الأحد, مايو 5, 2024
Homeاراءشؤون وشجون ايزيدية : عزيز شمو الياس

شؤون وشجون ايزيدية : عزيز شمو الياس

 

تأملات ايزيدية

١

قصر علي بك

بحكم الوظيفة والعمل تردد زميلي المسيحي الى دارنا في قصبتنا (باعدري) أكثر من مرة، رغم ضيق الوقت في أغلب تلك المرات حيث لم نكن نتجول في احياء وازقات ومحلات البلدة ولم نزور معا اي مكان معين غير مرور السيارة في الشارع العام اثناء المجيء والمغادرة الا ان الظاهر أمرا ما قد أثار مخيلة زميلي من مشاهداته حيث طلب مني زيارة الصرح البارز (جدار قصر الامير) أعالي البلدة.
كنت أشعر بالاحراج والضيق ونحن نتجه صوب المكان بمعية زميلي المهندس فقد كنت أعلم ان المكان غير صالح للزيارات حيث ينتشر فيه مخلفات من احجار متكسرة وبقايا الجص الصلد واكوام من الاوساخ المنتشرة كل صوب من الحائط المهمل والمتبقي رغم مرور أكثر من اثنتا عشر عقد من الزمان على بنائه (جدار قصر الأمير على بك ١٨٧٠-١٩١٣م).
أستمعت من كبار رجال القرية ان قصر على بك تم بناؤوه من قبل أبناء الديانة الايزيدية بعد تولي (سليمان نظيف باشا ولاية الموصل ١٨٩٨م) حيث كان متعاطفا مع الايزيديين واجتمع برجالهم ووجهاءهم حيث بوعده ونفذ مطالبهم (كون اصل جدته كانت تعود إلى الديانة ايزيدية) وذلك بفك اسر الأمير بعد قضاء سبع سنوات من الأسر والنفي.
والغيت جميع الأوامر الصادرة من الوالي العثماني فريق عمر وهبي باشا والي الموصل (١٨٩٠-١٨٩٢م) الذي قاد اثناء فترة ولايته حملة ابادة شاملة وحاول القضاء على ما تبقى من الوجود الايزيدي في ولاية الموصل وتوابعها نتيجة إصدار فتاوى دينية مغرضة من مجموعة من ملالي ورجال دين مسلمين يتهمونهم بالكفر والالحاد وعلى أثرها صدر امر بنفي الأمير علي بك الى بلدة شيواز – سيواز – جنوب غرب تركيا الحالية – الدولة العثمانية انذاك والاستيلاء على المقدسات الايزيدية من (تاووس ونيشان وخەلات وبەرات) وأمر بمنع أبناء الديانة الايزيدية من زيارة معبد لالش المقدس قبلة الايزيديين في العالم اجمع وحولها الى مدرسة دينية لتعلم الشرع الإسلامي (حجرة فقيان).
علق زميلي بعد أن استمع بتمعن الى التعريف بتاريخ بناء القصر وقصة الأمير علي بك التراجيدية، قائلا :
‘ يا زميلي العزيز.. حقيقة اشعر بشديد الأسى والأسف على ما أرى من اهمال لهذا الصرح الشامخ.. يفترض بكم يا أبناء الديانة الايزيدية الاهتمام بتراثكم والمحافظة على معالمكم الحضارية التي لا تقدر بثمن كونها شواهد شاخصة لمراحل زمنية عصيبة من الضرورة تدوينها للاطلاع عليها من قبل الزوار والباحثين والمؤرخين بمختلف انتمائاتهم والاهم من كل ذلك اطلاع الاجيال الايزيدية القادمة لتاريخهم الحافل بالمأساة والتضحيات ..’.

٢
الالتزام ثم الالتزام

نحن الايزيديين (ربما) نحتاج عشرات السنين (او اكثر) لنصل مرحلة النضج والفهم الديني الصحيح، ينقصنا التعلم والالتزام ودونهما يصعب علينا اللحاق بركب الحضارة الإنسانية حالنا حال بقية الملل والشعوب العديدة وأصحاب المعتقدات والاديان المختلفة.
الحقيقة التي يعترف بها الجميع ولا ينكرها أحدا من أبناء الديانة الايزيدية ان ما نحن فيه من إحباط وفقدان الثقة بالنفس والتشاؤوم في السلوك إنما تكمن في سبب واحد لا غيره وهو كوننا (جميع الايزيديين بما فيهم النخبة والمثقفين والمسؤولين في الشأن الايزيدي) نتكلم كثيرا وننتقد أكثر وننسى كل شيء سريعا مهما كان مهما ومصيريا كأن شيئا لم يكن .. باختصار شديد لسنا من أصحاب تنفيذ الوعود التي قطعناها على أنفسنا في اوقات معينة، نفتقد روح التضحية والصمود عند المواقف التي تتطلب منا الشجاعة والمقاومة، اغلبنا (أبناء الديانة الايزيدية) بسطاء، سطحيين، عاطفيين وضعفاء الارادة ..

٣
دعوة صادقة
‘ المقاطعة موقف..’

لنقاطع (كل مع عائلته) المشاركة والحضور معبد لالش المقدس (جەمایا شیخادی) وبقية الأعياد والمناسبات التي تجري هناك على الاقل لموسم واحد.
اعلم جيدا سيتم وصف هذا الموقف في خانة التهرب من مواجهة الواقع الايزيدي التعيس والميؤس منه، كما اعلم ان هكذا موقف وتصرف ليس بالحل والوصفة الدقيقة لمعالجة الخلل في النظام والعودة الى الأصل والمنبع حيث اجراء المراسيم الدينية بصورة صحيحة حسب (حەدوسەتێن شیخادی بۆ مللەتێ ئێزدی دانین) لكن (ربما) يكون خطو هكذا موقف متحد والتزام نسبة معينة به انطلاقة جيدة وإعلان إنذار مبكر للقائمين على الشأن الايزيدي والمسؤولين على مقدراته ومصيره الوقوف في منعطف تاريخي ومراجعة النفس وتصحيح المسار وفي نهاية المطاف انها ليست خيانة ولا جريمة لا تغتفر، ببسيط العبارة وشديد الاختصار ان رفع شعار (المقاطعة موقف) والعمل به وتنفيذه في هذه المرحلة الحساسة والمصيرية من حياة أبناء الديانة الايزيدية والايزيدياتي وان لم يكن للأمر صدى موثر ونتيجة مرجوه وفي اسوء الاحوال (لن يكون المقاطع والغير المشارك) جزءا من الخلل الموجود والمتفشي في المنظومة التي تقود مصير الايزيديين منذ عقود من الزمن ولن يكون سببا لبقاء إدارة المتنفذين الفاسدين وديمومة تواجد المنتفعين من أصحاب المصالح في بقاء الأوضاع كما هي دون تغير (تصحيح) ومعالجة وبهذا لن يصب الايزيدي المقاطع والغير مشارك في خطايا الدين والمعتقد الايزيدي (گونەهەکار نابت وەکو بەژدارا) ويعد تلبية هذه الدعوة الصادقة كموقف ‘ أضعف الإيمان’.

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. أخي الجميل أختار موضوع زيارة لالش من مقالكم الموقر وأؤيدكم بقوة .وهي ليست خطيئة ولاتجاوز على المقدسات ولا الإساءة لاحد او ضد مصالح القائمين على المناسبات الدينية وخاصة في لالش بقدر الحفاظ على أبناء الد يانة او المعتقد سميه ما شئت .وخاصة المنطقة والعراق برمته يتجه نحو أزمات حقيقية منها الانتخابات والصراعات السياسية والمذهبية ناهيك عن السياسات الخارجية التي لانفهما احياناً .وكنا ضحاياها دائما وابدا .وآخرها معانات أخوتنا المسيحية في كارثة حرق قاعة الاعراس والمناسبات في بغديدا . برطلة . .والدليل على العزوف او تأجيل الزيارة هو ما مر بها ابنائنا في الازمات التي مرت على بلد وأثناء الحروب والحصار .حيث تأجلت المراسيم لسنين عديدة دون أية مشكلة .والاجدر بمن يريد الزيارة في عيد ( جما) ومضطراً بذلك ان يزور لالش لساعات ويؤدي المراسيم ويعود إلى منزله بين أهله وأولاده بسلام وأمان..واخيرا آتمنى للجميع أياما سعيدا وعبدا مباركاً .والامن والأمان لبلدنا العراق وكردستان آمن ومستقر

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular