السبت, مايو 18, 2024
Homeمقالاتمحاصرة الاعلام يفضح زيف الديمقراطية في العراق : اسعد علي

محاصرة الاعلام يفضح زيف الديمقراطية في العراق : اسعد علي

لم يكن غريباً، او بشيئ غير متوقع، ان يتذيل العراق قائمة الدول المعادية للحريات الصحفية، ليجد نفسه محشوراً مع دول فاشلة او دول غاية في الدكتاتورية، فقد احتل العراق رقم 162 من بين مجموع 180 دولة، حسب التقرير السنوي لمنظمة مراسلون بلا حدود.

 

وقد جاء هذا التصنيف بعد ان شهد العراق مجزرة بحق الاعلام، وبالذات منذ انطلاق المظاهرات التي عمت العراق ومناطق الوسط والجنوب، فقد اعتبر شهر اكتوبر، من اسوء الشهور على حرية الصحافة، اذ شهد اغتيال العشرات من الصحفيين والناشطين المدنيين، سواء على يد القوات الامنية او الجماعات المسلحة.

 

وقد تعرضت 17 وسيلة اعلامية وقنوات فضائية، الى الاغلاق او هجمات مسلحة، كما طالت الاعتداءات والتهديدات اكثر من 89 صحفياً، اضافة الى اعتقال 8  صحفيين بدون أمر قضائي واختطاف العشرات منهم، ومازال مصير بعضهم مجهولاً لحد كتابة هذه السطور، واضافت السلطات لطخة اخرى لسجلها الاسود في انتهاك حرية الرأي والتعبير وخرق فاضح لحقوق الانسان، عندما قطعت خدمة الانترنيت بشكل جزئي احياناً وقطع كلي في احيان اخرى، ولولا الضغط الشعبي والدولي لاستمر ذلك القطع لفترة طويلة.

 

ولم يسبق لأي حكومة تشكلت بعد سقوط النظام السابق، منذ عم 2003، ان قامت بحملة منسقة، ضد وسائل الاعلام بهذا الشكل الممنهج، كما فعلت حكومة عادل عبد المهدي، فمع بدأ الدعوة للمظاهرات، اصدرت الحكومة أمراً بمنع وسائل الاعلام من تغطية تلك المظاهرات بذرائع وحجج غير مقنعة، اما وسائل الاعلام التي اصرت على تغطية المظاهرات ونقل الحقيقة الى الرأي العام، بأعتبار ذلك حق ضمنه الدستور، فقد تعرضت للحرق او الاغلاق او الى هجمات مسلحة والاعتداء بالضرب والاهانة على العاملين فيها.

 

وقبل ذلك كانت الحكومة قد دعت بشكل رسمي من هيئة الاعلام والاتصالات العراقية، بأتخاذ اجراءات صارمة وحازمة ضد وسائل الاعلام سواء المحلية منها او الاجنبية، التي تنقل اخبار التظاهرات التي شهدتها بغداد والمحافظات الجنوبية.

وتلقى 33 صحفياً تهديدات بالتصفية الجسدية مع عوائلهم، والاوقح من ذلك ان هذه التهديدات، لم تأتي من اشخاص مجهولي الهوية او ارقام تلفونات غير معروفة، بل من زعماء جماعات مسلحة، لاتخشى بل انها تتبجح بأن تعلن عن مسوؤليتها عن هذه التهديدات وخطف بعض

الصحفيين، من على شاشات الفضائيات، دون حساب او عقاب، بل ان حكومة عبد المهدي تواطئت مع هذه المجموعات المسلحة وغطت على افعالها.

 

وكان عبد المهدي قد اصدر تعليمات وتوجيهات لوزارة الصحة، بالامتناع عن التعامل مع وسائل الاعلام، وعدم تزويدها بالمعلومات الخاصة بعدد القتلى والجرحى من المتظاهرين، بعد ان كانت الوزارة تزود وسائل الاعلام بذلك، وفي نفس الوقت صدرت تعليمات للاجهزة الامنية بأخفاء الحقائق التي تخص عدد شهداء التظاهرات والجرحى والتستر على عمليات الخطف والقتل التي طالت الصحفيين والناشطين المدنيين.

 

وبعد ان عجزت كل تلك الاساليب القمعية عن خنق ارادة الاحرار، وذلك بفعل شجاعة بعض الصحفيين والمدونين وتحديهم لاوامر السلطات ووقوفهم ضد ارهاب وتهديدات المجموعات المسلحة، لم تجد السلطات بداً من محاولة مواجهة الاعلام الحر، وذلك بتعيين ناطق اعلامي بأسم الحكومة، ولم يجد ذلك الناطق أمامه سوى تقديم التبريرات للاجراءات القمعية، عبر اكاذيب مفضوحة، تفوق فيها على الصحاف وزير اعلام النظام السابق، فأصبح اضحكومة تندر بها المدونون على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

وليس غريباً ان يصل حال العراق الى هذه الدرجة المزرية، لان القائمين على الحكم فيه لازلوا بعقولهم الفارغة والمتحجرة، يضنون ان السلطة والقوة والمال قادرة على قتل الكلمة الحرة، والاغرب من ذلك ان معظمهم عاشوا في بلدان انطلقت منها الثورة العلمية والتكنلوجية الحديثة، والتي بفضلها اصبح من المستحيل خنق الكلمة الحرة ومنع وصولها الى الرأي العام المحلي والدولي.

*رئيس لجنة العلاقات في مركز ميترو

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular