الأحد, مايو 19, 2024
Homeمقالاتالآشوريون نغولة الأنكليز : سلمى الخوري

الآشوريون نغولة الأنكليز : سلمى الخوري

كنت أمر على المواضيع التي تعرض نفسها على صفحة ” بحزاني نت ” وإذا بي أفاجأ بهذا العنوان ، الفن والأعلام ” النغل ” أبن شرعي للبعث .. الكاتب عباس راضي العزاوي . هذا العنوان للموضوع أيقظ في ذاكرتي حدث حقيقي عشناه في مدرسة عراقية في بغداد حوالى نهاية سنة 1977 لما كان حزب البعث متسلطا يجثم على رؤسنا وعقولنا ، ولساننا عاجزعن الدفاع عن قضية فيها الظلم يتغلغل في الأحداق والآذان . مُدرِسة الدين الأسلامي نعتت الاشوريين ” أنهم نغولة الأنكليز ” الأخوة الآشوريين هذا ليس وصفي لكم ، وأنا آسفة لهذا الوصف ، ولكن سنأتي معكم لتتبينوا من وصفكم بهذا الوصف اللآ إنساني . يدّعون أنهم يؤمنون بإله عادل يقيمون له الصوم والصلاة ، ويحلفون به لكل صغيرة وكبيرة لتطمين السامع أنهم يستشهدون بهذا الإله على صدق كلامهم ( والله العظيم كذا و كذا ) والله ساكت لا نسمع له صوتا للتأكيد أو النفي ، وأي عظمة لهذا الإله الذي يقيمونه شاهدا وحارسا على سلب حقوق بشر مثلهم وهبهم عقلا وحكمة وعواطف وصفات جسمية لا تختلف عن أي كائن آخر في محيط العالم ، ومع هذا يسلبوه ما يستحقه من حقوق ليعيش كما يعيش الطرف الذي أعطى لنفسه كل الحق بسلب حقوق هؤلاء المواطنين الذين كانت الأرض بالأصل وطنهم وأرضهم ، وعليهم أن يصمتوا ويكونوا خانعين وجلين وليس كل أمتيازات المواطنة لهم الحق المطالبة بها بحجة أنهم أصبحوا بمفهوم الدولة المسيطرة مكون صغير أو أو يدعونهم أقلية . وهذه الأقليات لا نصيب لها في تبوأ المناصب العليا والحساسة في الدولة والوطن حتى لو كانوا اكثر كفاءة ما دام هو في غير عقيدة الدولة الرسمي . ها نحن كنا نعيش وبصراحة وبدون مجاملة بشكل من أشكال القلق والتوجس فالعائلة التي إيمانها ليس نفس ايمان الدولة الرسمي ، عليها أن تكون حذرة في النقاش والجدل مع المواطنين الذين يدينون وينتمون الى عقيدة الدولة . كان الخوف والحذر يؤطرنا ، كنا أجسام متحركة بدون روح على العموم ، مع عدم نكران أن هنالك نفوس مؤلفة بالالآف ذات ضمير طيب وروح بعيدة عن الأنانية وحب التسلط ولهم الرغبة في تطمين أخوتهم بالأنسانية وكنا نكن لهم كل الود والأحترام والتقدير لأنهم أصحاب ضمير وانسانيين . اليكم أخوتي القراء هذا الحدث كمثل لهذا التجاوز والتعدي على حقوق الإنسان في بلاد تعرف القمع والتكميم لمصلحة دينها وسياستها . رن جرس التلفون ووجدت المتصلة بي هي معاونة مديرة المدرسة المتوسطة التي كنت أُدْرس فيها وكنت في حينها في آخر اسبوع لأجازة مرضية ، وأبلغتني أنه علي الحضور غدا الى المدرسة الساعة الحادية عشرة صباحا لحضور أجتماع الهيئة التدريسية مع مبعوث من القصر الجمهوري للتباحث في قضية ساعرفها غداً . كان الغد وحضرت في نفس الموعد الذي طُلب مني أن أكون هنالك ، وأنتظرنا جميعاً حتى وصل المبعوثان من القصر الجمهوري لحل المشكلة ، وما هي المشكلة !!؟؟ المدرسة التي كنت اُدرس فيها تقع في منطقة 85% من ساكنيها آشوريين ، وبهذا المدرسة معظم طالباتها هُن آشوريات لأنها قريبة من دور سكناهن وكلهن مسيحيات . في العادة لم تعطِ الدولة الحق للمسيحيين بتدريس الدين المسيحي في المدارس الحكومية وبهذا عند درس الدين الأسلامي للفئة القليلة في هذه المدرسة كان يُسمح للطالبات المسيحيات أن يتركن صفهنّ ويقضين فترة الدرس في ساحة المدرسة يتمتعن بوقتهن بهذا الفراغ سواء باللعب أو بمراجعة دروسهن وكلنا يعرف مدة الدرس تأخذ 45 دقيقة . خمسة واربعون دقيقة من الفراغ في ساحة المدرسة ، طالبات في عمر المراهقة في المدرسة المتوسطة تتراوح أعمارهن بين اثنتا عشرة سنة الى خمسة عشر سنة ، ماذا ننتظر منهن ، وهن في الساحة في جو لطيف وساحة مهيئة الى اللعب بالكرة والركض والمزاح ومراجعة دروسهن ، فطالبات الصف اللائي بقوا في الصف ليدرسوا الدين الأسلامي شاءوا أن يشتكوا الى مدرستهن بأنهن لا يستطعنَ التركيز لأن طالبات الساحة ضوضائياة ، وسألوا الإدارة لماذا لا تحجزوهن داخل الصف حتى نستطيع نحن في درس الدين نركز ونفهم شرح مُدرسة الدين . وافقت الإدارة على هذا الطلب ، وفي الدروس التي تلت تم حصرهن داخل الصف كالعادة لمدة 45 دقيقة ، يَكُن كمستمعات . شاءت الصدف في أحد الدروس والصف بكامله مجتمع وكل طالبة قد أخذت موقعها على المقعد الذي تجلس عليه كبقية الأيام ‘ الذي حدث أن طالبتين كنّ يتهامسن بكامل الهدوء مع بعضهما وكنا جدا منغمسات في حديثهن ثم أبتدأن بالضحك مع بعضهن بشكل لا تسمع له صوتا فقط حركة أهتزاز الراس مع محاولتهن عدم لفت الأنظار لهن ، ترى هل كان سبب الضحك نكتة ،أم عن حدث عائلي ، أو أمر خاص يستوجب الضحك أم هو حديث عن مسلسل تلفزيوني أو هوايات ، ظن بما تريد الظن به ….وهنا لمحت المدرسة التي عادة تدرس اللغة العربية وتدرس الدين الأسلامي ، وتوجهت الى الطالبتين بسؤال بطريقة حادة … ما الذي يضحكما ..؟؟ عليكما الوقوف ثم أجيباني ، وكررت السؤال ما الذي يضحكما وقفت الطالبتان بكل حياء ولم يردن على السؤال فهنا يكمن الحرج فلربما هنالك أمر لا يستطيعا البوح به أمام كل الصف أنه أمر شخصي . ثم توجهت المدرسة مرة أخرى بالسؤال الى إحدى الطالبتين على ماذا كنت تضحكين ..؟ أستمرت بالسكوت ولم تُجب . ردت عليها المدرسة ، نعم نعرف أنتم الآشوريين كنتم تعيشون في الحبانية مع الأنكليز ” وأنتم نغولة الأنكليز” . صُدم كل من كان في الصف من تصرف وأسلوب هذه المدرسة ، فتحوا عيونهن على وسعها وفتحوا أفواههن تعجبا من قولها ومسبتها لهم . بكت الطالبة وجلست وهي متأثرة ومتألمة من أسلوب المدرسة. في نهاية الدوام أنصرفت المدرسة كلها وكل ذهب الى بيته . وطالبات هذا الصف الذي تلقف هذه الشتيمة أوصلوا وقائع هذه الحادثة الى أهاليهن وما حدث في هذا الصف. أخذت الحمية والغيرة أولياء أمور الطالبات المسيحيات وقدموا الشكوى الى مُدرسة مسيحية وكانت عضوة منتمية الى حزب البعث في حينها ، وهذه أخذتها الغيرة على بنات جلدتها ، فقالت لهم وطمأنتهم أنها ستوصل الخبر والشكوى الى الحزب ، وفعلا أوصلت الشكوى للجهة المسؤولة وأستجابوا لها بأن حددوا موعدا لزيارة المدرسة المتوسطة ليجتمعوا بإدارة المدرسة والهيئة التدريسية ، وكان موعد الأجتماع وأكتمل حضور الكل مع مبعوثين أثنين من القصر الجمهوري ، وابتدأ حديث الرجلين كالآتي :ـ أنتم تعرفون لماذا نحن هنا حاضران ، فنحن لا نحب أن تكون هنالك مشاكل تؤدي الى تفرقنا ” الكل بعثيون وإن لم ينتموا ” وكان هذا شعار شائع للبعث ، المسيحيون هم أخوتنا ونحن نحترمهم ومن يتعدى عليهم سوف يكون عقابه كعقاب كل متعدي على أخيه الإنسان ، ونرجو أن تأخذوا كلامنا هذا بجدية ، ونريد أن نلتف جميعنا حول رئاستنا . فرحنا بما سمعنا وتفاءلنا خيراً ، معناها أن العدالة تأخذ مجراها ولن تعطي فرصة للتقليل من شأن الآخر . فُضّ الأجتماع ورجعنا الى بيوتنا فرحين بأننا نعيش في ظل دولة تُقيم وتحفظ حق من يُطلق عليهم أسم الأقليات. أبتدأ الدوام في المدارس بعد أكثر من أسبوع ورجعنا الى المدرسة ووصل الكتاب الذي يقر بمعاقبة المعتدي على الآخر وكان الحكم كما يلي :ـ 1ـ نقل مديرة المدرسة المتوسطة التي صار فيها الحدث وهي أيضا عضوة في حزب البعث وتعيينها مديرة مدرسة ثانوية الراهبات للبنات وهي مدرسة مشهورة في بغداد لكونها مدرسة خاصة مسيحية وتتميز بمستوى تدريس جيد جدا ، وازاحة الراهبة التي كانت مديرة مدرسة الراهبات لتكون معلمة في هذه المدرسة . 2ـ معاونة المديرة التي نُقلت رقية لتصبح هي مديرة المدرسة . 3ـ المدرسة التي تدرس الدين الأسلامي والتي شتمت الآشوريين رُفعت لتأخذ منصب معاونة المديرة الجديدة. 4 ـ المدرسة المسيحية التي أوصلت شكوى أهالي الطالبات الآشوريات الى الرئاسة نقلت الى مدينة الثورة حيث المنطقة في حينها كانت من المناطق المهملة من جميع الخدمات العامة والتي يحتاجها سكان تلك المنطقة ، فشوارعها كانت تزخر بالطين لا تبليط والبنايات متهالكة ووسائط النقل بائسة ومستهلكة. ** هل هذا وطن يعرف العدالة ؟؟؟؟؟؟؟؟ ، يكافئ المعتدي ويعاقب المجنى عليه ، الوطن ليس بحجارته وشجره بل يقينا هو بشرائعه وقوانينه التي تحكم بالعدل بين مواطنيه .

سلمى الخوري

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular