السبت, مايو 18, 2024
Homeمقالاتروسيا والتحول نحو الاشتراكية : د.نجم الدليمي

روسيا والتحول نحو الاشتراكية : د.نجم الدليمي

نعتقد على الشعب السوفيتي- الروسي ان يتذكر ما قاله المفكر والشاعر خاجان نصر الدين عن روسيا :
(( عندما تتوجه روسيا نحو الغرب تصبح أشبه بالببغاء أو القرد، وعندما تتوجه نحو الشرق تصبح كالذئب أو الدب))
في تقديرنا ومن خلال القاء نظرة فاحصة على هذه المقولة الهامة ولتحليل مضامينها وابعادها السياسية والايديولوجية والاقتصادية- الاجتماعية نستطيع ان نقول: ان مقولة المفكر خاجان نصر الدين تحمل طابعاً مجازياً لها مصداقية بواقع روسيا اليوم في خيارين رئيسين وهما:
الخيار الاول: عندما تتوجه روسيا نحو الشرق تصبح روسيا دولة عظمى، دولة قوية سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً وعسكرياً وايديولوجياً وتكمن عناصر هذه القوة بالاتي:
الميدان السياسي: وجود حزب سياسي من نمط وطراز جديد بقيادة لينين- ستالين حزب ثوري لديه نظرية ثورية، حزب طبقي يدافع عن مصالح العمال الفلاحين والمثقفين، حزب يتبنى الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، وجود دولة قوية وعظمى ووجود قادة سياسيين ومفكرين وعلماء وقادة عسكريين كفؤين ومخلصين وفي مقدمتهم لينين، ستالين، درجينسكي، كورجاتوف، جوكوف، غروميكو، غاغارين….وغيرهم.
الميدان الاقتصادي- الاجتماعي: لقد تم تحويل روسيا من بلد المحراث الخشبي الى دولة نووية عظمى، وتم بناء قاعدة صناعية – زراعية متطورة، واصبح الاتحاد السوفيتي- روسيا يحتل المرتبة الاولى صناعياً في اوربا والمرتبة الثانية عالمياً، وتم القضاء على الامية والبطالة والفقر والمجاعة والامراض، وضمن في الدستور حق المواطن في العمل وضمان مجانية التعليم والعلاج والسكن والشيخوخة…. وتم تحقيق العدالة الاجتماعية – الاقتصادية والرفاهية لجميع المواطنين، وتم غزو الفضاء، واصبح الاتحاد السوفيتي- روسيا حليفاً اميناً ومخلصاً لشعوب اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، واصبح قطباً سياسياً اقتصادياً وعسكرياً رئيساً واساسياً في تحقيق الاستقرار والتوازن على الصعيد الاقليمي والدولي لصالح شعوب العالم خلال الفترة 1946-1991.
الميدان العسكري: اصبح الاتحاد السوفيتي- روسيا دولة عسكرية كبرى، اذ امتلك السلاح الذري والنووي والكيماوي والصورايخ بكافة انواعها واشكالها وخاصة العابرة للقارات وغيرها من الاسلحة، وشكل قطباً وقوة عسكرية عظمى في الساحة الدولية وضمن نوعاً حقيقياً من التوازن العسكري بين المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي على الصعيد الدولي، ومن خلال القوة الاقتصادية والعسكرية ووجود قادة سياسيين وعسكريين مخلصين وأكفاء تم تحقيق النصر في حربه الوطنية العظمى والعادلة (1941- 1945) على الفاشية الالمانية اللقيط الشرعي للنظام الرأسمالي العالمي وفي مرحلته المتقدمة – الامبرايالية، وانقذ شعوب العالم كافة من هذا الطاعون الاسود، وتم تقديم الدعم العسكري غير المشروط للانظمة الوطنية والتقدمية في بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، ناهيك عن وجود حلف وارشو بقيادة الاتحاد السوفيتي الضامن للسلام العالمي لمصلحة كافة شعوب المعمورة.
ان هذه الميادين المختلفة مجتمعة ومترابطة قد عكست ظهور ووجود القوة الحقيقية للاتحاد السوفيتي- روسيا كدولة عظمى وفي كافة المجالات، وان هذه القوة كانت نابعة من خلال التبني للاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي- اجتماعي، وهذا هو جوهر فكرة المفكر خاجان نصر الدين المجازية، عندما قال: عندما تتوجه روسيا نحو الشرق تصبح قوة عظمى دولة عظمى في كافة الميادين، وهذا ما أثبته التاريخ الحديث وهذا ماتحقق فعلاً خلال الفترة 1917-1991.
الخيار الثاني: يؤكد المفكر خاجان نصر الدين عندما تتوجه روسيا نحو الغرب سوف تفقد دورها وهيبتها وتضعف قوتها الاقتصادية ثم العسكرية وعلى مختلف الاصعدة، ومن اجل توضيح ذلك ينبغي ان نفكك ابعاد ومضامين هذه المقولة على الشكل الاتي:
في اذار عام 1985 تقلد ميخائيل غورباتشوف مقاليد الحزب والسلطة السوفيتية (( وخدع)) نفسه أولاً، ثم خدع الحزب والشعب السوفيتي بشعارات واهية وجوفاء وبنهج فوضوي تخريبي مقصود خدم الماسونية والصهيونية والامبريالية العالمية ألا وهو نهج مايسمى بالبيروسترويكا سيئة الصيت في شكلها ومضمونها للفترة 1985-1991.
ان نهج البيروسترويكا الكارثي وشعاراته الكاذبة قد أدخل الحزب الحاكم والشعب والدولة السوفيتية في دوامة من عدم الاستقرار واشاعة الفوضى السياسية والفكرية والاقتصادية – الاجتماعية والقومية في أن واحد، وان هذا النهج كان مخطط له من قبل قوى الثالوث العالمي ونفذه عملاء النفوذ في الحزب والسلطة وبشكل واعي ومدروس ومنظم ومعروف النتائج، اذ تم اضعاف دور ومكانة الحزب الحاكم من خلال الغاء المادة السادسة من الدستور السوفيتي والتي تنص على قيادة الحزب للسلطة والمجتمع وتم أرباك واضعاف السلطة السوفيتية وفي كافة الميادين وعلى مختلف الاصعدة، وبهذا الخصوص أشار يناييف نائب رئيس حكومة الاتحاد السوفيتي قائلاً: (( ان السلطة أصبحت مشلولة تماماً وجرى تجاهل القوانين ولم ينفذ منها ألا أوامر منح الاوسمة….))، واصبح نفوذ دولة الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى يتضائل تدريجياً بسبب نهج البيروسترويكا على الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي، واصبحت الدولة السوفيتية أشبه بالتابعة للغرب الامبريالي بشكل عام والامبريالية الامريكية بشكل خاص، ولعب كل من الماسونيين السوفيت- الروس وفي مقدمتهم غورباتشوف وشيفرنادزه وياكوفلييف وغيرهم من الماسونيين الذين كانوا في قمة الحزب والسلطة دوراً اساسياً ورئيساً في اضعاف وشل دور ومكانة الحزب الحاكم والدولة السوفيتية حتى أوصلوا الحزب والسلطة الى درجة التفكك والاختفاء من المسرح السياسي في عام 1991، وهذا مافشل وعجز عن تحقيقه كل من هتلر وترومان وريغان وبوش الاب ….؟ !.
ماذا يتوقع القارى الكريم والسياسي المبدئي والنظيف من غورباتشوف وفريقه المرتشي والفاسد، فغارباتشوف ماسوني ومرتشي ورخيص الثمن، فهو الذي أستلم رشوة مالية مقدارها 100 ألف دولار من رئيس كوريا الجنوبية السابق، وماذا يتوقع من خائن عندما كان يقوم بالدعاية لأكلة (( البيتزا)) مقابل حفنة من الاوراق الخضراء ( الدولارات)، وماذا كان يتوقع منه عندما قال:((ان هدفي في الحياة هو القضاء على الشيوعية))، وكما قال ايضاً(( كانت الشيوعية بالنسبة إلي ماهي ألا مجرد دعاية))، وماذا يتوقع من المتسول السياسي والجائع الذي حمل حقيبته وتجول في العواصم الغربية من اجل القاء محاضرات رخيصة الثمن؟! الدفع طبعاً بالدولار الامريكي بالضد من الفكر الانساني، الفكر الاشتراكي العادل. اما شيفرنادزه وزيرخارجية الحكومة السوفيتية السابق، فهو لن يختلف عن غورباتشوف لا بالسلوك ولابالرشاوي… فهو إستلم مكافئة نقدية من حكومة المانيا الغربية أكثر من 300 ألف مارك، ثمناً رخيصاً لجهوده في توحيد الالمانيتين، من المستفيد ولمصلحة من كل ذلك؟!
في عام 1992 تسلم بوريس يلتسين الحكم في روسيا،ولعبت امريكا ومؤسساتها الدولية الدور الرئيس في ذلك، فهو رئيس ضعيف ومخمور في أغلب أوقاته، وهو كان لعبة أو دمية في أيدي العناصر المتنفذة في الحكم من غير القومية الروسية، فهو ماسوني وحائز على وسام مالطا الماسوني، وخلال فترة حكمه 1992-2000، قام بأضعاف دور ومكانة وهيبة روسيا الاتحادية وعلى مختلف الاصعدة المحلية والاقليمية والدولية، واصبحت روسيا الاتحادية رهينة وتابعة للغرب ولامريكا وللمؤسسات الدولية لاسيما صندوق النقد والبنك الدوليين، وكما لعب أندريه كوزوروف وزير خارجية روسيا السابق الماسوني ومن عملاء النفوذ دوراً خطيراً وسلبياً في اضعاف دور ومكانة روسيا على المسرح السياسي الدولي لمصلحة الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، وأطلق على كوزوروف في حينها هو(( الموظف الصغير في الخارجية الامريكية)، وهو اليوم هارب في أمريكا ويطالب من امريكا (( بتقويض النظام الحاكم في موسكو)). وخلال فترة حكم يلتسين انتشر(( عملاء النفوذ) وبشكل كبير في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكانوا لايزالون يعملون من اجل اضعاف وتفكيك روسيا الى عشرات الدويلات لصالح امريكا وحلفائها.
أما من الناحية الاقتصادية، فأصبحت روسيا الاتحادية تنفذ 100% وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية، وبسبب تطبيق هذه الوصفة انتشر وعم الخراب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي…، وتحولت روسيا الى شبه مستعمرة تابعة للغرب الامبريالي بشكل عام والامبرايالية الامريكية بشكل خاص، مما أدى كل ذلك الى ان تفقد روسيا أمنها الاقتصادي والغذائي.. وعمت الفوضى .
شباط / 2023

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular