الأحد, مايو 5, 2024
Homeاخبار عامة"صعق وانتهاكات جنسية"..تقرير يتحدث عن مزاعم تعذيب رافقت لجنة مكافحة الفساد في...

“صعق وانتهاكات جنسية”..تقرير يتحدث عن مزاعم تعذيب رافقت لجنة مكافحة الفساد في العراق

معظم المعتقلين أكدوا إنه تم عصب أعينهم وتعرضوا للصعق الكهربائي المتكرر والضرب بالعصي
معظم المعتقلين أكدوا إنه تم عصب أعينهم وتعرضوا للصعق الكهربائي المتكرر والضرب بالعصي

.

قالت صحيفة “واشنطن بوست“، الأربعاء، إن تحقيقا أجرته واستمر تسعة أشهر، كشف أن حملة مكافحة الفساد التي نفذتها حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي استخدمت أساليب غير إنسانية، بينها انتهاكات جنسية، لانتزاع اعترافات من مسؤولين كبار ورجال أعمال.

وكان الكاظمي أعلن في أغسطس 2020 تشكيل لجنة تحقيق عليا بملفات الفساد الكبرى والجرائم الجنائية برئاسة وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق أول أحمد أبو رغيف، حيث منحت صلاحيات واسعة، واعتقلت مسؤولين كبارا وسياسيين معروفين بتهم تتعلق بالفساد، لكن عملها لم يخل من الاتهامات، وفق الصحيفة.

وذكر التحقيق الصحفي أن مقابلات مع أكثر من 20 شخصا، بمن فيهم خمسة رجال احتجزتهم اللجنة، وتسعة أفراد من ذوي المعتقلين و 11 مسؤولا عراقيا وغربيا تابعوا عمل اللجنة، أظهرت أن الحملة اتسمت بالإساءة والإذلال وكانت تركز بشكل أكبر على الحصول على اعترافات مكتوبة مسبقا بدلا من المساءلة عن أعمال الفساد.

الصحيفة بينت أن جميع الذين تمت مقابلتهم تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم خلال مناقشة مسائل حساسة أو لضمان سلامتهم.

يصف أحد المعتقلين السابقين أساليب التعذيب خلال حديثه للصحيفة بالقول إنها تضمنت “الصعق الكهربائي والخنق بأكياس بلاستيكية والتعليق بالسقف واليدان مشدودتان للخلف والتجريد من الملابس”.

الصحيفة أكدت أن حالة وفاة واحدة على الأقل حصلت لأحد المعتقلين وهو مسؤول رفيع سابق يدعى قاسم حمود منصور وكان يشغل منصب مدير عام شركة المواد الغذائية في وزارة التجارة.

وأشارت الصحيفة إلى أن صورا حصلت عليها من عائلة منصور، أظهرت فقدانه لعدد من الأسنان مع وجود كدمات حادة على جبهته.

ونقلت كذلك عن معتقلين سابقين القول إنهم كانوا يحتجزون في كثير من الأحيان في زنازين صغيرة داخل منشأة في مطار بغداد يديرها جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وعادة ما يستخدم لاستجواب واحتجاز المشتبه في قضايا متصلة بالإرهاب.

وقالت الصحيفة إن قادة قوة مكافحة الإرهاب كانوا غير راضين عن استخدام منشآتهم، وفقا لاثنين من مسؤوليها، لكن لم يكن لديهم أي سلطة للتدخل لأنهم خاضعون لسيطرة مكتب رئيس الوزراء.

وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين في القوات الأميركية، التي كانت موجودة في مطار بغداد في تلك الفترة، كانوا على علم بما كان يحدث هناك.

وقال مسؤولون في قوة مكافحة الإرهاب إن نظراءهم الأميركيين أثاروا مخاوف بشأن استخدام مرفق الاحتجاز للاستجواب غير المتعلق بالإرهاب.

وردا على سؤال عما إذا كانت قوات التحالف على علم بتلك الانتهاكات أو أنها عبرت بالفعل عن مخاوفها لشركائها من العراقيين، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكولونيل جو بوتشينو إنه لا يمتلك أية معلومات ليقدمها للصحيفة.

ويقول معتقلون سابقون ومسؤولون عراقيون إن انتهاكات أخرى حدثت في سجن تحت الأرض في المنطقة الخضراء في بغداد.

وقال رجل اعتقلته اللجنة في بداية عملها: “بدأوا في تعذيبي لمدة 13 يوما، وسألوني حينها لمن أعطيت رشاوى ومقدار المال الذي أملكه”.

وأضاف: “لقد طلبوا مني 1.5 مليون دولار، فقلت لهم إنني لا أستطيع الدفع لأن الأموال كانت مقيدة في مشاريع، لكنهم بدأوا بصعقي بالكهرباء في مناطق حساسة بالجسم وضربي بقضبان معدنية وتعليقي على الحائط”.

في بعض الحالات، تقول الصحيفة إنه تم تأكيد روايات المعتقلين بتقارير طبية وصور تم التقاطها في الحجز، وفي حالات أخرى، قال محتجزون إنهم مُنعوا من الحصول على السجلات الطبية لإثبات مزاعمهم.

وتشير الصحيفة إلى أن معظمهم أكدوا إنه تم عصب أعينهم وتعرضوا للصعق الكهربائي المتكرر والضرب بالعصي والإيهام بالغرق وجردوا من ملابسهم.

وأخبر معتقلان على الأقل، عائلتيهما وممثليهما القانونيين، أنهما تعرضا للانتهاك الجنسي.

وقال مسؤول عراقي رفيع سابق لقريبه وزملائه في الزنزانة إنه أُجبر على الجلوس على جزء من محرك سيارة، وهو عمل يمكن أن يشكل اغتصابا شرجيا بموجب القانون الجنائي العراقي، وفقا للصحيفة.

ووصف أحد المحتجزين منظر الرجل وهو يعود إلى زنزانته بالقول إنه “كان يزحف كالطفل، كانت ساقه متورمة وأصابعه مكسورة”.

واعتبرت لجنة برلمانية مزاعم التعذيب ذات مصداقية وتمكنت من الوصول إلى مركز الاحتجاز بالمطار في ديسمبر 2020.

وفي تقرير نُشر في مارس من العام التالي، قالت اللجنة إن طلباتها بمقابلة المحتجزين على انفراد قوبلت بالرفض.

وذكر التقرير أن عددا من المعتقلين قالوا إنهم تعرضوا للصعق الكهربائي ولأساليب تعذيب أخرى.

وأضاف أنه عندما طلب المحققون مقابلة نائب مدير مطار النجف المعتقل جواد عبد الكاظم علوان القرعاوي “تم إخفاؤه عن اللجنة”.

وقال أقارب القرعاوي ومحاميه وثلاثة معتقلين سابقين إن الرجل البالغ من العمر 54 عاما تعرض لتعذيب شديد.

وذكر أحد المعتقلين السابقين أنه “عندما جاءت اللجنة البرلمانية، كان لدى القرعاوي الكثير من العلامات على جسده لدرجة أنهم لم يتمكنوا من إظهارها لهم”.

تقول الصحيفة إن العلامات كانت مذكورة في تقارير طبية أجرتهما وزارة الصحة العراقية في فبراير ويوليو من عام 2021، أرسلت عائلة القرعاوي نسخا منه إلى الصحيفة، إلى جانب صور التقطت أثناء سجنه.

وفي حالة منصور، المسؤول الذي توفي في أغسطس 2021 بعد اعتقاله قبل ثلاثة أسابيع، لم تعلم عائلته قط بما حدث له في الحجز.

قال ابنه علي للصحيفة: “لم تكن لدينا معلومات عنه على الإطلاق حتى جاءوا إلى المنزل ليخبرونا أنه في المستشفى.. وعندما وصلنا إلى هناك كان قد توفي”.

“اعتقال لأجل المال”

تشير الأرقام الرسمية إلى أن “لجنة أبو رغيف” فتحت 156 قضية قبل أن تعلن المحكمة الاتحادية العليا في العراق أنها غير دستورية وتم حلها في مارس من هذا العام.

أُدين 19 شخصا، سبعة منهم من كبار المسؤولين السابقين، لكن لم يتضح عدد المتهمين بالفساد.

في سبتمبر 2020، غطت وسائل الإعلام العراقية والغربية بحماس خبر اعتقال رئيس صندوق التقاعد العراقي أحمد الساعدي ورئيس شركة “كي كارد” للدفع الإلكتروني بهاء عبد الحسين.

وبعد عدة أشهر، عندما أدين الرجلان بسرقة مليارات الدنانير العراقية، اختفت قضيتهما عن الأنظار إلى حد كبير ، وفقا للصحيفة.

لم يتم التصريح علنا عن المبلغ الإجمالي للأموال التي استولت عليها اللجنة.

وذكرت الصحيفة أن المعتقلين أو أفراد عائلاتهم أفادوا بأن المحققين طلبوا منهم دفع أموال أو التنازل عن أصول، يبلغ مجموعها في كثير من الأحيان ملايين الدولارات، من أجل إطلاق سراحهم.

وتابعت أن من غير الواضح كم هو عدد المعتقلين الذين تمكنوا من الدفع مقابل إطلاق سراحهم أو إلى أين ذهبت تلك الأموال.

تشير الصحيفة إلى أن عائلات المعتقلين أثارت مزاعم الانتهاكات باستمرار طوال عام 2021، سواء مع بعثة الأمم المتحدة أ والسفارات الغربية في بغداد.

وقالت الصحيفة إنه خلال محادثات خاصة مع دبلوماسيين غربيين ومسؤولين في الأمم المتحدة، نفى الكاظمي هذه المزاعم أو قال إنه سيتحرك إذا كان هناك دليل على ارتكاب مخالفات، وفقا لمسؤولين حضروا الاجتماعات أو تم اطلاعهم على نتائجها بعد ذلك.

في إحدى الحالات، تقول الصحيفة إن السفير الكندي في بغداد أولريك شانون احتج على سوء معاملة بهاء عبد الحسين وهو مواطن كندي، لكن الكاظمي طلب من دبلوماسي غربي آخر أن يهتم الكنديون بشكل أقل بهذه القضية، وفقا لمسؤولين على دراية بالموضوع.

وتضيف الصحيفة أن علي البياتي، وهو أحد مسؤولي حقوق الإنسان البارزين في العراق أثار مزاعم الانتهاكات في برنامج تلفزيوني عراقي في عام 2020، لكن تمت مقاضاته بعدها بعام بتهمة التشهير من قبل أمانة مجلس الوزراء العراقي مما اضطره فيما بعد لمغادرة البلاد تفاديا للاحقة القانوني.

وفقا للصحيفة فإنه غالبا ما كان يُنظر إلى المسؤولين الذين اعتقلوا من قبل اللجنة على أنهم أهداف سهلة- وليس لديهم حلفاء أقوياء للدفاع عنهم.

وتقول الصحيفة إن بعض الاعتقالات جرت بدوافع سياسية، من بينها تلك التي استهدف أفرادا لهم صلات بالفصائل المسلحة.

وتنقل عن مسؤول عراقي رفيع خدم في حكومة الكاظمي القول إن “هناك عنصر ابتزاز سياسي يلعب دورا في ذلك.. هناك حالات حدثت فيها عمليات ابتزاز.. أنت تهاجم قاعدة سلطة شخص ما وقاعدة قوته التجارية في وكالة حكومية معينة، ليس فقط لتوجيه الاتهام إلى هؤلاء الأشخاص وفضح الفساد، ولكن أيضا لخلق مساحة لحلفائك في المستقبل”.

ولم تتمكن الصحيفة من الوصول للكاظمي للتعليق، لكن مستشارا كبيرا سابقا لرئيس الوزراء، طلب عدم الكشف عن هويته، تحدث نيابة عنه وقال إنه “نفى بشكل قاطع” مزاعم الانتهاكات.

وأضاف أن “الحكومة السابقة التزمت بأعلى معايير حقوق الإنسان. وقال المستشار السابق إن تشويه سجل الوقائع سيمنح المجرمين الأكثر عنفا وفساد في العراق القدرة على الإفلات من العقاب، مشيرا إلى أن اللجنة استهدفت أيضا أفرادا لهم صلات بالميليشيات.

ورفض أبو رغيف التعليق على هذه القصة، بحسب الصحيفة.

بدورها أحالت وزارة الداخلية العراقية القضية إلى القضاء العراقي وقالت إنه الجهة الوحيدة المخولة بالبت فيها.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” إن “الملف قضائي”.

وأضاف المحنا أن “أبو رغيف لا يزال يعمل في وزارة الداخلية لكن من دون أي منصب”، مبينا أن هذه الخطوة ليست بالضرورة مرتبطة بقضية الانتهاكات المتعلقة بعمل اللجنة.

وأكد المحنا أن “وزارة الداخلية تحقق بجميع المزاعم المتعلقة بحدوث انتهاكات أو عمليات تعذيب تحصل في دوائرها”، لكنه لفت إلى أن “عمل لجنة مكافحة الفساد لم يكن من اختصاص وزارة الداخلية”.

وأشار أيضا إلى أن “الجهات القضائية تحقق في الموضوع حاليا بناء على شكاوى قدمت من قبل مواطنين”.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular