السبت, مايو 18, 2024
Homeاخبار عامة"اضطررنا لإرسالهم".. سوريون يجازفون بأطفالهم للوصول إلى أوروبا

“اضطررنا لإرسالهم”.. سوريون يجازفون بأطفالهم للوصول إلى أوروبا

مجموعة من اللاجئين السوريين عند الحدود التركية البلغارية في محاولة للوصول إلى أوروبا- تعبيرية
مجموعة من اللاجئين السوريين عند الحدود التركية البلغارية في محاولة للوصول إلى أوروبا- تعبيرية

في سبتمبر الماضي، تقدم 4465 قاصراً غير مصحوبين بذويهم بطلبات لجوء إلى دول أوروبية، بينهم 1540 سورياً، أغلبهم قدِموا عن طريق تركيا، وفقاً لدراسة للمركز الإحصائي للاتحاد الأوروبي (يورو ستات).

والد أحد هؤلاء الأطفال، يُدعى لؤي عباسي، وهو لاجئ في تركيا منذ سبع سنوات. يروي لـ”ارفع صوتك”، أنه “أرسل ابنه أحمد (14 عاماً) بطريقة غير شرعية إلى اليونان، مع مجموعة كانت تخطط للخروج من تركيا تجاه أوروبا، ووصل منذ شهرين إلى ألمانيا”.

يقيم أحمد حالياً في إحدى المدارس التابعة لدوائر الهجرة الألمانية، وينتظر حصوله على الإقامة للم شمل عائلته، كما يقول والده.

يضيف عباسي: “اضطررت لإرساله، لأن تكاليف الهجرة عالية جداً ولا أقدر عليها، ولأن لم الشمل أسهل بكثير في حال غادر الابن لوحده”.

“لو كنت سأذهب لوحدي، كنا سنضطر للانتظار أكثر من عامين حتى نلتقي مرة أخرى. عائلتي مكونة من أربعة أفراد. أرسلت ابني أحمد لأنه أكبر أولادي. هاجر معه بعض الأصدقاء الذين أثق بهم، ويساعدونه في عملية تقديم اللجوء”، يوضح عباسي.

وفي وقت سابق، أشار مركز “يورو ستات” إلى أن “السوريين شكلوا خلال العام الجاري، أكبر مجموعة بين طالبي اللجوء في أوروبا، بواقع 18170 متقدماً”.

رحلة “خطرة”

في منتصف العام الجاري، نشر “المرصد الأورومتوسطي”، تقريرا كشف فيه عن الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال غير المصحوبين بذويهم خلال رحلة لجوئهم إلى أوروبا، تتعلق بالتمييز وسوء المعاملة.

وأكد “اختفاء 78% من طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم في النمسا عام 2021″.

ويتابع عباسي: “هناك مخاطر كبيرة. في أول مرة قبض على ابني ومن معه وأعيدوا إلى تركيا، لكن ليس في اليد حيلة، ليس لدينا أي حل آخر، الحمدلله، وصل الآن ونستعد للانضمام إليه قريبا”.

لم يسلم عباسي من انتقادات المعارف والمقرّبين منه بسبب ارسال ابنه القاصر، لكنه “ليس نادماً” بحسب تعبيره. ويقول: “لا أعمل منذ شهور، والمصاريف أرهقتني وسينتهي ما لدي من مال قريباً، كيف أتحملُ كل ذلك؟!”.

لاجئون سوريون في الجزائر/وكالة الصحافة الفرنسية
يبيتون في العراء.. لاجئون سوريون عالقون بين المغرب والجزائر
يبيتون في العراء وليس بحوزتهم زاد للأكل أو دواء للمرضى، كما أن بعضهم أصبح…

مازن كلزي، لاجئ سوري في تركيا أيضاً، أرسل هو الآخر ابنه البالغ من العُمر 16 عاماً مع مجموعة مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا.

يقول لـ”ارفع صوتك”: “عشتُ أسوأ أيام حياتي وأنا أنتظر وصوله بأمان، فبعد أن ذهب إلى بلغاريا اختفى وانقطع التواصل معه عشرة أيام. لم أعلم أي شيء عنه، ولم يصلني أي خبر منه، حتى ظننته فارق الحياة، إلى أن جاءني خبر وصوله النمسا”.

في النمسا، قدم الفتى مهدي طلب اللجوء بمساعدة بعض الأشخاص الذين قابلهم هناك.

يضيف كلزي: “عرفتُ لاحقاً، أنه لم يتمكن من الاتصال لأنه تاه عن المجموعة التي كان يتواصل معي من خلالها، ولا يعرف أي لغة أخرى غير العربية، وفي النهاية تعرّف على بعض الأشخاص العرب هناك وقدموا له المساعدة. ننتظر الإجراءات التي ستلم شملنا قريباً”.

“ضغط نفسي على الأطفال”

في محاولة للاقتراب أكثر من واقع الأطفال السوريين في تركيا، تخبرنا سنابل مرعندي، وهي مؤسسة أكاديمية “وجه الشرق” للتدريب المهني في إسطنبول، أن “عملها يقتضي دمج اللاجئين السوريين في المجتمع التركي، وإيجاد فرص عمل لهم تسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والمادي، ورفع الكفاءة المهنية” وتشير إلى أن “الفئة العُمرية التي تتواصل معها تتراوح بين (13-25) عاماً”.

“كل طفل (ممن عملت معهم) يحتوي بداخله قصة حرب ورحلة تهجير وحكاية ألم، ولم يعش أحلام طفولته أو ينعم بالاستقرار العائلي. تحمّلوا مسؤولية العمل من الصغر و ليس لديهم أي طموح. يفكرون بشكل دائم في الهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي”، تقول مرعندي، لـ”ارفع صوتك”.

وتؤكد أن “الوضعين السياسي والاقتصادي في تركيا جعلا الكثيرين يفكرون بمغادرتها، ومن لا يستطيع ذلك مع عائلته، يرسل أطفاله، ليتمكن من اللجوء عن طريقهم”.

تبيّن مرعندي: “نعمل منذ عام 2011 على إيقاف رحلات الهجرة غير الشرعية، من خلال برامجنا التوعوية و التدريبية، حتى خرجت الأمور عن السيطرة، ووصلنا إلى مرحلة كارثية. الأمور تغيرت جدا ضمن حزمة من القوانين فُرضت على اللاجئين الأجانب منـذ بداية عام ٢٠٢٢”.

وتتابع: “ثم حلّت الأزمة الإنسانية بعد ضرب الزلزال جنوب تركيا، حيث تعيش النسبة الأكبر من السوريين في  كهرمان مرعش وغازي عنتاب و كلس، ما أدى إلى خسارة الكثيرين لبيوتهم وعائلاتهم وعملهم، في ظل غياب منظمات المجتمع المدني لأي نوع من الدعم الخاص بهم”.

تزامن ذلك، بحسب مرعندي، مع الوضع السياسي، الذي “حرّض بشكل مباشر أو غير مباشر ضد الوجود السوري في تركيا، مما أدى لتشديد أمني على أي لاجئ ارتكب خطئاً، و ترحيله بشكل قسري إلى مناطق النزاع”.

وتشير إلى “انخفاض عدد المستفيدين في مؤسستها من الطلاب لأكثر من 65%”، عازية الأمر لـ”الضغط النفسي والاجتماعي القهري الذي يعيشه معظم اللاجئين”.

وتوضح مرعندي، أن “أعمار الأطفال الذين يهاجرون وحدهم إلى أوروبا، تتراوح بين 11 و18 عاماً، معظمهم لم يُقبل في المدارس، أو تعرض للاضطهاد من خلال زملاء المدرسة، ولم يكن مرحّباً بهم”.

“وجد هؤلاء الأطفال، أن العمل أفضل طريق للخروج من هذه الدائرة، فخضعوا لدورات مهنية وانغمسوا في سوق العمل، لكن الضغطين النفسي والأمني، أديا إلى هجرتهم، وهذا يعني ابتزازاً مادياً من المهربين، أو من الممكن تسميته ابتذالاً غير أخلاقي”، تختم مؤسسة أكاديمية “وجه الشرق”

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular