا في 22/4/2025

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. كل ما ذكرته يبقى دون حلول الا اذا استطاع الايزديين فصل الدين عن حياتهم الاجتماعية والثقافية ونستقبل أولادهم عن طريق:
    ١.التحرر والخروج من السلطة العشائرية وما يدعون انفسهم رؤساء العشائر .
    ٢.الخروج من سيطرة رجال الدين الذين يبذلون قصارى جهدهم في ابقاء الايزديين في جهل والانصياع الأعمى لتعليم ادخلها العدويين على ديانتنا ،علما ان رجال الدين ادوات بيد الامير والذي بدوره اداة بيد الاخزاب السياسية .
    ٣دالتحرر من سلطة الإمارة وإنشاء مجلس ايزيدي اعلى من ايزديين من مختلف دول العالم ويقوم فعليا بدورة في خدمة الايزديين من كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية من خلال لجان يشارك فيها الاكفاء من مختلف الدرجات العلمية .
    ٤.الابقاء على صلاحيات دينية محددة ورمزية للامير والمجلس الروحاني كما هو الحال بالنسبة لبقية الديانات .
    ٥.الاتفاق منوقبل كل رجال الدين والباحثين والكتاب الايزديين على عمل كتاب موحد باسم الازدائية فيها التعاليم الدينية والنصوص والاقوال والادعية والطقوس والمراسيم والتركيز على تاريخ الايزظية قبل العدويين .وغربلة كل النصوص من الشوائب والنصوص الصوفية والإسلامية .
    ٦.فتح معهد او اكادمية لتخرج رجال الدين الاكفاء والمثقفين بكل العلوم اللاهوتية وتاريخ الأديان واللغات وجغرافية وترك النظام الوراثي لمناسبة المجلس الروحاني .
    ٧. إعطاء قدسية لمعبد لالش ووضع قيود مشددة للزوار ومنع الاعلام العشوائي وتصريح بعض الايزديين مع القنوات الاعلامية التي تؤثر على أسس ديانتنا وذلك لجهل المتحدثين عن أصول هذه العقيدة.
    ٨.من تسجيل الأغاني والكليبات في المعبد وتخليص أماكن خاصة قرب خانا ايزي للرقص والدبكات لاعاد الشباب عن المزارات ،مع الاحتفاظ على الدبكة الدينية درى كاني عند العين البضاء في أوقات محددة وقصيرة .
    ٩.ابعاد كل الدكاكين والباعة من سوق المعرفة وتخليص أماكن لهم قبل برا صلاتي برا عنزل .
    ١٠.تشكيل لجنة مالية لواردات لالش من ايجار المزارات و واردات السناجق و واردات سدشرق الدين وحمد رشان والتصرف بها من قبل اشخاص مخلصين ومعرفين بنزاهتهم لمساعدة الفقراء والمرضى و عقد المؤتمرات وحضور الاجتماعات والمؤتمرات الدولية .
    ١١.تخصيص راتب شهري للامير وبما يليق بمكانته من أوقاف الايزدية في بغداد والاقليم ،وكذلك رواتب لاعضاء المجلس الروحاني بما يتماشى مع دور كل واحد منهم .وكذلك رواتب للسدنة والمجويرين لخدمتكم المزارات .

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular