الأحد, مايو 19, 2024
Homeاراءعيد بعد عيد : شفان شيخ علو

عيد بعد عيد : شفان شيخ علو

 

ما أكثر أعيادنا نحن الإيزيدية.وكل أعيادنا تدعو إلى المحبة، وإلى التعاون مع بعضنا البعض. كل أعيادنا، وفي أزمنة مختلفة من السنة، تدور حول نقطة رئيسية وهي في كيفية تقوية علاقاتنا الاجتماعية، والطريقة الأفضل للنجاح في الحياة، والانفتاح على بعضنا البعض، وجعل قرانا، بلداننا، ومدننا، نظيفة وعامرة بالمحبة.
والجميع يعلمون أكثر مني أن العيد، أي عيد من أعيادنا، لا يعني أن نعيّد بعضنا، ونمد أيدينا إلى بعضنا البعض، ثم نفترق، وأن نزور رموزنا المقدسة الذين يمثّلون عقيدتنا الإيزيدية، وهم خالدون في نفوسنا، وأن يصافح بعضنا البعض، ولا أن نوزع السكر، أو نأكل الطعام الشهي والمبارك في أعيادنا، كلا..يدعونا العيد، من خلال ما ذكرت، ولنعطي العيد حقه، كلما أقبل، إلى أن نزداد قرباً من بعضنا البعض، وأن يشعر كل واحد منا، أنه ليس وحيداً أبداً، إنما معنى حياته يكون في تقوية علاقاته مع الآخرين، وبدءاً من علاقتنا بأفراد أسرتنا، بجيراننا، بأهلنا، بمعارفنا، بكل من ينتمي إلينا في وطن، أبعد من حدود الإيزيدية نفسها كوردياً لنكون أكثر ثقة ببعضنا، وأكثر قدرة على العطاء، والتفاني في خدمة كل ما يفيد بلدنا ووطننا.
يدعونا العيد في كل مرة، إلى أن يفكر أحدنا في نفسه، ويسترجع أعماله وأقواله من العيد السابق، والذين تعامل معهم، والسؤال عما إذا كان قد أخطأ في عمل ما، أو قول ما.
نعم، والشعور بالخطأ، هو الذي يعلمنا كيف نتقدم، وكيف نتعلم، وكيف نزداد تقديراً لبعضنا البعض طبعاً. وليس من شيء أفضل من النقد الذاتي، لأنه يعلّم كيف يكون أحدنا واعياً أكثر، ولديه شعور منفتح على غيره. يفرح لفرح الآخرين ويحزن لحزنهم من القلب. وخاصة بالنسبة لنا نحن الإيزيدية، لأن أوجاعنا كثيرة، ولا يوجد واحد منا، أبداً، وليس له قريب تعرض لمصيبة، أو لصدمة نفسية، وفي الغزو الداعشي الهمجي المثال الأقرب، الذي آذانا جميعاً في مالنا وممتلكاتنا والاعتداء على أهلنا وفي سبي نسائنا، وهن أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا، وبالمقابل الذين جرى قتلهم من قبل هؤلاء الهمج، وخطفهم وأسرهم وتعذيبهم، هم آباؤنا، وأخوتنا وأبناؤنا.
يعني أننا جميعاً نشكل عائلة واحدة، والعدو هكذا ينظر إلينا، والعيد هو الذي يشير إلينا بما يجب القيام به، وبناء على أي شروط دقيقة وواضحة، في أعمالنا، أو حياتنا اليومية .
نعم، يا أحبتي، أعيادنا جميعاً تعلّمنا دائماً كيف نكون أكثر ثباتاً، وأكثر عزيمة، وتماسكاً في مواجهة التحديات، وأكثر انفتاحاً على الآخرين، فنحن أسرة البشرية الواحدة طبعاً. وليس هناك كالمحبة ما يجعلنا أصحاب قلوب نقية وصافية، أساسها حب الآخرين والعطف عليهم وتقديم المساعدة، ولو بالسلام عليهم، ولو بابتسامة، ولها دورها في جعلهم منفتحين علينا كذلك .
علينا ألا نستهين بالعيد، لأن فيه الكثير من القيم الأخلاقية، والدروس الحياتية التي تذكّرنا بآبائنا وأجدادنا، بمزاراتنا وأضرحة مشايخنا الذين نحترمهم كثيراً في نفوسنا، فنشعر بالمزيد من القوة التي تعيننا في القيام بأعمالنا التي تلعب دوراً كبيراً في تقوية علاقاتنا الاجتماعية.
وحين يشعر أي واحد منا، أنه يشعر بفرح، أو بهجة نفسية، وهو أكثر هدوءاً، بعد العيد، وقد ازداد انفتاحاً على من حوله، ويكون التسامح قائماً دائماً، فهذا يعني أنه كان مخلصاً لعيده، وأنه كان يريد أن يبني نفسه، ويساهم في بناء مجتمه، ويريد التعلم أكثر، وليس هناك من مجتمع يظهر قوياً، متماسكاً، وحضارياً، ومنتجاً ومحصّناً، إلا لأن أفراده يحرصون على سلامته، وهم متضامنون مع بعضهم بعضاً، ومجدّون، ومنظّمون في أعمالهم..والعيد يعلّمنا بكل ذلك!

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular