السبت, مايو 18, 2024
Homeاخبار عامة"بيان" الصورة القاتمة.."الإساءة للرموز"و"تكميم الأفواه" في العراق

“بيان” الصورة القاتمة..”الإساءة للرموز”و”تكميم الأفواه” في العراق

تقارير دولية انتقدت انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. أرشيفية
تقارير دولية انتقدت انتهاكات حقوق الإنسان في العراق. أرشيفية

 

كشف مئات من المثقفين والناشطين المدنيين العراقيين، في بيان الجمعة، عن صورة قاتمة لواقع حقوق الإنسان في البلاد، “ولاسيما حرية التعبير التي تشهد تراجعا ملحوظا”، لافتين إلى تزايد أوامر الاعتقال الصادرة بحق ناشطين وأدباء وإعلاميين وأصحاب رأي.

وأشاروا في البيان الذي حمل عنوان “دفاعا عن حرية التعبير” إلى “انتهاكات” طالت مجال الحريات المدنية، بالاستناد “إلى قوانين سُنّت في زمن النظام الشمولي السابق”، وفقا لما جاء في البيان.

واتهم البيان أطرافا “بارزة في سلطات الدولة العراقية ومن يشغلون مناصب عليا فيها” بممارسة الخروقات التي “تستهدف من ينتقدون الأداء العمومي”، استنادا إلى “تبريرات من نحو ‘الإساءة لمؤسسات الدولة’ و’إهانة القضاء’ و’التطاول على الرموز’ وسوى ذلك، في وصف آراء تقع في صلب مجال حرية التعبير التي كفلها الدستور العراقي”.

وشدد البيان على أن رفض المؤسسات العامة للرأي الآخر “عادة ما ينتهي إلى ملاحقات قضائية للأصوات الناقدة، واعتقالها واتهامها بالعمالة والتجسس، وإرعابها، وإلحاق الضرر بوظائفها وتهديد مصادر عيشها، الأمر الذي يضع البلاد في مسار سلطوي، يقود إلى عودة الدكتاتورية ومآسيها الكثيرة”.

وحذر البيان  من “انزلاق العراق نحو تقاليد الاستبداد والدكتاتورية وتكميم الأفواه”.

 

 

وجاء بيان “دفاعا عن حرية التعبير”، بعد انتقادات وجهها مجلس القضاء الأعلى في العراق، الخميس، إلى برنامج حواري يبث على قناة العراقية.

ووصف رئيس المجلس، فائق زيدان، مقدم البرنامج، الإعلامي سعدون محسن ضمد، بأنه “متطرف” ولديه رأي شخصي سلبي ومتطرف”، ويستضيف “من لديهم رأي سلبي (متطرف) بالقضاء”، وذلك وفق وثيقة تداولتها وسائل إعلام محلية، وتأكد موقع “الحرة” من أصالتها.

وقال زيدان، وفقا للوثيقة، إنه “يحرص على حماية حرية التعبير والإعلام”، ولكنه “يأسف لنهج قناة الدولة الرسمية بالإساءة إلى مجلس القضاء الأعلى كمؤسسة وشخوص القائمين على إدارتها”.

 

وثيقة مجلس القضاء الأعلى في العراق
وثيقة مجلس القضاء الأعلى في العراق

وتحدثت وسائل إعلام عراقية عن صدور مذكرة إلقاء قبض بحق الإعلامي سرمد الطائي، أحد ضيوف برنامج “المحايد” الذي يديره ضمد. وكان الطائي قد وجه انتقادات إلى مجلس القضاء وشخصيات إيرانية بارزة خلال مداخلته، بينها المرشد الإيراني علي خامنئي.

وبحسب وثيقة تناقلها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، أصدرت محكمة استئناف بغداد الكرخ الاتحادية مذكرة اعتقال بحق الطائي، بتهمة “ارتكاب جريمة (…) لتعمده إهانة المؤسسة القضائية”.

وأشارت الوثيقة إلى أن ما قاله خلال البرنامج التلفزيوني هو “خارج إطار حرية التعبير عن الرأي المكفولة بموجب الدستور العراقي”.

وأثارت مداخلة الطائي ردود فعل سياسية غاضبة. ودعا جبار المعموري، عضو تحالف الفتح بقيادة هادي العامري، أثناء مداخلة في برنامج يبث على قناة محلية، إلى “تجريم” سرمد الطائي، وخروج “الشعب العراقي

تظاهرة ضد” وسائل الإعلام التي وصفها بـ”المأجورة”.

وقال هشام الركابي، مدير المكتب الصحفي لرئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي في تغريدة على تويتر إن “حرية التعبير وإبداء المواقف حق أساسي لكنه ليس مطلقا ولا يعطي الذريعة لكي يتحول إلى خطاب للكراهية والتحريض والتجاوز على القضاء ورجال الدين والشخصيات الوطنية.

وأضاف إن “انحياز شبكة الإعلام العراقي وعدم موضوعيتها سيسقطها في مهاوي خطاب التضليل”.

توقيت البيان

وعن علاقة بيان “حرية التعبير” وما تعرض له الإعلاميان سعدون ضمد وسرمد الطائي، قال الباحث حيدر سعيد إن إصدار البيان لا يتعلق “بحادثة بعينها، ولكن قد يكون ما وقع مؤخرا تجاه إعلاميين عراقيين أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير، خاصة بعد تدخل السلطة القضائية فيها، ناهيك عن تراكمات عامين من الاعتقالات والتهديد ومصادرات الكتب”.

وتابع سعيد “إن البيان جاء متأخرا جدا، لأننا انتظرنا الانتهاكات التي تمارس بحق حرية التعبير من قبل السلطة لمدة عامين”.

وأوضح في حديث لموقع “الحرة” أن “السلطة هنا لا نعني فيها مؤسسات الدولة العامة فقط، بل تشمل أيضا الفصائل المسلحة التي تلاحق البعض بسبب التعبير عن رأيهم”.

وتابع سعيد أن العراق انتقل “بعد عام 2003 من نظام قمعي استبدادي، إلى إتاحة الحريات بشكل نسبي، والتي تبين فيما بعد أنها بسبب هشاشة الدولة في حينها، وبعد ذلك انشغلت في ملفات محاربة الإرهاب، ولكن في آخر عامين وقعت العديد من التحديات السافرة والخطيرة التي تشكل نوعا من الديناميكيات المحفزة لاستعادة نظام سلطوي”.

وتحدث الكاتب علي المدن لموقع “الحرة” عن “القلق” الذي يتملك كثيرين في العراق بشأن “مصير المسار الديمقراطي في البلاد، سواء في ما يتعلق بالسياسة وإدارة الدولة أو بموضوع الحرية في مجالاتها كافة”.

وقال إن  بيان “الدفاع عن حرية التعبير” جاء ردا على “تصاعد أجواء التضييق على الحريات” في البلاد.

وأشار المدن إلى أن البيان يمثل وقفة موحدة للتعبير عن “خطورة المسار الذي نمضي فيه جميعا”، وهو ما لم يحصل سابقا، في ظل الخشية من عواقب النقد في يفترض فيه سيادة القانون.

في المقابل، قال ‏الأمين العام لحركة البشائر الشبابية، ياسر المالكي في تغريدة عبر تويتر “حرية الرأي لا تعني التجاوز على القضاء والتطاول على الرموز الدينية والوطنية والجهادية.

واتهم قناة العراقية بـ”التمادي” في “انتهاك المعايير الصحفية، وينبغي على مسؤولي الشبكة وضع حد لهذا السلوك المشين ومحاسبة المتجاوزين، والتوقف عن استضافة المسيئين لسمعة العراق”.

 

لكن الكاتب، شاهو القرة داغي، استغرب السرعة في إصدار مذكرة إلقاء قبض بحق الطائي، متسائلا عما إذا كان سبب المذكرة “حديثه عن خامنئي وسليماني ودوهم السلبي في العراق”.

 

والخميس، أكد تقرير  أممي أن “استمرار الإفلات من العقاب في ما يتعلق بالهجمات التي تستهدف المتظاهرين والأشخاص الذين يسعون إلى المساءلة عن هذه الهجمات والناشطين والمنتقدين الذين يتبنون آراء تنتقد العناصر المسلحة والجهات السياسية المنسوبة لها (يؤدي) إلى خلق بيئة من الخوف والترهيب التي لا تزال تقيد بشدة الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي”.

وتابع التقرير الذي أصدرته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، القول: “لا يزال العديد من الناشطين يغيرون سكنهم داخل العراق أو خارجه خوفا على أمنهم وسلامتهم”.

ما بعد البيان

حدد البيان مجموعة من الثوابت لتلافي عودة البلاد إلى مسار سلطوي يقود إلى عودة الدكتاتورية ومآسيها، ومن ضمنها أن مؤسسات الدولة غير محصنة من النقد، وأنه لا يحق للمؤسسات، بما فيها القضاء، أن تحكم على “نوايا المواطنين” حتى لا تتحول إلى ما يشبه “محاكم تفتيش لضمائر العراقيين”.

وأكد الكاتب حيدر سعيد أن المثقفين العراقيين قد لا “يملكون سوى الكلمة” في مواجهة التضييق على الحريات، ولكن قد يتم “مأسسة مراقبة حرية التعبير في العراق والانتهاكات التي تتعرض لها”.

ولفت إلى أنه “ليس هناك أي قرارات باتخاذ أفعال احتجاجية في الشارع”، ولكنه أشار إلى أن بعض قادة احتجاجات ثورة “تشرين 2019” وقعوا على البيان، ومشاركتهم قد يعني أن “الأيام المقبلة قد تشهد تحركات في الشارع”.

وقال المدن “إن البيان لم يحدد أي خطوات لاحقة، لأنه لا ينطلق من موقف حزبي منظم، إنما هو مجرد رأي لمجموعة من المهتمين بالشأن العام جاؤوا من خلفيات متنوعة.. ولا ننسى أن تطور الأحداث والمواقف له تأثير كبير في صناعة الردود القادمة”.

ويرى المدن أن “من الصعب التكهن بردود الأجيال الشابة من العراقيين.. ومع أن الموقعين على البيان قالوا كلمتهم إلا أن ذلك لن يمنع من أن يطور بعضهم موقفه بشكل احتجاجي آخر”، مشيرا إلى “أن هذا الأمر يبقى متوقعا وربما مباغتا أيضا”.

وطالب سعيد والمدن البرلمان بتحديث التشريعات العراقية، خاصة تلك التي تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان، حتى لا “نستمر بالتعامل بقوانين وضعت أيام النظام الشمولي السابق”.

وأوضحوا “أن المشرع العراقي لم يجر أي مراجعة تصحيحية لمعالجة التشريعات ذات الطبيعة القمعية أو تلك التي تهمل حقوق المواد ومبادئ الديمقراطية”.

وكان التقرير الصادر عن بعثة “يونامي” ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان قد وثق خلال الفترة مايو 2021 وأبريل 2022، وقوع 26 حادثة قامت بها “عناصر مسلحة مجهولة الهوية” بهدف “قمع المعارضة والانتقاد”.

من بينها “حادثة قتل مستهدف واحدة، وثلاث محاولات قتل مستهدف، وخمسة اعتداءات عنيفة، ومداهمة منزل، و 14 هجوماً بعبوات ناسفة، وهجوم اختطاف واحد، وحادثة تدمير ممتلكات، والعديد من التهديدات غير العنيفة”.

وأشار التقرير إلى أن “مسلحين مجهولين قتلوا بالرصاص” في مايو 2021، ناشطا بارزا في كربلاء ومنسقا للتظاهرات.

وشهد العراق في أكتوبر 2019، موجة تظاهرات كبيرة غير مسبوقة، عمت العاصمة ومعظم مناطق جنوب البلاد، طالب خلالها المحتجون بتغيير النظام. لكن الحركة تعرضت لقمع دام أسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص وأصيب ما لا يقل عن 30 ألفا بجروح، وفق تقارير متطابقة.

وتراجع زخم التظاهرات كثيرا مذاك، لكن العديد من الناشطين واصلوا المطالبة بالمساءلة ومحاسبة المسؤولين عن قمع التظاهرات وقتل ناشطين. وتعهدت الحكومة برئاسة مصطفى الكاظمي، التي تولت المسؤولية في مايو 2020، محاكمة المتورطين في قتل المتظاهرين والناشطين.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular