السبت, مايو 18, 2024
Homeمقالاتثورة أكتوبر الاشتراكية وحركة التحرر الوطني في العراق : سهيل الزهاوي

ثورة أكتوبر الاشتراكية وحركة التحرر الوطني في العراق : سهيل الزهاوي

لا يمكن إنكار أن ثورة أكتوبر الروسية واحدة من أهم أحداث التاريخ الإنساني ، وأن حكم البلاشفة ظاهرة ذات أهمية عالمية ، وخاصة بالنسبة إلى جميع شعوب الشرق والحركة التحررية لهذه الشعوب بصورة عامة وحركة التحرر العراقية بصورة خاصة . إلا أن ظلت روسيا السوفياتية معزولة عن العالم على اثر فشل الموجة الثورية التي اجتاحت أوروبا وقدرته على كسر قبضة الرأسماليين على المجتمع آنذاك، الثورة الألمانية على سبيل المثال. وهكذا كان لهذه العزلة تأثير على مسار اللاحق للأحداث في الاتحاد السوفيتي السابق . فعلى الرغم من انهيار الاتحاد السوفياتي في عام( 1991)، الذي تم تدميره نتيجة سيطرة البيروقراطية على زمام الأمور بعد وفاة لينين، فلم يكن لأي حدث آخر، خلال القرن المنصرم، تداعيات مماثلة بعيدة المدى مست حياة مئات ملايين البشر وحفز الوعي السياسي في سائر أرجاء العالم . إلا أن آثار هذه الثورة مازالت قائمة، ومازالت تشكل تهديدات فعلية وواقعية لخصومها, ومازال الخوف من عودة الشيوعية قائما في كل أنحاء العالم الرأسمالي.
لا ريب أن أفكار ثورة أكتوبر الاشتراكية ونداءات قائدها لينين قـد نبهت شـعوب الشـرق إلى مـا كان يخطـط لها الاستعمار الغربي بالتعاون مع قيصر روسيا ودعتهـا إلى النهوض للتخلـص مـن كل ألـوان الاضطهاد و الاستغلال الطبقي ودلتها على سبيل الخلاص ، وكانت بداية تغيير ميزان القوى على الساحة الدولية قرابة سبعة عقود من الزمن.لعبت دوراً هاماً في التأثير المباشر على نضال الشعوب من أجل التحرر والانعتاق.ودشنت بداية نهاية نظام الحكم الاستعماري القديم الذي أقامته الإمبريالية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، ودعا الى حق الأمم المضطهَدة في تقرير مصيرها و تشكيل دولته المستقل.
لينين و حق الأمم في تقرير مصيرها

انكب لينين قبل ثورة أكتوبر وبالتحديد بعد ثورة 1905 على دراسة حركات التحررالوطني في الشرق. بعد أن صاغ لينين أفكاره مسترشدا بالنظرية الماركسية وفق ظروف الامبريالية العالمية. قدم مفهوما محدداً للثورة الاشتراكية يقوم على وجود ارتباط بين نضال الطبقة العاملة المطالبة بحقوقها في البلدان الرأسمالية وحركة التحرر الوطني في المستعمرات والبلدان التابعة التواقة الى الاستقلال.
توصل لينين بعد أن درس الحركات الثورية المعادية للامبريالية في عدد من البلدان الآسيوية إلى استنتاج في مقال له (( استيقاظ آسيا)) إلى ((أن الرأسمالية العالمية وحركة 1905 في روسيا قد أيقظت آسيا نهائيا. أن مئات من الملايين من المسحوقين المقهورين في غياهب ظلمات قد استيقظوا من سبات القرون الوسطى للتأهب لحياة الجديدة وكقاعدة عامة فإن النشاطات البروليتارية واسعة النطاق ضد الاستعمار في البلدان مثل الهند وبورما وإندونيسيا وسيلان والعراق ومصر، جذبت الشرائح الدنيا شبه البروليتاريا

 

وفضلا عن المثقفين وجماهير الفلاحين و شملت البلاد بأسرها ))(1) .
كما أعار لينين اهتمأماُ خاصاُ بالقوميات قبل ثورة اكتوبر بشكل رئيسي الى المسألة القومية في علاقتها بحركة المستعمرات الصاعدة من أجل الاستقلال والموقف من البرجوازية القومية في هذه البلدان .
لقد أشار لينين بهذا الصدد ((بقدر ما نكافح برجوازية الامة المضطَهدة ضد المضطِهدة، بقدر ذلك والى هذا الحد، وفي كل حالة ،وبحزم أشد من حزم الاخرين كلهم، نقف الى جانبها، لاننا اكثر اعداء الاضطهاد صلابة وانسجاماً،إن القومية البرجوازية في كل قومية مضطَهد محتوى ديمقراطي عاماً موجهاً ضد الاضطهاد واننا ندعم هذا المحتوى دعماُ مطلقاً، مميزين إياه عن اتجاه البعض نحو الاستعباد لكل من هو خارج قوميتهم .)(2) بيد أن لينين أعلن بصراحة تامة ، تكراراً، إن الاشتراكيين الديمقراطيين في البلدان الكبيرة ملزمون بواجب القتال ضد كل شكل من أشكال الاضطهاد القومي وبدعم كل قومية في تقرير مصيرها . أكد لينين على المبدأ الذي ظل ماركس دائماً اميناً له (( إن شعبا يضطهد شعوباً اخرى لا يمكن أن يكون حراً ))(3)
لقد صاغ لينين فكره حول حركة التحرر الوطني متوخياً تشخيص أوضاع العالم آنذاك، قبيل الحرب العالمية وإبّانها.
فغدت المسألة القومية ومسألة المستعمرات قضية حيوية في فكر لينين وتمثل تعميقاً للماركسية،بما انه كان يعتقد على ( خطى ماركس) حول المسألة القومية والانتماء القومي القائلة بضرورة الجمع بين نضال الطبقة العاملة العالمية ونضال الشعوب المضطهَدة في المستعمرات والبلدان التابعة في تلك المرحلة .
كان لينين على قناعة (( أن الاشتراكيين لا يمكن بلوغ هدفهم الكبير ، دون النضال ضد كل اضطهاد للأمم و لذلك ينبغي عليهم أن يطالبوا من كل بد أن تعترف الأحزاب الاشتراكية – الديمقراطية في البلدان المضطهِدة ولا سيما منها المسماة بالدول الكبرى بحق الأمم المضطهَدة في تقرير مصيرها وتدافع عن هذا الحق بمعنى الكلمة السياسي بالضبط أي حق في الانفصال السياسي وكل اشتراكي في أمة استعمارية او تملك مستعمرات لا يدافع عن هذا الحق ، هو شوفيني .)) (4)
لقد كان موقف لينين والبلاشفة يقضى بدعم مبدأ حق تقرير المصير دعماً لا تحفظ فيه .. و تحقيق المساواة بين سائر القوميات في كافة البلدان . (( فإن حرية تقرير المصير تفترض الانفصال من الدولة المتسلطة المضطهدة )).(5)كما حدد موقفه من الاتحاد الفيدرالي بين الدول بعد انفصالها،إن اتحاد الدول فيما بينها يجب أن يتم طوعيا،((على أساس ديمقراطي وأممي حقيقي،ولا يمكن التفكير بذلك دون حرية الانفصال))(6)
كتب لينين عام 1916 كتابه « الإمبريالية: أعلى مراحل الرأسمالية »في سياق الحرب العالمية وهو تحليل ملموس لمكوناتها ‏السياسية والاقتصادية والإيديولوجية والمجتمعية. واستخلاص نقاط هامة في مؤلفه هذا تفيد ( أن الصراع بين الدول الإمبريالية من أجل استيلاء على البلدان العربية كان أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الأولى . ولم يفكر أي طرف من الأطراف المتحاربة من أجل تحرير هذه البلدان) .
بهذا الشأن كتب لينين((ان الماركسية تعطي تحليلاً وتقول اذا كان “جوهر “الحرب “الفعلي” يتلخص مثلاً،
في الاطاحة بالنير الأجنبي ( وهو أمر نموذجي وبالأخص بالنسبة إلى أوروبا في السنوات ( 1789- 1871 ) فإن الحرب تقدمية من جانب الدولة المظلومة او الأمة المظلومة اذا كان “جوهر”الحرب” الفعلي” يتلخص

 

 

في اعادة تقاسم المستعمرات في تقاسم الغنائم في نهب اراضى الغير( وهكذا هي حرب 1914 -1916 ) بأن الأقاويل بصدد الدفاع عن الوطن هي في هذه الحالة ” خداع للشعب” .)) (7)
((وإذا كان سياسة وطنية تحررية أي إذا كانت تعرب عن حركة جماهيرية ضد النير القومي،فإن الحرب التي تنجم عن السياسة كهذه هي حرب وطنية تحررية. ))(8) وما يتعلق الحرب بين الدول الامبريالية أو مجموعات من الدول الامبريالية أكد لينين (( لا يكتفي الفريقان المتحاربان باضطهاد ” الشعوب الاجنبية ” بل يشنان الحرب بينهما من منهما سيضطهد عدد أكبر من الشعوب الأجنبية ! )) (9)
لعل أهم المرتكزات في أطروحة لينين تلك التى كشفت عن الوجه الحقيقي للرأسمالية في ظل تراكم رأس المال التى تؤدي إلى حتمية الحرب وهي سمة جوهرية للمرحلة الإمبريالية وجزء من طبيعتها، وأن النزوع نحو الحروب متأصل في النظام الإمبريالي.
كما استنتج لينين في -دفاتر حول الامبريالية -(جميع الحقائق عن محاولات بريطانيا وألمانيا وفرنسا للاستيلاء على البلدان العربية. واعتبر لينين الامتياز الالماني لمد سكك حديد بغداد في عامي (1902-1903)< شكلاً من أشكال الاستعمار> (10) . ووضع الاتفاقية الأنجلو ألمانية حول تقسيم العراق الى مناطق نفوذ في عام 1913 في ضمن قائمة الغزوات و الحروب الاستعمارية )) (11)
حدد لينين مفهوم الإلحاق (( يفترض عادة 1- مفهوم العنف ( الضم بالعنف ) 2 – مفهوم الاضطهاد القومي الأجنبي (( ضم منطقة <اجنبية>.. الخ) و- احياناً – 3- خرق الوضع الراهن)) (12)
لقد وقف لينين ضد الاتجاهات التى تقول :
ان حرب التحرير مستحيلة في ظل الامبريالية، لقد بين لينين أن الاضطهاد القومي الاستعماري سيولد حتما حالة من السخط والعداء بين الشعوب المستعبَدة في المستعمرات والبلدان التابعة من جهة والدول الاستعمارية و يستنهض الشعوب المضطهَدة إلى النضال ضد مستغلِيها. وعلى هذا تحقق مواقف لينين بهذا الشأن حيث دلت الوقائع التاريخية الملموسة من النضال التحرري التي خاضتها الشعوب أثناء الحرب وما بعده ضد الامبريالية و إن حالة العراق واندلاع ثورة العشرين دليل قوي على ذات الموقف.

تأثير ثورة ( 1907- 1905) الروسية

وكان العراق قبيل الحرب العالمية الأولى خاضعاً لسلطة الإمبراطورية العثمانية طيلة أربعة قرون منذ بداية
القرن السادس عشر حتى اندلاع الحرب الذي بدأ من 28 يوليو 1914 وانتهت في 11 نوفمبر 1918. و بسبب ذلك فقد سادت التأخر والفساد في العراق وكان لذلك نتائج خطيرة على مستقبله ايظاً.
لقد عرف تاريخ الحكم الاستبدادي التركي للعراق بتاريخ المظالم والإهمال والتخلف ، تاريخ جباية الأرض

 

 

وريع الأراضي والتجنيد الإجباري والحملات العسكرية،وانتهاك العادات والتقاليد وحقوق الإنسان واضطهاد القوميات .
وإزاء هذه السياسة التعسفية ظهرت “حركات متواصلة عربية – كردية” في فترات متباينة من تاريخ ذلك الحكم ضد الاضطهاد والاستغلال التركي وفي سبيل الظفر بالحقوق القومية، وكانت معظم هذه الحركات ذات طابع عفوي غير منظم. (13)
تبنى لينين فكرة ماركس عشية الثورة الروسية الأولى عام 1905 في مؤلفه خطتا الاشتراكية الديمقراطية الذي شرح فيه الترابط بين مرحلتي الثورة الديمقراطية البرجوازية والاشتراكية “كحلقة سلسلة واحدة و كلوحة عامة لمدى الثورة الروسية”.
وتعد الثورة الروسية (1905-1907) أول ثورة برجوازية ديمقراطية تميزت بمشاركة جماهيرية واسعة شملت كل شرائح المجتمع الروسي من فلاحين وعمال وجنود وطلبة ومثقفون إلى جانب الطبقة البرجوازية بهدف اقامة نظام اجتماعي جديد يحقق لها الديمقراطية والحياة الكريمة .
إن نضال الشعب الروسي ضد القيصرية البغيضة كان موضوع اهتمام الشرق منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين . وقد كان لثورة 1905 الروسية من الوقع في جميع أنحاء الشرق . فقد تصاعدت بتأثيرها كفاح الشعوب من اجل نيل حريتها في الشرق ونشطت الجمعيات الثورية التي كانت تعمل على خلع السلطان عبد الحميد وتشجيع الشعوب المضطهدة في الصين وإيران وفي غيرها من بلدان الشرق في كفاحهم ضد الاستبداد والاستعمار . حيث كان لأحداث روسيا تأثير قوي على العملية الثورية في الصين وايقضت الوعي الوطني الثوري للشعب الإيراني الذي عقد في عام 1905 اجتماعات عفوية وقام بمظاهرات في طهران والمدن الاخرى مطالباً بانعقاد جمعية تأسيسية . وتطورت الحركة التقدمية البرجوازية التركية التي أوجدها حركة الشباب الأتراك في أواخر القرن التاسع عشر و شكلوا ” جمعية الاتحاد والترقي ” التي ضمت المثقفين وغالبيتهم من ضباط الجيش والأطباء والموظفين ممثلة و معبرة عن مصالح البرجوازية ومالكي الارض الاحرار. وقد ساهم في الجمعية ابناء الشعوب الخاضعة للحكم الأوتوقراطي العثماني من العرب والكرد والالبان والارمن وغيرهم. وكان للثورة الروسية الاولى في العام 1905 والحركة الثورية في القوقاز والثورة التي انفجرت في إيران دور و تأثير في ظهور وضع ثوري جديد على السطح في تركيا ادى الى الاطاحة بالسلطان عبد الحميد في العام 1908. بيد أن الطابع البرجوازي للثورة ساعد على تدهور سريع في الاتجاهات الديمقراطية لحركة الأتراك وسرعان ما توضحت الأهداف الشوفينية قادة هذه المنظمة،مما ادى الى انسحاب غالبية أبناء القوميات غير التركية المنتمية الى جمعية ” الاتحاد والترقي “. غير أن تلك الحركة تركت آثارها لاحقا على تنامي الوعي القومي والروح الوطنية المناهضة للغاصبين العثمانيين ومن ثم للمستعمرين الإنكليز لدى الشعب العراقي .
بعد إصدار الدستور العثماني في عام 1908، فأن اخبار الحركة الاشتراكية العالمية أصبحت موضوع الأوساط الثقافية التركية التي كانت بدورها مؤثرة على المثقفين العراقيين الذين كانوا يتكلمون اللغة التركية . و بدأت الصحافة العراقية تكتب عن احداث روسيا و تتعاطف مع الحركة الثورية فيها وأشارت مجلة الرقيب البغدادية الى أن ” مجلس الأمة الروسي – مجلس الدوما – محجوز محجور تنفذ عليه إرادة القيصر ويضطرب للاسم نيكولاي وسيبريا هي سجن أحرار الروس المجَرمين بالسياسة او الذين يطالبون بالحرية الحقيقية أو بحقوقهم المغصوبة .(14)
وقد ابدى بعض قادة الحركة الوطنية العراقية تعاطفهم مع الحركة الثورية في روسيا وكانوا يرون في انتصار اليابان على روسيا في حربها عام 1904 بداية لإسقاط النظام الأوتوقراطي في روسيا
وفيما بعد كتب أحمد عزت الاعظمي متعاطفا مع الحركة الثورية الروسية ، واكد على ان المساعدات التي قدمها فرنسا إلى القيصر أثر انتهاء الحرب الروسية اليابانية في عام 1904 ” الذي استعادت الأوتوقراطية نفوذها بفضله” قد ساعد بقاء القيصر فترة اطول . (15)
وعلى إثر ثورة الروسية 1905 وحركة الاتحاد والترقي في عام ( 1908) ظهرت العديد من المنظمات الثورية و الوطنية العربية والكردية تضم البرجوازية ورجال الجيش والضباط والموظفين المدنيين والطلاب داخل العراق و خارجه و خاصة بين الموظفين والطلاب العراقيين المتواجدين في اسطنبول والبلدان الاوروبية . وظهرت العديد من النداءات وعلى صفحات الجرائد والمجلات الكردية في اسطنبول والقاهرة وجنيف تدعو الشعب الكردي الى النضال في سبيل حقوقه القومية والعمل في منظماته الخاصة ، و تأسست العديد من المنظمات الكردية ، تركت آثار كبيرة على رفع الوعي السياسي والقومي عند الشعب الكردي .
وقد كتب جيركوف القنصل الروسي في مدينة (خوي) بإيران حول تأثير ثورة 1905 على الحركة التحررية الكردية على أن”سفرات التجار الاكراد ومساعديهم من المثقفين الاكراد الى تيزي نوفو كرد لحضور معرض سوق مكاريوف كانوا يلتقون هنا مع الديمقراطيين والجنود الروس وقد اخبرهم هؤلاء بدورهم بأهم الحوادث المتعلقة بثورة روسيا 1905 “. وبالإضافة إلى ذلك فإن العناصر التقدمية في المجتمع الكردي من المثقفين والطلاب والشباب والضباط والموظفين اشتركت في الحركة التقدمية لشعوب الشرقين الادنى والاوسط . على سبيل المثال ، شارك الكرد بصورة فعلية في الثورة 1905- 1911 . حيث تشكلت في معظم مدن الكرد في كردستان إيران لجان ثورية (انجمن) . تشكلت هذه اللجان في مدن (كرمنشاه ، مهاباد ، سنة وسقز) ودافعت عن المكتسبات والمنجزات الديمقراطية التي حققتها الثورة الإيرانية و ناضلت ضد الغاصبين الأتراك الذين احتلوا بعض المناطق الكرد في إيران آنذاك . وقد أثرت هذه اللجان على الشعب الكردي تأثيراُ قعالاً ، مما ساهمت في العديد من حركات التحررية التى نشبت عام 1907 في مناطق تبليس وارضروم والموصل.(16) وكما يؤكد السياسي المعاصر لتلك الفترة اسماعيل حقي شاويس ” أن بعض الشباب الكرد المثقف كان قد اطلع على الأفكار الاشتراكية قبل ثورة أكتوبر وذلك أثناء دراستهم أو عملهم في اسطنبول وغيرها من المدن العثمانية الكبيرة بل وحتى الدول الاوربية ” .(17)
بيد أن هذه المنظمات التى تشكلت في هذه الفترة عربية كانت ام كردية افتقرت الى القيادة الناضجة ذات الأهداف المتبلورة،لم يربط نضالها من اجل الحقوق القومية بنضال الجماهير الشعبية من اجل التحرر الاقتصادي والاجتماعي .
مؤتمر باكو لشعوب الشرق
لقد ابدت الاممية الشيوعية اهتماما اهتماماً ملحوظاً للعراق (( بمـا كان يجري فيـه لاعتبـارات خاصـة تتعلق بسلامة الدولـة السـوفيتية ، إذ كان البريطانيـون قـد اتخذوا مـن العـراق إحـدى نقـاط الارتكاز التدخـل العسـكري ضدها، و لاعتبارات عامـة تتعلق بالاهتمام الذي حظـي بـه نضال الشعـب العـراقى العنيد ضد الاحتلال البريطاني . وقد سعت الأممية الثالثة إلى أن تقييـم الصلات مع قادة الحركة الوطنيـة . وقد انعكس هذا الاهتمام بما نشـر في صحافة الأممية الشيوعية عن شـؤون العـراق . )) (18)
بعد ثورة أكتوبر وبالتحديد في آذار ( 1919 ) عقد مؤتمر الأممية للأحزاب الشيوعية الثالثة (الكومنترن) بهدف التنسيق والتشاور مع الأحزاب الشيوعية خارج روسيا السوفيتية … ومتابعة نشاطات حركات التحرر في آسيا و أفريقيا قررت السعي باتجاه تشجيع شعوب هذه البلدان على التحرر و الاستقلال كما دافع لينين عن أطروحة حول المسألة القومية والاستعمارية في مؤتمر للأممية الشيوعية في آب أغسطس ( 1920) ودعا إلى عقد مؤتمر كبير في العشرين من أيلول 1920 باسم “مؤتمر شعوب الشرق” باكو،عاصمة جمهورية الاشتراكية الوليدة في أذربيجان. وقد اصدر الاممية الثالثة نداءاً موجهة الى شعوب الشرق ( يا فلاحي ايران وعمالها … يا فلاحي الأناضول … يا عمال وفلاحي الشرق الأدنى … ) يدعوهم لحضور مؤتمر باكو ( فاقطعوا الصحاري واجتازو الجبال و الانهار الان وتعالوا نبحث طريق الخلاص من العبودية وترتبط روابط الاخوة لكيما نعيش اخوة احراراً متساوين)(19) فعقدت في أيلول 1920 ، ساهم فيه ممثلو عشرات من شعوب الشرق والبلدان الامبريالية الكبرى ودامت أعماله عدة أيام تدارس خلالها المؤتمرون المشاكل الرئيسية التي كانت شعوبهم تعانيها . اعلن المؤتمر على اهمية تحالف البروليتاريا في البلدان الرأسمالية والشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية أو المضطهدة من جانب الإمبريالية الذى يمكن أن يساعد على التخلص لها من النظام الرأسمالي لبناء عالم مستدام للمقهورين “أن عدد الذين حضروا المؤتمر( 1891) عضوا ينتمون الى (37 قومية ) من بينهم (1273 ) شيوعيا والوفود كانت تركية وفارسية وارمنية و روسية و جورجية و طاجيكية و قرغيزية ويهودية و خزرية وتركمانية وهندية وصينية و ابخازية و اواكرانية وبشكيرية وكردية و ليتوانيا و كرواتية و هنغارية و خزرية وكورية و اوزبكية و انفوشية وغيرها .مثل العرب ( 3 ) أعضاء ومثل الاكراد( 8 ) أعضاء ومثل الأتراك ( 235 ) عضوا ومثل الفرس ( 192) ومثل الأرمن (15) عضوا . وثمة من يقول ان هناك ( 266 ) لم يحددوا قوميتهم. وكان عدد الحضور من النساء (55 ) إمراة .” (20) وقد سعى مؤتمر باكو الى جمع شمل القوى المناهضة للاستعمار وتوحيد كلمتهم وتحقيق ثورة اجتماعية في الشرق
الحرب العالمية الأولى واحتلال العراق

دخلت القوات البريطانية في نهاية الحرب العالمية الأولى العراق . واستطاعت احتلال بغداد في ( 19 آذار 1917 ) بقيادة الجنرال مود بعد أن دارت معارك عديدة في مناطق مختلفة بين القوات البريطانية والقوات التركية المنسحبة ووضعت الحرب أوزارها في 30 تشرين الأول 1918 .
وكانت الامبريالية البريطانية تستهدف الاستيلاء على العراق وتحويله الى حضيرة المستعمرات البريطانية وجعله مصدراً للأرباح للاحتكارين الانكليز .
” لقد أدت العمليات العسكرية أثناء الحرب العالمية بين القوات البريطانية والقوات التركية إلى زيادة تأزم
الوضع الاقتصادي في البلاد، حيث استخدم كلا الجانبين المتنازعين جميع الامكانيات لتلبية احتياجات القوى
المسلحة” .(21) وأصبح شباب العراق وقوداً للحرب في ساحات القتال .

اخبار البلشفية تنتشر

بعد الحرب العالمية الأولى حدثت تحولات هامة في الحركة الوطنية التحررية في العراق . بالإضافة إلى نضوج القوى الداخلية وتفاقم التناقضات بين الاستعمار البريطاني والشعب العراقي، فقد لعب العامل

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular