الخميس, مارس 28, 2024
Homeمقالاتالدولار والثقب الاسود : رياض محمد

الدولار والثقب الاسود : رياض محمد

 

اصبح واضحا الان ان ازمة انخفاض قيمة الدينار العراقي امام الدولار وليدة عدة عوامل وان حل هذه الازمة لن يكون سهلا ولا قريبا.

ما حدث – وهو ما يعلمه الجميع – ان نافذة بيع العملة قد استغلها الفاسدون عبر مصارف تسيطر عليها الاحزاب الحاكمة لتهريب الدولار او لغسل اموال الفساد.

هذا امر معروف منذ سنوات منذ ان كشف تفاصيله احمد الجلبي ونشرت صحيفة المدى سلسلة مقالات مفصلة عنه عام 2015.

قبل شهرين انفجرت فضيحة سرقة القرن وادت الى حصول قناعة لدى مصرف الاحتياطي الامريكي – حيث تودع اموال النفط العراقية – بانه ان الاوان لكبح هذا النزيف المالي والتهريب المستمر لدول الجوار بما فيها ايران.

فعل هذا البنك – الاحتياطي الامريكي – اجراءات تدقيق لضمان ان من يشتري الدولار يقوم بذلك لحاجة اقتصادية حقيقية ومشروعة وليس مجرد تهريب او غسل لاموال الفساد. كما منعت 4 مصارف – يملكها علي غلام – متورطة بالتهريب وغسل الاموال من شراء الدولار.

ترافق هذا مع ازمة انخفاض العملات المحلية في عدد من دول الجوار – لاسباب تتعلق باقتصادات هذه الدول ولأن الدولار نفسه يرتفع عالميا بعد رفع قيمة الفائدة عدة مرات – مثل ايران وتركيا وسوريا ومصر ولبنان…

هذا ادى الى ضغوط اكثر على الدولار في العراق وكانت النتيجة لكل ما سردت ان نافذة بيع العملة تبيع الان حوالي ربع ما كانت تبيعه قبل اشهر.

هناك من يسأل: لماذا نضع اموال العراق لدى مصرف امريكي اصلا؟

الجواب هو: ان هذا يضمن حماية اصول العراق من دعاوى قانونية كثيرة – بعضها متعلق بتداعيات غزو الكويت وبعضها يخص الارهاب – قد تتمكن من تجميد هذه الاصول او حتى مصادرتها.

البعض يقول: لماذا نستخدم الدولار اصلا؟ لماذا لا نستخدم اليورو او اليوان الصيني مثلا؟

الجواب هو: الدولار هو العملة الاهم واستخدام عملة مثل اليورو محفوف بمخاطر غير قليلة خصوصا ان اليورو نفسه يعاني من مشاكل – لا بل حتى الجنية الاسترليني انخفضت قيمته خلال حقبة ليز تراس القصيرة. اما اليوان فهو عملة تحرص الحكومة الصينية على استمرار انخفاض قيمتها لضمان استمرار تدفق السلع الصينية الى العالم باسعار تنافسية.

هناك ابعاد اخرى للازمة. رغم فضيحة سرقة القرن ورغم اجراءات مصرف الاحتياطي الامريكي فان الحكومة العراقية والقضاء العراقي ومن خلفهما احزاب الفساد الحاكمة اثبتت انها غير مكترثة بكل ما يجري واتحفتنا بفضيحة جديدة هي نكتة ارجاع الاموال المسروقة بالتقسيط المريح والافراج عن نور زهير لا والادهى من ذلك السماح لشركته – المتخصصة في كل شيء – بالعمل من جديد!

وهناك عامل اخر يغفل عنه الكثيرون وهو اننا في العراق افرادا ومؤسسات – بما فيها مؤسساتنا المالية الحكومية والخاصة – متخلفون ومنعزلون عن العالم فيما يخص الامور المالية والمصرفية.

فلو كان لكل عراقي حساب مصرفي في مصرف يحترم زبائنه لاستطاع العراقيون الحصول على الدولار كل حسب مصرفه ودون الحاجة الى هراء نافذة بيع العملة.

وهذا ايضا يشمل الاقتصاد بشكل عام. فلو كانت عمليات البيع والشراء تتم ببطاقات الدفع الالكتروني كما يحدث في مختلف دول العالم لقلت الحاجة الى (الكاش).

الخلاصة هي ان الازمة مركبة وتشمل فساد احزاب السلطة وعجز القضاء والحكومة عن مواجهة هذا الفساد – لا بل ان الحكومة والقضاء يسهلان عمل الفساد! – وانهيار للعملات المحلية في دول الجوار وتخلف مصرفي واقتصادي عراقي شبه شامل.

هذا كله خلق ثقبا اسودا ابتلع الدولار!

الحل هو في مكافحة الفساد – وهذا امر اصبح واضحا انه شبه مستحيل في ظل حكومة وقضاء يسهران وينامان مع الفساد كل ليلة! – واصلاح مالي واقتصادي شامل لانهاء التخلف والعزلة المصرفية والاقتصادية التي يعيشها العراقيون وهذا امر لا يحدث بين ليلة وضحاها…

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular