الأحد, مايو 19, 2024
Homeالاخبار والاحداثعيد "جما" الأيزيدي.. بسمة وسط الآلام

عيد “جما” الأيزيدي.. بسمة وسط الآلام

من أحد احتفالات الأيزيديين في العراق قرب معبد لالش المقدس- تعبيرية
من أحد احتفالات الأيزيديين في العراق قرب معبد لالش المقدس- تعبيرية

وافق مجلس الوزراء العراقي على أن يكون عيد “جما” الأيزيدي إجازة جماعية في عموم العراق.

وبمناسبة هذه الذكرى، حرص الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد، على تهنئة الإيزيديين بمناسبة عيدهم مؤكداً على ضرورة “إنصافهم وتوفير الحياة الكريمة لهم بعد الهجمة الإرهابية الظلامية التي طالتهم”.

فيما كتب قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة إقليم كردستان: “أرجو أن يبعث هذا العيد على السلام والازدهار وترسيخ روح التسامح والتعايش السلمي واحترام جميع المكونات”.

كما وجّه نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان التهنئة للأيزيديين بمناسبة عيدهم، متعهداً بدعمه الكامل لـ”حقوقهم ومطالبهم”.

وكان مسعود برزاني استبق بغداد ومنذ 2009، معتبرا أن أيام الأعياد الأيزيدية الرئيسية عطلة رسمية في المناطق الكردية الخاضعة لسيطرته.

 

ما هو عيد جما؟

يُعدُّ هذا الاحتفال أحد أعرق الاحتفالات الدينية عند الأيزيديين، ويُحتفل به رسمياً في 6 أكتوبر من كل عام حتى 13 من االشهر نفسه، عبر زيارة “معبد لالش” في قضاء شيخان شرقي محافظة دهوك والصلاة فيه وإقامة مجموعة من المراسم الدينية التي يحضرها الأيزيديون من جميع أنحاء العالم، طيلة الأسبوع.

و معبد “لالش” موقع مقدّس يقع في منطقة جبلبة شمال غرب مدينة الموصل، تستضيف المنطفة قبر الشيخ “آدي” ومقر المجلس الروحاني العام للديانة الأيزيدية.

توقّف الأيزيديون عن الاحتفال بهذا العيد منذ سنوات؛ أولاً بسبب انتشار مسلحي داعش الذين أثاروا الرعب في المنطقة وارتكبوا إبادة جماعية ضد الأيزديين، وثانياً بسبب فيروس كورونا الذي أوقع العديد من الوفيات بالعراق.

تكرّر هذا التوقف من قبل حين قرر المجلس الأعلى الأيزيدي في 2003 إيقاف الاحتفال بالعيد لـ”اسباب أمنية”، آخرها تفجيرات القطحانية في 2007 التي أسفرت عن مقتل 796 قتيلاً كواحدة من أكثر الهجمات التي استهدفت الأيزديين بشاعة ودموية.

وقبل ظهور تنظيم داعش كان هذا الاحتفال يجذب ما بين 60 إلى 70 ألف زائر، ولكن هذا العام، من المتوقع أن يصل عدد زائري معبد لالش إلى 200 ألف في ظِل التحسّن الكبير في الحالة الأمنية.

معبد لالش المقدس

تقول سناء خضر في بحثها “رؤية أنثروبولوجية لمعبد لالش الأيزيدي”، إن هذا المعبد يقع بعيداً عن ضجيج المدينة وبين أحضان القرى على بُعد قرابة 45 كم من شما لمحافظة نينوى. وادي لالش الكبير تحيط به ثلاثة جبال هي: “حزرت”، و”عرفات” و”مشت”.

وفقاً للمعتقد الأيزيدي فإن “لالش” مرادف للجنة وبابها الشمس وأن الله أنزلها إلى الأرض حتى تتصلّب وتستقر، وهو ما يتّضح في أبيات الشعر الكردي التي تقول أصفي قلبي من الألم.. ربي بنا لالشا في العلى.. ووضع لها الشمس بابها.

يستضيف المعبد عدداً من الأماكن الهامة مثل مزار “كانيا سبي” (أي العين البيضاء)، ويعتقد الأيزيديون أنها حافظت على نقاء مائها خلال طوفان نوح، ولهذا فإن على كل زائر أن يشرب من مائها ويغسل وجهه على سبيل التطهر، وتجري أيضاً فيه عمليات “التعميد” للأطفال والكبار اعتقاداً أن هذا الإجراء ينجّيهم في الآخرة.

باب المعبد خشبي كبير مقوّس من الأعلي ويحوي صوراً مجسمة منحوتة لطائر الطاووس الذي يعتبره الأيزيديون كبير ملائكتهم، ولا يجوز للزائر أن يطأ عتبة الباب إنما عليه أن يعبر فوقها لأن وضع القدم على أبواب المزارات “حرام” باعتبار أنها الحد الفاصل بين الحياة الدينية والدنيوية.

يُجاور المعبد عدداً من المزارات مثل مزار “الشيخ عُدي” و”الشيخ شمس” وغيرها. ووفقاً لكتاب “اليزيديون: واقعهم، تاريخهم، معتقداتهم”، فإنه خلال حكم السُلطان العثماني عبدالحميد الثاني، تحوّلت زاوية الشيخ عُدي إلى مدرسة إسلامية بالقوة العسكرية لمدة 12 عاماً ثم أعيدت لأصحابها الأيزديين مرة أخرى.

كيف يحتفل الأيزيديون؟

حسبما ذكر سهيل قاشا في كتابه “مذهب اليزيدية”، فإن الزائر إلى منطrة لالش محظور عليه اصطياد الطيور أو قطع الأشجار أو إيذاء أي مخلوق في هذا المكان المقدس، إذ يتعيّن على الزائر التفرّغ فقط لمتابعة الطقوس والمشاركة فيها.

يتضمّن عيد جما (أي الجماعية باللغة الكردية) طقوساً شديدة القدم تتضمّن ذبح ثور وطبخ طعامه وتوزيعه على المحتفلين، ثم يبدأ الكرديون في إلقاء الأناشيد والتراتيل داخل معبد لالش.

وأيضاً تشمل الطقوس بعض رقصات الدبكة ويردّدون نصوصهم المقدّسة خلف رجال الدين متزامنة مع عزف موسيقى الناي والدفّ، ثم يتوجّهون بالزيارة إلى ضريح عدي بن مسافر أحد أبرز الشخصيات في التاريخ الأيزيدي.

وللأيزيديين 7 احتفالات رئيسية سنوياً، هي: سرسال، وروژين ئێزي، وجما، وچلێ هافين، وچلێ زستان، وبيلنده، وخضر إلياس.

بعض هذه الأعياد عكست شغفهم العميق بالطبيعة، فعيد “سري سال” يعني (الأربعاء الأحمر) ويُحتفل خلاله بخصوبة الأرض وتجدّد الطبيعة والأشجار، أما عيدهم المقدس الأكبر فهو “جما” أو “جمايا شيخادي” ويحتفلون فيه ببداية الخريف والاستعداد للانتقال إلى الشتاء وأمطاره الغزيرة التي تُنبت الأشجار والنباتات.

سنجار: الحاضرة الغائبة

يأتي هذا العيد في ظل ظروف صعبة عاشها الأيزيدون خلال السنوات الفائتة أهمها ظهور تنظيم داعش الذي ارتكب إبادة جماعية بحق الأيزيديين، تضمنت القتل والخطف والاغتصاب والمتاجرة بالنساء وغيرها من انتهاكات إنسانية.

هذه المعاناة كانت حاضرة في خطاب نيجيرفان بارزاني، بعدما أكّد في تدوينة “التهنئة بالعيد” أن قوات بلاده الأمنية لا تزال تعمل “لتحرير المختطفين الأيزديين”.

أيضاً حتى الآن لم يعد أغلب النازحين عن مدينة سنجار وقضائها، واستمرّوا بالعيش في المخيمات التي لا توفّر الحد الأدنى من سُبُل المعيشة الإنسانية.

وعلى الرغم من تعهُّد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتخصيص 28 مليار دينار عراقي لإعادة إعمار المدينة، إلا أن خلافات حكومة بغداد مع نظيرتها في كردستان حول أحقية إدارة المدينة عطّلت تفعيل هذا التمويل وجمدت عمليات الإعمار.

أحمد متاريك

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular