الخميس, مايو 2, 2024
Homeاراءمن عبدالمجيد الثاني إلى حازم تحسين بك هل هي بداية نهاية الإمارة؟!...

من عبدالمجيد الثاني إلى حازم تحسين بك هل هي بداية نهاية الإمارة؟! : خليل جندي

بعد ستة أشهر بالكمال والتمام (27.7.2019-28.1) من الصراع المحتدم على كرسي (الإمارة) خلفاً للأمير الراحل تحسين بك، ورغم الدعوات والمناشدات التي أطلقت، والمقالات التي ظهرت في وسائل التواصل الإجتماعي الداعية لإختيار أمير يمثل ويعكس رغبة كافة الايزيديين أينما كانوا من خلال عقد مؤتمر عام ينقل المجتمع الايزيدي من العشوائية والقرارات الفردية إلى وضع نظام مؤسساتي وعمل جماعي، لن يكون الأمير القادم معصوماً ويمكن إزاحته في حال عدم أداء واجبه، إلاّ أن كل هذا لم يحدث وكما يقول المثل “تمخض الجبل فولد فأراً!”. فتم ضرب جميع دعوات ومناشدات الإيزيديين عرض الحائط، وحدث ما يمكن وصفه مهزلة تنصيب السيد حازم “أميراً” خلفاً لوالده.
أمام حالة الكارثة التي حلت بالايزيدية بعد إبادة الثالث من آب/2014، التي فتحت جرحاً عميقاً، وأصابة العمود الفقري الايزيدي، رأينا كيف تتقاتل أبناء (الإمارة) على توزيع (كعكة) الشيخ آدي وبقية المقدسات الإيزيدية فتكثر أعداد المرشحين لهذا المنصب وتتشكل تكتلات وتبعد أولاد العمومة وعائلات (بسميرية) من علبة المواجهة، كعائلة الأمير معاوية إسماعيل بك، وعائلة (ايزدي ميرزا)، وعائلة خنجر بك و غرزي بك،..الخ!. وفي هذه المرة، كما في المرات الماضية، يجري (تلبيس) رأي الايزيدية من قبل أبناء الإمارة إعتقاداً منهم أن سلطتهم الدينية والدنيوية باقية، وأنهم ما زالوا “ظلّ الله على الأرض” ، وهم الآمرون والناهون في اتخاذ القرارات وتقرير مصير الايزيدية.. السؤال الجرئ هنا: هل سيبقى مصير الايزيديين رهناً بيد نزوات وقرارات فردية، أم تحتاج المرحلة إلى رفع كلمة (STOP قف وكفى) لهذا الاستهتار بمشاعر الايزيديين!.
وأنا أتابع مهزلة تنصيب “الأمير” وإستحداث عناوين جديدة (وكلاء الأمير) الأربعة، رئيس المجلس الروحاني، ولي العهد، ممثل الشباب،.. تذكرت قراءتنا لنهاية الامبراطورية العثمانية وتاريخ آخر سلاطينها عبدالمجيد الثاني (1922-1924)، إنتهى حكمه بعد سنتين وإنتهت معه الخلافة العثمانية، ونشأت الدولة التركية الحديثة بدلاً منها بعد الحرب العالمية الأولى. كانت الدولة العثمانية في عهده متهالكة ومضطربة وفاسدة، ولم يكن عبدالمجيد الثاني ذات قوة وقدرة وإمكانية لمجابهة تلك الأخطار التي تكاثرت عليه، وجعلته ينفي خارج تركيا ليصبح مصطفى كمال اتاتورك رئيساً للجمهورية التركية التي نشأت على أنقاض الخلافة الاسلامية.
مع الفارق الكبير بين إمبراطورية مترامية الأطراف، وبين إمارة صغيرة لا جيش ولا حدود ولا مقومات لها، ماعدا وجود حزب كوردي حاكم يدعم (أميرها)، إلاّ أن المشترك بينهما هي حالة التهالك والضعف والفساد والأخطار المحدقة، يجعلنا نتسائل: هل يملك “الأمير” الجديد من الكاريزما والإخلاص والإمكانيات ليصمد أمام كل ما خلفتها إبادة سنجار من ويلات ومآسي وإنكسارات نفسية وتحطيم المجتمع..؟ أنا أشك في ذلك، وكل ما أقرأه للمشهد الايزيدي والطريقة المخجلة التي تم فيها الإعلان عن تنصيب “الأمير” الجديد، هو المزيد من الرفض لـه ولطاقمه المنهك!. هو المزيد من تشرذم المجتمع الايزيدي!. هي إنحصار “الإمارة” برقعة قضاء الشيخان وتلكيف ومجمعي شاريا وخانك، وربما قصبتي بعشيقة وبحزاني، وسلخ غالبية ايزيدية سنجار والمهجر منها!..هي عودة الإمارة، إن بقيت إمارة، إلى إسمها القديم “إمارة الشيخان”!. بمعنى تغيير عنوان (أمير الايزيدية في العراق والعالم!) إلى (أمير الشيخان!)…إن صحت، أو إقتربت، هذه القراءة للحالة الايزيدية الراهنة، والطريقة الفاضحة التي تم فيها عملية إختيار وتنصيب الأمير، أرى أن ذلك ستكون بداية نهاية الإمارة الايزيدية وإن استمرت لوقت يطول أو يقصر!!.
رغم إيماني أن الأمراء لم يجلبوا للمجتمع الايزيدي غير الويلات والبلاء والإبادات، ولن يتركوا ورائهم حضارة أو معلماً أو أثراً تفتخر به الايزيدية، إلا أنني أقف اليوم مع جميع أتباع الديانة الايزيدية وأمام التاريخ المحمل بالدم والواقع المرير الذي يمر به الايزيديون، خاصة ستمر علينا بعد أيام الذكرى الخامسة لإبادة سنجار 2014، باحثاً معهم عن مخرج يحفظ ما تبقى من وجود وكرامة الايزيدية، ومحاولة وقف تداعيات عملية استهتار تنصيب “الأمير” الجديد!.
بعض الملاحظات:
أولاً/ الوضع الايزيدي الكارثي الحالي بحاجة إلى قائد (أمير أو سمه ما شئت) شجاع وقوي وذو إمكانيات وكاريزما، يدرك أن منصبه غير مقدس، ويؤمن بالإصلاحات ويحول المؤسسة الدينية من عمل “عشوائي” وقرارات إرتجالية فردية، إلى شكل مؤسساتي لا يستفرد بها لوحده، بل يشاركه في صنع القرار فعلياً (برلمان ايزيدي موسع يشارك فيه ايزيدية باقي الدول). يراعى فيه نسبة إيزيدية سنجار وأوروبا، والتيارات الايزيدية المختلفة ومن كلا الجنسين وإلغاء (المجلس الاستشاري) الشكلي السابق الذي لم يكن سوى إطار فارغ!. وأن يلتزم داخلياً بالانفتاح على بغداد وأربيل والعالم أجمع.
ثانياً/ لا يمكن إدارة الإيزيدية كما كانت تدار قبل 3/آب/2014، بل يجب (تكرار يجب عشرات المرات) أن تكون هنالك كلمة للمجتمع الأيزيدي والمجلس الروحاني في إختيار الأمير الجديد حسب مواصفات تتلائم مع روح العصر والحالة المأساوية التي يمر به المجتمع الايزيدي، ويكون دور ايزيدية سنجار هو الحاسم. ويرفض رفضاً باتاً فرض إرادات من خارج الايزيدية.
ثالثاً/أن يكون الأمير الجديد مستقلاً ولكل الايزيديين بغض النظر عن توجهاتهم السياسية والفكرية وانحدارهم الطبقي، لا أن يكون أميراً حزبياً ينفذ أجندات حزب معين ويتحول إلى أداة وبوق بعيداً عن إرادة الايزيديين.
رابعاً/ “الأمير” الجديد هو أمير حزبي بامتياز قبل أن يكون أميراً للأيزيديين، تم “تعيينه” وأدى قسم الولاء والإخلاص أمام الأجهزة الأمنية في دهوك قبل أن يؤدي القسم في معبد لالش!.
خامساً/ان فاتحة “الأمير الجديد” بالهجوم على نادية مراد/سفيرة النوايا الحسنة، والحاصلة على جائزة نوبل للسلام وحاملة آلام الايزيديين للعالم، تعكس السذاجة المفرطة وقصر النظر، وترضية لتوجهات أطراف سياسية كردية لتشوية سمعة نادية مراد والرسالة الانسانية التي تحملها.
سادساً/أقولها للتاريخ، وأتمنى أن أكون مخطئاً، بأن الإصرار على إختيار السيد حازم تحسين بك وفي هذا التوقيت بالذات، أي قبل أيام معدودات من الذكرى الخامسة لإبادة سنجار، هو إكمال مخطط تفكيك وهدم المجتمع الايزيدي عامة وسنجار خاصة من قبل أطراف كوردية وعربية (سنية) محلية وبدعم أطراف خارجية، بعدم/أو بعرقلة عودة النازحين الايزيديين إلى سنجار تمهيداً لتغيير ديمغرافيتها السكانية كما حدث لقضاء الشيخان! ومن أجل أن لا يكون الايزيديون العائدون قاعدة ومورداً لنشاط حزب العمال الكردستاني المناوئ لتركيا!.
الحلقة الأولى من إبادة ايزيدية سنجار يتحمل مسؤوليتها أمير الايزيدية الراحل حينما تحول إلى داعية على المنابر والفضائيات للحزب الحاكم في كردستان، وسلم جميع أوراقه له، ووضع جميع البيضات في سلته، بحيث لم يتجرأ لزيارة سنجار بعد الابادة متذرعاً بحجج واهية!..أما الحلقة الثانية من إكمال مخطط الإبادة ينفذها السيد حازم الإبن، ربما من دون أن يدري!!.
خليل جندي
مانيلا في 30/7/2019

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. تحية طيبة
    تشبيه جيد , وقولٌ واجب , لكن تقاعس الئيزديين وتركهم الامور لمهب الريح لمدة لا تحتمل المزيد من التأخير , جعل وكيل الامير يشطب كلمة وكيل فقط , ولم يعترض أحد إلا بعد الإقرار , الفعل الحقيقي هو بيد الئيزديين منذ البداية , الشاطر هو شاطر سواءٌ كان ميراً أم موظفاً عادياً , وأنا أُقر وأعترف أن للقمة الدور الفاعل في نشاط وهمة الجميع, كثيرون جداً ضحوا بمصالحهم الشخصية في الماضي وكانت النتيجة إحباط وخيبة أمل فلم يلتفت أحد إلى تضحياتهم وبطولاتهم خاصة من جانب الزعامة الئيزدية السابقة وبعضهم أصبح موضع إستهجان لأنه لم يستفد من فرصته ــ بحسب كلامنا السخيف الدارج الآن ــ مما جعل الجميع يتجهون نحو أنانيتهم وخدمة مصلحتهم وهذه هي نتيجة العمل الأناني الذي أصبح صفة للئيزديين الآن, نتجت عنها لامبالات كما في إنتخاب المير , صدقني القول أن الئيزديين لم يهتموا به كالأجانب , خاصة الكورد المسلمون القوميون, إنهم لا يزالون يرون في المير الئيزدي جزءاً من تاريخهم الذي فقدوه .
    أما إنهيار الخلافة العثمانية فلم تكن بسبب فشل الخليفة , إنما بكلام مباشر وجهاً لوجه من وزير الخارجية المحتك بالحلفاء عصمت إينونو لمصطفى كمال باشا الذي كان يسعى ليكون الصدر الأعظم تابعاً للخليفة الذي إعترف به في أنقرة , قال له بالحرف الواحد 🙁 الحلفاء لن يتعاملو معك تابعاً للخليفة , لا يجوز أن يكون الإسلام بخلفته جاراً لأوربا , إذا أردت أن تعيد الحياة إلى تركيا فعلى جثة الإسلام , لا يُمكن أن تكون تركيا مسلمة , هل فهمت ؟ ) وكان الحلفاء قد رفضوا إستقبال ممثلي الخليفة مراراً , وكل التواقيع الإستسلامية تمت من قبل ضباط وشخصيات دون الوزير, عدا وثيقة الإستسلام التام في الدردنيل وقعها وزير البحرية وهو دون وزير الدفاع .
    هكذا أعلن كمال باشا فوراً وبدن مقدمات إلغاء الإسلام والخلافة نهائيّاً فمنع الحج والجوامع وتحليل الخمر وقذف القرآن ومنع الكتابة بحروفه فوراً , هذه القرارات أخذها معه عصمت إينونو إلى مؤتمر الحلفاء وألغى فوراً معاهدة تمزيق تركيا ( سيفر ) وبدلها بلوزان التي أعادت الحياة لتركيا .
    مثل هذه الفرصة سنحت للأقليم في 2003 , لكن الكورد رفضوا ذلك وإنتهوا إلى ما هم عليه الآن , كثير من مشاكل الئيزديين وصعوباتهم ناتجة لسياسة الأقليم الفاشلة فيكون رد الفعل على المناطق المتنازع عليها التي يسكنها الئيزديون قاسياً جداً , وهذا بدوره يُصعب دور أي قائد ئيزدي يعيش تحت ظل الفشل الأعلى منه , لكن مع الاسف لم نر تحركاً ولو بسيطاً من جانب الامير لمعالجة شؤون الملة ومنذ زمن بعيد .
    + هامش لمقال الأمير سرمد سرهاد تحسين بك وشكراً

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular