الأحد, مايو 19, 2024
Homeاراءالأيزيدي الهائم : مراد سليمان علو

الأيزيدي الهائم : مراد سليمان علو

muradallo@yahoo.com

منذ حريق بابل الكبير في عام 539 ق.م وهدم جنائنها المعلقة، وبرجها العظيم، والأيزيدي هائم يهرب من مكان إلى آخر بحثا عن تلك الفسيفساء الجميلة التي كان جزءا رائعا لا يتجزأ منها.
وطنَ نينوى، فطردوه منها، نينوى لم تكن بحنان بابل لتحضن الأيزيدي الهارب من بابل واللاجئ إليها.
الأيزيدي، طرد من إيران شرّ طردة. اخرجوه من بابل بعد أن احرقوها وهدموا برجها، فكيف سيفتحون له بيوتهم في موطنهم الأصلي!
الأيزيدي تمّت مطارته في تركيا، فهرب منها مذعورا.
الأيزيدي في سوريا أذابوه كما يذاب الرصاص، وتصنع منه طلقة؛ لترمي غدرا على شخص آمن مطمئن.
الأيزيدي في روسيا جُمّدت روحه مؤقتا.
لا أرى الأيزيدي إلا مستسلما، وخانعا في كلّ حين، وعبدا في كلّ مكان يذهب إليه.
يعلّمونه الخضوع قبل أن يتعلم ابجدية المكان الذي يحلّ فيه ويرحل إليه.
الأيزيدي يقول للعربي: “نعم”.
الأيزيدي يقول للكردي: “بلى”.
الأيزيدي يقول للتركي: “أفندم”.
الأيزيدي يقول للفارسي: “آغا”.
على الأيزيدي أن يستوطن استراليا، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وأوربا.
على الأيزيدي أن يترك كلّ المهن، ويكون دليلا لأهله، عليه أن يتعلّم كيف يعبر أهله إلى هذه البلدان.
على الأيزيدي ان يبني مع هؤلاء بلدانهم، ويتعلّم ابجديتهم، ويغتني من ثرواتهم.
على الأيزيدي أن يفرح لأفراحهم ولا يتحين الفرص ليحزن على ما فاته وعلى ما تركه.
ثم، على الأيزيدي أن يبني ذاته قبل كلّ شيء، وألا يثق بأحد.
عليه أن يلتفت لنفسه ويبني عائلة سعيدة متعلمة قبل العمل في الأحزاب والمؤسسات والمنظمات.
على الأيزيدي أن يعلم بأن المجتمع يبدأ به، وينتهي بعائلته فلا يقدّم شيء عليهما، ولا ينخدع بالكلام المعسول كما في كلّ مرة، وإلا فهو سيعيد تجربة اسلافه لقرون خلت، وسيبدأ البحث من جديد ثانية.
على الأيزيدي أن يفهم بأنه لو أبدع في مجال معين فهو يمثل كلّ مجتمعه، ولو أخفق فعلى نفسه.
الأبداع لا يكون إلا إذا عملت منفردا فالحياة صراع بين الأفراد قبل أن يكون صراعا بين المجتمعات والثقافات.
*********

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular