الأربعاء, مايو 8, 2024
Homeاخبار عامة"أنا الدولة".. كيف استغلت مليشيات عراقية حربها مع داعش لتعزيز سيطرة إيران؟

“أنا الدولة”.. كيف استغلت مليشيات عراقية حربها مع داعش لتعزيز سيطرة إيران؟

في يونيو 2014 استولى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الموصل شمالي العراق، وبعد أربعة أيام فقط أصدر المرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني، فتوى تحث العراقيين على التطوع في القتال ضد المسلحين.

وتدفق عشرات الآلاف من الشبان، ومعظمهم من شبان الجنوب الشيعي الفقير وضواحي بغداد، على مراكز التجنيد ومعسكرات الجيش ومقار الميليشيات.

احتشد عدد من الشبان في قاعة محاضرات في أحد المباني القديمة بشرق بغداد، متحمسون للتطوع ضد داعش، بملابس ملونة وأكياس بلاستيكية وضعوا بها بعض الملابس، وكأنهم متجهين لرحلة نهاية الأسبوع. وبرز في المشهد حينها، البعض من الشبان يرتدون عصابات خضراء تحمل شعار “كتائب حزب الله”، التي شكلها القائد العسكري أبو مهدي المهندس عام 2006، وتابعة للحرس الثوري الإيراني.

وسرعان ما ظهرت مجموعات منظمة أخرى، حملت السلاح، وبات المشهد في شمال البلاد، فصائل تتبع لقيادات ومراجع مختلفة.

وبدعم من رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، انطوت هذه المليشيات تحت “الحشد الشعبي”، وباتت مؤسسة معترف بها على مستوى الدولة بتشريع قانون صوت عليه غالية أعضاء البرلمان في 26 نوفمبر عام 2016 .

التجنيد الممنهج

وعن كيفية الانضمام إلى عناصر”الحشد الشعبي”، قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إلى أنّه في البداية كان الباب مفتوحاً للشبان الشيعة الملتزمين دينياً، والذين يصلون ويصومون، ولكن بعد ذلك بدأ قبول الجميع، بحسب قول أحد ضباط التجنيد عام 2014.

الضابط المسؤول عن التجنيد، شارك في تنظيم وحدة مقاتلين في مدينة حلب السورية ضد “داعش”، والذي قال، بحسب الصحيفة، حينها ” “لقد قاتلنا الأميركيين، ونقاتل داعش في سوريا”.

وأضاف أنّ “خبرتنا ستجعلهم أقوياء (عناصر المليشيات)، سنقدم لهم أفضل تدريب يمكن”، لافتاً إلى إنضمام جنود من الجيش العراقي لهم لرغبتهم التخلص من الفساد، بحسب قوله.

كما انضم إلى المجندين الشباب مقاتلون شيعة مخضرمين مثل أبو هاشم الذي حارب الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في الثمانينيات والتسعينيات، وذلك تحت قيادة المهندس، رئيس أركان الحشد ونائب رئيسه، الذي تواصل مع مقاتلين قدامى لمقابلته.

ونقلت الصحيفة عن أبو هاشم، ضابط مخابرات في “الحشد”، قوله “بعد سقوط الموصل، لم نذهب إلى الحرب بسبب فتوى السيستاني، بل بدعوة من المهندس الذي أراد مقاتلين أكبراً سناً للعمل معه”، كاشفاً أنّه “التقينا به في منزله  وأخبرنا أن الدولة العراقية سقطت، مردداً أنا الدولة الآن”.

السيطرة الإيرانية

وبعد وصول أبو هاشم ورفاقه مستعدين لحمل السلاح في صيف 2014 ، أمرهم المهندس بالتوجه إلى قاعدة التاجي العسكرية شمالي بغداد لتشكيل قوة جديدة. كانت مهمتهم الأولى هي حماية الأضرحة الشيعية في سامراء ووقف تقدم مقاتلي داعش إلى بغداد.

وقال أبو هاشم “عندما وصلنا إلى القاعدة ، وجدنا فوضى كاملة، ولكن عندما وصل المهندس أصبحت الأرض منظمة لأجله”، لافتاً إلى أنّه “سرعان ما بدأت الرحلات الجوية الإيرانية في نقل الأسلحة إلى المطار الذي افتتح حديثًا  (آنذاك) في النجف”.

وأكّد أنّه “بالأسلحة والسيارات والرجال جاء مستشارون إيرانيون، وانتشروا في أنحاء البلاد في بقعة جغرافية واسعة من ديالى شرقاً”، معتبراً أنّ “المهندس  تفاوض مع الفصائل والمليشيات وسيطرة عليها”.

ولفت إلى أنّه “عندما شكلنا الحشد حاولنا تكرار تجربة الحرس الثوري الإيراني، لكننا فشلنا في شيء واحد وهو تعدد الفصائل، واختلاف مراجعها، الذي حاول المهندس ضبطها”.

الخطر على الدولة العراقية

وبعد تراجع حدة المعارك مع “داعش” ودور مليشيات الحشد بذلك، بدأت التظاهرات الشعبية التي نظمها ناشطون سئموا من قدرة الجماعات المسلحة في السيطرة على كافة جوانب الحياة العراقية، وجنيها لثروات من خلال وسائل فاسدة.

وقال محلل عراقي طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث للصحيفة البريطانية، إنّ “بعض الفصائل العسكرية تتلقى رواتبها من الدولة العراقية لكنها لا تتبع التسلسل العسكري للقائد العام للقوات العراقية”.

واعتبر أنّهم “يتصرفون وفقًا لتحالفاتهم مع الحرس الثوري الإيراني، ويخدمون الاستراتيجية الإيرانية الأكبر في المنطقة، ومصالحهم التجارية الخاصة”.

وشدد على أنّهم “يشكلون تهديداً للدولة العراقية من الداخل “.

تفكك الحشد وتوريط الحكومة

في يناير الماضي، قُتل  القائد العسكري الإيراني،  قاسم سليماني وابو مهدي المهندس بضربة أميركية، في الوقت التي كانت المليشيات خاضعة لقيادته، وتعمل بأمر من إيران.

وبعد تسعة أشهر من الضربة الجوية الأميركية، أصبحت الفصائل المختلفة أكثر انقساماً من أي وقت مضى، حتى بعدما شجعتهم الضربة متخذين وفاته ذريعة جديدة للبقاء.

وقال مسؤول حكومي، لصحيفة “الغارديان”، إنّ “قتل سليماني عطّل انسياب عملية اتخاذ القرار لهذه الفصائل، وهي لا تتصرف وفق استراتيجية عامة”.

وعلى اثر ذلك، كثفت الميليشيات الموالية لإيران  عمليات قتل وخطف النشطاء، وبدأت بإطلاق الصواريخ على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وعلى معسكرات عسكرية لها، واضعة الحكومة العراقية في مأزق دبلوماسي مع واشنطن التي لوحت بإغلاق سفارتها في بغداد.

مساع حكومية للسيطرة على المليشيات

في أبريل الماضي، عُيِّن رئيس المخابرات السابق، مصطفى الكاظمي، رئيساً لمجلس الوزراء، بعد خمسة أشهر من الفراغ الحكومي، بعد استقالة رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، بضغط شعبي نهاية نوفمبر 2019.

ويواجه الكاظمي تحديات عدّة الأصعب منها هي محاولة التفاوض على مسار جديد للبلاد، في ظل  تأثير طهران على السياسة والأمن في العراق  بوجود الجماعات المسلحة التابعة لها، والتي يصعب السيطرة عليها.

ويعتقد الكاظمي أنّ أي مواجهة مباشرة مع الفصائل أمر خطير وقد يكون له تداعيات سياسية وأمنية خطيرة، دون أن تكون النتيجة إيجابية مضمونة.

وفي يونيو الماضي، نفّذت قوة مكافحة الإرهاب مداهمة على خلية ميليشيا جنوبي بغداد، واعتقلت مجموعة من عناصر المليشيات العراقية واللبنانية متهمة إياهم بالتخطيط لإطلاق وابل من صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء.

وفي الليلة نفسها، تجمع المئات من عناصر المليشيا في الشوارع عرضاً للقوة، فيما تحرك آخرون على الأهداف الاستراتيجية في المنطقة الخضراء، ما أدى إلى إطلاق سراح المعتقلين.

مواجهة مؤجلة

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن ضابط كبير في الجيش العراقي قوله  “أعتقد أحياناً أن الحل الوحيد لهذه الأزمة، دولتين وجيشين، أولاً نغلق بغداد، ونوجه إنذارا لوحدات الحشد الشعبي إما للانضمام إلى القوات النظامية أو نحاربكم”.

واعتبر أنّ “حمام الدم والحرب لأسبوعين أفضل من الاستمرار في تأجيل المواجهة”.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular