الأربعاء, مايو 29, 2024
HomeUncategorizedمشهدية الاعلام الرسمي الفلسطيني.. إعلام سلطة فئوية ، أم إعلام شعب...

مشهدية الاعلام الرسمي الفلسطيني.. إعلام سلطة فئوية ، أم إعلام شعب وقضية

فتحي كليب

بتاريخ 12 آب 2018، نشر “تلفزيون فلسطين الرسمي” التابع للسطة الفلسطينية تقريرا اخباريا حول الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وسياساتها بعنوان ” سياسة التشكيك المستمرة للجبهة الديمقراطية لاتخدم الشراكة السياسية والمواقف الوطنية” ومتهما اياها “بالتنكر لتاريخها ولشهدائها وجرحاها، وعدم دعمها لسيادة الرئيس ابو مازن في معركته الدبلوماسية وضد صفقة القرن التي يروجون لها في الغرف المغلقة”. وبعيدا عن لغة الاسفاف والشتائم التي اتصف بها التقرير ضد احدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، ومن وسيلة اعلام “رسمية” يفترض انها تمثل الكل الفلسطيني، وبعيدا ايضا عن مسلسل الاكاذيب التي ساقها “تلفزيون فلسطين” حول “صمود الرئيس” وسياساته ومواجهته لصفقة القرن. فقط نود ان نشير الى مقارنة بسيطة لنصل الى واحد من امرين: اما ان معدي التقرير يكذبون على انفسهم وعلى شعبهم في كل ما اورده من شتائم بحق الجبهة الديمقراطية، او انهم يقولون كلاما عكس ما تقول به قيادة السلطة والمنظمة. فما الذي قالته هذه القيادة؟ لنقرأ معا..

في المهرجان الوطني الحاشد الذي اقامته الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بتاريخ 25/2/2018 في مدينة البيرة في الضفة الغربية، لمناسبة ذكرى انطلاقتها التاسعة والأربعين، تحدث الاخ محمود العالول نائب رئيس حركة فتح في كلمة باسم الرئيس محمود عباس فقال ما حرفيته: “انقل اليكم تحيات الرئيس واعتزازه بدور الجبهة الديمقراطية ومساهماتها في مسيرة الثورة والشعب الفلسطيني، وأن الجبهة كانت حريصة دائما على التنوع والتكامل والانسجام بين مختلف أطياف الحركة الوطنية، وإعطاء الأولوية للتناقض الأساسي مع الاحتلال. كما تميزت الجبهة في التمرد على الجمود الفكري، وحرصت على المراجعات النقدية، وتميزت بالجرأة في طرح الأفكار والمواقف. الى هنا انتهى كلام الاخ محمود العالول.

في المقارنة بين موقف نائب رئيس حركة فتح وبين تقرير بثه تلفزيون سلطة، يبدو الاختلاف واضحا لدرجة التناقض، وهو تناقض لن نتوقف امامه كثيرا. وسنتحدث عن هذه المسألة بحسن نية، اي ان التقرير تم اعداده من شخص غير عالم بتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، خاصة الجبهة الديمقراطية ولا يعرف بالتالي شيئا في السياسة سوى انه كلف برد على الجبهة التي انتقدت مؤخرا السياسات التي يعتمدها الرئيس، وهي سياسات قاصرة وعاجزة ولا تشكل الحد الادنى من الموقف المطلوب وطنيا، او ان التقرير تم اعداده وبثه دون رقابة من المعنيين بهذ التلفزيون، وهنا المصيبة اكبر. وفي الحالتين هناك تقصير واضح لم نكن بحاجة الى هكذا تقرير كي نتيقن من مسألة ان التوظيف في الاعلام الرسمي الفلسطيني يتم على اساس حزبي وبعيد عن الكفاءة والمهنية.

لكن لنترك التقارير جانبا ونتحدث عن تلفزيون فلسطين باعتباره احد نماذج الاعلام الرسمي الفلسطيني السيء، والذي يشكل مرآة صادقة للسلطة ومواقفها السياسية، وهو مطالب من قبل هذه السلطة بلعب ادوار اكثر قباحة وسلبية في تقديم الصورة الى الشعب الفلسطيني على غير حقيقتها الفعلية، وهو دور على كل حال لا يختلف كثيرا عن واقع الاعلام للنظام الرسمي العربي الذي مهما تحدثنا على قصوره وسلبياته فلن نفيه حقه من النقد..

هي ليست المرة الاولى التي يجند فيها تلفزيون فلسطين طاقته الاعلامية واسلحته الحربية في محاولة، ليست نظيفة، لتشويه صورة الفصائل الفلسطينية وتاريخها، والتعويض عن ادوار مطلوبة لا يقوم بلعبها، خاصة لجهة وظيفته الرئيسية، كبقية الاعلام الفلسطيني الذي يقوم بما عليه من مقاومة وصمود وفضح الاحتلال وسياساته، ما يطرح سؤالا جوهريا حول دور ووظيفة الاعلام الرسمي الفلسطيني..

من الناحية النظرية، فالاعلام الرسمي الفلسطيني هو اعلام عام، اي انه لا يدين بالولاء لأي فصيل فلسطيني، ووظيفته يفترض ان تكون وحدوية تعمل على نشر وتعميم ثقافة الحوار والانفتاح على جميع التيارات التي يجب ان تجد نفسها على شاشة هذا المنبر الاعلامي. إذا هو ليس اعلاما للرئيس، وان كان للرئيس القسم الاكبر من الاخبار والفعاليات الرئاسية، كما انه ليس اعلام حزب الرئيس الذي يمتلك وسائل اعلامه الخاصة، مرئي ومسموع ومكتوب والكتروني. بل هو اعلام كل الشعب الذي له قضية يناضل من اجلها، بل اعلام حركة تحرر وطني تناضل من اجل الخلاص من الاحتلال.. ولا يغير من هذا الكلام وجود اعلام خاص او فصائلي يمارس سياسة اعلامية حزبية، فهذا الاعلام يبقى اعلاما حزبيا تنظمه القوانين المرعية، بينما الاعلام الرسمي الفلسطيني هو ملك كل الشعب بجميع فصائله وتياراته المختلفة.. وليس اعلاما لهذا الفصيل او ذاك. وان كان من حق الاعلام الفصائلي والخاص ان يضع لنفسه سياسة واستراتيجية اعلامية منفصلة عن استراتيجية السلطة والرئاسة، غير ان الاعتبار الوطني والسياسي والاخلاقي والنزاهة الوطنية تبقى المعايير التي يجب ان تحترمها اية سياسة اعلامية..

تاريخيا لعبت الصحافة الفلسطينية والاعلام بشكل عام ادوارا هامة وقارعت المحتل جنبا الى جنب مع كل فئات الشعب الفلسطيني ودفعت ولا زالت تدفع اثمانا باهظة لكونها تعتبر نفسها جزءا لا يتجزأ من معركة الشعب الوطنية. الى جانب ذلك، هناك الاعلام المتمثل بإذاعة وتلفزيون فلسطين ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، التي تم تشكيلها لأهداف واضحة هي صناعة رأي عام فلسطيني يتسم بالولاء الاعمى للسلطة وتقديم خطاياها في السياسة والاقتصاد على انها انجازات وطنية. ولا غرابة في ذلك طالما ان السلطة ملتزمة وفقا لاتفاق اوسلو وعائلته بأن تكافح ما يسمى الارهاب والتحريض وان لا تتعاطى في امور تشكل من وجهة نظر اسرائيل، خروجا على الاتفاقات الموقعة. ولنا في تجربة الانتفاضة الثانية خير مثال على ذلك. إذ عندما اندلعت هذه الانتفاضة، بادر العاملون في تلفزيون فلسطين الى بث الاناشيد الوطنية التي الهبت حماس الجماهير الفلسطينية، لكن ما ان تدخلت اسرائيل وطلبت من السلطة السياسية ايقاف هذه الاناشيد كونها تشكل تحريضا واضحا ضد اسرائيل حتى استجابت السلطة وطلبت من مديري وموظفي التلفزيون عدم التفاعل مع الاحداث الجارية في الميدان.. وهذا ما حصل في خطوة لاقت استغراب وادانة فصائل وفئات واسعة من الشعب الفلسطيني..

لكن وكي لا نكون اشداء في نقدنا، فان النقاش الموضوعي هو الذي يراعي اعتبارات الواقع الذي نعيش، فتلفزيون فلسطين هو جزء من “الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية” التي تأسست وفقا لاتفاق اوسلو عام 1993 الذي اعطى الحق بانشاء محطتي بث اذاعي وتلفزيوني، بهدف “دعم عملية السلام وتعزيز الاستقرار في الشرق الاوسط معتمدة على الديمقراطية والتعددية”.  وفقا لهذا النص المنشور على موقع وكالة الانباء والمعلومات

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular