الخميس, أبريل 25, 2024
Homeاخبار عامةما أسباب الانهيار السريع للجيش الأفغاني أمام طالبان؟

ما أسباب الانهيار السريع للجيش الأفغاني أمام طالبان؟

مقاتلو طالبان في ولاية لغمان الأفغانية.
مقاتلو طالبان في ولاية لغمان الأفغانية. 

دخلت طالبان كابول الأحد محكمة قبضتها الخانقة على أفغانستان. وقبل ذلك وخلال الأسابيع الأخيرة، تمكن المقاتلون الإسلاميون من اجتياح البلاد بسرعة مذهلة وغالبا من دون أي قتال أو مقاومة تذكر، ما يدفع إلى التساؤل عن عوامل وخلفيات هذا التقهقر السريع للجيش الأفغاني وانهياره المفاجئ.

عشرة أيام فقط، هو الزمن الذي فصل بين سقوط أول عاصمة أفغانية إقليمية (زارانج جنوب غرب) في يد طالبان وسقوط العاصمة كابول. وخلال تلك الفترة، لم تبد القوات الحكومية أي قدرة على كبح زحف الجماعة الإسلامية الأصولية، ما يوحي بحجم الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة والبنتاغون خلال 20 عاما، رغم صرف ميزانية هائلة وإنفاق غير محدود لم يثمر في النهاية عن تحقيق أي نجاح.

وفي السياق، يذكر محرر الشؤون الدولية في قناة فرانس24 برونو دارو أن “أحدا لم يتوقع أن تتحرك طالبان بمثل هذه السرعة”.

معدات حديثة تستحيل صيانتها

منذ بداية الغزو الأمريكي لأفغانستان في 2001 عقب اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، أنفقت الولايات المتحدة 83 مليار دولار لبناء جيش يعكس صورة واشنطن ويحقق هدف العملية العسكرية في البلاد، مع التركيز بشكل كبير على الدعم الجوي وشبكة الاتصالات، علما بأن 30 بالمئة فقط من سكانه يتمتعون بشبكة الكهرباء على مدار اليوم.

طائرات، مروحيات، طائرات مسيّرة، سيارات مدرعة ونظارات الرؤية الليلية، لم تتوان الولايات المتحدة عن تجهيز الجيش الأفغاني أبدا. كما سلمته مؤخرا طائرات هليكوبتر حديثة من طراز “بلاك هوك”. جرى توفير كل هذا الإمداد الهائل مع تجاهل الأمريكيين لحقيقة أن غالبية الجنود الأفغان أميون، مع افتقار البلاد إلى البنية التحتية اللازمة لصيانة مثل هذه المعدات والتكنولوجيات.

هل بالغت واشنطن في تقييم الجيش الأفغاني؟

وكان جون سوبكو المفتش العام لهيئة إعادة إعمار أفغانستان (سيغار)، قد أوضح في الآونة الأخيرة أنه “حين كان يتعلق الأمر بتقييم الجيش الأفغاني فإن العسكريين يغيرون أهدافهم لتسهيل ادعاء النجاح. وعندما لم يعد بإمكانهم القيام بذلك، لجأوا إلى تصنيف الأهداف تحت بند السرية”. مضيفا “كانوا يعرفون أن الجيش الأفغاني في وضع سيء”.

في نفس الإطار، أشار آخر تقرير أصدرته الهيئة (سيغار) التي كلفها الكونغرس الأمريكي بالإشراف على العمليات الأمريكية في أفغانستان، إلى أن “أنظمة التسلح المتطورة، المركبات، والخدمات اللوجستية التي تستخدمها الجيوش الغربية تتجاوز قدرات الجنود الأفغان الذين يعاني أغلبهم من الأمية ومن ضعف المستوى التعليمي”.

ولم يتوقف مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية خلال الأشهر الأخيرة، عن التأكيد والتطمين بكون القوات الأفغانية (جيشا وشرطة) والتي تضم أكثر من 300 ألف فرد، متفوقة على طالبان التي لا تحصي سوى 70 ألف مقاتل.

وفي هذا الشأن، أوضح فريديريك غرار الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية في تصريح لفرانس24 “لطالما أكدت الحكومة الأفغانية هذا التفوق (4 مقابل 1)، لكن ليس من المؤكد أن عديد القوات الأفغانية كان فعلا بهذا الحجم”. مضيفا “سمح لهم الكذب بالحصول على الدعم المالي من الولايات المتحدة بما يتجاوز ما كان ينبغي أن يكون عليه”.

وحسب “مركز مكافحة الإرهاب” التابع لمدرسة “ويست بوينت” العسكرية المرموقة، فمن أصل 300 ألف فرد، 18 ألفا فقط منهم وضعوا في يوليو/تموز 2020 تحت سلطة وزارة الدفاع الأفغانية (القوات البرية، الجوية، والخاصة). أما البقية، فكانوا من رجال الشرطة وعناصر الأجهزة الأمنية.

ويقدر محللو “ويست بوينت” أن نحو نصف قوة الجيش الأفغاني كانت مشكلة من المقاتلين. وخلصوا إلى أنه إذا ما استثنينا ثمانية آلاف عنصر من القوات الجوية، فإن قدرة الجيش الأفغاني لا تتجاوز 96 ألف فرد.

بدوره، أشار تقرير “سيغار” إلى أن ظاهرة الهروب من الخدمة العسكرية في صفوف الجيش الأفغاني كانت مشكلة هي الأخرى. وأوضح أنه “في 2020 كان على الجيش الأفغاني تعويض 25 بالمئة من قواته بشكل مستمر كل عام، وهو ما اعتبره العسكريون الأمريكيون أمرا طبيعيا”. رغم أن هروب المجندين كان من “أحد العوامل الرئيسة” التي تبرر هذا المعدل العالي من التجديد المستمر في صفوف القوات الأفغانية.

الانسحاب السريع للجيش الأمريكي

بموجب الاتفاق الموقع بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحركة طالبان، كان من المقرر أن يجري الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من أفغانستان في 1 مايو/أيار.

لكن الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن أرجأ الموعد إلى 11 سبتمبر/أيلول، مقررا في نفس الوقت سحب كافة مواطنيه بمن فيهم المقاولون المدنيون الذين لعبوا دورا بارزا في الخدمات اللوجستية للجيش الأمريكي. كما تعهد بايدن مرارا وتكرارا بمواصلة دعم القوات الأفغانية عقب 31 أغسطس/آب 2021، لكن دونما تحديد الدعم اللوجستي الضروري لتنفيذ ذلك.

من جهة أخرى، كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قد لوح خلال زيارته الأخيرة إلى كابول في مايو/أيار، إلى إمكانية مساعدة القوات الجوية الأفغانية “عن بُعد”، لضمان صيانتها للطائرات، وهو ما وصفه بأ”المساعدة ما وراء الأفق”. وبموجب هذا المفهوم يتم إجراء تدريب افتراضي عبر منصة “زوم” الرقمية لعقد المؤتمرات عبر الفيديو. وتبدو هذا المقاربة “وهمية” ما لم يكن للجنود الأفغان أجهزة كمبيوتر أو هواتف ذكية مناسبة ومتصلة بشبكة إنترنت “واي – فاي” في حالة جيدة.

لكن رونالد نيومان سفير الولايات المتحدة السابق في كابول، اعتبر بأن الجيش الأمريكي “كان بإمكانه أن يأخذ المزيد من وقته”.

انتشار الفساد… استثمار رابح لطالبان

نشرت الحكومة الأمريكية على مدار أعوام تقارير مفصلة عن حجم الفساد المستشري داخل صفوف قوات الأمن الأفغانية. وكيف كان القادة يقدمون بشكل منتظم على نهب الأموال المخصصة لقواتهم، وقيامهم حتى ببيع الأسلحة في السوق السوداء، وأيضا الكذب فيما يتعلق بعديد الجنود. واعتبرت صحيفة واشنطن بوست ههنا، بأن حركة طالبان قد استفادت بشكل مباشر من هذا الفساد.

وحتى قبل شنهم هجومهم في نهاية مايو/أيار 2021، مارست طالبان بشكل ممنهج عملية تهدف إلى تقويض السلطة في المناطق الريفية عبر البلاد. حتى إنهم أبرموا صفقات قدمت على أنها وقف لإطلاق النار، مع سلسلة من الأفراد تتراوح بين الجنود والمسؤولين المحليين وصولا إلى المحافظين. كما أقدم المقاتلون الإسلاميون على عرض المال مقابل تسليم القوات الحكومية السلاح، ثم في مقابل الاستسلام السريع وعدم مقاومة زحفهم.

كل هذه الظروف منحت طالبان أرضا خصبة، خصوصا في أوساط الجنود الحكوميين، الذين وبعد أن كانوا يتلقون رواتبهم لسنوات من قبل البنتاغون، شرع الجيش الأمريكي منذ الإعلان عن نيته الانسحاب في منتصف أبريل/نيسان، في دفع تلك الأموال إلى الحكومة في كابول. وأدى ذلك حسب ما ورد في العديد من الشهادات التي نشرها جنود أفغان على منصات التواصل الاجتماعي، إلى عدم تسلمهم رواتبهم منذ أشهر عدة، وحتى إنهم لم يتلقوا الطعام أو الذخيرة.

يضاف إلى كل هذا، إدارة أشخاص مدنيين للقصر الرئاسي ليس لديهم خبرة عسكرية، وجنرالات مسنين متورطين في صراعات سياسية لا طائل منها، عوض عن المساهمة في خوض الحرب.

ويشرح فريديريك غار “لقد شكل إعلان الانسحاب أثرا غير محفز لتعبئة” الجنود. مضيفا أن “احتمالية القتال من أجل حكومة فقدوا كل الثقة فيها، لم يكن مشجعا لهم للغاية. لقد سقطت معظم المدن بدون قتال”.

ويفسر غياب حافز التعبئة للقوات وتفشي الفساد، نجاح مقاتلي طالبان في السيطرة على أفغانستان بدون أن يقاتلوا، وخصوصا سقوط القصر الرئاسي في كابول، الذي دخله المتمردون في 15 أغسطس/آب بدون أي قتال، بعد أن اختار الرئيس الأفغاني أشرف غني الفرار من البلاد.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular