الجمعة, أبريل 26, 2024
Homeاراءنوزاد شيخاني : وماذا بعد مؤتمر بغداد؟

نوزاد شيخاني : وماذا بعد مؤتمر بغداد؟

مما لاشك فيه ان ما ارتكبه تنظيم داعش الإرهابي من جرائم وإنتهاكات في العراق كان مشروعا ممنهجا لتدمير العراق وحضارته، وتمزيق النسيج الإجتماعي العراقي من خلال القتل والدمار الذي لحق بمكونات الشعب العراقي، وخاصة تلك التي أدرجت الى مستوى جرائم الابادة الجماعية التي أرتكبت بحق المكون الإيزيدي في الثالث من اَب 2014 والتي اعتبرت من ابشع الجرائم التي عرفها تاريخ الانسانية الحديث. وبمناسبة مرور أربع سنوات على الإبادة الإيزيدية على يد تنظيم داعش نظمت في مختلف دول العالم العديد من التظاهرات والفعاليات والأنشطة لإستذكار ما حصل والوقوف على حجم المعاناة الإنسانية التي لحقت بالأيزيديين. وفي العاصمة بغداد عقدت منظمة يزدا صبيحة يوم الخميس 2-8-2018 مؤتمرها الثاني في قاعة كلكامش بفندق بابل لإحياء هذه الذكرى الأليمة، والذي حمل شعار “مستقبل الإيزيديين والأقليات الدينية الأخرى في العراق بعد أربع سنوات من الإبادة الجماعية، وأهمية دور المرأة في القيادة وتحقيق العدالة والمساءلة القانونية”، حضر المؤتمر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وممثل رئيس الوزراء والسيد عمار الحكيم وبعض السادة الوزراء والعديد من الشخصيات الرسمية والسياسية والدينية وممثلي الأقليات ومنظمات المجتمع المدني، وسفراء دول أمريكا وبريطانيا وأسبانيا وألمانيا وفرنسا واستراليا في بغداد، إلى جانب العديد من الشخصيات من المكون الايزيدي، بالاضافة الى مختلف القنوات الفضائية ووسائل الإعلام.

عرضت في المؤتمر فيديوهات وأفلام تعريف بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الإيزيديون في العراق، على أيدي تنظيم داعش الإرهابي. ثم افتتحت الناجية الإيزيدية فريدة عباس كلمة المؤتمر، والتي سلطت الضوء على ما تعرضت من تعذيب على أيدي عصابات داعش الإرهابية، وما لحق بذويها وبمدينتها (سنجار) من دمار وخراب، ثم توالت الكلمات من قبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والسيد عمار الحكيم رئيس تيار الحكمة وبطريارك الكنيسة الكلدانية في العراق لويس ساكو وتلك الكلمات التي ألقيت من قبل ممثلي الأقليات ومنظمات المجتمع المدني والمفوضية العليا لحقوق الانسان وسفراء الدول المشاركة في المؤتمر، وبعد انتهاء الكلمات عقدت جلستان حواريتان شارك فيها عدد من الشخصيات الاكاديمية والقانونية وممثلون عن الاقليات في العراق، وشخصيات من منظمات مدنية عراقية ودولية، كما شهد المؤتمر معرضا فوتوغرافيا ضم صورا لمفقودين وشهداء، ولوحات تعبر عن مدى الظلم والدمار الذي لحق بالإيزيديين، فضلا عن رسائل لذوي الضحايا تتضمن مطالب وأمنيات بتحقيق حياة حرة وكريمة في مدنهم، ووضع حد للانتهاكات التي يتعرضون لها، كما تضمن منهاج المؤتمر التطرق الى مستقبل المكون الإيزيدي في المنطقة ودور المرأة في تحقيق العدالة والمحاسبة والقيادة والتعايش السلمي، هذا وأجمعت الكلمات المشاركة في المؤتمر الى:

– اعتبار الفظائع التي ارتكبها داعش ضد الإيزيديين، هي جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.

– التضامن مع المكون الإيزيدي في المحنة والكارثة التي عانوا منها من المذابح والسبي والاختطافات والاخفاء القسري بالاضافة الى التشرد والنزوح وما يعانونه لحد الان.

– الإشادة الى شجاعة وصبر المرأة الإيزيدية التي ابتليت على أيدي مجرمي داعش والتي قاومت وعززت المعنويات في الحرب ضد وحوش الإرهاب، والدعوات على تعميق التفاهم والوحدة الوطنية ضد الإرهاب والتطرف والعنف ونعرات الكراهية والتكفير، وتعزيز التلاحم الوطني بين كافة العراقيين.

– الإشادة بتصويت مجلس الأمن الدولي، على اعتماد القرار رقم 2379 القاضي بمحاسبة عصابات داعش عن الجرائم التي ارتكبتها في العراق وخاصة تلك التي ترقى الى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

– التقصي عن مصير آلاف المفقودين الإيزيديين منذ اَب 2014 ودعم كل الجهود من اجل تحرير كافة الأسرى والسبايا الإيزيديات المختطفات اضافة الى التخفيف عن معاناتهم واعادة النازحين منهم بعد اكمال ملف الاعمار في مناطقهم الاصلية وتعويضهم مقدار الضرر المرتكب بحقهم.

– أهمية مواصلة الجهود لكشف وإدانة ومعاقبة كل من مجرمي داعش ومن ساندهم، ومن تعاون معهم دون إستثناء كي لا يفلت أي منهم من العدالة.

– تفعيل التسوية الوطنية، ووضع قواعد اساسية لتصدعات البنية المجتمعية العراقية.

– إنشاء نصب تذكاري يجسد الجريمة البشعة التي تعرض لها الإيزيديين.

ومن خلال مشاركتنا أعمال المؤتمر بفيلم عن إبادة الإيزيديين وكمراقب لمجمل فعاليات وأنشطة المؤتمر والى تلك المناقشات الفردية التي تخللت فقرات المؤتمر مع مختلف المستويات لابد لنا من تدوين انطباعاتنا بكل ما أوتينا من صدق صراحة كي نتمكن من قول الحقيقة دائما لأن الصدق والصراحة هما العمودان الأساسيان للبناء الإنساني في قضاياه:

أولا: تميز المؤتمر بحضور أصحاب السيادة والسماحة والمعالي والسعادة إضافة الى حضور الشخصيات الوطنية والأجنبية ومختلف وسائل الإعلام والقنوات الفضائية.

ثانيا: بالرغم من ان جميع المتحدثين أعلنوا تأييدهم وتضامنهم في كلماتهم مع معاناة الإيزيديين إلا انه سيبقى مصير مستقبل القضية الإيزيدية عالقا ومجهولا نظرا لفقدان الثقة والفجوة الكبيرة التي حصلت بين الشعب بكافة مكوناته وبين الساسة والمسؤولين الذين صرفوا النظر عن المعاناة الإنسانية الحقيقية التي يعيشونها نتيجة انشغالهم بمصالحهم المادية ومناصبهم وارتباطهم بمصالح أقاليم ودول متناسين هموم الشعب الذي ينزف دما وفقرا وجوعا وظلما، فلو طبقت نسبة ضئيلة جدا من ما دعوا اليها في خطاباتهم حول معاناة الإيزيديين لكان الإيزيديين الاَن بل وجميع مكونات الشعب العراقي في عز وخير وسلام.

ثالثا: من منطلق التمسك بالتفاؤل والأمل نقول دائما ان في الحركة بركة، لذا علينا الاستمرار في السعي وطرق جميع الأبواب المتاحة للمطالبة بالحقوق الإنسانية المشروعة، ولو حرك كل مؤتمر ونشاط دولي أو محلي قيد شعرة فهذا إنجاز لنا وللإنسانية نظرا للتحديات الكبيرة والمرحلة المعقدة التي نواجهها.

رابعا: بذلت منظمة يزدا ومعها أعضاء اللجنة التنظيمية وكل من تعاون معهم مجهودا كبيرا في إقامة المؤتمر وتأمين حضور شخصيات مهمة في العاصمة العراقية بغداد في ظل ظروف وتحديات أمنية صعبة، لكن في الوقت نفسه كنا نتمنى أن يكون التنظيم أكثر فعالا وبرنامج المؤتمر أكثر دقة وذلك من خلال التوزيع المحكم لفقرات البرنامج مع بعضها للحفاظ على توازن جدول أعمال المؤتمر وتجنب تعاقب كلمات المتحدثين العديدة خلف بعضها.

خامسا: من خلال حضورنا المؤتمر والمشاركة بفيلم عن إبادة الإيزيديين حرصنا على نقل واقع وحجم معاناة الإيزيديين داخل أروقة المؤتمر وخارجها مع مختلف الشخصيات ومنظمات المجتمع المدني وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) وتزويدهم بنسخة إضافية من الفيلم الخاص عن الإبادة، كما أكدت لنا السيدة أميرة خضير المستشارة السياسية لدى بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في رسالة بعثتها الينا بأنها ترى أهمية كبيرة لهذا الفيلم، لذا قامت بدورها بتوزيع الفيلم وتزويد نسخ منه الى الأمم المتحدة والإعلام والسفارات وبعض الزملاء المعنيين والى لجنة المصالحة الوطنية.

نتمنى من هذه المؤتمرات والفعاليات والأنشطة الدولية والمحلية وهذا الحراك الكبير الذي يبذل من على جميع الأصعدة من الخيرين من أبناء المجتمع الإيزيدي وكل من يقف ويتعاطف مع هذه القضية الإنسانية أن تكون مراَة صادقة لنقل حجم المعاناة الإنسانية التي أصاب الإيزيديين من جهة وجميع أطياف الشعب العراقي من جهة أخرى، لعل ضمائر المجتمع الدولي والمؤسسات الحكومية والرسمية سواء خارج أو داخل الوطن تتحرك، وإن لم تتحرك فعلينا أن نتكاتف نحن مع بعضنا البعض للتقليل من حجم المعاناة والأضرار وإنقاذ ما يمكنه إنقاذه.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٦‏ أشخاص‏، و‏‏أشخاص يقفون‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٩‏ أشخاص‏، و‏أشخاص يبتسمون‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏شخص أو أكثر‏ و‏منظر داخلي‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٤‏ أشخاص‏، و‏‏أشخاص يجلسون‏‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏يبتسم‏، و‏‏‏وقوف‏ و‏نص‏‏‏‏‏
RELATED ARTICLES

Most Popular