الأحد, مايو 5, 2024
Homeاراء(مديح إلى بير خدر سليمان وسليمان أبو سيف الكاشاخي) : مراد سليمان...

(مديح إلى بير خدر سليمان وسليمان أبو سيف الكاشاخي) : مراد سليمان علو

muradallo@yahoo.com

إلى البير خدر..
وإلى أبو كاشاخ..
ألا توجعكما مفاصل أصابعكما من الكتابة عن اللون الأبيض؟ حان وقت راحتكما وسماعكما هادئين مطمئنين، فالنصّ أدناه لكما مع تحية من بعيد، من سفوح جبل شنكال التي تولد فيها الحكمة وقد أرسل (نيتشه) فتاه (زرادشت) لينالها، فدخل سهوا إلى كهف (حصارى) وعثر فيها على مذكرات (خيري الشيخ خدر) المكتوبة بخط يدي وبتوقيعكما حيث استغرقت دهشته عشر سنوات يتأمل خلالها بطولاته وصولاته في آخر فرمان علينا.
تحية لكما من جرح خاصرة شنكال التي تنتهي فيها الأساطير. أسطورة الطوفان وقدوم (أوتنابشتم) عندما اخترق (سن الكلوب) سفينته. أسطورة قدوم (الإسكندر) وجيوشه وبناء الملعب الروماني الذي لم يبقى منه غير سوره الذي كنا نلعب في أيام طفولتنا المسروقة منّا حواليه لعبتنا المفضلة (عسكر وحرامية). أسطورة أن تكون شنكال عاصمة لأيزيدخان بدلا من باعذرا وهانوفر ويبني الأمير (إسماعيل جول بك) قصر الإمارة فيها، وأسطورة استقبال الباشا الفقير (حمو شرو) مئات العوائل الأرمنية الفارين من فرامين الجندرمة الأتراك، وأسطورة أغاني (عيدوى كتي) في أعياد الجماعية. أساطير لا تعد ولا تحصى تخص الأرباب والأبطال والسبايا والمهاجرين وخيانة الجار وكأنها امتداد لأساطير بابل العظيمة.
سلام لكما من شنكال الحبلى أبدا بالأبطال والشعراء والفنانين والكتّاب، والزاخرة بالمواويل والمبدعين، ومن مساءات قراها الغافية على حكايات العمّ (خلف مجو) حين كانت تأتي نعوش شهداء الحرب من الجبهات الشرقية وهي ملفوفة بعلم الوطن الذي تتبدل ألوانه كلما كان هناك بيانا يحمل الرقم (1)، من تلك القرى المعجونة طين بيوتها بدموع الأرامل بدأت أحلامنا في أن نتسلق الجبل أيضا فهو جبلنا ونحن أولى من غيرنا بالحكمة التي في ثنايا كوفيته البيضاء.
وهكذا وأنتما أعلم كيف برزت في مضارب هذا الشعب الأبيض القلب والملبس ملامح بطل من هنا ومحارب من هناك وشاطر من هنا ومجتهد من هناك وألمعي من هنا ومتفوق من هناك، وبدأنا نسير مع الركب ونرافق المجتمعات المتمدنة وننافس الأوائل في العالم المتقدم لنحوز قبلهم الجوائز والنياشين والألقاب ونؤلف الكتب ونرصّ القصائد ونصدح بالأناشيد، فيحق لنا أن نكون حديث الإذاعات وتنقل أخبارنا القنوات الفضائية وينشر نتاجنا في الجرائد والمجلات بعد أن كنا نسيا منسيا.
تأسيسا على جمال معابدنا المخروطية التي تحتوي على عبق أيام الأيزيدياتي والمكتوب على جدرانها أساطيره الأكثر دهشة وجمالا من كل الأساطير، وبناءً على قلق تلك الخيام التي احتوت عرينا وجوعنا وتشريدنا أكثر من سبع سنوات عجاف، وإكراما للبيوت الطينية الدافئة والمترعة بالألفة والطيبة، يحق لنا أن نمدح من يستحق المدح ونشكر من يليق به الشكر، وكان من الأفضل لو فعلنا ذلك في حياتكما قبل مماتكما.
أن تكون على معرفة بمبدع فهذا أمر استثنائي تقدر أن تبوح بتفاصيل يحلم بها غيرك ليطلع عليها، وفي حالة لم تعرفه شخصيا فمن الإنسانية أن تشكره على ما يقوم به، ولكننا نؤجل كل شيء إلى ما بعد الموت.
وهذا خطاب شكر ومديح مزدوج لبير خدر وأبو كاشاخ فما أن سنحت لهما الفرصة حتى تماهت بين أصابعهما الممسكة بأقلام حبر باركر 21 وهما يتلوان القصّة مع الحكاية والخرافة التي تسلقت الأسطورة، وفي لجّة هذه السوريالية العجيبة تأخر كيل المديح إلى أن افترقنا وها هو جوع المخيمات وآهات السبايا يطغي على لحن الشبابة المنساب على قبريكما وعلى جرحنا الذي لا يندمل.
الاختلاف في وجهات النظر وفي الانتماء لا يمنع أن نطيب خواطر مبدعينا الأحياء أيضا لأننا بحاجة إلى الصدق حين يختبئ الكذب وراء الباب.

RELATED ARTICLES

2 COMMENTS

  1. أشرت إلى نقطة مهمة جدا. لماذا
    الإهمال للمبدعين في حياتهم والنواح
    عليهم بعد الرحيل؟
    الشعوب الحية تمجد مبدعيها في
    حياتهم ونحن نلطم عليهم بعد الرحيل
    الرحمة والمغفرة للذين ذكرتهم من
    من الراحلين.
    كم كان ديوان المرحوم خلف مچو
    فيه الحيوية وحكاياته الهادفة.
    الآخرين الذين ذكرتهم للأسف لم
    أتعرف عليهم عن قرب بإستثناء
    المرحوم پير خدر سليمان. آول
    معرفتي به كان أثناء محاولات
    الأُولى لتأسيس مركز لالش وكنا
    نتبادل وجهات النظر ومع المرحوم
    عيدو بابا الشيخ وكنت امازحهما. انتما
    خريجي الجامعة وكُتاب وأنا مجرد
    خريج إبتدائية كانا متواضعين بشكل
    كبير وخلال مؤتمرين لمركز لالش
    كنا نلتقي تقريباً بشكل يومي في
    مركز لالش.
    فعلاً خسارتهم لا تعوض
    عشتم بتذكيرهم وإعطاء
    ولو جزء من حقهم

  2. تحية محبة اخي الكريم…
    نعم علينا أن نشيد ببعضنا بدلا عن الأتهامات والأقاويل الجوفاء..
    الذين ذكرتهم شوامخ وجبال لم تهزها الريح وهم جزء حيّ من تاريخنا وأمجادنا التي نفتخر بها

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular