الجمعة, أبريل 26, 2024
Homeاخبار عامةتشكيل حكومة إقليم كردستان: عملية بطيئة بشكل خطير

تشكيل حكومة إقليم كردستان: عملية بطيئة بشكل خطير

أحد مقاتلي البشمركة خلال الانتخابات الأخيرة في إقليم كردستان
أحد مقاتلي البشمركة خلال الانتخابات الأخيرة في إقليم كردستان
.

في 9 كانون الثاني/يناير، زار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إربيل، حيث سلّط الضوء على قيمة “الصداقة الطويلة” بين الولايات المتحدة وإقليم كردستان العراق وشدد على دعم حكومته للحوار بين إقليم كردستان العراق والحكومة الفدرالية في بغداد. فقد انعقدت انتخابات إقليم كردستان في 30 أيلول/سبتمبر من العام 2018 وتم الإعلان رسميا عن نتائجها في 20 تشرين الأول/أكتوبر من العام 2018. ولكن المفاوضات التي تهدف إلى تشكيل الحكومة الجديدة للإقليم تواجه طريقا مسدودا نتيجة الخلاف السياسي المترسخ والتغييرات الحديثة في ميزان القوى، كل ذلك فيما يتولى جيل جديد من القادة الأكراد زمام الحكم.

في بداية تشرين الثاني/ نوفمبر، عقد البرلمان الكردستاني رسميا جلسته الأولى ليؤدي أعضاؤه القسم. وعلى غرار نظرائهم العراقيين، أبقى النواب الجلسة مفتوحة، وهي مناورة تؤخّر المواعيد النهائية لتشكيل الحكومة إلى أن تصبح الأحزاب جاهزة للموافقة.

ولكن بخلاف العراق، حيث بات هناك قواعد ضد المماطلة في عملية تشكيل الحكومة، لا يثير موضوع إبقاء الجلسة مفتوحة ضجة كبيرة في إقليم كردستان، حيث يقلق السياسيون بشكل أقل بشأن المواعيد النهائية أو التطور الغريب في العملية الديمقراطية.

في غضون ذلك، تتابع حكومة تصريف الأعمال مهامها لحين تشكيل حكومة جديدة. ويسهّل هذا واقع أن أكبر كتلة فائزة، وهي “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، تترأس حاليا الحكومة وستستمر في ذلك في المستقبل، بشغلها 45 مقعدا من أصل 111 في البرلمان الجديد.

ويتمثل التغيير الرئيسي في تمثيل “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بتعيينه مستشار مجلس أمن إقليم كردستان الحالي مسرور بارزاني ليحل محل رئيس الوزراء الحالي نيجيرفان بارزاني، الذي يُرجّح أن يصبح رئيس الإقليم.

المفاوضات بين الأحزاب

في غضون ذلك، عقد “الحزب الديمقراطي الكردستاني” جولات متعددة من المفاوضات لجس نبض الفصائل الأخرى. وبالرغم من أن اجتماعه مع حزب المعارضة الأصغر “حركة كوران” كان وديا، إلا أن اجتماعه مع ثاني أكبر كتلة، وهي “الاتحاد الوطني الكردستاني”، قد كان مضطربا إلى حد ما.

فـ”الاتحاد الوطني الكردستاني” يطالب بما يسمّيه “حالة شراكة” في الحكومة، ما ليس بالضرورة انقساما بالمناصفة (50 مقابل 50) في صنع القرار، ولكن أن تتم استشارته بالكامل كشريك، لا سيّما في ما يتعلق بالسياسات التي تُعنى بنصف “المنطقة الخضراء” من الإقليم، حيث تقع قاعدة “الاتحاد الوطني الكردستاني” في السليمانية.

في المقابل، خسرت “حركة كوران” 50 في المئة من مقاعدها السابقة خلال الانتخابات الأخيرة وهي تشكل حاليا ظل الحركة التي كانت عليها في العامين 2009 و2013.

لقد عُدّلت قيادتها وفقا لذلك، وهي تسعى إلى استغلال الخلاف بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني”. فالثمن الذي تطالب به “حركة كوران” للتعاون مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني” هو منصب وزاري جديد وهو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى مقعد في رئاسة البرلمان (نائب رئيس مجلس النواب أو أمين عام) أو منصب نائب الرئيس.

من المرجح أن تستمر المفاوضات بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” لحين التوصل إلى قرار. فبالرغم من أن “الحزب الديمقراطي الكردستاني” لديه الأعداد الضرورية لتمرير أي قرار من خلال البرلمان بمساعدة الأحزاب الأصغر، يدرك سياسيو “الحزب الديمقراطي الكردستاني” تماما أن حكومتهم لا تكتمل من دون “الاتحاد الوطني الكردستاني”، نظرا للافتقار لدعم “الحزب الديمقراطي الكردستاني” في السليمانية والمناطق المتاخمة لها على غرار غارميان وحلبجة.

