الخميس, أبريل 25, 2024
Homeابحاثرحلة الإيطالي جوزيب كمبانيلي (m guiseppe campanile) بين الايزيدية عام 1811م :داود...

رحلة الإيطالي جوزيب كمبانيلي (m guiseppe campanile) بين الايزيدية عام 1811م :داود مراد ختاري

داود مراد ختاري/ باحث في مركز دراسات الجينوسايد- جامعة دهوك
كنت اتعامل مع الايزيدية في معاملات البيع والشراء واخالطهم واتناول الطعام معهم في قراهم ، هذا التعامل سنحت لي الفرصة من خلال تواجدي معهم ان أدون بعض المعلومات عن عاداتهم وتقاليدهم من خلال احاديثي معهم .
يقول كمبانيلي : اذ ترجمنا كلمة (ايزيدي) الى العربية يتبين لنا انها تعنى (التقدم) وهناك آراء أخرى منها مأخوذ من كلمة (ايازيد) الذي كان قائدهم ، ويقال في الوقت نفسه ان أول شخص ايزيدي عاش في سنجار (شنكال) كان من مريدي (اوتي كيس euty ches) المسيحي اليعقوبي وكانوا مرتبطين مع باشا الموصل في نهاية القرن السادس عشر xvi .
توجه القساوسة والرهبان والشماسين الى الأرض المقدسة بيت المقدس للحج ، وقال لهم الراهب في حالة تعرضكم أي شخص او قوة في الطريق يجب عليكم تجنب المخاطر وإيجاد طريقة للعودة مرة أخرى الى مواقعكم .
بقاء المطران لوحده مع امير الايزيدية وبعده عن مركز العثمانيين في استنبول (القسطنطينية) وتدهور الأوضاع في المناطق الايزيدية كان سبباً لانتفاضة الايزيدية ضد والي الموصل ، ولكن بعد مرور عدة سنين حاولت الإمبراطورية العثمانية ان تبسط سيطرتها على مناطق الايزيدية ، لكن الايزيدية كانوا من المقاومين لهم وانتفضوا على جيشهم وابعدوهم عن مناطقهم مطالبين بالحكم الذاتي لمناطقهم وكونوا لهم منطقة آمنة ومستقلة وعاشوا مستقلين مستقرين .
امتعض والي الموصل من تصرفات الايزيديين وانتفاضاتهم وخلق كيان مستقل لهم، لم يكن مستعداً للتفاوض مع قادة الانتفاضة ، لكنه منع التجارة مع مناطق الايزيدية، ومنع البيع والشراء مع الايزيدية ولا يجوز لاي شخص ان يتعامل معهم ، حاصرهم اقتصادياً ، منع الرهبان والقساوسة بالمرور والمكوث عند مناطق الايزيدية، ونتيجة عدم وجود المرور بالذهاب والإياب للأشخاص والقوافل وحصار الايزيدية لذا فقدوا هؤلاء فكرهم الديني.
يزيد الذي كان لم يمتلك القوة والضمير، لذا كتب عن الايزيدياتي حسب اهوائه بالإضافة والحذف، وخاصة في مجال الكهنوت والمراسيم الدينية، وهكذا استطاع ان يخوف الناس بأفعاله الباطلة ، والناس مجبرين على الالتزام بما قاله يزيد وتطبيقه .
بعد بضعة سنين، حينما تضاءل عدد الطلبة ووفاة الكتاب الايزيدية، لم يبقَ لديهم أناس يعلمون أطفالهم القراءة والكتابة، لذا اصبح تلك الكتب مثقل على كاهل المواطنين لعدم توفر مكان داخل الدور بالاحتفاظ بهم، تم حرق الكثير من هذه الكتب ، والبقية تم بيعهم ببضعة قروش الى المسيحيين المجاورين لهم وبقية الأقوام المجاورة.
بعض من هؤلاء يعيشون كالوحوش ، عملهم النهب والسرقة ، دخل الكثير من المجاورين للايزيدية دينهم خوفاً منهم من قتلهم او نهب ما يمتلكونه، واليوم ابناءهم اصبحوا جزءاً من المجتمع الايزيدي، ويدعون بانهم ايزيدية.
لكن حسب اعتقادي ليس من السهل ان لا يكون لهم جذور تاريخية قديمة ، وهذا التاريخ لم يأتِ من الفراغ، هؤلاء يدعون بان كلمة يزيد مصدرها (يزدان) الفارسية وتعني (الله) ، اما يزيدي معناه (مريد الله –)
يقول Antonio giggeo : كلمة يزيد تعني دليل الأساس بالمعتقدات الباطلة، يزيد ذلك الصنم الذي هدمه المبشر المطران موقاني elie ، وتم تهشيمه بضربه ثلاث مرات بالمطرقة ، وعلى أساس هذا الحدث اريد ان ارتب كتاباتي وملاحظاتي عليه ، أرى من الضروري ان لا نتراجع عن ما كتب ادناه .
من الواضح في بداية القرن السادس x1 مطران مرغا توماس ، ذلك الشخص الذي تحدث عن موقان من بلاد فارس من جهة بحيرة خَزَر، وعمل هناك كمطران، اهل هذه المدينة يبدو اهم يقدسون الاصنام والمعتقدات الباطلة ، ملامحهم تدل على البربرية والوحشية.
المطران الجديد وصاحب الدرجة الخاصة، حاول جاهداً تعليم الناس الى السراط المستقيم، لكن يبدو ان الناس قد تعودوا على هذه العادات والتربية القبلية وأصبح مصدر فرح وسعادة لهم.
في الوقت والطريقة نفسها ، يبدو ان هذا المطران قد استطاع ان يؤثر على العدد الكبير من هؤلاء بلا تفكير ويكسب مودتهم ، لكنهم تملكهم الخوف من ترك عبادة وتقديس تلك الاوثان ، لابائهم واجدادهم خدمة في تقديسهم، ويقولون: في حالة تركنا في تقديس اوثان الاجداد سنلقي عذاباً من الرب .
اعيادهم:
لديهم مراسيم دينية في السنة مرتين (14 أيلول و20 كانون الأول) في معبد جبل شيخ آدي في منطقة شيخان يبعد مدة ساعة عن باعدرة ،في وسط الجبل هناك معبد مكتظ بالرهبان ورجال الدين الايزيديين ، هناك عين ماء داخل (قبة) بعمق شبرين ومساحة 20 م ، يأتي الزوار ويجلبون أطفالهم ويعمدونهم في هذا العين المبارك، يجمع الابوين والاقارب ويتم تعميد الطفل وسط الزغاريد ، يعمده المجيور بواسطة اناء من النحاس يسمى (شيربك) يتم املاءه بالماء ورشها باليد من الاناء على رأس الطفل او الطفلة ، وبعد الانتهاء من التعميد يتم مباركة الطفل بتقبيله من قبل ذويه.
يدخل رجال الدين في المعبد الى داخل (القبة- القوب) يرتلون التراتيل الدينية ، يجمع الزوار لهم أموال ويقدمون لهم ، وبعد الانتهاء يخرج هؤلاء الرجال من القوب ويقدمون تلك الأموال الى أمير الايزيدية، والأمير جولو بك يمنح جزء من هذه الأموال الى هؤلاء الرجال، وسمعت من الايزيدية يتم تعميد 100 شخص سنوياً ويقدمون حوالي 25000 الف دوقا نابولي الى المجيور وهذه الأموال من حصة الأمير .
وللايزيدية مزار آخر في سنجار، وبجانبه حفرة تمتد الى الأعماق، يضعون الايزيدية خيراتهم فيها.
الصيام :
يصوم الايزيدي في منتصف شهر تموز ولمدة ثلاثة أيام فقط، هؤلاء لا يعملون أيام الصوم ، يسهرون كالاتراك الليالي بالطعام والشراب، واليوم الرابع عيد ويسمى صيام ( الياس)، يحاولون خلال الصوم البقاء في البيت وعدم الاختلاط مع الناس ، وهناك صوم آخر لمدة يوم واحد يصادف عيد ميلاد السيد المسيح .
يكنون الاحترام والتقديس لأوليائهم ويتم تذكيرهم بالاعياد والمناسبات7، ومنهم في سنجار مثل (شرف الدين، بير زكري، بَشلَر، علي بن وهبي) وفي المناطق الأخرى عيد شيخ آدي، شيخ سوار في بيبان، جل مير في بوزان، حجي علي في باعذرة، سَدَك، مَجحَلا، بلال الحبشي، بير بوب، شيخ عاراج، حجي فارس، شيخ كاله هـ، شَمسان، مام شفان، شيخ بابك، شارسةهـ بَتوتي.
تلقى الادعية والتراتيال بالفم مع بعض الحركات البسيطة للجسم ، عدم الانحناء والقيام والجلوس، والايزيدية يكنون الاحترام لشيوخهم ، ويرأسهم الأمير دينياً وسياسياً ويلقب بأمير الحج أيضاً ،ولديهم رجال (الكواجك) يديرون الأمور الدينية للديانة الايزيدية، وهناك القوالين واحترامهم كالكهنة المسيحية في الاديار مهمتهم تثقيف الايزيدية من الناحية الدينية .
العادات والتقاليد :
يجلسون على الأحجار والحلان، وكذلك على المحافير والسجاد والحصير، عند النوم لا يبدلون ملابسهم صيفاً وشتاءً بل ينامون بملابسهم المعتادة لبسهم في النهار واثناء العمل، يكرمون الضيوف، يودون الحديث معهم وخاصة من المسيحيين، من ناحية الدم لا يمتلكون السلالات حول القبائل والملل، الكثير يسكنون في بيوت طينية بسيطة والمغارات وآخرين يقضون جل عمرهم في خيمة بيضاء ممزقة .
ملابسهم :
ملابسهم بسيطة دشداشة طويلة مصنوعة من القطن، عباءة طويلة فوق الاكتاف، ويشماغ أحمر تدلى أطرافها على الاذنين ، لا يستعملون الملابس الزرقاء، تلبس النساء كلباس العرب طويل وثخين يغطي الجسم من الرقبة الى اسفل القدمين بلون الحليب ، يلبسون الحجاب على الشعر دون اللف على الوجه.
قوة الايزيدية :
جولو بك : وهو شيخ ايضاً وقائدهم، والايزيدية تحت امرته ، يمتلك الف قطعة سلاح والرمانات وهذه الأسلحة بيد رجاله، هؤلاء الرجال لهم سمعتهم في الفروسية والبطولة، ويرأس الأمير (60) قرية ايزيدية ، بعض من تلك القرى في جبل شنكال والبقية موزعة في كوردستان وتصل جغرافيتهم الى نهر الزاب ، في حالات الطوارئ يستطيع الأمير احضار (4) أربعة الاف فارس محارب .
واسلحتهم مكونة من قطعة حديد طويلة ومدببة ذو اربع رؤوس، مربوطة بقطعة من الخشب الصلب ،البعض منهم قد ربطوا سيوفهم بظهورهم وقد استعلموا هذه الأسلحة منذ ست سنوات ، وحينما يهاجمون تصدح منهم كلمة جماعية (هؤلا ….هؤلا…. هؤلا) وبصوت عالي جداً، كالوحوش يضربون عدوهم
سنجار :
بالرغم ان سنجار تقع في منطقة ميزوبوتاميا، لكن جميع قاطنيها من الكورد الايزيدية، يعني لا يعيش فيها غيرهم، ولكون هدفي الكتابة عن الكورد فلابد من الكتابة عن جبل سنجار ، تبعد شرقاً عن الموصل مسافة (24) ساعة، ومن الشمال تبعد (30) ساعة عن مدينة (ماردين)، سابقاً كانت تحت سيطرة الاتراك وسلاطينهم، كانت عائدة الى ماردين ومن ثم الى الموصل ، ولكن منذ 1770 م تحت سلطة الايزيدية وهم يديرون السلطة فيها .
هناك (13) قرية تعمها الخير والبركة من البساتين والزراعة في عموم الجبل ووديان ذو زوم عظيم ، تبدأ اراضي سنجار من قرية جل آغا ( حاليا القرية ضمن قضاء ديرك السورية) الى اوكناية ، وطولها حوالي (15) ساعة عاصمتها (بلدة) تقع في اسفل سفح الجبل، وعند الصعود شمالاً تقع قرية سمؤقا وبعدها بساعة صعوداً قرية (مهركان – ميركان) وأخيراً (سن قلوب ) في قمة الجبل ، لا يقطنها الناس في هذه القرية أيام السلم لكن يلتجأون اليها عند غزوات الأعداء على قراهم .
وتتكون سنجار من :
بلد/ 2000 دار
القاطنين في الجبل/ 150 دار
يوسفا الكبيرة /100 دار
يوسفا الصغيرة / 30 دار
ميركان/ 300 دار
سمؤقيا / 200 دار
بَك آران (بكران) / 150 دار وفي أراضي القرية مزار شرف الدين والحفرة التي تودع فيها النذور من النقود والمصوغات .
زؤرافا وئالدينا : قريتان متحدتان / 30 دار
سن قلوب /40 دار
دؤقيان / 100 دار
كه رسي / 50 دار
وفي مركز المدينة / 50 دار
تعداد سكان أهالي شنكال (16000) ستة عشر الف نسمة ، وبإمكانهم اعداد (2500) فارس مسلح عند الحالات الطارئة . وان اردت ان تحوم حول الجبل فانك بحاجة فرس الركضة مسافة (24) ساعة .
اما أهم منتوجات سنجار:
أشجار البلوط، اللوز ، الجوز ، بندق، الرز، الزبيب، العسل، الشمع، تجفيف التين، أنواع الفواكه ، وانك تتلذذ بطعم خاص جداً عندما تشرب شربت التين كأنه عسل ، يتم تسويق هذه المنتوجات للبيع الى المدن (ميردين، دياربكر، اورفة، اسكي عَدَسا (اورفة القديمة) ،الموصل والمناطق القريبة .
الأهالي يعيشون باستقلالية تامة ، وفي كل منطقة هناك مسؤول يديرها وله قوة مسلحة مهيئة عند الشدائد ، ولكن القائد العام لسنجار حاليا هو (حسين دومبلاني) وقد اتفق مع شيخ عشيرة (طي) العربية بالتعاون المشترك في حالة أي عدوان خارجي على الطرفين ، لان القوافل التجارية في المنطقة كانت تتعرض الى السلب والنهب من قبل قطاع الطرق .
اللغة الكردية هي اللغة الوحيدة في هذا الجبل ، مراراً وتكراراً حاول ولاة بغداد والموصل ودياربكر وآخرين وبشتى الوسائل الدبلوماسية والعسكرية السيطرة على الجبل واحتلاله، لكن نتيجة تضحية الاهالي ومقاومتهم حال دون سيطرتهم عليها .
نتيجة الطقس المعتدل واستنشاق الهواء الصافي والراحة النفسية، ترى الناس في صحة تامة وعافية ويعيشون مائة عام وأكثر، وليس من الامور الغريبة والعجيبة ولادات النساء في عمر الستين، وقالوا لي بان العديد من النساء قد ولدن وهن في الثمانين من العمر .
من اجل السيطرة على الجبل ، لابد من محاصرته من قبل جيش اوربي قوي لمدة شهر كامل ، لكني لا أعتقد بان الاوربيين يستطيعون ذلك لكونهم لا يودون الابتعاد عن النساء والاستحمام وتدخين الغليون خلال هذه الفترة ويتحملون اعتداءات بلدان الشرق.
……………………………………………….
جوزيبي كمبانلي، تاريخ كوردستان نابولي 1818، ترجمة الى الكردية ولات توفيق ،منشورات اتحاد طلبة كوردستان 2021، مطبعة طهران ، ص 104-115
جوزيب من مواليد قرية (سانت ئنتوني ) بالقرب من مدينة نابولي الفرنسية ، رجل مسيحي على الطريقة (دومينيكؤ) عين وكيل البابا في كوردستان عام 1809م وتجول بين الايزيدية عام 1811م، توفى في 12 آذار 1835م
نشرت الموضوع في مجلة المحفل، العدد 17 لسنة 2021
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular