الجمعة, مايو 10, 2024
Homeاخبار عامة4  رئاسات أم دكاكين للتسويق؟.. ما لغز تعدد مراسم استقبال الوفود في العراق؟

4  رئاسات أم دكاكين للتسويق؟.. ما لغز تعدد مراسم استقبال الوفود في العراق؟

 

 

اختلف العراق عن بقية الدول في مراسم استقبال الوفود، فيتم استقبال الزائر بـ 3 مراسم مختلفة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، ويتكرر المشهد في إقليم كردستان، وأصبح -حسب مراقبين- كأنه 4 دول في دولةٍ واحدة، مما أضعف من مكانته بين دول العالم.

وعادةً تتولى جهة حكومية مختصة بالشؤون الخاصة بالبروتوكولات وتنظيم برامج استقبال الوفود أو المبعوثين الرسميين الاجانب، وتكون هذه الجهة تابعة لرئاسة الدولة أو وزارة الخارجية.

 

نقطة سلبية

ويُسجل على العراق سلباً أنه لا يمتلك حتى أي مراسم استقبال موحدة تمثّل الدولة العراقية لاستقبال المسؤولين الأجانب.

 

وبات الانقسام واضحاً في مراسم استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار العاصمة بغداد يوم 2 أغسطس/آب، وكيف تم استقباله بـ 3 مراسم استقبال مختلفة من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، فضلا عن لقاء رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان البارزاني كأن الرئيس الفرنسي زار 4 دول في دولة واحدة.

 

وما هو متعارف عليه أن الهدف من الزيارات السياسية أو الرسمية للمسؤولين السياسيين أو الحكوميين لبلد معين لبلد آخر هو توطيد العلاقات فيما بينهما في مجال معين أو في شتى المجالات، أو لغرض توجيه رسالة معينة من دولة معينة عن طريق مبعوث أو مسؤول حكومي لدولة أخرى لدعمها ومساندتها في القيام بفعل معين أو الامتناع عن القيام بفعل ما في مجال معين.

 

وتكون هذه الزيارات وفقا للمراسم والتشريفات الدبلوماسية في إطار قواعد المجاملة واللياقة وفقا لبروتوكول معين، والبروتوكول بالمصطلح التقليدي معناه القاعدة التي يستقر العمل عليها في المناسبات المعينة وتحفظ فيها الإتكيت أي الأسلوب والذوق في مراعاة شعور المسؤول أو المبعوث الزائر بهدف تحقيق الانسجام في العلاقات التي تعبر أداةً لتسيير المعاملات، لأن العلاقات وسيلة إلى غاية تعقبها، فإذا تعثرت الوسيلة تعذّر تحقيق الغاية.

 

فقدان المكانة

ونشأت هذه الظاهرة السلبية بالعراق في وقتٍ عجزت الرئاسات الثلاث في الاتفاق على مراسم عامة خاصة بالدولة لاستقبال أي وفد أو مسؤول زائر، مما أدى -حسب مراقبين- الى فقدان العراق مكانته المعنوية والمادية نتيجة لابتعاده عن الأعراف الدولية والدبلوماسية.

 

ودفعت المحاصصة السياسية والتغيير الذي طرأ في العراق بعد عام 2003 لانقسام المشهد في البلاد، إضافةً إلى الدستور الذي كتب على أساس تقاسم الكعكة، وجعل من البروتوكول المتعارف عليه منقسماً من خلال استقبال أي مسؤول أجنبي بـ 3 مراسم استقبال مختلفة.

 

وحوّلت هذه الظاهرة العراق -حسب وصف المحلل السياسي أحمد السراجي- إلى ما يشبه “الدكاكين” ومحاولة كل فئة التسويق لنفسها بأنها ممثلة لطائفتها وقوميتها، عازياً السبب الى غياب المشروع العراقي لدى كل المكونات العراقية.

 

وأكد أن السياسة عجزت عن إيجاد مشروع يثبت للعالم أن العراق دولة وليست دويلات متعددة، وأن غياب الحس الوطني في البلاد دليل ضعفها وليس قوتها.

 

ويرى السراجي أن ما حصل في العراق بعد عام 2003 سببه أن التغيير جاء من الخارج، ولم تكن هناك ثورة داخلية للتغيير وإسقاط النظام، وهذا ما سهّل المجيء بمشاريع متعددة من خلف الحدود، وبالتالي يكون الانقسام طبيعيا وواردا دون أي شكّ.

 

ساعي بريد

ويغيب المشروع الوطني بالنسبة لأي طرف جعل نفسه مجرد “ساعي بريد” للدولة التي أتت به، لأن ولاءه سيكون للدولة التي أتت به وليس للعراق -حسب السراجي- محذراً في حديثه للجزيرة نت من خطورة هذه الظاهرة التي ستمتد إلى العشيرة والبيت الواحد.

 

وحذر السراجي الشعب من خطورة ما تقوم به الطبقة السياسية الحاكمة التي تعمل لمنفعة أحزابها وكتلها بعيداً عن المشروع الوطني، مضيفاً أن ما يجمع المكونات هو المال والنفط فقط، وبمجرد انقطاع هذا الرابط سيتفكك المجتمع برمته، منوهاً إلى ضرورة أن يكون هناك تدخّل قطعي وحتمي ومصيري للعقلاء لمنع سير البلد نحو الهاوية.

 

وتوحي الصورة التي رُسمت في استقبال الرئيس الفرنسي ومن سبقه كأن العراق متجه للتقسيم بأقاليمه الثلاثة الكردي والسني والشيعي من خلال طريقة الاستقبال الثلاثية، مع علامات استفهام حول تفسير ما جرى هل هو استعراض للعضلات وموازين القوى أم ضعف في الشخصية السياسية أم هو الإهمال وعدم معرفة البروتوكولات الرسمية.

 

ويشير أستاذ الإعلام والأكاديمي العراقي د. علاء نجاح لمدى الاستهانة بالتعيينات الرسمية في هذا الجانب، واقتصارها على الأقارب وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

 

ويعود سبب هذه الفوضى في مراسم استقبال الضيوف -حسب نجاح- إلى عدم وجود قيادة وحكومة مركزية قوية تؤدي دور المحور الرئيس الذي تدور في فلكه باقي القوى السياسية، معرباً عن أسفه لأن النظام السياسي البرلماني المتعدد يجعل الكل في مركب واحد والكل يغطي على أخطاء الكل مع غياب معارضة سياسية قوية تكون ناقدة لما يحدث وتؤشر للهفوات والأخطاء التي تحدث.

 

ويرى الأكاديمي العراقي أن الموضوع مسألة صراعات للكتل السياسية الحاكمة التي تقف خلف الرئاسات الثلاث، ومحاولة البروز على الساحة وحصد المكاسب الشخصية على حساب مصلحة وصورة العراق.

 

مراسم الإقليم

وفي إقليم كردستان، لا يختلف الأمر أبداً عن بغداد، فأي مسؤول زائر يجب أن يقوم بزيارة رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني بصفته الرئيس السابق للإقليم، ورئيس الإقليم الحالي، ورئيس الحكومة كلا على حدة، وأحيانا اللقاء برئيس البرلمان.

 

وتشترك عدة أحزاب ذات توجهات سياسية مختلفة ومتناقضة في التشكيل السياسي في الحكومة سواء بالعراق أو كردستان، وهذه الأحزاب لها وجهات نظر مختلفة لأنها هي الأخرى مكونة من عدد من المسؤولين الذين يختلفون في الآراء والتطلعات.

 

وتتوزع المناصب الرفيعة في حكومة إقليم كردستان بين الأحزاب المشاركة فيها، كلٌ حسب قوته وحصته ونسبته التي حصل عليها في آخر انتخابات برلمانية.

 

وللحزب الديمقراطي الكردستاني الحصة الأكبر من هذه المناصب، ويليه الاتحاد الوطني الكردستاني ومن ثم حركة التغيير فالأحزاب الأخرى المشاركة، حسب المحلل السياسي الكردي كوران قادر.

 

وعزا قادر اختلاف الرؤى السياسية في المجالات الحكومية والسياسية بالإقليم -تجاه الدول المجاورة والدول الأخرى- إلى غياب وجود إجماع تام في الرؤية السياسية للأحزاب المشاركة في الحكومة.

 

وعن انعكاسات المحاصصة السياسية الموجودة في الإقليم، يُسجل المحلل الكردي ملاحظتين أو حالتين حول هذا الأمر، الأولى أن الوفد أو المبعوث الزائر يراعي هذه الخاصية أو هذه الحالة، وبالتالي يقوم بزيارة الأفراد الذين يشغلون المناصب العليا وينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة حفاظاً على المصالح.

 

أما الثانية فيستقبل المسؤولون المبعوث أو الوفد الزائر في مراسم مختلفة كلا على حدة بهدف إظهار قوتهم وقوة أحزابهم، ويمكن اعتبار هذه الحالة دليلا على اختلاف الرؤى السياسية الموجودة لدى الأحزاب السياسية واختلاف مصالحها.

صلاح حسن بابان

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular