الخميس, أكتوبر 10, 2024
Homeمقالاتقراءة في رواية ( البئر الملوثة / مذكرات رئيس ) للكاتب حسين...

قراءة في رواية ( البئر الملوثة / مذكرات رئيس ) للكاتب حسين فاعور : جمعة عبدالله

 
قبل الدخول في تفاصيل النص الروائي والحدث السردي وتقنياته . بأن الكاتب أعتمد على الاسلوب القديم الكلاسيكي في عالم السرد  , في تعاطي مع السرد في مواصفاته  وطريقة عرض الاحداث وابراز تفاصيلها . وكذلك في تقنيات السارد بضمير المتكلم , الذي ادار المتن الروائي حسب ماجاء في المذكرات الرئيس  , بطريقة العرض الخطابية والتقريرية السردية الحكائية , في كشف ورصد الاحداث . وطريقة تقديم الشخوص المحورية , في الرصد اليومي , وهو يتحدث عن الحياة اليومية ونشاطها في القرية , التي تعتمد في مورودها اليومي ومصدر حياتها وعيشها ومصيرها  هو ( البئر ). طريقة البناء الفني للنص الروائي تعتمد على صيغة السارد الحاكي في عرض سيرة الحياة  الذاتية للرئيس ,  المرتبطة بموقعه في القرية  ( رئيس مجلس  القرية ) وتعمد الكاتب في عدم وضع اداة التعريف ( رئيس / الرئيس ) حتى لا يكون التشخيص بشخص معلوم ومحدد بعينه , وانما جعلها كلمة ( رئيس ) تخص كل رئيس في بلداننا العربية , من رئيس قرية الى رئيس الجمهورية . في ابراز الاحداث وكشفها , سواء كانت للقرية أو رئاسة الجمهورية . في كشف الاحداث الجارية والبارزة في الشأن الاجتماعي أو السياسي في الادارة واسلوب التعامل في الشأن الحياتي . والكاتب برع في مسك خيوط المتن الروائي من خلال شخصية السارد بضمير المتكلم . من عرض  الاحداث الحساسة تتعلق بحياة القرية وتفاعلها مع الاحداث اليومية الجارية في التفاصيل الدقيقة , المتمثلة في قضية ( البئر ) الذي يشكل عصب  الحياة للقرية , ومصدر عيشها ورزقها اليومي , فهو مصدر ثرواتها في تفاصيلها اليومية . والحدث السردي يطرح مسألة في غاية الاهمية والحيوية في دلالاتها البليغة . وهي ايضاً مسألة الوطن , وكيف يتم التصرف به . وكيف يتم بيعه الى الاجنبي . واستغلال ثرواته وخيراته لصالح الاجنبي ,  ويحرم اهل الوطن والارض من هذه الثروات . وهي تدخل في الصميم في كيفية استغلال المنصب والكرسي , والحفاظ على صولجان السلطة , تجعل المسؤول عن السلطة والادارة , ان ينزع ثيابه ويكشف حتى عن عورته ويدوس على شرفه وضميره ,  من اجل استرضى الاجنبي لضمان بقاءه في  المنصب والكرسي . وان تكون  للاجنبي  اليد الطويلة في مقدرات الوطن ومستقبله ومصيره , والنموذج الصغير هو القرية وبئر الماء . وهي حالة عامة في البلدان العربية في بيع اوطانها بسعر زهيد لكل من يضمن بقاء المنصب والكرسي لهم , ويعتبر الاجنبي المالك الوحيد والشرعي . فمن الطبيعي ان تذهب الثروات البلاد ,  سواء كانت بئر ماء أو بئر بترول , نفس القياس والمعايير . في الاستغلال والاستحواذ . لذلك نجد السيمائية الدالة للبئر في القرية ورمزيته تشمل الواقع الفعلي لكل حاكم عربي . فالبئر هو يمثل رمزية الوطن الدالة . لذلك الكاتب يدخلنا في تفاصيل الاحتدام بين اهالي القرية , بين من  يرفض البيع , وبين من يدعم بيع البئر الى الشركة ألاجنبية . ويعرض حالات الزيف والتحريف والتلاعب بالعقول  بالنفاق والدجل , بأن هؤلاء من يمسكون صولجان السلطة  , هم اولياء الله على الارض والبشر .  في قلب المعايير الى صيغ جديدة تخدمهم في البقاء في سدة الحكم , حتى في استخدام اتعس المعايير الهابطة والرديئة , بشكل داعري  فضاض في قيمه الهابطة  والساقطة , وبالاعتماد على الاقلام المأجورة التي تقيم صلاة المجد لكل من يدفع لها مالاً ( صار الكذاب هو الصادق , والخائن هو الامين . والقاتل هو البريء , صار الكذاب يدعو الناس الكف عن الكذب , والقاتل ينادي بوقف القتل , والسمسار يقود الامة , والسارق يعين أميناً على الاموال العامة ) ص25 . بهذا الشكل يرسم مواصفات الحاكم والمسؤول , بأعطائهم صفات اولياء الله على الارض وامراء البلاد هم رجال صالحين . حتى لو مارسوا الدعارة والقوادة من اجل المنصب والنفوذ  , مثلما كشف رئيس القرية في مذكراته  , بأنه اصبح قواداً للبغي والدعارة  في تقديم خدماته لكل من يساهم في تدعيم الكرسي . وما على الناس سوى الاطاعة وهي من امور الدين وشريعة الله . وهم شراذم وحثالات عفنة , وكل واحد منهم يمثل الشيطان بحد ذاته , في استخدام النفاق الديني لضحك على الاغبياء والجهلة . هذه سخرية واقعنا العربي الفعلي . فهؤلاء الحكام هم مصاصي الدماء لشعوبهم , ولكن المضحك / المبكي يتسترون بجبة الدين , لترويج بضاعتهم الفاسدة . مثل التريج بأن ماء البئر ملوثة تجلب الامراض والاوبئة  . وبيعها الى الشركة الاجنبية , هو  يصب لصالح ومنفعة اهالي القرية , وسوف يجلب لهم منافع كثيرة , حيث تزدهر الزراعة ويكثر الحصاد والحقول , وتكثر البساتين العامرة بالفواكه والخضروات . وتشرب القرية الماء النقي الصالح للشرب , وتعيش القرية في بحبوحة العيش والازدهار , في بيع البئر للشركة الضامنة  , مثل بيع آبار النفط الى الشركات الاجنبية . ويأخذنا المتن  السردي الروائي في درامية البيع  للبئر , بين فريقين معارضين ولكل منهما مبرراته وحججه وذرائعه التي يستند عليها في المحاججة . ويعرج الى مسألة الانتخابات وكيف تدور في الاروقة السرية في شراء الاصوات والذمم ,  والتلاعب والاحتيال والزيف , بمعنى تتحول الى انتخابات شكلية وصورية   . طريقة الترويج الانتخابي . والاعتماد  على الدين والقبيلة والعشيرة والملة في انتخاب أبنهم البار , لكي يكون في خدمتهم , وبالشعارات المزورة والمخادعة . لكي يكون حال  الناخبين مثل حال  قطيع الخرفان يسيرون خلفهم بالطاعة العمياء  ( أما انتم فيخدعونكم ببعض الشعارات التي تدغدع غرائزكم , فتسيرون خلفهم كالقطيع , يلهونكم ويخدعونكم بانهم يخوضون معارك بطولية من اجلكم , بينما هم في الحقيقة يخدمون السلطة ويسترون عورتها ) ص105 . وبالتالي حسمت مسألة بيع البئر لصالح الشركة الاجنبية . واصبحت المالك الشرعي . فأنقطعت مجانية الماء , وانما اصبح الماء لمن يدفع . وكانت النتيجة المأساوية في التنازل عن البئر والتفريط به ( بعد خسارتنا للبئر جفت البساتين والحقول التي كانت  تزود القرية بكل ما تحتاجه من الفواكه والخضراوات  …….. الماء والتراب هما اصل الحياة , وعندما فقدنا البئر , فقدنا الكثير من مقومات وخصائص حياتنا التي تحولت الى جحيم ) ص126. فأهملت البساتين والحقول وتوقفت الزراعة , وانتشرت البطالة . واصبحت الحياة اكثر معاناة وارهاقاً .
هذه المنصات التي كشفها الحدث السردي من خلال ماجاء في ( مذكرات رئيس ) . وهي تكشف كيف يلعب الابناء المحليين في بيع الوطن  لصالح الاجنبي
 × الرواية : البئر الملوثة / مذكرات رئيس
× المؤلف : حسين فاعور
× عدد الصفحات : 134 صفحة
× تاريخ الاصدار : عام 2018
 جمعة عبدالله
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular