الجمعة, أبريل 26, 2024
Homeاخبار عامة«فضيحة كمامات» في ألمانيا تطيح 3 نواب من حزب ميركل

«فضيحة كمامات» في ألمانيا تطيح 3 نواب من حزب ميركل

لم يكن بإمكان «فضائح الكمامات» التي تلفّ الحزب الحاكم في ألمانيا أن تأتي في وقت أسوأ. فحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي يمر أصلاً بأوقات تغيير عصيبة. ويستعد في الخريف المقبل للخروج من عباءة أنجيلا ميركل التي قادته لعشرين عاماً، 15 منها وهي تحكم البلاد. وقبل أسابيع قليلة انتخب الحزب زعيماً جديداً له هو أرمين لاشيت، يأمل أن يخلف ميركل في منصب المستشارية كذلك. وفي وقت يحاول لاشيت إثبات نفسه كزعيم قوي قادر على قيادة حزبه للفوز بانتخابات سبتمبر (أيلول) العامة، وفيما تصارع حكومة ميركل ضد استطلاعات الرأي التي تؤكد انخفاض شعبيتها، بدأت تتكشف فضيحة فساد يبدو أن قرابة 20 مسؤولاً من حزبها وشقيقه البافاري، متورطون فيها. وحتى الآن، أطاحت فضائح الفساد المرتبطة بشراء كمامات وجني ربح غير شرعي، بثلاثة نواب، اثنان منهم من حزب ميركل، والثالث من الحزب الشقيق «الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري». فقبل أيام، قدم النائبان في البوندستاغ (البرلمان الفيدرالي) يورغ نوسلاين (من الحزب البافاري) ونيكولاس لوبل، استقالتهما من حزبيهما بعد أن فتحت الشرطة تحقيقات ضدهما بالفساد وتلقي رشى عبر صفقات بيع كمامات. وفيما أعلن لوبل استقالته من البرلمان كذلك، بقي لوبل في مقعده أمام استياء واسع داخل حزبه. ولم تمضِ أيام قليلة، حتى قدم قبل يومين نائب ثالث من حزب ميركل هو مارك هوبتمان، استقالته من الحزب والبرلمان. وحسب مجلة «شبيغل»، فإن أكثر من 10 نواب يبدو أنهم متورطون بتلقي رشى عبر صفقات شبيهة، وأن الأيام المقبلة قد تشهد المزيد من الاستقالات. وفتحت الشرطة الشهر الماضي تحقيقاً يستهدف نوسلاين، ووجّهت إليه اتهامات بتلقي 600 ألف يورو لدوره في عقد صفقة مع شركة إنتاج أقنعة واقية في الموجة الأولى من فيروس «كورونا» مطلع العام الماضي، عندما كانت البلاد تعاني نقصاً من الكمامات. وحسب صحيفة «بيلد»، فإن المبلغ تم تحويله إلى إحدى الشركات التي يتولى فيها نوسلاين منصب المدير العام، ولم يعلن عن هذه الأرباح لمكتب الضرائب. وينفي نوسلاين التهم الموجهة إليه، ويصر على أنه لم يجنِ أي أرباح غير شرعية. أما لوبل فتوجَّه إليه تهمة تلقي رشى تصل إلى 250 ألف يورو مقابل تأمينه عقود شراء كمامات. وعلى عكس النائب الآخر، أقر لوبل بأنه أخطأ، وقال عند تقديم استقالته من الحزب والبرلمان إنه «يتحمل المسؤولية الكاملة عن أعماله ومستعد لحمل العواقب السياسية».

وأدان الرئيس الألماني فرانك – فالتر شتاينماير التربح من صفقات الكمامات. وقال شتاينماير في خطاب خلال مؤتمر رقمي لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية، أمس (الجمعة)، إن حالات الإثراء الشخصي التي تم الكشف عنها لا تستحق الغضب فحسب «إنها سُمّ للديمقراطية». وأكد شتاينماير أن الأمر يتعلق بأكثر من مجرد سوء سلوك فردي، وقال: «الأمر لا يتعلق فقط بالثقة في نزاهة الأفراد، إنه يتعلق بالثقة في نزاهة الدولة ومؤسساتها»، داعياً جميع الأحزاب الممثَّلة في البرلمان، «من أجل الديمقراطية»، إلى «الكشف على وجه السرعة وعلى نحو موثوق عمّا إذا كانت هناك حالات أخرى». وذكر الرئيس أنه ليس من وظيفته إجراء تقييم قانوني، مضيفاً في المقابل أن من مهامه الإشارة إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالمسائل القانونية. وقال، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «أي شخص يسيء استخدام تفويضه عمداً من أجل إثراء نفسه شخصياً لا يضر فقط بالآخرين الذين يقومون بعملهم الديمقراطي بصدق. هذا يضر بالديمقراطية! أي شخص يقوم بذلك ببساطة ليس له عمل في البرلمان».

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الشرطة تحقق رسمياً في أرباح غير شرعية جناها النائب الثالث الذي استقال ولكنه على الأقل هو ينفي ذلك. وقال هاوبتمان الذي توجَّه إليه أيضاً اتهامات بأنه تلقى رشى من أذربيجان لتلميع صورتها، إن كل هذه التهم غير صحيحة. ومع ذلك، يقول إنه قرر تقديم استقالته لأن الانتقادات «لم تعد محتمَلة» والضغوط عليه وعلى عائلته باتت لا توَصف. ويدير هاوبتمان صحيفة محلية في ولايته تورينغن، نشر فيها إعلانات تروّج لأذربيجان قالت مجلة «دير شبيغل» إنه تلقى أكثر من 16 ألف يورو مقابل أحدها، وأنها جاءت بعد زيارة قام بها لباكو. وفيما تستمر هذه الفضيحة بالتضخم وتهدد بأن تنفجر، يحاول الحزب احتواءها. فهو طلب من نوابه الشفافية ونشر كامل أرباحهم لإبعاد الشبهات عنهم بأنهم يتلقون رشى. ولكن التجاوب مع هذه الدعاوى غير موجود. وقد بدأت آثار هذه الفضائح بالظهور في استطلاعات الرأي التي أثبتت تدهور شعبية الحزب الحاكم من 40% في الربيع الماضي، إلى 32% في آخر استطلاع نُشرت نتائجه يوم الأحد الماضي وأجراه معهد «كنتار» لصحيفة «بيلد».

وتأتي هذه الاستطلاعات في وقت تستعدّ ولايات كبيرة لانتخابات محلية قد تعطي صورة حول شكل الانتخابات العامة في نهاية سبتمبر المقبل. وفيما استفادت الحكومة الألمانية في بداية العام الماضي من إدراتها لأزمة «كورونا» وشهدت ارتفاعاً قياسياً في شعبيتها، عادت الآن لتنخفض للسبب نفسه، أي إدارتها لأزمة «كورونا» ولكن بشكل سلبي. فبطء عملية التلقيح والإغلاق الطويل للمدارس والشركات، كل ذلك زاد الأعباء المالية على الأفراد والشركات التي لا ترى أفقاً واضحاً لنهاية الأزمة. وتحاول الحكومة تلقف هذا الاستياء بالتسريع في عملية التلقيح، وهي تعهدت بأن كل شخص في ألمانيا سيعرض عليه اللقاح بحلول سبتمبر المقبل. ولكنّ هذه الوعود مرتبطة بتوفر جرعات كافية من اللقاحات، وهو ما زال غير مؤكد بعد. ووسط هذه الفوضى، يستعد لاشيت، زعيم الحزب الحاكم، لأول امتحان له غداً، حيث سيصوّت الناخبون في الانتخابات المحلية في ولايتي راينلايد بفالس وبادن فورتمبيرغ. امتحان يأمل لاشيت أن يجتازه من دون خسائر كبيرة.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular