الجمعة, أبريل 26, 2024
Homeاراءالإبادة الجماعية مستمرة ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الايزيدي ح1: د.خليل...

الإبادة الجماعية مستمرة ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الايزيدي ح1: د.خليل جندي

تقييم كتاب:
هذا الكتاب/الدراسة، اصدار خاص بمناسبة الذكرى الثامنة للإبادة الجماعية للإيزيديين، للباحث والأكاديمي القدير الدكتور سعد سلوم. الكتاب من إصدارات مركز البيان للدراسات والتخطيط (تسلسل 27) وبالتعاون مع كرسي اليونسكو لدراسات منع الإبادة في العالم الإسلامي/جامعة بغداد.
الكتاب/الدراسة صادر منذ عام 2022، وقد أهداني الأخ والصديق د. سعد نسخة منه بتاريخ 14/2/2023 مشكوراً. من خلال متبعاتي للمنشورات الورقية والإلكترونية، لم أجد التفاف أحد من المهتمين بالشأن الإيزيدي إلى أهمية هذا الكتاب الأكثر من قيّم! فهل لم يصل الكتاب بين أيديهم، أم وصل إلى بعضهم ولم يدركوا مدى أهميته؟ إنها أفضل دراسة شبه متكاملة قرأتها في حياتي عن أسباب وفواعل وأبعاد الانفسام في المجتمع الايزيدي.
بدءاً، يمكن القول ان انقسام المجتمع الإيزيدي ليست حالة خاصة، وإنما الانقسام يسري على بقية شرائح المجتمع العراقي من قوميات وأديان ومذاهب (العرب، الكرد، التركمان، الشيعة، السنّة، المسيحيين، الكاكائيين، الشبك، المندائيين)، وهذا ما كَتَبَ عنها الملك فيصل الأول في مذكرته الشهيرة في آذار 1932م قبيل وفاته بأشهر قليلة. وقد اتخذها الباحث د. سعد، كأرضية انطلاق من العام إلى الخاص، بمعنى أخر كيف يتأثر الجزء (المجتمع الايزيدي) بالكل (المجتمع العراقي)، ليخرج هو- ونحن معه- باستنتاج مفاده بأن “وضع الأقليات، ومنها الايزيدية، تتأثر بشكل طردي مع قوة واستقرار الدولة المركزية التي تتبنى الهوية الوطنية؛ فكلما كانت الأخيرة قوية، كلما كانت الأقليات بأمان وأقل انقساماً، وكلما غابت قوة الدولة، برزت الانقسامات داخل جسم المجتمع عموماً والأقليات خصوصاً”. ولأهمية المذكرة نقتبس منها فقرات ضافية، تقول المذكرة:
“العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنية على أنقاض الحكم العثماني. وهذه الحكومة تحكم قسماً كردياً أكثريته جاهلة، بينه أشخاص ذوو مطامع شخصية يسوقونه للتخلي عنها بدعوى أنها ليست من عنصرهم. وأكثرية شيعية جاهلة منتسبة عنصرياً إلى الحكومة نفسها، إلاّ أن الاضطهادات التي كانت تلحقهم من جراء الحكم التركي الذي لم يمكنهم من الاشتراك في الحكم وعدم التمرن عليه والذي فتح خندقاً عميقاً بين الشعب العربي المنقسم إلى هذين المذهبين، كل ذلك جعل هذه الأكثرية يظهرون بأنهم ما يزالون مضطهدين، لأنهم شيعة ويشوقون الأكثرية للتخلي عن الحكم(…) بقطع النظر عن الأقليات الأخرى المسيحية التي يجب ألاّ نهملها، نظراً إلى السياسة الدولية التي لم تزل تشجعها للمطالبات بحقوق غير هذه وتلك (…) وهناك غير هذا دسائس آشورية وكلدانية والتعصب للتفرقة بين هؤلاء الجهال توهن قوى الحكومة تجاه البسطاء. كما أن العقول البدوية والنفوذ العشائري الذي للشيوخ وخوفهم من زواله، لتوسيع نفوذ الحكومة، كل هذه الاختلافات والمطامع والاحتراسيات تشتبك في هذا الصعيد، وتصطدم وتعكر صفو البلاد وسكونها، فإذا لم تعالج هذه العوامل بأجمعها وذلك بقوة مادية وحكيمة معاً ردحاً من الزمن، حتى تستقر البلاد، وتزول هذه الفوارق، وتتكون الوطنية الصادقة وتحل محل التعصب المذهبي والديني. هذه الوطنية لا تكون إلا بجهود متمادية وبشوق مستمر من جانب الحكومة بنزاهة كاملة، فالموقف خطر” (ص 21) في النهاية يسيطر الإحباط على الملك فيصل الأول لفشل مشروعه الاستراتيجي في بناء هوية وطنية للجميع، فيكتب:
“أقول وقلبي ملآن أسى، أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية خالية من أي فكرة وطنية، متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سمّاعون للسوء، ميّالون للفوضى، مستعدون دائماً للانتفاض على أي حكومة كانت، نحن نريد والحالة هذه أن نشكل من هذه الكتل شعباً نهذبه، وندربه، ونعلمه….” (ص 22)
ان الأفكار والحالة التي طرحها الملك فيصل الأول حول انقسام المجتمع العراقي، والإحباط الذي عبّر عنه، تتوافق الى حد كبير مع حالة انقسام المجتمع الايزيدي حالياً، حيث تمزقه الولاءات الحزبية والعشائرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وهذا ما يتوقف عنده أيضاً الباحث الكبير د. سعد في دراسته أعلاه.
قبل ان أتجول بين صفحات الكتاب/الدراسة القيّم للدكتور سعد سلوم، أود الإشارة الى (تقرير/وثيقة) آخر تحت عنوان “الشخصية اليزيدية” صادرة عام 1982 من مديرية الاستخبارات العسكرية العامة، اعداد شعبة الاستخبارات النفسية، مُكون من 124 صفحة (نشر محدود)، تدرس المجتمع الايزيدي وتشخص جوانب الضعف فيه، وأسباب الانقسام، وكيفية استغلال سلطة البعث حينذاك ذلك الضعف وتلك الانقسامات لصالحها. إن هذا التقرير جدير بالقراءة والتوقف عنه.
تقع دراسة الدكتور سعد في (189) صفحة من الحجم الكبير، وتنقسم الى قسمين، الأول: تتحدث عن الانقسامات داخل المجتمع الايزيدي وتأثيرها في بناء مجتمع ما بعد الإبادة الجماعية، وتحدد هذه الانقسامات على النحو التالي:
1- الانقسامات المتعلقة بالتسمية: ايزيديون أم يزيديون؟
2- اختلاف على تسمية الحيز الجغرافي.
3- جدل حول الحدث المؤسس لهوية الجماعة، والانقسامات المتعلقة بتسمية الإبادة الجماعية، والأفعال التي تشكل الإبادة الجماعية، والتسلسل الهرمي لضحايا الإبادة الجماعية.
4- الانقسام في تعريف الهوية الايزيدية، التي تندرج تحت السرديات التالية: (الكردية- العربية- الخصوصية الدينية- السردية القومية- الزرادشتية- الاثنودينية).
5- الانقسام الجغرافي الايزيدي.
6- ديناميات الانقسام الأفقي والعمودي من منظور الأجيال.
7- ديناميات الاقتصاد السياسي للانقسام.
8- البعد الداخلي السياسي للصراع كمغذ لديناميات الانقسام، خاصة بين الحزبين الدمقراطي الكردستاني والعمال الكردستاني، الانقسام بين الأحزاب الايزيدية.
9- البعد الدولي والإقليمي للصراع لمغذ لديناميات الانقسام.
إضافة إلى خاتمة تحت عنوان: “الربيع الإيزيدي في سنجار” و “حراك الجيل الجديد في مواجهة دينامية الإستمرارية.
تتبع الحلقة الثانية: (القسم الثاني من الدراسة)
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular