الأحد, مايو 19, 2024
Homeاراءأبرز محطات حياة الراحل الباحث محمود خضر (أبو آزاد): نوزاد شيخاني

أبرز محطات حياة الراحل الباحث محمود خضر (أبو آزاد): نوزاد شيخاني

ولد محمود خضر ـ أبو آزاد في مدينة عين سفني/ الشيخان في كنف عائلة كادحة من أهالي بحزاني التي غادرها أبيه. بدأ التلميذ الصغير يواظب على التعليم متفوقاً على أقرانه بمساعدة وتشجيع معلمه الأستاذ عبدالله محير (أبو فريد) الذي كان يحث الطلبة على حب التعليم ومواصلة الدراسة. ولأجل إستكمال مشروعه الدراسي في المتوسطة والثانوية، بدأ العمل في الموصل ثم سافر إلى بغداد في بداية الخمسينيات من القرن الماضي للعمل والدراسة، وتميز الشاب محمود خضر في إتقان اللغة الانكليزية، وحصل على فرصة العمر التي غيرت مجرى حياته بعد عمله مع دائرة الاثار العراقية وبدء رحلته مع بعثة أمريكية من جامعة كولومبيا برئاسة عالم الآثار البروفيسور رالف سوليكي إلى كهف شاندر (كهف قديم من عصور ما قبل التاريخ، والأكثر شهرة من النايندرثال المكتشف) على جانب جبل برادوست ضمن جبال زاكروس في منطقة اقليم كوردستان العراق للفترة ما بين 1952 – 1958 للبحث والتنقيب عن هياكل النايندرثال. أول تسعة من النايندرثال المكتشف من أصل عشرة كشف عنهم رالف سوليكي. بعدها أكمل عمله مع تيد برمنجهام الذي خلف رالف سوليكي في مواصلة البحث والتنقيبات الآثارية. واصل دعمه له كما سلفه وحثه على التقدم في الدراسة، وملك مزرعة لخيول السباق في بغداد وزاد إحتكاكه مع الأجانب المقيمين، واصل دراسته وتخرج من معهد الصحة العالي/ بغداد في عام 1958 وتم تعيينه في مناطق تابعة لمحافظة كركوك على الحدود الايرانية تبعها سلسلة تنقلات إدارية شملت خانقين، شهربان (المقدادية)، أعقبها تنسيبه للجيش ومنحه رتبة نائب ضابط حربي، ومع ذلك عمل ضمن الطاقم الطبي في عقرة التي شهد معسكرها صراعات محتدمة أبان مؤامرة الشواف وما رافقها من إعتقال مجموعة من الجنود والضباط الوطنيين وتصفية الأطباء الوطنيين في حامية عقرة، وقد تعايش مع هذه الصراعات لغاية خروجه من الجيش وعودته للوظيفة حيث نسب الى شقلاوة. وبحكم عمله في كهف شاندر لسنوات عديدة وإحتكاكه مع البارزانيين في المنطقة توطدت علاقته مع كبار الشخصيات في بارزان، وإستقر في بارزان مع زوجته (أم ازاد)، وتعرف على الشيخ أحمد شيخ بارزان والزعيم الكوردي الملا مصطفى البارزاني الذين كانوا قد عادوا من الإتحاد السوفيتي، وتوطدت بينهم علاقة عائلية، وبات طبيب العائلة البارزانية، وعالج البارزانيين وكان يتنقل بين صفوف المحاربين الكورد لمعالجة المصابين في جبهات قتال طويلة أثناء الحركة الثورية الكوردية. عاصر أيضا تجدد الصراع مع الدولة في العهد الجمهوري وشاهد القصف الوحشي على بارزان الذي تنبأ له البارزانيون قبلها بساعات وبعد غروب الشمس غادروها الى الكهوف والمغارات، وغادرها هو الآخر بعد تجدد القتال حيث تم نقله الى حكنة الكركرية وشرقاط وتل عبطة وسنجار، ومن ثم نقل إلى الشيخان. لقد أكسبته هذه التنقلات خبرة ومعرفة بالعراقيين من مختلف شرائحهم وإتجاهاتهم وتعرف على الكثير من الشخصيات السياسية والعسكرية التي كانت تقود البلاد والأحزاب لكنه بقي مستقلا وقريباً من الإتجاهات التقدمية الديمقراطية وكان غالبية أصدقائه من الشيوعيين البحزانيين والمستقلين. كرس (أبو آزاد) بحكم خبرته وميوله جزء كبير من حياته للبحث والتوثيق بالصورة والصوت للتراث والتاريخ الإيزيدي منذ اكثر من سبعة عقود من الزمن، وتمكن من جمع أرشيف مهم عن الإيزيديين وطقوسهم و ميثولوجيتهم، تعرض جزء منه للسرقة والتلف بسبب التطورات السياسية المحتدمة في العراق ومنها شيخان التي لم ينجو من قسوتها هو الآخر حيث جرى إعتقاله عام 1987 ابان الحرب الطاحنة بين العراق وايران وأودع في معتقل الشعبة الخامسة للمخابرات لأشهر عديدة.

غادر (أبو ازاد) الى المانيا نهاية عام 1999 مصطحباً زوجته التي تقاسمت معه الآلام والمحن وتمكن من جلب الجزء الأكبر من أرشيفه الى مدينة ميونخ، وتابع النشر وكتابة البحوث، وواصل كتابته عن شعوب وادي الرافدين وبصفة خاصة عن الايزيديين (شعبا وحضارة).

إنتقل المؤرخ والباحث محمود خضر (أبو ازاد) إلى جوار ربه في العاشر من نيسان/ أبريل عام 2023 في مدينة هانوفر بالمانيا، تاركا وراءه كتابات وبحوث قيمة، وأرشيف وكنوز لا تقدر بثمن، وسيكونوا أبنائه حريصين على تحقيق وصية والدهم المغفور له وسيواصلون المشوار لإكمال المهمة.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular