يسأل السائح الأميرة ميان خاتون:
كيف تتداركون أمر وحيدكم الأمير الشاب وتصونون حياته العزيزة؟
أجابت الأميرة: “اننا لا نسمح للشيوخ بالاختلاط معنا، كما اننا نحظر عليهم دخول الدار في غير الأيام الاحتفالية. على أنهم لا يقدمون على القتل بالسيف أو النار، إنما هم يغتالون الغير بواسطة السم، فاني طردت من خدمة الدار كل اليزيديين وأقمت مقامهم أناساً من المسيحيين يعاونهم في الخدمة بعض اليهود ولا خوف من هؤلاء على حياة الأمير الصغير لأنهم لا يطمعون بأي نفع من وراء اغتياله لا سمح الله” (ص156)
كما سأل السائح: كيف اتصلت لكم الامارة؟ لكن يبدو جاءت الإجابة هذه المرة من الأمير الشاب سعيد بك، قائلا:
“الشيخ عدي جد عائلتنا وما زال منا ذكور، فالحق لنا دون سوانا بالإرث واللقب، ولما كانوا يلقبون رئيس الطائفة بلفظة “أمير” أصبحنا نتوارث هذا اللقب أباً عن جد”(*)
وقال له: وهل ذكور عائلتكم عديدون؟ أجاب:
“ليس فيها سواي وخالي أخو أمي، فان أفرادها أبداً معرضون للاغتيال والغدر والذي مات مسموماً، وعمي قبله مات هكذا، على هذا نحن عاملون على تنقيح نظامنا فيتاح اذ ذاك للعائلة ان تنمو وتكثر”. (ص 157)
أكتفي في هذه الحلقة بالسر الذي كشفتها الأميرة ميان خاتون للسائح وهواجسها في عدم الثقة بالايزيديين و “طردها من خدمة الدار كل اليزيديين واقامتها مقامهم أناساً من المسيحيين يعاونهم في الخدمة بعض اليهود..” واقف عند قول سعيد بك “الشيخ عدي جد عائلتنا، وما زال منا ذكور فالحق لنا دون سوانا بالإرث واللقب..واصبحنا نتوارث لقب “الأمير” أباً عن جد”
* ان ادعاء الأمير الشاب سعيد بك، والعائلة التي تحكم الإمارة الايزيدية الآن، هي محل نقاش وجدل كبيرين من الناحية التاريخية وكذلك العقائدية؛ فإن كانت العائلة الأميرية الحالية (القاتانية) من ذرية الشيخ عدي (آدي)، معناه هم أولاد أعمام سلالة الشيخ حسن بن الشيخ آدي الثاني (الآدانية)، وجاز الزواج بين أفراد العائلتين. إلاّ أنه في العقيدة الايزيدية فإن شيوخ السلالة (الآدانية) يعتبرون شيوخ السلالة (القاتانية) وبالتالي يحرم الزواج بينهما!
إذن، من هو جد عائلة أمراء الايزيدية الحاليين، وهل ينتمون بصلة إلى الشيخ آدي الأول أو الثاني؟ كيف ومتى وصلوا إلى حكم الإمارة؟
يذكر كل من الكاتب صديق الدملوجي: ” إنه في القرن السابع عشر الميلادي اغتصب الشيخ محمد الكردي الأربيلي-يقصد به محمد الباطني جد عائلة الأمراء الحاليين- من عائلة الشيخ أبو بكر، الإمارة من اسرة الشيخ حسن، حاربهم وقتل منهم ثمانون شخصا وقبض على الإمارة وحصرها في اسرته، ولا تزال حتى يومنا هذا في قبضتهم” (صديق الدولوجي، اليزيدية، مطبعة الاتحاد 1949، ص 21) وينقل الكاتب جورج حبيب نفس حديث السيد الدملوجي حول اغتصاب الإمارة بقوله “لقد خرج احد رجال عائلة أبي بكر واسمه الشيخ محمد الاربلي وحارب آل الشيخ حسن وقتل منهم ثمانين شخصا وقبض على الامارة وحصرها في اسرته”. (جورج حبيب، اليزيدية بقايا دين قديم، بغداد 1978، ص 55)
يعتبر الشيخ محمد الباطني من مواليد القرن السابع عشر الميلادي وليس الثاني عشر، اغتصب إمارة الشيخان عام 1623م، وليس كما يدعي البعض بحصر الزعامة الدينية والزمنية والمشيخة بعائلة البيت الأميري منذ عهد الشيخ عدي ولحد الآن.
أدناه ننقل عن كتاب (شيخان و شيخان به كى) شجرة بيت الامارة:
(درويش آدم- مير إبراهيم- مير شيخو بكر- مير ملك- مير محمد الباطني- مير هادي بك- مير حمزة بك- مير زينل بك- الأمير حسين بك الكبير- الأمير صالح بك- الأمير سليمان بك- الأمير عبدي بك- الأمير شرف بك- الأمير حسين بك- الأمير سليمان بك- الأمير ميرخان بك- الأمير بداغ بك- الأمير جولو بك- الأمير حسن بك- الأمير علي بك- الأمير حسين بك- علي بك- سعيد بك- تحسين بك) (خدر سليمان و سعدالله شيخاني، شيخان و شيخان به كى، بغداد 1988، ص 27-28). وإذا صح هذا النسب الذي نقله لنا كتاب (شيخان و شيخان به كى).
هذا دليل على أن (محمد الباطني) ليس من ذرية الشيخ عدي بن مسافر ولا ينتمي إلى عائلته.
• تتبع الحلقة الرابعة