يدرك “الاتحاد الوطني الكردستاني” هذا النقص ولديه مطالب خاصة به وهي أن تحظى قيادة “الاتحاد الوطني الكردستاني” بمنصب واحد وهو نائب رئيس مجلس الوزراء. فمرشحها لهذا المنصب هو قباد طالباني، الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات لمرشح واحد (182000) خلال الانتخابات. كما يطالب “الاتحاد الوطني الكردستاني” أيضا ببعض الوزارات في إقليم كردستان أو بغداد وبأن يكون له رأي فاعل في اختيار محافظ كركوك التالي.

خارج مناقشات الائتلاف، من المتوقع أن تنضم الأحزاب الإسلامية و”حزب الجيل الجديد” إلى المعارضة عوضا عن القبول بتمثيل رمزي في الحكومة التالية. فقد كان أداء الأحزاب الإسلامية سيئا، بالرغم من أن أداء “كومال” (سبعة مقاعد) كان أفضل من “الاتحاد الإسلامي الكردستاني” (خمسة مقاعد)، إذ تفوق الأول على الثاني من حيث المقاعد في هذه الانتخابات.

وخلافا لذلك، برز “حزب الجيل الجديد”، الذي تشكل حديثا على يد رجل الأعمال شاسوار عبد الواحد، على الساحة بعدد محترم من ثمانية مقاعد. إلا أن الحزب الجديد عانى في الحصول على دور في عملية تأليف الحكومة.

الطريق نحو التسوية السياسية

تعكس المفاوضات الحالية بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” واقع أن العلاقة بين الحزبَين، والتي سمحت لهما بأن يحكما إقليم كردستان خلال السنوات الاثني عشر الأخيرة، قد بلغت نهاية حقبة تقريبا.

وقد أوضحت انتخابات الرئاسة العراقية في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2018 هذه النقطة، فقد أصر “الحزب الديمقراطي الكردستاني” للمرة الأولى على أن يحصل ممثله على رئاسة العراق الفدرالية بدل حصول “الاتحاد الوطني الكردستاني” عليها، بالرغم من أن “الاتحاد الوطني الكردستاني” قد انتصر في النهاية وانتخب برهم صالح للرئاسة.

اعترض “الحزب الديمقراطي الكردستاني” على مرشح “الاتحاد الوطني الكردستاني” للرئاسة الفدرالية لأن سياسيي “الحزب الديمقراطي الكردستاني” قد علموا أن دورا وطنيا بارزا للمرشح الرئاسي “للاتحاد الوطني الكردستاني” برهم صالح قد يبطل كافة مكاسبه بعد الأداء الرديء الذي سجله “الاتحاد الوطني الكردستاني” خلال انتخابات إقليم كردستان.

وقد أكدت الأشهر الثلاثة الأخيرة مخاوف “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بأن الطاقة التي يضفيها برهم صالح على الدور البارز قد تساعد “الاتحاد الوطني الكردستاني” على العودة كطرف شبه متساو مع “الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

وبالتالي، زالت الصيغة القديمة فيما تبرز صيغة جديدة. ويقوم الطرفان باختبار مياه جديدة ويجرّبان طرقا جديدة للتوصل إلى اتفاق حول كيفية تقاسم الإيرادات والسلطة.

ويدعو صقور “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” إلى تدابير جذرية تصل إلى حد الدعوة إلى إعادة تشكيل المنطقتين الإداريتين مع حكومتَين في إربيل والسليمانية. في حين لا يزال آخرون يدعون إلى وضع بعض الخلافات جانبا للتوصل إلى اتفاق.

الحاجة إلى تسريع تشكيل الحكومة

من الناحية الزمنية، أراد “الحزب الديمقراطي الكردستاني” إكمال تشكيل الحكومة بحلول الأسبوع الثاني أو الثالث من كانون الثاني/يناير، إلا أن ذلك مستبعد. فبرنامج الحكومة الجديدة أو نوايا رئيس الوزراء القادم ليست معروفة بعد. ويُتوقع إلى حد كبير ألا يبقى أي من الوزراء الحاليين في السلطة، باستثناء وزير الموارد الطبيعية آشتي هورامي ربما. ومن المتوقع أيضا أن تركز الحكومة على الأجهزة الأمنية والاستثمار. وما لم تسرَّع العملية، تُعتبر بداية آذار/ مارس واقعية أكثر.

لا بد من تسريع وتيرة تأليف الحكومة، ويجب على “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” أن يباشرا بالوفاء بالوعود الانتخابية التي قطعوها على دوائرهما الانتخابية. فهناك تحديات كثيرة يجب على الأطراف مواجهتها عند انعقاد البرلمان الجديد، ولا يصب هذا الزحف البطيء نحو خط النهاية في مصلحة شعب كردستان.

معالجة مسألة رئاسة حكومة إقليم كردستان

هناك مسائل تقنية يجب تسويتها أيضا للمضي قدما بتشكيل الحكومة. ففي ما يتعلق بمسألة رئاسة إقليم كردستان، التي على الأرجح أن يشغلها رئيس الوزراء الحالي نيجيرفان بارزاني، من غير الواضح أي نظام سيُستخدم لهذه الانتخابات. وعلى الأرجح أن يقوم البرلمان الجديد بتعديل قانون رئاسة العام 2007 من خلال إعادة تفعيل سلطات الرئيس، الذي سيُنتخب بعدها في تصويت برلماني قبل المصادقة على تشكيل الحكومة.

تكمن آلية بديلة في إعادة النظر في مسودة الدستور، ربما من خلال إجراء بعض التعديلات في الصلاحيات الرئاسية التي سبق أن شكلت نقاطا شائكة في العام 2015. وبعدها، يجب المصادقة على الدستور في البرلمان قبل إجراء استفتاء لاعتماده. عندها فقط يُعقد تصويت علني عام لانتخاب الرئيس. إلا أن هذه الطريق الطويلة لتعيين رئيس جديد ستكون صعبة، ولكنها لا تزال مطروحة على طاولة صانعي القرار.

دور القيادة الجديدة

شاخت القيادة الكردية التقليدية وبدأ الانتقال إلى الجيل الجديد. فقد قام “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بالخطوة الأولى من خلال ترشيح مسرور بارزاني ونيجيرفان بارزاني الشابين نسبيا لمنصبَي رئاسة الوزراء والرئيس تباعا. ويسلط ترشيحهما الضوء على نيّة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بالتجديد وسط الجيل الشاب، ولكن بتأمين استمرارية لمسيرة الحزب منذ تشكيله في العام 1946 أيضا.

في غضون ذلك، تتسارع وتيرة النقاش الداخلي حول القيادة ضمن “الاتحاد الوطني الكردستاني”، مع تزايد الضغط لانعقاد مؤتمر للحزب لانتخاب مجلس قيادة جديد، حيث يُتوقع من القادة الشباب “للاتحاد الوطني الكردستاني” أن يعزلوا الحرس القديم وينقلوا الشعلة التي أضيئت عندما تشكل الحزب عام 1976.

بين كل من التغييرَين، وبغض النظر عما إذا كانت القيادة أكبر أو أصغر سنا، تبقى مسألة واحدة ثابتة، وهي الاختلاف السياسي المستمر بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني”. ستستمر هذه الاختلافات في المستقبل المنظور، وبالتالي، ستستمر معاناة كردستان.

لقد فقد شعب كردستان ثقته في النخبة الحاكمة، حيث كان يتوقع أكثر بكثير مما تلقاه، ومن ثم، يجب على القيادة الكردية أن تبدأ في الوفاء بالوعود التي قطعتها على نفسها خلال الانتخابات. كما يجب على الحكومة أن تتحرك بسرعة لتقديم خدمات أفضل، وخلق فرص عمل جديدة، وجلب الاستثمار، ومكافحة الفساد المتفشي داخل النظام. ومن الواضح أن حكومة تصريف الأعمال لن تتمكن من الوفاء بحل هذه القضايا، لكن الأمل في حل هذه القضايا قد يكمن في حكومة جديدة يُنتظر تشكيلها.

فرهاد علاء الدين هو مستشار سياسي سابق لرئيس جمهورية العراق برهم صالح، كما عمل مستشارا سياسيا للرئيس العراقي السابق فؤاد معصوم من عام 2014 إلى 2018. وقبل ذلك عمل رئيسا لأركان رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان من عام 2009 إلى 2011، كما تولى منصب كبير مستشاري رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان من عام 2011 إلى 2012. علاء الدين هو أيضا رئيس مجلس إدارة مركز الرافدين للحوار وعضو في مجلس إدارته. وهو كاتب ومراقب في الشؤون السياسية الحالية في العراق وكردستان ويحمل درجة الماجستير في قيادة الابتكار والتغيير من جامعة “يورك سانت جون”.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular