الجمعة, أبريل 26, 2024
Homeمقالاتالمسيح ؛ أنا لاأستطيعُ أن أفعلَ شيئاً من عندي ! : مير...

المسيح ؛ أنا لاأستطيعُ أن أفعلَ شيئاً من عندي ! : مير عقراوي

مير عقراوي / كاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية
مقدمة موجزة : كثير من الناس منذ القِدمِ حتى أيامنا هذه مولعون بتأليه قسم من البشر ، مع أنهم مثلهم بشرٌ تماماً ، مثل الأنبياء والصالحين والقادة والملوك ، أو تأليه بعض الظواهر الطبيعية كالشمس والقمر والنجوم وغيرها كما كان الحال السائد فيما مضى من غابرات الأيام ، أو قسم من الناس في بعض أصقاع العالم مازال يعبد بعضاً من الحيوانات ويتخذونها آلهة ويتقربون اليها بالركوع والسجود ، مع شرب بولها ، فسبحان الله تعالى عما يفعلون ! .
كما هو معلوم بداهة إن البشر وظواهر الطبيعة والحيوانات ، هي كلها أجناس وكائنات مخلوقة تحكمها عوامل الزمن في التغير والتبدل والتحول والنقص والضعف ، أو الفناء في نهاية المطاف كما البشر والحيوانات ، فهل هكذا أجناس في غاية النسبية والمحدودية وبالتالي يطويها الزمان طَيَّاً بإفنائها وإخراجها من هذا العالم وجعلها في خبر كان تستحق التأليه والعبادة حقاً وعقلاً ..؟
إن أهم وأعظم وأجلَّ ركيزة لدعوة جميع الأنبياء والرسل ، حيث الحجر الأساس لها ، هو توحيد الله في الألوهية والربوبية الخالصة من شوائب الشرك كلها معه سبحانه . وإن توحيد الله تبارك تعالى الذي بشَّر به الأنبياء أقوامهم وأناسيِّهم من آدم وحتى خاتمهم ، وهو محمد بن عبدالله – عليه وعليهم جميعاً الصلاة والسلام – كان : لاإله إلاّ الله وحده لاشريك له . يقول القرآن الكريم في هذا الصدد : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أنِ آعبدوا اللهَ وآجتنبوا الطاغوت } النحل / 36 ، والطاغوت هو كل ما يُعبد من دون الله سبحانه ، أخيراً إن عنوان مقالتنا هذه هو نص كلام عيسى المسيح كما وردت في مختلف الأناجيل ! .
الغُلُوُّ في المسيح : لقد تم الغلو في عيسى المسيح والتطرُّف في شخصه الى أقصى المراتب والدرجات ، وذلك الى حَدِّ التأليه وجعله إما إلهاً وربَّاً ، أو جعله تارة أخرى شريكاً لله سبحانه . يقول كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) عن المسيح : [ سُمِّيَ ربُّنا ، له المجد ، المسيح لأنه مفرز ومكرَّس للخدمة والفداء ] يُنظر كتاب ( قاموس الكتاب المقدس ) لمؤلفه نخبة من الأساتذة ومن اللاهوتيين ، هيئة التحرير : الدكتور بطرس عبدالملك ، الدكتور جون الكساندر طمسن والأستاذ إبراهيم مطر ، دار مكتبة العائلة : القاهرة / مصر ، طُبع بمطبعة الحرية : بيروت / لبنان ، 2000 ، ط 13 ، ص 860 ، ويقول الكتاب المذكور عن ( طبيعة الله ! ) : [ طبيعة الله : الله واحد وهو ثلاثة أقانيم متساوية في الجوهر ، الله الآب ، والله الإبن ، والله روح القدس ] يُنظر المصدر المذكور والمؤلفين وهيئة التحرير ودار المكتبة والمطبعة والطبعة والمكان والزمان ، ص 107 .
ويقولون أيضاً : [ المسيح الرّبُّ هو مخلِّصنا ، لأنه هو إيَّاهُ الإلهُ الإنسان ، في شخصه يصير الإله إنساناً ويصير الإنسان إلهاً ] يُنظر موقع :
www.othodoxonline.org
كذلك يقولون عن الأقانيم الثلاثة : [ الأقانيم الثلاثة هم : الأب والإبن والروح القدس ، فالأب هو الله من حيث الجوهر ، وهو الأصل من حيث الأقنوم ، والإبن هو الله من حيث الجوهر ، وهو المولود من حيث الأقنوم ، والروح القدس هو الله من حيث الجوهر ، وهو المنبثق من حيث الأقنوم ] يُنظر موقع :
www.st-takla.org
الأقنوم هو بمعنى الشخص ، أو الأصل كما يقولون ، وجمعه أقانيم وهي بمعنى الأشخاص أو الأصول إذن ، ما هو واضح كوضوح الشمس في رابعة المنهار إن ما قالوه وما عرَّفوه سواءً عن الله سبحانه الواحد الأحد لا شريك له ، أو عن المسيح والروح القدس هو شرك مباشر بالذات الإلهية عزوجلَّ ، حيث هو الله تعالى رَبُّ العالمين الذي لا شريك ، ولا مثيل ولا مثال ، ولا نِدَّ له والكلُّ هم عباد مخلوقون سواءً كان عيسى المسيح أو الروح القدس ، أو البشر وغيرهم من المخلوقات والكائنات جميعها التي لا تُعدُّ ولا تُحصى بشكل عام . من ناحية أخرى نرى اللامفهومية بكل جلاءٍ في تعريف الأقانيم الثلاثة والتخبُّط والإضطراب من كل جوانبها .
ثم الغريب هو إن ما قالوه يتناقض تماماً مع ما ورد وما قاله عيسى المسيح بنفسه عن نفسه في مختلف الأناجيل المسيحية ، إذ إن عيسى المسيح صرَّح وقال مراراً وتكراراً بأنه كإنسان مخلوق كسائر البشر ليس بمقدوره أن يفعل شيئاً على الإطلاق ما لم يأذن به الله ربه المتعال الذي هو على كل شيءٍ قدير بتعبيره هو بنفسه عنه سبحانه وتعالى . والمسيح في مواقع كما نشاهد في مواقع متعددة ، في مختلف كتب الأناجيل قال علانية للناس بأنه إنسان وآبن إنسان ، وإنه نبيٌّ ، وهو ، أي المسيح حتى خلال حمده وشكره لله ربه كان يقول : [ أحمدك يا أبت رَبَّ السماوات والأرض ] يُنظر كتاب ( الكتاب المقدس ) ، جمعيات الكتاب المقدس في المشرق ، بيروت / لبنان ، دار المشرق ، ش . م . م . بيروت / لبنان ، المكتبة الشرقية ، بيروت / لبنان ، ط 6 عام 1988 ، كتاب ( إنجيل متَّى ) ، ص 68
لقد ذكر عيسى المسيح بأنه لا يتمكَّنُ من فعل أيَّ شيءٍ إلاّ بإذن الله ربه سبحانه ، فقال : [ الحق الحق أقول لكم : لا يستطيع الإبن أن يفعل شيئاً من عنده ، بل لا يفعل إلاّ ما يرى الآبُ يفعله ] يُنظر كتاب ( الكتاب المقدس ) والجمعيات ودار النشر والمكتبة والمكان والزمان والطبعة ، كتاب ( إنجيل يوحنا ) ، ص 302 ، ويُكرر هذه العبارة ، فيقول المسيح : [ أنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً من عندي ، بل أحكم على ما أسمع وحكمي عادل ، لأني لا أتوخَّى مشيئتي ، بل مشيئة الذي أرسلني ] ، ينظر المصدر المذكور والجمعيات ودار النشر والمكتبة والمكان والزمان والطبعة والإنجيل ، ص 303
في نسخة وطبعة أخرى للإنجيل يقول المسيح نافياً عن نفسه القدرة في فعل أيَّ شيءٍ ما لم يؤيِّده الله ربه تعالى وياذن له ويعمل وفقاً لمشيئته وإرادته سبحانه : [ أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً ، كما أسمع أُدينُ ودينونتي عادلة ، لأني لا أطلب مشيئتي ، بل مشيئة الآب الذي أرسلني ] . يُنظر كتاب ( الكتاب المقدس ) ، وقد ترجم من اللغات الأصلية ، تصدرها دار الكتاب المقدس في العالم العربي ، كتاب ( إنجيل يوحنا ) ، ص 154

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular