الأربعاء, ديسمبر 11, 2024
Homeاراءخيري إبراهيم كورو : من يخدم الايزيديين ومن يتاجر بهم؟

خيري إبراهيم كورو : من يخدم الايزيديين ومن يتاجر بهم؟

المتاجرة بمعناها السلبي ليست بشيء جديد فمنذ القدم وحتى يومنا هذا كان هناك دائما من يتاجر على حساب شعبه وأهله، تارة باسم الدين وتارة باسم القومية وتارة باسم المساواة وتارة باسم المقاومة وأخرى باسم العدالة أو الإنسانية وهكذا تتعدد الأسماء والعناوين والشعارات ولكن الهدف واحد هو الاستغناء أو الاستقواء أو الاشتهار على حساب دم الآخرين وتعب الآخرين وحقوق الآخرين. الايزيديون كسائر الشعوب والمكونات الأخرى لم يخلو من هكذا نماذج قذرة يتاجرون بكل شيء من اجل الوصل إلى مبتغاهم، وفي الغالب غايتهم المال أو السلطة أو الشهرة دون أن يقدموا في المقابل أي شيء يذكر للناس اللذين من المفترض أنهم يمثلونهم أو يعملون لأجلهم .

خلال المئة عام الفائتة ظهر على الساحة الايزيدية عشرات الأشخاص والشخصيات على الصعيد الديني والسياسي والاجتماعي والثقافي، البعض منهم كان أفضل ما قدمه للايزيديين هو التقاط صورة مع زعيم من زعماء العراق مازال أحفاده يفتخرون به، وفي العقود الأخيرة كان لدينا وزراء وبرلمانيين ومستشارين وموظفين كبار على مستوى العراق وعلى مستوى إقليم كوردستان وأفضل ما قدمه البعض منهم  للايزيديين هو انه لم يتحدث عن الايزيديين إطلاقا طيلة فترة بقائه في منصبة حتى أن عدد منهم تعين في المنصب وترك المنصب ولم يعلم أو يشعر به الايزيديون، ولكن ما أخذوه أو حصلوا عليه باسم الايزيديين مازالوا هم وأحفادهم يغرفون منه أو يستفادون منه.

واليوم لا يختلف عن الأمس خاصة بعد فرمان شنكال حيث قتل من قتل وذبح من ذبح واسر من اسر وسبيت من سبيت وضاع من ضاع وهاجر من هاجر وعشرات الآلاف نزحوا ويعيشون في ظروف قاسية جدا في المخيمات، ولكن هذا الوضع المأساوي وهذا المشهد التراجيدي المؤلم لم يكن كذلك بالنسبة  للبعض ولم يعني شيئا لهم بل على العكس كان هذا الفرمان نعمة عليهم وفرص عمل لا تعوض، فمنهم من تاجر بقوت النازحين وبطعامهم وشرابهم واخرجوا اللقمة من أفواههم، ومنهم من استغل مواهبه بالمتاجرة في عملية إنقاذ المخطوفين والمخطوفات من أيدي الإرهابيين وآخرون تفننوا في استغلال الناجيات إعلاميا وحتى الوصول إلى أوربا عن طريقهم والبعض وصل إلى النجومية وجمع ما يكفي من المال في هذا المجال، القائمة طويلة حيث لم يبقى شيء لم يتاجروا به، حتى ان البعض منهم نادم لأنه لم يستغل الفرصة والوضع بالشكل الصحيح ولم يسرق ما يكفي.

السؤال هنا، هل الجميع فاسد؟ هل الجميع يتاجر بالايزيديين دون استثناء؟ كيف نعرف من الذي يتاجر بالايزيديين ومن الذي يخدمهم؟ هل نستمع إلى ما يروجه البعض على صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية وحتى في بعض المجالس ونقول عن هذا انه شريف لان فعل كذا وعن ذاك فاسد لان فعل كذا؟ هل نردد كالببغاء ما نسمعه من الآخرين؟ إذا ما فعلنا ذلك، فعلى ما يبدو من سياق ما نسمعه يوميا إن (الجميع) من في واجهة المشهد الايزيدي (دون استثناء) من الذين يمثلون الايزيديين عل المستوى السياسي والديني والاجتماعي والثقافي هم  سراق ولصوص يتاجرون بآلام الايزيديين بل وبحاضرهم ومستقبلهم (وهذا غير منطقي).

إذا كيف نميز بينهم؟ كيف نفرق بين من يخدم الايزيديين ومن يتاجر بهم في ظل هذه الفوضى الإعلامية العارمة؟ العملية معقدة وصعبة للغاية، فالذي نعتقده نزيها قد يكون اكبر لص والذي نعتقده لصا قد يكون أنزه شخص، لان مجمل تصوراتنا وانطباعاتنا وأحكامنا في الغالب مبنية على ما يقوله الآخرون عن هذه الشخصية أو تلك على صفحات السوشيال ميديا والتي بدورها تعتمد على التوجهات السياسية والاجتماعية والحرب الإعلامية بين الأقطاب المختلفة للاستحواذ على اكبر مساحة من النفوذ على الساحة الايزيدية.

كما قلنا ان التميز بين من يخدم الايزيديين ومن يتاجر بهم عملية معقدة وصعبة للغاية لكنها ليست مستحيلة، وفيما يلي عدد من النقاط أو محاولة لكيفية للتميز بينهم:

1-    المقارنة بين وضع المسئول أو الشخص على الصعيد المالي والمعنوي قبل توليه العمل أو المسئولية وبعدها، ومقارنة وضعه المالي والمعنوي مع الوارد الذي يتقاضاه من الجهة التي يعمل فيها، وبحسابات قد لا تحتاج إلى الكثير من الجهد قد نصل إلى نتيجة معقولة حول ما إذا كان ذلك الشخص نزيها ويعمل لخدمة بني جلدته أو ان مجرد فاسد ولص ومتاجر ببني جلدته شاءت الظروف والأقدار ان تضعه في ذلك العمل أو المنصب أو تلك المسئولية.                                                                   (هذا بالنسبة لموظفي الدولة في جميع المجالات والعاملين في المراكز والمنظمات الإنسانية  في المركز والإقليم، طبعا هنا نقصد “الأشخاص أو المسئولين الذين تم توظيفهم أو ترشيحهم أو وجدوا لهم عملا على أساس ديني، أي أنهم ما كانوا سيشغلون هذه الوظائف أو المسئوليات أو المناصب لو لم يكونوا ايزيديين “).   

2-    المقارنة بين ما يقدمه او ما يبذله الشخص من جهد في سبيل قضية بني جلدته وما يأخذه أو يحصل عليه ماديا ومعنويا بحجة الدفاع عن الايزيديين وحقوقهم. فإذا كان ما قدمه وما ضحى به من اجل الايزيديين اكبر من ما حصل أو يحصل عليه ماديا ومعنويا فلا شك ان هذا الشخص يخدم بني جلدته، وإذا كان هذا الشخص يأخذ أو يحصل ماديا ومعنويا على أكثر مما يقدمه أو يضحي به من اجل قضية بني جلدته فلا شك ان هذا الشخص يتاجر بالايزيدين.                                                  (هذا بالنسبة للأشخاص الذين يتقاضون أمولا أو يحصلون عليها بطريقة أو بأخرى على أساس ديني أو تقليدي “الشخصيات الدينية والتقليدية”، والأشخاص الذي يتقاضون أمولا أو يحصلون عليا بطريقة أو بأخرى على أساس سياسي ” يديرون أحزاب سياسية ايزيدية  أو منتمين لأحزاب ايزيدية او غير ايزيدية في الإقليم أو المركز”).

أرجو ان أكون قد وفقت إلى حد ما أو على الأقل فتحت باباً للتفكير بهذا الاتجاه لإيجاد السبل المناسبة لتميز المخلصين ودعمهم في عملهم في خدمة الايزيديين والايزيدياتي. 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular