الأحد, مايو 5, 2024
Homeمقالاتظل الكاظمي وكاسر شوكة تنظيم الدولة.. هل خان عبد الوهاب الساعدي مظاهرات...

ظل الكاظمي وكاسر شوكة تنظيم الدولة.. هل خان عبد الوهاب الساعدي مظاهرات العراق؟ : صلاح حسن بابان

اشتهر الضابط العراقي البارز عبد الوهاب الساعدي الرئيس الحالي لجهاز مكافحة الإرهاب، بخوضه المعارك الشرسة ضد تنظيم الدولة الإسلامية والانتصار عليه، بعد أن وقعت ثلث مساحة العراق تحت سيطرة التنظيم عام 2014.

ووصف الساعدي بأنه “رومل العراق” -نسبة إلى الضابط الألماني الشهير خلال الحرب العالمية الثانية- لقيامه بتحرير محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار من سيطرة تنظيم الدولة.

وتحوّل الساعدي بعد عمليات التحرير من تنظيم الدولة إلى أيقونة حية في ساحات التظاهر التي رفعت صورته بعد قرار استبعاده المفاجئ من قبل رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، وباتت قضيته حديث الشارع ومنصات التواصل الاجتماعي.

وحينها برر عبد المهدي سبب عزله للساعدي “بالتسكع عند أبواب سفارات الدول الأجنبية في بغداد”، في إشارة إلى تردده على السفارة الأميركية.

ويرتبط الساعدي المولود في أحد أحياء بغداد الشعبية عام 1963 ارتباطا وثيقا بمحافظة نينوى (شمال) التي عاد إليها محررا لها من قبضة تنظيم الدولة، بعد أن كان أكمل دراسته الجامعية فيها بالحصول على شهادة البكالوريس في الفيزياء.

ووفاء له، قام سكان الموصل بإقامة تمثال خاص له في الجانب الأيسر من المدينة عام 2018، إلا أن السلطات أزالته بعدها بعام تقريبا.

 

وتخرج الساعدي في الكلية العسكرية برتبة ملازم عام 1985 إلى أن تخصص في العلوم العسكرية عام 1996 وصار محاضرا في كلية الأركان العسكرية العراقية في بغداد وساهم في تخريج العشرات من الضباط العراقيين.

 

خيانة أم مماطلة؟

وبعد إقالة عبد المهدي وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، واستمرار الاحتجاجات العراقية التي أكملت عامها الأول، بدأت التساؤلات حول موقف الساعدي من المظاهرات التي مازالت شرارتها موقدة في المدن الغاضبة ابتداء من بغداد مرورا بالمحافظات الوسطى والجنوبية، مع استمرار مسلسل الاغتيالات والتهديدات ضدهم.

وتساءل البعض هل أغرى الكاظمي الساعدي بالمنصب الجديد مقابل سكوته، وجعله سندا يرتكن إليه في مواجهة الفصائل المسلحة، خوفا من أي انقلاب ضده، وإلى أي مدى يمكن القول إن الساعدي خان الاحتجاجات التي دافعت عنه عندما أقيل من منصبه؟

 

يخضع للأمر العسكري

لا يتأثر الساعدي بالظروف الاستثنائية التي تحيط بالاحتجاجات والمتظاهرين، وإنما يخضع للأوامر العسكرية التي تصدر من المؤسسات العسكرية -كما يقول موسى رحمة الله أحد قادة ساحة التظاهر في بغداد- بالتالي فإن إرادة القوى السياسية الموجودة في الحكومة والمؤسسة العسكرية هي التي تحركه كما الحال مع القطاعات العسكرية الأخرى، وهذا يعني أن سكوته مرتبط بالخضوع للفعل السياسي.

 

ورفض رحمة الله اتهام الساعدي بالخيانة إزاء سكوته الحالي عن الاغتيالات والتهديدات التي طالت المتظاهرين، إلا أنه مستغرب من سكوته وهو في الأمس كان شخصا ظلمته الدولة وحمل المحتجون صورته لرفع الغبن عنه، ونجح المتظاهرون في الدفاع عنه وإعادته إلى جهاز مكافحة الإرهاب.

ويمتلك الساعدي جمهورا واسعا في ساحات التظاهر وهذا ما دفع الكاظمي بأن يلعب لعبته -حسب رحمة- بتنصيب عبد الوهاب رئيسا لجهاز مكافحة الإرهاب (أقوى قوة عسكرية في البلاد المُشكل عام 2007 بتدريب أميركي)، مستندا في ذلك إلى خبرته بصفته رجل مخابرات ويعرف جيدا مطالب ساحات الاحتجاجات.

ويرى رحمة الله أن الكاظمي قلّص بهذه الخطوة حجم التأثير والتفاعل والتعامل مع الموجودين في المظاهرات وسحب البعض منهم، في إستراتيجية بعيدة المدى تسعى لتقليص الموجودين في الاعتصامات والاحتجاجات داخل الخيم في ساحة التحرير.

وقبل الساعدي شغل الفريق الأول ركن طالب شغاتي رئاسة الجهاز لأكثر من 11 عاما، وهذا مخالف للأعراف والتقاليد العسكرية، التي تؤكد عدم جواز بقاء القائد أو الآمر العسكري لأكثر من عامين في منصبه مع احتمالية تمديد سنة واحدة له كما يقول الخبير العسكري أعياد طوفان.

وعزا طوفان تغيير شغاتي إلى سببين الأول بلوغه السن القانوني للتقاعد، والثاني بقاؤه أكثر من 11 سنة في المنصب، وكان لابد من تغييره فوقع الاختيار على الساعدي ليكون بديلا له، المعروف باطلاعه على حيثيات الجهاز وامتلاكه قدرات قتالية عالية إضافة إلى نزاهته.

 

صدفة أم مزامنة؟

ويؤيد طوفان في حديثه للجزيرة إلى حد ما رأي الناشط رحمة الله باختيار الكاظمي للساعدي رئيسا لجهاز مكافحة الإرهاب، فلم تكن الخطوة صدفة، وإنما جاءت تزامنا مع الأحداث المتطورة، باعتبار أن تدخل الأحزاب والسياسيين في الجهاز هامشي، وهذا يفسر سرّ الهجوم المستمر عليه وضباطه من قبل بعض الأطراف السياسية في العراق.

ويبرئ الخبير العسكري الساعدي الذي كان أحد طلابه في كلية الأركان من أي تخاذل مع ساحات الاحتجاج ولما يتعرض له المتظاهرون من اغتيالات وتهديدات، قائلا إن الساعدي يأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة وهو الكاظمي، متسائلا كيف يحمي الساعدي المتظاهرين إذا لم تصدر له الأوامر لحمايتهم أصلا؟ مستذكرا بذلك حادثة الدورة عندما اعتقل الجهاز 14 متهما -باستهداف مواقع عسكرية- تابعين لإحدى المليشيات، كيف أثيرت الضجة وكيف قامت إحدى الفصائل المسلحة بمحاصرة أحد مقرات الجهاز وسط العاصمة.

وانتقد طوفان تخصيص كل هذه القوات العسكرية لحماية المتظاهرين دون أي جدوى، بل كان يجب حمايتها من قبل الشرطة المحلية وجهاز مكافحة الشغب الذي يتمتع بقدرات وتدريبات عالية تلقاها في دول متطورة لمنع حدوث حالات الشغب التي شهدتها ساحات التظاهر، منتقدا الكاظمي في الوقت ذاته لعدم تنفيذه أيا من وعوده للمحتجين، وأبرزها عدم كشف قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم.

 

هدوء لمرحلة قاسية

وأدى إعادة بعض الشخصيات المهمشة التي حاربتها حكومة عبد المهدي مثل الساعدي والقاضي رحيم العكيلي وعامر عبد الجبار إلى تهدئة حدة الاحتجاجات التي شهدها العراق، وكانت المظاهرات قد طالبت بعودتهم إلى الخدمة.

 

إضافة إلى استقالة حكومة عبد المهدي وتحديد موعد لانتخابات مبكرة، إلا أن هذا لا يعني أنها انتهت كما يقول أستاذ الإعلام بجامعة أهل البيت د. غالب الدعمي، وإنما هدّأت قليلا والهدوء يعني الاستعداد لمرحلة أخرى قد تكون أكثر ضراوة وقسوة على الحكومة الحالية من الحكومة السابقة المتهمة بقتل المتظاهرين في حال لم تحقق المطالب المطلوبة.

وأشاد الدعمي بدور الساعدي الذي لم يقتصر على محاربة فلول الإرهاب، متهما في حديثه للجزيرة نت الحكومة الحالية بـ”التباطؤ” في الإعلان عن أسماء قتلة المتظاهرين رغم أن التحقيقات حددتهم.

واستفسر الأكاديمي العراقي عن سبب سكوت الحكومة العراقية إزاء ملف قتلة المتظاهرين، متسائلا، هل السبب لأنهم يتبعون جهات قوية ومؤثرة تمتلك السلاح وتجعل الدولة خجولة وتجبرها على المجاملة؟ مؤكدا أن الساعدي بريء ولا يتحمل مسؤولية سفك قطرة دم واحدة من المتظاهرين.

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular