الأربعاء, مايو 8, 2024
Homeمقالاتخفايا ودلالات ح 3: ناظم كزار : تاريخ خطير  ! ومحاولته الانقلابية...

خفايا ودلالات ح 3: ناظم كزار : تاريخ خطير  ! ومحاولته الانقلابية   في 30 حزيران / يونيو  1973 من خلال وثائق الارشيفات أ.د. سيّار الجميل

هناك  معالجات عدة  في  كتب  ومقالات كتبت عن هذا ” الموضوع ”  الذي  ساقف  فيه عند  الأمور الأساسية  من اجل  تحليلها  ومحاولة فك الغازها  والاجابة عن أسئلة  يطرحها المؤرخ  عن هذه الشخصية  الملتبسة  وقصة  محاولة الانقلاب الفاشلة  ..  وناظم كزار  عرف  بأدواره  القاسية  منذ  تأسيس  جهاز حنين  الذي  وقف صدام حسين على رأسه  عام 1964 ، وقام كزار بقتل العشرات من الشيوعيين  والديمقراطيين والقاسميين بعد انقلاب 8 شباط/ فبراير 1963،وقيل الكثير الكثير عن قسوته  ، اذ  تردد  في عدد من المذكرات  ان قسوته قد وصلت الى حد أن يضع احد اصلب المعتقلين الشيوعيين في تابوت وهو حي،وقطع  هذا التابوت إلى نصفين بمن فيه بمنشار وبدم بارد وأمام جميع المعتقلين الآخرين – كما  كتب  احد  المعتقلين الشيوعيين وايده الآخرون  –   ! واشتهر كزار  ايضا  كما تردد  في  عدة مراجع  بوضع  المعتقلين بأحواض التيزاب  لإذابتهم ، ولا يبقي أثراً لهم  او وضعهم وهم احياء  في  كونكريت  يبنى  – كما تردد  ذكره –   .. وقد اختفت  شخصيات  عراقية  اثر اعتقالها  تماما من الوجود  ولم  يعثر على  اجسادهم حتى الان  !!   وأود التوضيح بان  اغلب المعلومات لها اسانيدها المعتمدة  اجنبية وعراقية  ، فالأرشيف  العراقي  في  جامعة ستانفورد الاميركية  اليوم يعد ثروة  تاريخية  لا تعّوض  ، ولولا نقله من العراق  لكان  قد تبعثر او احرق  وغاب .  فالأرشيف  كله  يحوي على  كل المستندات الرسمية  بالعربية  ، وبقلم اليد او الالة الكاتبة  مع التواقيع  والبصمات والاختام الرسمية .  
 
من هو ناظم كزار؟
من مواليد العمارة العام 1940،نشأ في بيئة ريفية معدمة ،وانتقل  وعائلته الى بغداد ،حيث تطوع أبوه  في الجيش ،وعندما أصبح برتبة عريف   ونسب للعمل في معمل الخياطة  العسكرية في منطقة الشيخ عمر   القريبة من منطقة سكناه ،انضم  ناظم الى حزب البعث ،عندما كان  العام 1961 ،وكان طالباً في إعدادية  الصناعة في بغداد ثم اكمل في معهد  هندسي ،اعتقل العام 1961  وترك الدراسة ..  وتقول رواية أخرى انه انضم للبعث في الخمسينيات من القرن الماضي كطالب وكان من أوائل الشيعة الذين شغلوا مناصب السلطة في النظام. وانه سجن لفترة طويلة من قبل عبد السلام عارف عام 1964/1965 وبقي  حتى عهد عبد الرحمن عارف ،  وعلمنا  أن كزار قد حكم  عليه 4  سنوات سجنا  ، ولكن لأن القاضي  تطاول عليه  ، فانفعل ناظم  وخرج من القفص  رافضا  الإساءة اليه ، فحكمه القاضي  بعشر سنوات  ، لكن  توسط البكر  والقادة البعثيون  لدى عبد الرحمن عارف  فاخرج من  السجن .    وبعد انقلاب 17 تموز 1968  ، عيّن في عام 1969 رئيساً لمديرية  الهيئة التحقيقية  في قصر النهاية  ثم  أسند  اليه  منصب مدير الأمن العام. وبعد فقام بتعيين أبيه مديراً لمعمل  الجوادر والخيام في منطقة  الوزيرية .. وتقول مصادر أخرى انه  بدأ  نشاطه بعد انقلاب شباط/ فبراير  1963 :   وكان معتقلا فاطلق سراحه حالا  ،وعين عضواً في هيئة التحقيق في  قصر النهاية ، وأوكلت اليه مهمة تصفية كل معتقل يشعر  بأنه يشكل خطراً عليه أو على حزبه  ،حسب قوله .. شكل في قصر النهاية  محكمة ( غير مشروعة ولا قانونية )  مع محمد فاضل وجبار  كردي، تعقد جلساتها وتصدر  أحكامها الفورية بالإعدام بعد  منتصف الليل ،وقال  بعض المعتقلين انه لم تسلم منه حتى  الكلاب السائبة التي كانت تتسلل  إلى قصر النهاية ،وكان ينفذ حكم  الإعدام خنقا بكلتا يديه على رقبة  المحكوم حتى يلفظ أنفاسه .. ويُنسب إليه الفضل في تنشيط منظمة حنين التي أسسها صدام حسين التكريتي  وكادت تفشل بعد عشر سنوات من حياتها  الاجرامية (1958-1968) وقد فلتت من سيطرة الجيش بتنفيذ كزار  أوامر سيده  صدام ، ومع ذلك ، فقد احتقر كثيرا  بسبب ساديته وعادته في إجراء الاستجوابات شخصيًا ، وعادة ما تنطوي على التعذيب. اشتهر بضربه شخصياً حتى الموت عالم الدين الإسلامي وخصم الحكومة عبد العزيز البدري ، عندما كان كزار رئيسا للهيئة التحقيقية . ويكفي ايضا ما كتبه  احمد الحبوبي في كتابه  ” ليلة الهرير في قصر النهاية ”  اذ تضمنت صفحاته  وصفا  مرهبا من  البشاعات .
السؤال هنا :  هل كان كزار سيتصرف من تلقائيته  مع جلاوزته  في قصر النهاية ، ام  انه  كان يتلقى الأوامر  للفتك  بمن يزج  في  ذلك  القصر كي تكون نهايته محتومة ؟  من المؤكد  ان كل ما جرى  في ردهات  ذلك  المعتقل الرهيب  كان يعلم به  احمد حسن البكر  وصدام حسين  فهما المسؤولان  عن البلاد  !  واذا كان الناس  يتداولون  قصص الرعب  في الخفاء  ، فهل  لم يشترك نظام الحكم برمته  في نسجها  وتنفيذها  ؟؟  وكنت  أتمنى ان يدينا  جرائمه بحق  قوافل من  الشهداء  والشخصيات  بعد إعدامه ، ويعتذرا  عما حصل   .. ولكن ذلك لم يحصل من قبلهما  .  يقول د.  اياد علاوي في مذكراته عنه  :  ”  يتضح  ان ناظم كزار  ربما كان ينفذ قرارا حزبيا بقتل  هؤلاء  الأشخاص الوطنيين  والعروبيين  .. وهي التي شطبت على كل  حسنات  ناظم كزار ”  ( ص 70 )  
فماذا يقول اياد علاوي  عنه  والذي  يعرفه حق المعرفة اذ يقول ان له بعض المواقف الحسنة  ، وهو موسوعة معلومات في ذهنه .. وقد قال له يوما بأن العراق لابد ان يغير  اشرعته ” ( ص 71 ) . يقول : ”  وكانت شخصية ناظم كزار  غريبة جدا ومعقدة ، فقد كان جريئا  بشكل غير عادي وشديد المراس  ، ولا اعتقد انه كان يعرف  معنى الخوف  والوجل والموت . لا يعتريه الارتباك من أي شيئ . وكان نظيفا عفيفا ونزيها ، وتميز  بالهدوء حتى انه كان يكنى  بـ ” السكوتي ”  عندما كان طالبا في كلية الطب  قبل فصله منها لينتقل الى الهندسة ثم يعتقل لفترة طويلة  ويعود ليدرس في معهد الهندسة العالي . لم يكن متزوجا ، وكان قاسيا وحادا في قناعاته وتصرفاته ، ونادرا ما يضحك  . وعندما وصل الى رئاسة اللجنة التحقيقية الثانية  في مكتب العلاقات العامة ، كان ذكاؤه حادا جدا وقد جاءت خلفيته من اسرة متواضعة وشريفة ” ( ص 71 )   . وهنا نتساءل :  كيف  يدخل  كلية طب او هندسة وهو خريج  ثانوية الصناعة ؟  ثم  اذا كان  مسجونا فمتى  دخل  الكلية ؟  
 
كزار مديرا للأمن العام :
بعد انقلاب 17 تموز/ يوليو  1968 واستلام البعث السلطة كاملة في الثلاثين منه  ، عين ناظم كزار في اللجنة التحقيقية الثانية ،التي كان يرأسها سعدون شاكر ،والذي أصبح فيما بعد وزيرا  للداخلية ،وعضوية حسن المطيري  ،وكان مقرها في قصر النهاية  ،لتأخذ دورها في التحقيق ،وتصفية  المعتقلين السياسيين الجدد (من  القوميين والإسلاميين ورجالات  نظام الأخوين عارف وغيرهم ) ..وقد  لقب كزار بعدة ألقاب ،ففي العام 1963   لقب بـ  “عقرب البعث ”  ،وبعد العام 1968   ،  لقب بـ  ” الشبح ”  ،وهو معروف بابي حرب ..  ومارس أساليب تعذيب، لا يمكن  وصفها :  كان أول من جلب أحواض الأسيد (التيزاب) الى مبنى قصر النهاية  لإذابة أجساد المعتقلين ، وهو أول  من استورد آلات تقطيع الأطراف من  (ألمانيا الشرقية) التي  عاونت العراق في هذا الجانب البشع  ..  فضلا عن زياراته الى رومانيا  وتدريب كوادره هناك  ..  كان يستخدم أساليب لا تخطر على  البال ,من بينها استخدام مطارق  الحديد الثقيلة في تكسير وتهشيم  عظام المعتقلين ،واستخدام الطبر  الحاد في تقطيع مفاصلهم وهم احياء  .. وترددت  العديد من الروايات  لشهود عيان  من المعتقلين في  قصر النهاية عن حبس المعتقلين عن التبول بعد شد أعضائهم بصورة محكمة ،وإجبارهم على شرب عدة زجاجات من ( البيرة) .  ـ كان يقوم بجلب مرضى السل لغرض البصاق في أفواه المعتقلين، لنقل المرض الى أجساد المعتقلين ..   ومن يعترف عليه أن يقول :انه  جاسوس لإسرائيل أو إيران أو  أميركا أو متآمر أو مختلس لأموال  الدولة أو عضو في حزب الدعوة أو أي  حزب ضدهم أو انه يتاجر بالمخدرات  أو يهرب أموال الدولة أو له نشاط   رجعي (أي :  ديني) أو خالف القانون أو  خان أو ما شابه ذلك ..وإن اعترف  ،سينشر اعترافه مع صورته على شاشة  التلفاز، ويحكم عليه بالإعدام أو  لمدة طويلة ، ثم لا ينقطع عنه  التعذيب الجسدي والنفسي حتى بعد  الاعتراف ،وان لم يعترف يستمر  تعذيبه بأقسى أنواع التعذيب فيموت  تحت التعذيب أو يصبح معوقا أو  عليلا بحيث يأخذ سبيله إلى الموت  أو يحكم عليه بالسجن المؤبد أو  لمدة طويلة ،وهناك في السجن يغتال  إذا خشي منه كما اغتالوا المسؤول الأول للبعث فؤاد ألركابي وسبعة  من أصدقائه في سجن بعقوبة من قبل  السجين المنحرف حمودي واتهام  ألركابي بالانحراف من اجل إسقاطه  في عيون رفاقه!!..  ـ كان له دور واضح في تصفية  الكوادر البعثية العسكرية (التي  كان البكر وصدام يشعران بأنها  تشكل خطرا على نظامهم مثل اللواء  الركن عبد الكريم مصطفى نصرة  وغيره .. وقد اشاع  الرعب في المجتمع العراقي  وعمل معه  عدد  من اقسى  البعثيين العراقيين، وكان  محمد سعيد الصحاف  مدير عام الإذاعة والتلفزيون  هو الذي  يلتقي  المعتقلين المتهمين  بتهم قاتلة   ليدلوا باعترافاتهم  الكاذبة  على شاشة التلفزيون  بعد ان مورست  ضدهم  كل الوسائل  اللاأخلاقية  ، فاجبروا  ان يقولوا  انهم عملاء  وجواسيس !!  لقد عومل رؤساء وزارات ووزراء  وشخصيات  ادارية  وعسكرية عراقية بمنتهى القسوة ومات  البعض تحت التعذيب  او  اخرج  من قصر النهاية ليموت بعد ايام !
 
منح كزار رتبة لواء  في الجيش  :  مديرا للأمن العام :
هذه الروح المبدعة في الإجرام  والمبتكرة لأشد الأساليب وحشية في  التعذيب والقتل ،دفعت البكر وصدام  الى منح كزار رتبة لواء في الجيش العراقي ، وترقيته  الى منصب حزبي رفيع ،وتعيينه  مديراً عاماً لمديرية الأمن العام  وكانت من اخطر الأجهزة وقت ذاك  .  ومنذ أول يوم توليه هذا المنصب بدأ  بتنفيذ هوايته القمعية البوليسية  التي ذاع صيتها وقل نظيرها في  الشرق الأوسط ،وتحت غطاء كثيف من  السرية والكتمان ،كما لجأ الى  إبعاد عدد كبير من ضباط مسؤولي  أقسام الأمن العامة من بعثيين  وغير بعثيين ،خصوصاً الذين يشك بعدم ولائهم له ،واستبدالهم بمن هو حميم له ولصيق به حتى الموت !  قام كزار بتصفية  جسدية  لــ   (2009) شخصاً منذ أن  تولى منصبه مديرا للأمن العام 1969  حتى  1 تموز/ يوليو  1973 .. من مختلف القوى السياسية ، حتى من البعثيين الذين  اختلفوا عن نهج  النظام  في حكم العراق .  وطالت  عمليات ناظم كزار خارج العراق  على شخصيات سياسية وعسكرية ومنها  – مثلا –  اختطاف اللواء حميد الحصونة الذي  احتجز في السفارة العراقية بالقاهرة تمهيدا لتسفيره  الى العراق ، ولما علم  جمال عبد الناصر من خلال زوجة المجنى عليه ، امر بتطويق السفارة  وسحب الحصونة وخلصه من  تعذيب  وموت محقق في قصر النهاية  . ولكن  يقول اياد علاوي في مكان آخر : ”  يقال عنه – كزار –  انه كان مؤذيا ودمويا  لكنني لم اسمع من أي احد من المعتقلين  أن ناظم قد تعرّض  لأحد  في السجن  أو عذبه  ، وبطبيعة الحال لم أسأل الكل ، أي الذين  تم اعتقالهم ( ص 72 ) !  فكيف  يتفق  هذا  مع  مسؤوليته عن قصر النهاية ؟  
 
محاولة اغتيال الملا مصطفى  البارازاني :
انها حادثة شهيرة ، ولكن  لابد من الوقوف عندها  ..  ففي 29 أيلول/ سبتمبر 1971،   فشلت محاولة  دبرها ناظم كزار لاغتيال الملا  مصطفى  بارزاني بتخطيط من صدام حسين  ، حين  توجه عشرة من  رجال دين من بغداد لزيارة  بارزاني غرضها التحدث إليه عن  السلم بين المسلمين ..  وضم الوفد: الشيخ عبد الجبار الاعظمي وشقيقه عبد الوهاب والشيخ عبد الحسين الدخيل والسيد نوري  الحسني والشيخ احمد الهيتي والشيخ  غاوي الدليمي والشيخ باقر حسن  المظفر والشيخ إبراهيم الخزاعي   وآخرين ..  ـ زود كزار أحد أعضاء الوفد بجهاز تسجيل،بصورة سرية اذ أخفاه تحت  ثيابه ،وابلغه أن قيادة الثورة  ترغب بتسجيل حديث بارزاني  ،وأوصاهم بالجلوس أمامه ،وقيل له  حينما يتحدث بارزاني تضغط على  الزر بشكل لا يلفت  الانتباه ،وبالفعل حينما أقبل بارزاني بصحبة حراسه بعد أن ترك مقعده  المألوف ،واتخذ صاحب جهاز التسجيل   أو في الحقيقة صاحب القنبلة ..  مقعده مقابل ملا مصطفى بارزاني  ،وبينهما طاولة ذات قوائم قصيرة   وضعت فوقها أقداح الشاي ،فلم يكون   بينهما والحال هذه أكثر من مترين
 افتتح الحديث الشيخ عبد الحسين الدخيل ثم تلاه الشيخ عبد الجبار الاعظمي بمقدمة بعد تقديمه هدية  الوفد لبارزاني ،وهي نسخ من  المصحف الشريف كانت واحدة منها  مفخخة ولم ينطق حامل القنبلة  بكلمة ..   يقول بارزاني : ما أن فتحت فمي  ونطقت بكلمة (نحن) حتى دوى صوت  انفجار هائل وتصاعد الدخان  وتطايرت شظايا النوافذ فمددتٌ يدي  إلى حزام مسدسي ،ونطقتُ باسم الله  ،ولم اشعر بغير صدمة هوائية   وانطلقتً خارجاً .. وقتل من قتل  ولكن الشظايا لم  تقتل  الهدف .  وهناك رواية اخرى تنفي ضلوع ناظم كزار  بترتيب  هذه المحاولة  ضد  الملا مصطفى  وان مهندسها  الحقيقي هو  صدام حسين .  
 
بداية النهاية :
كان ناظم كزار إضافة الى كونه مديراً عاماً  لمديرية الأمن العامة ،كان مستشارا  امنياً للبكر (رئيس الجمهورية)  ..وبدأ صدام يقلق لأن كزار أخذ يشكل  خطورة ،فعمد صدام الى فك ارتباط  البكر من ناظم ،  وربط البكر بمنظومة  أمنية تكريتية مغلقة ،أكثر أهمية  ،وهي مديرية العلاقات العامة ،  التي أصبحت (:  جهاز المخابرات عام 1973 )  ،وألحق بها كل من : (برزان إبراهيم التكريتي، وعلي حسن المجيد  ،والأخوين سبعاوي ووطبان ،وعين  سعدون شاكر اليد الطولى له مديراً  عاماً لها ..  ان مكتب العلاقات العامة غدا حزبا  داخل حزب . كان في البدء سريا  ، ثم وزعت مسؤوليته على لجنتين تحقيقيتين الأولى بقيادة سعدون شاكر  والثانية بقيادة ناظم كزار  ..  كما انشأ صدام مراكز تحقيق وسجون  (سجن قصر النهاية ،وسجن مديرية  التحقيقات العامة ،وسجون وزارة  الداخلية) ومديريات أمنية  أخرى، جميعها ليست تابعة أو ليس لها  علاقة بمديرية الأمن العامة ولا  بناظم كزار ..تلك الإجراءات وغيرها  أفقدت كزار أهميته وجعلته حبيس  دائرته .. ولم يبق أي عمل ( لآبي النظارة الزرقاء – كما كان يسميه  صدام حسين )   سوى هويته  القديمة في ملاحقة الشيوعيين داخل  العراق ،وقضايا روتينية أخرى مثل  (الرشوة ،وشتم الحزب في حالات  السكر، وبعض نزاعات  العشائر، وغيرها) التي لا تشكل  خطراً على صدام ومستقبله  ..أما على الصعيد  الحزبي ،فقد همش صدام رفيقه ناظم  كزار ،ولم يرشحه لأي منصب حزبي .  وقد توسّع  صدام حسين في مفهوم الأمن بعد كزار  .  ( ثورة 17 تموز : التجربة والآفاق ، ص 139- 140 ) . وتذكر  وكالة المخابرات المركزية  في تقرير لها (بعنوان : العراق : المخابرات والخدمات الأمنية ، تقرير  رقم 276 أغسطس 1985 ، ص 139- 140 )  ان الأمن  كان يراقب المعارضة  الداخلية والأقليات العرقية والطوائف الدينية ، وكان مسؤولا أمنيا عن حراسة حدود العراق ، خاصة في الشمال ويراقب الأنشطة  الاقتصادية غير القانونية مثل تجارة العملة وتجارة السوق السوداء .  
 
ناظم  كزار يشكل كتلة حزبية للتوازن :
ثمة رواية  وردت تقول :  راح ناظم يتوجس خيفةً من عزله ،وتأكد له أن صدام يعد له النهاية ،خاصة وقد التقط كزار حالات  انزعاج وامتعاض ،كان يبديها  القيادي في البعث عبد الخالق  السامرائي ،ومحمد فاضل أثناء  اجتماعات حزبية للقيادة القطرية  للبعث ..  وجد كزار في تلك الإيماءات ضالته  ،  فكاشف رفيقيه في الانضمام لهما وكسب  تأييدهما ،ولو بصورة مبدئية ،ثم  بات الثلاثة ومن خلفهم من مؤيدين  يشكلون حلقة سرية قوية ،أو تكتلا  حزبياً مؤثراً  داخل بنية الحزب  ،وهم (عبد الخالق  السامرائي أمين سر الحزب ومحمد  فاضل مسؤول المكتب العسكري و ناظم كزار مدير الأمن العام  ) ،ثلاثية لا يستهان بها أبدا ،تستطيع عمل أمور مهمة بسبب مواقعهم الحيوية والحساسة..
 
صدام كان له بالمرصاد :
لم يكن صدام حسين بعقليته  المشككة  غافلاً عن تحركات هذا  الثلاثي ،وأخذت أجهزة صدام من  متابعة أو مراقبة كل خطوات وحركات  هذا الثلاثي ،وراحت التقارير  الحزبية السرية والوشايات  والدسائس تصل مكتبه من قبل علي حسن  المجيد وحسن العامري ومن دائرة  العلاقات العامة ،وعلى خلفية تلك  “التقارير”  عمد صدام الى إجراءات  سرية من شأنها إضعاف تأثير هذه  الكتلة، فنقل جزءاً كبيراً من صلاحيات مسؤول المكتب العسكري الى  صلاحيات مجلس قيادة الثورة ، وجرد  محمد فاضل من أهم صلاحياتها  ومسؤولياته في الحزب والدولة  .  أما ناظم  كزار فأخذ يرسل له الإيماءات  ،حيث يقول القيادي ألبعثي عبد الله سلوم السامرائي : ”  في البداية ،  بدأ صدام بتسريب أقواله إلى أسماع كزار ،ويصفه بشتى النعوت والكلمات  البذيئة ..هادفاً من ذلك إثارة  كزار ودفعه الى مغامرات طائشة ،  وبضيف السامرائي حديثه  قائلاً:  (كنتُ آنذاك احد أعضاء قيادة منطقة الوسط للحزب ،عندما استلمنا  تقريراً من صديق للحزب يقول فيه  انه سمع من صهر ناظم كزار أن كزار  قبل حركته صدر منه الكلام الآتي:  (هذا ليس بحكم حزب البعث انه حكم عشيرة   ،وبالأخص حكم عائلة ،ويسموني أنا  شيعي وشروكي ،والله لن اجعل  تكريتياً يعيش حتى لو كان في آخر الدنيا ،وسأجعل ارض تكريت لن يعيش فيها حتى الحشرات مدى الحياة) ..واتخذ  كزار من المثلين الشعبيين شعاراً   له، وهما : (لا أرى الذئب ولا الذئب  يراني) والثاني (سأتغذى بهم قبل أن  يتعشوا بيً) ..في حين كان صدام على  درجة كبيرة من الحذر والتأهب من  تقوقع رفيقه كزار داخل أقبية  مديرية الأمن العامة .. ولكن  بدا واضحا ان صدام كان يعلم  كل ما يخطط  له هذا الثالوث  ضد  البكر وصدام  ،  وتشير بعض الإشارات  ان صدام كان  يعلم  توقيت الحركة  ، ولكنه اخفاها عن البكر  !
 
مؤامرة كزار : أهدافها ومحاورها  
تقول الرواية الحكومية  ( والتي  يكررها برزان إبراهيم التكريتي في كتابه محاولات اغتيال الرئيس صدام حسين ( بغداد : بيت النشر العربي ، 1982 ) ص 91-   161   )    :  اقتنص ناظم  كزار الفرصة التاريخية وبنى عليها  خطته ،والتي كانت تتكون من ثلاثة محاور: الأول: إن تكون مجاميع من  رجال الأمن التابعين الى ناظم  كزار  والمنتشرين في فضاءات ،وعلى أسطح أبنية مطار بغداد على أهبة  الاستعداد ،حيث عودة الرئيس البكر من زيارته لبلغاريا في 30 حزيران / يونيو  1973  ،وحال نزول البكر من سلم  الطائرة ومعانقته لصدام تقوم هذه المجاميع  وعددهم 5   بإطلاق النار الكثيف من رشاشاتهم  وهم بقيادة ناصر فنجان  من  جميع الجهات عليهما والتأكد التام  من قتلهما..   الثاني: أن يتم اعتقال سعدون غيدان وزير الداخلية وحماد شهاب وزير الدفاع باعتبارهما رهينتين في  قبو  مبنى الكمالية  ( بشهادة  المختطف سعدون غيدان )    يمكن  التفاوض عليهما في حالة فشل  العملية وقتلهما مع  بقية المختطفين  في حالة  نجاح العملية  واعتبارهم  من منفذي الانقلاب واغتيال  البكر وصدام  ..   المحور الثالث : بعد تنفيذ المحورين ،ونجاحهما تتوجه مجموعة  من زمرة كزار الى دار الإذاعة  العراقية وإذاعة بيان مهم صادر من  مجلس قيادة الثورة يكشف عن حصول  مؤامرة على الحزب والثورة، قام  بها وزيرا الدفاع والداخلية ،ويعلن  بأنه قد  تم القضاء عليهما ،وان الحزب ما  زال يسيطر على دفة الحكم ،وان  الحكومة قد أعدمتهما ،المحور الرابع  :  الدعوة الى عقد  مؤتمر قطري  في دار عبد الخالق السامرائي  لانتخاب قيادة جديدة وتشكيل مجلس وزراء  جديد  وإعلان جبهة  وطنية  واسعة  والاعلان الفوري عن تعزيز الجبهة الشرقية  العسكرية في المفرق – الأردن  .  المحور  الخامس  :  تختار  قيادة الحزب عبد الخالق السامرائي  لقيادة الحزب والدولة .. وتمت دراسة الخطة جيدا من قبل الثلاثي (عبد الخالق السامرائي ومحمد فاضل وناظم كزار) ووضعت اللمسات الأخيرة لها .. وبقيً ناظم  كزار يراقب تنفيذ الخطة من شاشة تلفاز ،موجودة في إحدى السيارات  ،في حين حضر محمد فاضل مراسيم  استقبال البكر ..
 
الرواية الرسمية العراقية
لنستمع الى الرواية الرسمية فقد  أدلى ناطق رسمي بتصريح جاء فيها :
 (إن ناظم كزار قام في الثلاثين من  حزيران/ يونيو  1973 بدعوة الفريق حماد شهاب  وزير الدفاع ،والفريق سعدون غيدان  وزير الداخلية (باعتبار كزار مسؤولهما الحزبي) ،وذلك لزيارة  احد المراكز ذات الصلة باختصاص الوزيرين ،والذي كان كزار يتولى مسؤولية الإشراف عليه،كما قام  باستدراج آخرين الى الموقع نفسه  ،من بينهم منذر المطلك زوج ابنة الرئيس البكر وسكرتيره الخاص ،بعد وصول الوزيرين إلى مكان الدعوة اعتقلهما كزار ..وقبيل الساعة السادسة اجتمع كزار ومحمد فاضل  عضو القيادة القطرية في مقر الهيئة التحقيقية الثانية  ،وغادرا بعدها المكان الذي احتجز فيه شهاب وغيدان وبقية المدعوين  ،وفي المطار كان كزار قد هيأ  مجموعة مهمتها اغتيال البكر وصدام وجميع الوزراء والسفراء وذلك  باستخدام الرشاشات والقنابل  اليدوية) ..  واعتقد ان هناك مبالغة  إعلامية في الرواية الرسمية  ، اذ ان  الهدف  هو  البكر وصدام  لحظة النزول من الطائرة  بعيدا عن  المستقبلين .
 
نعود لنستكمل ما جرى على الأرض :  هل السيناريو  يؤشر  معرفة صدام بالتفاصيل ؟  
وصل صدام مع أعضاء القيادتين القومية والقطرية والوزراء وجميع الوزراء والسفراء والمدعوين  الآخرين صالة الانتظار في المطار لاستقبال طائرة رئيس الجمهورية  ،وفي لحظة قاتلة افتقد صدام  الوزيرين (شهاب وغيدان) ،وسألً  عنهما ،وعن سبب عدم حضورهما ،لم  يجد الإجابة المقنعة ..  وفي سرعة خاطفة اتصل صدام بالبكر شخصياُ ،وطلب منه عدم النزول في مطار بغداد ..وانسحب صدام من  المطار تحت حراسة شديدة مكثفة ً وصرف عن حضور المستقبلين ،وألغيت مراسيم  الاستقبال بشكل لافت ،ما دعا زمرة  كزار إلى القلق والخوف والتشتت  ،بسبب عدم وجود القيادة الميدانية التي تضع البدائل للاحتمالات  ،وانقطاع الاتصال مع الرأس المدبر  ،الذي كان بعيداً عن تفاصيل الحدث  ،وبقيً يشاهد التلفاز من سيارته المدرعة ..وحين شعر كزار بالإحباط  والفشل ، قاد موكبه المكون من عدة  آليات مسلحة تحتوي على قنابل   ومتفجرات ومعاونين له مع  الرهينتين من بغداد الى الكوت ثم  الى زرباطية ،في محاولة للهرب إلى  إيران ،لكن موكبه واجه عدة مصاعب  وعقبات ،حين اصدر صدام أوامره إلى الجهاز الحزبي في الكوت وجميع  المحافظات العراقية الأخرى والى قواطع الجيش الشعبي بملاحقة كزار  وزمرته ،وإلقاء القبض عليهم ،وكان  للطائرات المروحية دور كبير في  إعاقة تقدم الموكب في منطقة  زرباطية .. وقد حاول وزير الدفاع  حماد شهاب التملص أو الهرب من  وثاقه ،لكنه لم يفلح عندما أطلق عليه الرصاص من جهة حسن المطيري ،أما   وزير الداخلية سعدون غيدان، الذي  حاول الهرب بعد فك وثاقه فقد أصيب  بإطلاقات في كتفه ،وظل هامدا على  الأرض ،فاعتقد كزار انهما  لقيا حتفهما  ! فان مات الأول  فان الثاني  بقي هامدا ؟  وهل كان البكر  يحمل اسرارا  مهمة  اخذها معه بعد رحيله  دون رجعة  وخشى ان يحكيها  ؟  
 
نهايته :
لم يستطع ناظم كزار مقاومة سلاح  المروحيات الكثيف ،وتم تطويقه مع جماعته ،وقد جرح كزار قبل  اعتقالهم ،ونقلت الطائرات كزار  وجماعته إلى بغداد   اذ اخذ كزار  لوحده في طائرة مروحية مخفورا  ومعتقلا  وحطت به في  القصر الجمهوري  ونقل سعدون غيدان الى مستشفى الرشيد العسكري  وعولج  يعد نقله الى القصر الجمهوري فوصل قبل  وصول كزار ،  وبرواية  كل من عدنان شريف  وناجي التكريتي  ان كزار عندما وصل القصر الجمهوري  وعند دخوله القاعة  التي كان الاخرون  مجتمعين  فيها  قال له  صدام  : ” ليش أبو حرب ” ؟  فأجابه ناظم ” ” ليش وجهك اصفر يا أبو عدي ؟ ” واكمل ساخرا :  ” راح يطلع لكم  الف ناظم ” ، ثم ادخل  على البكر  الذي انفرد  به لمدة قاربت  الساعة  ، ولا احد  يعلم  أيضا ماذا جرى  بينهما !   ثم تكمل  رواية أخرى  ان كزار  عند ايصاله  الى  معتقله  في  قصر النهاية ،حيث  تجمع هناك حوله عدد من قيادة البعث منهم :  عزة الدوري ،وطه الجزراوي ،ونعيم  حداد ،وغانم عبد الجليل ،ومحمد  محجوب ..   في البداية بصق طه الجزراوي في وجه  كزار ،ورفسه على صدره ،وانهال  أعضاء القيادة بضرب كزار بأقدامهم، وهو ملقى على الأرض مكتوفا وكان ينزف بشدة  ،فتح كزار عينيه ،وقال لهم :  ” تعرفون من أنا ..وتعرفون جهودي في  حماية الحزب والثورة ،وتعرفون  صلتي الوثيقة بالرفيق صدام ،وأنا  لم اخطأ ولم أخن”   ..  كان صدام حاضرا  يتفرج  عليه  ، فاتوا به  اليه  والدماء تصبغ  وجهه  وملابسه   !  . السؤال الذي  يطرح نفسه  :  ماذا يقصد  كزار : ”  انا لم اخطأ ولم  أخن ”  !؟؟؟  
 
صدام يتولى التحقيق معه
تولى صدام التحقيق مع  كزار ،وابرز ما جاء في ذلك التحقيق :   سؤال وجهه إليه صدام : لماذا تآمرت  ؟ وهل كانت عندك ملاحظات؟ ولماذا  لم تقلها للحزب؟ أجاب كزار: ”  لقد لاحظتُ خلال زياراتي للقصر  الجمهوري انكم  صعدتم حزبياً أفراداً ليسوا بعثيين  أصلاَ الى مواقع في الحزب ،لكونهم من تكريت فقط”،أنكر صدام ذلك ،لكن كزار قال له بقوة اجلب البكر أمامي  ،وسيعترف بصحة أقوالي ..ثم سأله صدام : ” ألم تعلم بأني عضو قيادة  قومية ،فلمً طلبت عبد الخالق  السامرائي وسيطاً بيننا”  ،قال  كزار : ” طلبتُ عبد الخالق لأنه من  الثقاة في الحزب”  .. تعرض كزار الى تعذيب شديد على أيدي أفراد المخابرات العراقية ،فقاموا بكي جسده بالمكواة الكهربائية ،وتقطيع بطيء  بالسكاكين ،ومن ثم اعدم ،وقيلً  انه مات متأثراً من التعذيب والركل  بالقنادر  . وقد عذب بأسوأ واشد أنواع التعذيب  ،وجيء به  ثانية أمام صدام، فقال له صدام  ـ (انتشلتك من سوق النخاسة يا كلب  يا شروكي) ،لكن كزار ردً عليه  الصاع صاعين وقال له : ”  من هو أبوك ؟  ومن أين جئت؟؟ ”   وبصق في وجه صدام  ،ولم يتحمل صدام كلامه ،وخشية أن  يستمر في تقريعه أمر بقطع لسانه وقبلً أن يواصل صراخه ، هجم عليه سعدون شاكر وبرزان التكريتي يضربانه على وجهه ورأسه  بإقدامهما  ، ويحاولان إسكاته ،الى  إن خيلَ للجميع إن كزار لفظ أنفاسه الأخيرة ،لكنه فجأة فتح عينيه  ،وقال : عرفتُ كل شيء عن صدام ،إلا  شيئاً واحداً.. وهو الجهة التي تقف  وراءه .. ولفظ أنفاسه الأخيرة ..  كل هذا  جرى بعد تحقيق اجراه صدام معه  !   وقد  تداولت  الناس  هذه الاخبار  سرا  وكثرت المبالغات  حولها  حتى سمعت رواية  ( غير مؤكدة ) تقول  ان صدام امر  بنفخ  كزار  قبل موته  !!   وقد تصاعد التعذيب حتى لفظ كزار أنفاسه الأخيرة!! وكان ذلك  يوم 7 تموز / يوليو 1973 .  وكانت جماعته  كلها قد اعدمت  بعد التعذيب  وفي مقدمتهم  محمد فاضل  عضو القيادة القطرية  والمكتب العسكري  ،  ثم  مساعد  كزار   حسن المطيري  الذي قتل حماد شهاب  وأصاب سعدون غيدان  .. وجماعات أخرى  اشتركت  معه  ،  وسجن  عبد الخالق السامرائي  في زنزانة مظلمة  حتى  1979  حيث  اخرج من السجن  ليعدم  مع  جماعة 1979  ، علما بأن   جعفر  المظفر  ينفي نفيا قاطعا  مشاركته  مع  مؤامرة كزار   كونه لم يؤمن بهذه الطريقة  الانقلابية  ،  وهو  ينفي  ذلك عنه  لأنه يعرفه  معرفة  وثيقة اذ اشتغل معه  في المكتب الثقافي .
 
أسئلة  بحاجة الى مجيب  ؟  
اذا  كانت الحركة  يوم 30 حزيران 1973 وقضي عليها  ليلة 1 تموز / يوليو  1973  وقد فشلت في اليوم نفسه  ، وقد اقتيد  كزار الى القصر الجمهوري   وبقي لوحده ساعة  بمعية البكر  ، فما الذي  قاله له ؟   وما هي اخباره  الخفية  من يوم 1 وحتى يوم 7  حيث  مات  من التعذيب ؟  من حضر التحقيق  الذي  اجراه صدام حسين معه ؟  ام كانا لوحدهما  ؟ من اين استقى البكر  معلوماته عن الحدث  ؟  هل من مصدر واحد  ام من مصادر أخرى ؟  هل كانت العملية  مدبرة  ومركبة  من اكثر من جهة  ام  من جهة واحدة ؟  هل كانت ضد  البكر  أساسا ام  ضد  البكر وصدام  معا ؟  واذا كان  غيدان وشهاب  قد تأخرا  عن  الاستقبال  ، فهل  يستدعي ذلك  من صدام ان يشك  بوجود مؤامرة بهذا الثقل  ، ويتصل تلفونيا  بالبكر  ليطلب منه  تأجيل هبوط الطائرة  ؟  ام كانت هناك إشارات  اوعزت للبكر  تأخير  وصوله  في بلغاريا  بطلب  منها او من بولونيا ؟  ان الإشارات  والدلائل  تعلمنا ان  صدام حسين  يعرف  بتوقيت المؤامرة  بواسطة عيونه  في الجهاز  وفي مقدمتهم سعدون شاكر  ..  فان كان  رجال كزار  قد  اخذوا مواقعهم  لقتل  الرئيس  البكر  ، فثمة  رجال  توزعوا  لقتل  أولئك القتلة  حال تنفيذهم  هدفهم ..   اللعبة فشلت  ، ولكن  السيناريو اختفى  بكل  حقائقه  
Long, Jerry M. (April 2004). Saddam’s War of Words: Politics, Religion, and the Iraqi Invasion of Kuwait
 
التداعيات  :  أسئلة من نوع آخر  بناء على نص  وثيقة  مهمة لبرقية وردت من قسم المصالح  في بغداد  الى وزارة الخارجية  الأميركية  مؤرخة في 1  تموز  / يوليو  1973  (  بغداد 1 تموز 1973 1130 ز. )  .
أولا :  بالرغم من كل الروايات  والتفاصيل  ، لكنني أرى ان  حركة كزار تشكل لغزا تاريخيا  ، فقد  قرأت وسمعت  العديد  من  الآراء والمعلومات التي  يشير أصحابها بأصابع الاتهام  الى  صدام حسين  كونه  مدبر السيناريو  وكل اللعبة  ، وربما  عرف البكر  بعد فشل الحركة  ذلك ولكنه  سكت على مضض  اذ  كان قد  تكسرت  اجنحته ..  وعندما يصل الاتهام  لصدام  من قبل  سعدون غيدان نفسه  وقاسم سلام  وغيرهما  ، بل  سمعت ذلك  على لسان  شخصيات  لها مراكزها  العليا في حزب البعث  العربي الاشتراكي  اتهامها الصريح  لصدام حسين  بترتيب  هذا السيناريو الفاشل  للتخلص من  عبد الخالق السامرائي  وناظم كزار  ومحمد فاضل  ومرتضى سعيد عبد الباقي  .. كما انتشرت  حزمة كبيرة من الدلالات العجيبة  والحكايات  التي  لا  يعرف احد مصدرها  ..  تقول بأن  شهاب  وغيدان  هما آخر رجلين عسكريين في مجلس قيادة الثورة ، باستثناء البكر. وهكذا يمكن اعتبار المؤامرة ضدهم بمثابة الخطوة الأخيرة في استيلاء صدام حسين والجناح المدني لحزب البعث على السلطة الكاملة.  وجرى من قبلهما  اغتيال اللواء حردان التكريتي في 2آذار / مارس 1971 والنفي القسري للجنرال صالح مهدي عماش في تشرين الأول / أكتوبر 1971.
ثانيا :  هناك إشارة  أوردها  التقرير  في أعلاه  وتضمنته برقية  تسلمتها وزارة الخارجية الأميركية  حيث قالت أن قلة من المراقبين تعطي مصداقية لبيانات الحكومة العراقية . فقد  أخبرني القائم بالأعمال الباكستاني أنه طُلب من طائرة الرئيس  البكر  تأجيل الهبوط حتى يصبح كل شيء آمنًا وأن طائرة AF كانت في الهواء لإسقاط الطائرة ، ولكن عندما علم الطيار أن المؤامرة قد اكتشفت ، هرب عبر الحدود. وتضمنت  البرقية  معلومات بمقتل عدة مئات من أفراد الجيش وميليشيا البعث في اشتباكات حدثت  يوم 1 يوليو عندما توجهت تلك المليشيات للسيطرة على معسكر الرشيد ، وهو  أكبر منشأة عسكرية بالقرب من بغداد. وقد  اقترن ذلك  بمصداقية ما تضمنه تقرير موثوق من ممرضة بريطانية  كانت تعمل ليلا  في مستشفى محلي قالت  أنه في حوالي 1300يوم   1 يوليو ، دعا مكبر الصوت جميع الأفراد إلى البقاء في الخدمة وتم إرسال جميع الأطباء والممرضات المتاحين إلى مستشفى الرشيد العسكري  لما كان يصله  من  موتى وجرحى  !!  .
ثالثا :  ثمة سؤال آخر  هل من قبيل المصادفة  ام  لا  ان  أربعة  وزراء  كرد  قد تغيبوا  أيضا عن استقبال  البكر في المطار. ولا اعتقد  ابدا ، بل استبعد  احتمال تورط القضية الكردية  في صراع  حزبي  لحزب البعث  الذي يحكم العراق !!  
 
انظر العلاقات الخارجية ، 1969-1976 ، المجلد E-4 ، وثائق عن إيران والعراق ، 1969-1972 ، وثيقة 278.
Source: National Archives, RG 59, Central Foreign Policy Files, [no film number]. Confidential; Immediate. See Foreign Relations, 1969–1976, volume E–4, Documents on Iran and Iraq, 1969–1972, Document 278.
Anthony H. Cordesman, Iraq and the War of Sanctions: Conventional Threats and Weapons of Mass Destruction. Greenwood Publishing Group, 1999,  p. 155.
وانظر :  حزب البعث العربي الاشتراكي ، ثورة 17 تموز : التجربة  والآفاق  : تقرير سياسي عن المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث العربي الاشتراكي / العراق ( بغداد : الحزب ، 1974 ) ، صفحات 139- 140 .
برزان التكريتي ،  محاولات اغتيال الرئيس  صدام حسين ( بغداد : بيت النشر العربي  ، 1982 )  ص  91- 161.  
يوسف سسون  ،  بعث صدام : رؤية من داخل نظام استبدادي ، ترجمة : رفعت السيد علي ( منشورات الجميل ، 2015 ) ، ص 168 .  
اياد علاوي :  بين النيران : محطات في مسيرة اياد علاوي  ، ج1 ( دار المدى ، 2018 ) .  
احمد الحبوبي ،  ليلة الهرير في قصر النهاية ( عدة طبعات )  .  
كما صدرت مؤخرا ثلاثة كتب تعتني  بتاريخ ناظم كزار  المثير   ومحاولته الانقلابية  1973 ضد نظام الحكم القائم  ،  والكتب  هي  :
كتاب سيف الدين الدوري ،  اللغز في اعدام  ناظم كزار وعبد الخالق السامرائي  وأربعة آخرين  من أعضاء مجلس قيادة الثورة  1973- 1979  ، ط1 (  الدار العربية للموسوعات ، 2014 ) .  
وكتاب شامل عبد القادر  ، ناظم كزار  :  سيرة أقوى مدير أمن عام في تاريخ العراق السياسي الحديث 1968- 1973  واسرار انقلابه الفاشل  ، ط2 (  مكتبة المجلة ، 2015 ) .  
وكتاب  جعفر المظفر ،  عبد الخالق السامرائي  وناظم كزار  : احاطة سياسية اجتماعية نفسية  ( لندن : دار الحكمة 2022 )  .  
 
نشرت  يوم  الخميس 28 ابريل / نيسان 2022  على الموقع الرسمي  للدكتور سيار الجميل  
الصور المرفقة :  
الرئيس  احمد حسن البكر  ونائبه صدام حسين
ناظم كزار  بمعية صدام حسين
عبد الخالق السامرائي  
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular