الأحد, مايو 19, 2024
Homeمقالاتبيار روباري:مَن الذي قضى على المعارضة السورية؟

بيار روباري:مَن الذي قضى على المعارضة السورية؟

 


ملايين السوريين ومعهم عشرات المراقبين لشأنهم السياسي يتسألون ويطرحون هذا التسأل المشروع:

مَن قضى على المعارضة السورية، وأوصلها إلى هذا الدرك المذري الذي تعيشه اليوم؟؟؟

عندما تطرح هذا التساؤل على بعض السوريين، فورآ يقفون وبصوتٍ عال ومنفعل يقولون:

يا إستاذ، هل هذا بحاجة إلى التفكير، النظام بالطبع وبدعم من إيران وروسيادون التفكير في دور الفاعلين الأخرين، الذين أثروا في عمل المعارضة وبشكل كبير للغاية.

أنا وجهة نظري تختلف مع وجهة النظرة هذه، وإليكم رأي الخاصة حول ذلك بشيئ من التفصيل.

كمراقب ومتابع للشأن السوري، أرى بأن الذين قضى على المعارضة السورية وبالتالي الثورة هي التيارات والجماعات الإسلامية.

كلنا نعلم بأن الثورة السورية كانت سلمية، وخالية من الأيدلوجيات الفكرية والدينية. كانت ثورة كرامة وحرية. ثورة شبابية لاعلاقة لها بالأحزاب والجماعات السياسية. شارك فيها الكردي والعربي، المسلم والعلوي، الدرزي والمسيحي وبقية مكونات الشعب السوري.

لكن بقايا المعارضة الإخوانية وديناصورات المعارضة الكلاسيكية الفاشلين التعيسين، إستغلوا الوضع الجديد وركبوا ظهر الثورة ومع الوقت حرفوها عن مصارها وألبسوها ثوبآ دينيآ إسلامين قذرآ، وعن وعي أو عن حماقة، تجاوبوا مع رغبات النظام الأسدي المجرم، وأخذوا يعسكرون الثورة، وهنا كانت بداية مقتل الثورة.

وهذه الجماعات ومنذ الأشهر الأولى للثورة، سلمت زمام إمورها لتركيا اردوغان صديق الطاغية بشار وعائلته وراهنت عليه، وصدقت أنه سيسلم مفاتيح قصر الشعب لهم، ويصلي بهم في المسجد الإموي بدمشق.

أول مسمار دقته تركيا في نعش المعارضة السورية، وشطرتها الى شطرين، عندما دفعتها لتتبنى الموقف التركي المعادي للشعب الكردي في كل مكان وخاصة تركيا وسوريا. وإركتبت قيادة هذه المعارضة بطرابيشها الثلاثة المتأخون الكردي (عبدالباسط سيدا)، الذي لا يمثل نفسه، والليبرالي (برهان غليون الشوفينيي) واليساري (جورج صبراالدعشي) أكبر حماقة، عندما أخذت من تركيا مقرآ لها، وسلمت رقابها للإخونجي اردوغان عدو الكرد، وهي تدرك سلفآ بأن الشعب الكردي لن يقبل بذلك، وتفضل القاهرة بدلآ عن ذلك.

إستغلت تركيا اولئك الحمقى وسعت من خلالهم منع الشعب الكردي في غرب كردستان، من نيل حقوقه القومية والسياسية، والتمتع بإقليم خاص به، ويسيطر على معظم الحدود السورية التركية المشتركة.

فعملت تركيا على جبهتين الجبهة العسكرية والسياسية، وذلك لمنع قيام كيان كردي في هذا الجزء العزيز من كردستان. فأنشأت جماعات وتنظيمات مسلحة مرتبطة بها إرتباطآ مباشرآ، لهدف واحد ألا وهو محاربة الكرد وفرض سيطرتها على مناطقهم بالقوة، والتحكم بها من خلالهم، ومن ثم خنق أي حراك كردي سياسي ذات مضمون قومي. ولكنها فشلت فيتتحقيق ذلك فشلآ ذريعآ، وكان النظام السوري أذكى من اردوغان وأسرع منه، فقام بسحب أجهزته من المناطق الكردية، وسلمها للفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا أكبر تهديد لوحدتها وأمنها الوطني.

فقررت النزول إلى الميدان بنفسها وتواجه الكرد، الذين سطع نجمهم في هذه الفترة، فضغطت على أتباعها في المعارضة السورية الغبية، وأجبرتهم على الخروج من حلب بقدهم وقضديدهم، وقدمت المدينة على طبق من ذهب للنظام، مقابل سماح الروس والنظام لها السماح بالسيطرة على مناطق جرابلس وإعزاز والباب. ومن جهتها سهلت تلك المعارضة المسيطرة على هذه المدن، عبر إجلاء عناصرها منها وفتح الطريح لها، وفي مقدمتهم تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة. وبذلك إستطاعات تركيا من بسط سيطرتها دون إطلاق طلقة واحدة، وتمكنت من منع إكتمال المشروع الكردي وتوحيد ترابه. ومن ثم أكملت تلك الخوة بإحتلال منطقة عفرين، لقاء تخليها عن المعارضة السورية في الغوطة الشرقية هذه المرة.

وعلى الجبهة السياسية، إستطاعات تركيا ومن خلال إسغلال نفوذها السياسي الهائل وإمكناياتها الإقتصادية الضخمة بممارسة الضغط على أمريكا وأوروبا، لعزل القيادة الكردية المتمثلة بحزب (ب ي د)، سياسيآ ودبلوماسيآ. ولهذا شاهدنا إمتناع أمريكا ومعها جميع الحلفاء الغربيين من التعامل السياسي مع قيادة حزب الإتحاد الديمقراطي، وإكتفوا بالتعاون مع قوات الحماية الذاتية الكردية، في إطار محاربة تنظيم داعش لا أكثر.

من خلال ما ورد يتضح أن من قضى على المعارضة السورية عملياً لم يكن النظام السوري، ولا ميليشيات إيران، ولا سلاح الجو الروسي، بل حكومة أردوغان الخبيثة. من خلال تقربها الحثيث من ملالي إيران وروسيا بوتين، وانسحابها من المشهد السوري، مما أدى إلى انهيار المعارضة السياسية والمسلحة على حدٍ سواء، بإعتبار أن تركيا كانت الحاضن الرئيسي للمعارضة المسلحة منذ اندلاع الثورة في أذار عام 2011.

الانسحاب التركي من دعم مشروع المعارضة الوطنية، ودعمها للمسلحين الجهاديين والدواعش، أدى إلى القضاء تقريباً على التنظيمات المسلحة العاملة في الميدانية، ولم تبقى منها سوى بضعة فصائل استئجرها الأتراك لمقاتلة القوات الكردية. كما أبعدت عدداً من القيادات السياسية السورية المعارضة، التي لم تتوافق معها سياسيآ، إلى خارج الأراضي التركية بعد أن كانت يقيم في مدينة إسطنبول.

ومع الوقت أصبحت تركيا اردوغان، أقرب إلى نظامي الأسد وطهران، وأخذت تمارس سياسة معادية للوجود الأميركي في شمال شرق سوريا، وتقاتل قوات سوريا الديمقراطية المتواجدة شرق الفرات. ومع أن المسؤولين الأتراك يبررون موقفهم هذا، بأن معظم أفرادها هذه القوات من الكرد إلا أن الحقيقة ليس هذا هو السبب الحقيقي وراء هذا التصععيد التركي الأخير، وإنما هو وجود كيان كردي وليد وإن بإسم غامض وغير كردي. ولولا تحذير الولايات المتحدة الأمريكية لتركيا من مغبة شن هجوم ضد اللقواات الكردية شرقي الفرات، وتواجد القوات الأمريكية، لشنت تركيا حملة عسكرية منذ زمن على غرار ما فعلته في منطقة عفرين.

بسياستها الخبيثة هذه تمكنت تركيا من القضاء على المعارضة السورية الحقيقية، وأحلت محلها تنظيمات وجماعات إسلامية متطرفة من صناعتها، وتاجرت بها قدر المستطاع، وفي النهاية جمعتها في كل من إدلب وعفرين وجرابلس والباب وإعزاز، لتقايضها بدور ما في الحل النهائي بسوريا، حل خالي من أي حقوق سياسية ودستورية وقومية خاصة للشعب الكردي. وخلال الأيام القليلة الماضية صرح وزير خارجية تركيا جاويش اوغلو، بأن بلاده على إستعداد التعامل مع بشار الأسد إذا تم إنتخابه بطريقة ديمقراطية” !! تصوروا شخص قتل مليون إنسان من أبناء شعبه، يتم إنتخابه ديمقراطيآ من قبل مقتوليه. هل شهادتم نفاقآ ومتاجرة بالدماء السورية أكثر من هذا؟؟!!

ومع ذلك أعلن رئيس ما يسمى بالإئتلاف الوطني السوري والأنكسة جزءً منه، إنهم يدعمون عملية تركية في شرق الفرات مثلما دعموا ذلك في عفرين. فأي معارضة هذه، التي تدعي أنها تمثل كافة السوريين!!!

هذا لا يعني إنكار دور الروس المهم، الذين دخلوا على خط الأزمة السورية بقوة، بعد أن تأكدوا بأن سقوط نظام الطاغية بشار على وشك الحدوث، ولا يجب أن نغفل الدور الأمريكي السلبي، بسبب إمتناع المعارضة السورية عن محاربة تنظيم داعش، الذي غير ظهوره بذاك الشكل والقوة اولويات المتحدة، مما دفعها لمد يدها للكرد وتحديدآ قوات الحماية الذاتية، التي كانت تعتبرهم قبل ذلك إرهابيين. ويضاف للروس والأمريكان تدخل السعودية وقطر والإمارات لأهداف إخرى غير أهداف الثوار السوريين.

خلاصة القول، الذي قضى على المعارضة السورية بشقيها العسكري والسياسي بشكل أساسي، هو النظام التركي الحالي بقيادة الطاغية اردوغان، وليس كما يظن البعض أن روسيا وميليشيات إيران الشيعية، كانت وراء ذلك.

19 – 12 – 2018

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. لولا تركيا لقضى عليها النظام بكل سهولة دون الحاجة إلى إيران , وربما لم ترالنور لولاها والسعودية , وهي الآن أٌقوى من أي وقتٍ مضى ولم يقضِ عليها أحد وستبقى ما دامت أهداف تركيا في القضاء على كل كوردي على كوكب المرّيخ أ و يكون في خدمته مثل أكراد العراق وسيقضي عليه أردوكان في اللحظة التي يُريدها

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular