الأربعاء, مايو 15, 2024
Homeمقالاتالفقر في العالم: كيف يلتهم الأغنياء الفقراء والعالم : ترجمة عادل حبه

الفقر في العالم: كيف يلتهم الأغنياء الفقراء والعالم : ترجمة عادل حبه

بقلم البروفيسور جون ماكمورتري*

المصدر:Global Research

البروفيسور جون ماكمورتري

كشف تقرير أوكسفام دافوس لعام 2016 الذي تجاهلت وسائل الإعلام بشكل لافت النظر إليه، إن 62 فراً، كان 388 في عام 2010 ، يمتلكون الآن ثروة تفوق  ما يمتلكه 50% من سكان العالم. والأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أنها تأتي من مصادرها الموثوقة التي لا جدال فيها،إأن هذه الحصة من ثروة نصف سكان العالم قد انهارت بنسبة تزيد على 40٪ في السنوات الخمس الماضية فقط.

ومع ذلك ، لا تزال الأكاذيب الكبيرة قائمة حتى هنا حول”إحراز تقدم في معالجة الفقر العالمي” و ” أن الفقر المدقع قد انخفض إلى النصف منذ عام 1990″.

 

التبرير النهائي هو عكس الحقيقة التي لا يمكن إنكارها

 

بشكل لا يصدق، يجري التأكيد باستمرار على المقولة التي تدعي بأن “الفقراء يُنتَشلون من براثن الفقر بأعداد متزايدة باستمرار”. هذا التأكيد يستمر على حاله، على الرغم من الأدلة الدامغة على أن النصف الأفقر من البشر قد فقد ما يقرب من نصف ثروتهم في السنوات الخمس الماضية.

 

أغنياء العالم يزدادون ثراءً وفقراءه يزدادون فقراً

 

هذه الكذبة الكبيرة لها مغزى في آثارها. فليس الادعاء السائد حول نجاح العولمة مزيفاً فقط بلا إنكار بينما لم يلاحظه أحد. ونتيجة لذلك، تنهار نظرية السوق الأساسية. إن من يدعي يومياً على فائدة للسوق العالمية يظهر أنه على عكس الواقع. ماذا تعني “نظرية الانسياب للأسفل” عندما ، في الحقيقة ، يتدفق هذا الإنسياب إلى الأعلى بمئات المليارات من الدولارات إلى الأغنياء من جيب الفقراء والمعوزين بالفعل؟.

 

ماذا يمكننا أن نقول الآن عن العقيدة المعلنة بلا كلل بأن السوق العالمية تجلب “المزيد من الثروة للجميع”، في حين أن أدلة قطاع العمل التي لا جدال فيها تظهر واقعاً معاكساً على الأرض وفي جميع أنحاء العالم. فلا يمكن إنكار حقيقة أن الفقراء فقدوا ما يقرب من نصف حصتهم من الثروة العالمية، بينما ضاعف الأغنياء نصيبهم في الوقت نفسه. باختصار، تثبت الأدلة على أن الادعاءات الأخلاقية والاقتصادية الرئيسية التي تبرر السوق العالمية هي مجرد أكاذيب كبيرة للغاية، وتتضخم طوال الوقت.

 

إن أسوأ من هذا الوهم، هو مايعكسه الواقع المعاشي  القائم على إفقار مليارات من الناس، وتجري الدعوة للضحايا باستمرار بأن يؤدوا عملهم بشكل أفضل في ظل النظام الذي يحرمهم بشكل متزايد من القليل الذي في حوزتهم، فالخسارة البالغة تريليون دولار التي يتحملها النصف الأفقر من السكان، ذهبت في نهاية المطاف إلى جيوب الأغنياء في غضون خمس سنوات فقط.

وفي الوقت الذي تستمر عجلة الأكاذيب الكبرى في تبرير النظام العالمي الذي يأكل الفقراء وهم أحياء على أنه ضرب من “تخفيف للفقر” ، فإن المزيد من نفس سياسات التراكم عن طريق نزع الملكية التي تبرر تجريد الأغلبية تحت لافتة “التقشف”، على أنه المزيد من “تخفيضات الرفاهية”، والمزيد من “مرونة في إدارة العمل”. وباختصار، المزيد من الجوع والنهب لحياة الناس وظروف حياتهم بدعوى أنها توفر “مزيداً من الحرية والازدهار للجميع”.

 

لعبة الإحصائيات التي تخفي الواقع المزري للحياة

 

تدعي الأرقام التي ينشرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وما شابههما، أنها تُظهر انتشال الفقراء من الفقر في جميع أنحاء العالم، وتعلن وسائل الإعلام مثل نيويورك تايمز عن هذه المزاعم بالعناوين الرئيسية لإظهار أن كل شيء على ما يرام والجميع بخير لخداع الفقراء وغالبية الناس، في حين أنه يعانون من ضيق العيش والحرمان من فرص العمل والأمن. وهكذا ، فإن الأكاذيب الكبرى تُؤسس كحقائق يقدمها الاقتصاديون وعلماء الاجتماع دون رمشة عين.

 

هل يوقظنا فيروس كوفيد -19؟ عن طاعون نظام اللاوعي

 

في الواقع، تستند هذه المكاسب الكبيرة المزعومة للفقراء للخروج من دائرة الفقر والفقر المدقع على حد سواء إلى المكاسب التي يحققها الدخل الذي يقل عن سعر فنجان قهوة في اليوم، وهي ملاحظة محجوبة تماماً عن الأنظار لدرجة أن القراء قد لا يرونها منذ الوهلة  الاولى. وبالتالي ، فإن عبودية لأكاذيب الكبيرة المستدامة تسجر الناظر ، في الوقت الذي ينعدم فيه أي نظام آخر لدعم الحياة. لقد كان لدي حديث مع خبراء اقتصاديون ومحاورين رفيعي المستوى يردون بغضب عند الإشارة إلى هذا الوهم، كما لو كنت أخذل الفقراء بدلاً من فضح الأكاذيب الكبيرة. وبهذه الطريقة، نجد أن الأكاذيب المقنعة قد تعمقت في افتراضات الخبراء وعامة الناس بأن عالم الحياة الواقعية لم يعد من الممكن الخوض فيه. ثم تعمل هذه إن هذه الأكاذيب الكبيرة تعمل في خلفية الأكاذيب الكبيرة التي لا تتوقف والتي تسبق الصراعات الخارجية التي لا نهاية لها وخوض الحروب بذريعة “الدفاع عن العالم الحر”

 

يبدو أن لا أحد يلاحظ أن مكاسب الدخل و”انتشال الفقراء من براثن الفقر” تشير عادةً إلى المهاجرين من الريف إلى المدن الملوثة، وإلى ظروف الحياة غير الآمنة وغير الإنسانية لأولئك الذين كان لديهم في السابق على الأقل مسكن عائلي في الريف، وهواء نظيف وماء و آفاق حية. وباختصار، المعيار القياسي هو +1.50 دولار للخروج من دائرة الفقر والفقر المدقع، و هو هراء لا إنساني، ولكنه يستخدم بشكل ناجح كدليل على أن النظام يقدم الخدمات على الأقل.

 

ثورة الردة ضد الإرتقاء الاجتماعي التي تعمق هندسة الركود

 

خلال إعادة التوزيع غير المرئي للثروة من الفقراء إلى الأغنياء (المضمون الآن في كثير من الحديث حول “عدم المساواة”) ، يتم فرض المزيد من “إصلاحات السوق” على أنها “تعزيز للمنافسة”، و “تحرير اللوائح التنظيمية”، و “تكاليف الرعاية الاجتماعية المنخفضة” و “برامج التقشف لتصحيح التجاوزات”. يتم إسقاط كل “الاستحقاقات المفرطة” للنظام على الضحايا بحيث لا يتم ملاحظة الاستحقاقات المفرطة حقاً للأثرياء صوب مضاعفة ثرواتهم مع عدم وجود وظيفة أو قيمة أو تنسيق يُلتزم بهه، ولكن لا يزال هناك المزيد من الطلب على المال من قبلهم بطريقة غير ملحوظة. وهذا هو مستوى آخر من الأكاذيب الكبيرة التي تشكل منظومة الفكر الحاكم.

 

في الواقع ، في ظل الدعاية المنتشرة التي تجعل المواطنين يؤمنون بلعبة المال الخاص التي تلتهم العالم ، فقد حُرم النصف الأفقر من البشرية من تريليون دولار من الثروة في حين أن 62 من  أغنى الأشخص قد ربحوا ضعف هذا المبلغ تقريباً من خلال العمليات الجارية في ظل هذا الخلل العالمي. ومع ذلك ، يؤكد تقرير دافوس أيضاً أنه لا يزال هناك مبلغ 760 مليار دولار أمريكي آخر يذهب سنوياً إلى المستثمرين غير المنتجين عن طريق التهرب الضريبي العابر للحدود مع الإفلات من العقاب في جميع أنحاء العالم. ومرة أخرى، تزيد حرية رأس المال النقدي بلا حدود في ظل “العولمة” ثراء الأغنياء بشكل كبير، بينما تضاعف في الوقت نفسه من درجة حرمان الفقراء تحت يافطة “الحد من الفقر”.

 

هنا يتم إعادة برمجة المظومة في الواقع لسلب أرصدة جميع القطاعات والمؤسسات العامة المنوط بها تقديم الخدمة للصالح العام. وتساق الخدمات العامة والبنى التحتية أيضاً صوب الإفلاس على الدوام ، ليس فقط من خلال وقف التمويل، وخفض النفقات ، والخصخصة ، وسيطرة جماعات الضغط على الشركات وعلى السياسات العامة والإعانات، ولكن عن طريق التهرب الضريبي العام المتصاعد بما يقارب تريليون دولار سنوياً، من دون أن تقوم الحكومات وإتفاقيات التجارة بفعل أي شيء لتصحيحه حتى الآن.

 

 

 

 

وبالتالي ، فإن الحكومات التي يمكن لها أن تستثمر في الحفاظ على أنظمة دعم الحياة الاجتماعية والبيئية للبشرية من التدهور والانهيار المتزايدين، أصبحت الآن مفلسة بشكل منهجي أو مقيدة بعبودية الديون إلى جانب معظم المواطنين. ونتيجة لذلك ، دون أن تعرف الحكومات السبب ، ينزلق الاقتصاد العالمي إلى ركود أعمق جراء انهيار الطلب الاقتصادي على مستوى الجمهور ومستوى الأغلبية.

ألتهام العالم حياً بإعتباره منافسة عالمية

 القانون الجديد للتطور البشري المطلوب هو التنافس للحصول على المزيد من المال والسلع لأنفسهم بإعتباره “ضروري للبقاء” ، مع نظام بلا حدود وغير منظم ومبني عى قاعدة إفقار الغالبية العظمى بشكل متزايد مع مضاعفة ثروة الأغنياء. والحقائق الآن دامغة. إن عولمة الشركات ليست فقط خارج نطاق السيطرة، إنها تأكل العالم حيا على جميع المستويات صوب الانهيار التراكمي لتنظيم الحياة العضوية والاجتماعية والبيئية. تعني المنافسة العالمية ، في الواقع، أن وسائل الحياة والأمن للأغلبية تستمر في التدهور، حيث يتم نهب البيئة وتلويثها على نطاقات أكبر من النهب. ومع ذلك ، يتم تصور الأمر وكأن “المزيد من النمو” فقط هو الحل لهذا النظام. إن هذا النظام مجنون سريرياً.

وفي الوقت الذي تتضاءل الأرضية المشتركة للحياة بشكل غير مسبوق من قبل منظومة قيم الحكم، فإن أولئك المحرومين والمتخلفين عن الركب يغرقون في موجة من الأكاذيب الكبيرة متعددة المستويات التي تعلن العكس. وهذا هو السبب في عدم الإفصاح عن الحقائق. وهنا يكمن السبب في أن الإجراءات المزعومة لوقف النزيف في العالم تلقي الضوء على اضطراب المظومة التي تسببها. هذا هو السبب في أنه حتى التقدميين يفترضون الأكاذيب الاقتصادية كما لو كانت صحيحة. مثل نظام السرطان على المستوى الكلي، فإن نظام التسلسل المالي الخاص المضاعف بشكل كبير له نقطة ضبط واحدة فقط – التنمية لنفسه بشكل أعمى مع إخفاء الاضطراب الذي يلتهم أسباب الحياة في ظل شعار “تعزيز رفاهية الناس”.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*جون ماكميرتري هو أستاذ جامعي فخري بجامعة جيلف وزميل منتخب في الجمعية الملكية الكندية. تُرجمت أعماله إلى لغات العالم من أمريكا اللاتينية عبر أوروبا إلى اليابان، وهو مؤلف ومحرر كتاب “الفلسفة ومشكلات العالم” المكون من ثلاثة مجلدات لليونسكو، وكذلك مؤخراً، مرحلة السرطان في الرأسمالية من الأزمة إلى العلاج.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular