الأحد, مايو 5, 2024
Homeاراءالإبادة الجماعية مستمرة ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الايزيدي ح2: د.خليل...

الإبادة الجماعية مستمرة ديناميات وأبعاد وفواعل الانقسام في المجتمع الايزيدي ح2: د.خليل جندي

تقييم كتاب:
القسم الثاني من الدراسة هو مقابلات مع عدد من النخب الإيزيدية (22) شخصاً. وتختتم الدراسة بخلاصة وتوصيات لمعالجة الانقسام، يدرجها الباحث تحت عنوان: (خريطة طريق ومقترحات أولية).
وحول منهجية الحوار واجراء المقابلات، يقول الباحث أنه تبنى معايير متعددة لاختيار الشخصيات، أخذاً بنظر الاعتبار “التقاطعات السياسية والاجتماعية والجيلية والجنادرية والمناطقية” و “استبعاد بعض الشخصيات المهمة من القائمة الأولية للنخب الإيزيدية لأنها بسبب مكانتها أو ما تمثله، مصدراً للانقسام والخلاف، وقسم آخر بسبب تطرُّف آرائها، وتحميلها طرفاً دون غيره مسؤولية الانقسام..وعزوف بعض النخب عن الادلاء برأيها لأسباب تتعلق بالحساسيات السياسية والاجتماعية، وشخصيات أخرى بسبب ضيق الوقت أو التشاؤم، أو عدم الاكتراث على نحو يعكس طغيان قدر من السلبية وانعدام الأمل”. مع تردد بعض الشخصيات على الادلاء برأيها بسبب المهيمنات السياسية والاجتماعية والأيديولوجية. (ص 109-110)
ومن يقرأ القسم الثاني من الدراسة بتمعن، كما يشير اليه الباحث، يخرج باستنتاجات عديدة، منها:
– اتفاق معظم الآراء على مصدر الانقسامات وتوظيفها من قبل أطراف وقوى عديدة من خارج المجتمع الايزيدي؛
– وأن المجتمع الايزيدي، مجتمع عشائري قبلي يصادر رأي الفرد؛
– عدم وجود مؤسسات ايزيدية (تشريعية وتنفيذية) ومجلس روحاني مشلول وتابع لأحزاب وأطراف سياسية؛
– عدم الاستقرار السياسي في العراق، وضعف الحكومة المركزية في بغداد، والصراع بينها وبين الإقليم في أربيل على البدن الايزيدي المنهك وخاصة في سنجار؛
– الدور السلبي للأحزاب السياسية على الساحة العراقية، وتدخلها المباشر- خاصة الديمقراطي الكردستاني- حتى في تعيين أمير وبابا شيخ الايزيدية؛
– الدور الانتهازي للنخبة الايزيدية السياسية والثقافية المرتبطة مع الأحزاب (مع بعض الاستثناءات)؛
– فقدان ثقة الفرد الايزيدي بنفسه وبالمحيط الاجتماعي بسبب الإبادات والظلم يتم توظيفها من قبل الأطراف السياسية بغرض السيطرة على المجتمع الايزيدي وتوجيهها بما يخدم مصالحهم.
– الموقف من الهوية الايزيدية، وتعدد التوجهات بشأن تعريف هذه الهوية؛
– الصراعات الإقليمية وأحزاب وأطراف عراقية على مناطق الايزيدية خاصة سنجار؛
– مخلفات وتأثير الإبادة الجماعية على انقسام المجتمع الايزيدي، ووجود مسألة الإحباط لدى غالبية الايزيديين؛
– عسكرة المجتمع الايزيدي بعد سقوط النظام عام 2003؛
– العامل الجغرافي، بحكم تشتت الايزيديين أدى إلى ظهور هنالك ثقافات وعادات مختلفة؛
– تدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم مستويات الفقر، بحيث أدت الحاجة الى تبعية غالبية الايزيديين وولاءاتها لهذه الجهة السياسية أو تلك؛
رغم جميع هذه الانقسامات وغيرها، ينظر الباحث بعين التفاؤل الى المستقبل من خلال وجود وعي ايزيدي عام لتحديات المجتمع ومظاهر الانقسام فيه وعلى نحو يحفز العمل المشترك لو توفرت إرادة جماعية وتخطيط منهجي لحوار إيزيدي-إيزيدي”. (ص 110)
وضمن القسم الأول، يوزع الباحث دراسته على (14) أُطر، يتحرك ضمن تلك الأُطر/المنهج لينسج دراسة شاملة بقليل من الثغرات. يشير إلى معظم أسباب انقسام المجتمع الايزيدي تقريباً كما أشرنا اليه في أعلاه، في سياق تاريخي وجدلية العام والخاص ارتباطاً مع حالة المجتمع العراقي ونظام الحكم السائد.
ففي الإطارين رقم 1 و 2، يشير الباحث الى تنازع السرديات، ويتحدث عن كيفية توظيف سلطة البعث الايزيديين في صراعها مع الأقليات الأخرى. وكيف أن أحداً من الأشخاص المنتسبين لعائلة أمراء الايزيديين الحاليين، يطلب بداية حكم البعث في رسالة له مؤرخة بتاريخ 18/10/1964 دعماً رسمياً للسردية العربية، وتتم الموافقة على فتح مكتب له في بغداد، و (يعُيِّن رسمياُ من قبل السلطة أميراً للطائفة عام 1980) (ص 40-41)، يقابله بالرفض السردية الكردية “الايزيديين أكراد أصليون” التي جاءت على لسان مسؤولين كرد كبار، وقد مَثَلَّ هذا السرد الأمير الراحل تحسين بك، واستمرار نجله حازم عليه حالياً. أما بعد الإبادة الجماعية في عام 2014 تظهر سردية جديدة تدعو الى “هوية قومية للإيزيديين مع التركيز على العناصر الدينية التي تميز الايزيديين عن المسلمين” (ص 45)
في مقابل التوظيف السياسي للسرديات، أو تسييس الهويات (العربية- الكردية- الزرادشتية)، تظهر سردية أُخرى للهوية الايزيدية بعيدة عن التسييس ومحاولات التوظيف من قبل جميع التيارات السياسية، وهي السردية (الإثنودينية) التي تبنتها وتم التعبير عنها من قبل بعض المنظمات الدولية التي تمثل الايزيديين خارج العراق والمتحدثين الإيزيديين من جيل جديد من الناشطين المقيمين في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية (بيان منظمة يزدا في 5/12/2016)، وكذلك بعض الأكاديميين الإيزيديين الذين أنهوا دراساتهم في الجامعات الغربية. (ص 49-53)
كما يعزو الباحث أحد أسباب الانقسام الايزيدي إلى الحيز الجغرافي، حيث يتوزعون في مناطق جغرافية متعددة بين محافظتي نينوى ودهوك والذي كان له تأثير في تعدد الانتماءات السياسية والاجتماعية. وقد كان الانقسام الايزيدي “مُدْرَكاً ومُوظَّفاً من قبل نظام البعث لما تشكله وحدة المجتمع الإيزيدي وتماسكه من تهديد أمني، ولا سيما المجتمع في سنجار الذي كان يشكل مصدر قلق لجميع الحكومات والولاة الذين تعاقبوا على حكم العراق والموصل بصورة خاصة قبل ما يسمى بالحكم الوطني” وَفق ما ورد في دراسة أمنية محدودة التداول. (لاحظ الإطار 5، ص 54-55).
ويأتي حرب الخليج الثانية، خاصة بعد إعلان المنطقة الآمنة للأكراد من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عامي 1991-1992 التي امتدت الى خط العرض 36 شمالا، ليضيف بعداً آخراً لانقسام المجتمع الايزيدي، فتصبح ناحية باعذره وخانك وشاريا ضمن المنطقة الكردية الآمنة، في حين تبقى الشيخان وبعشيقة/بحزاني وسنجار تحت إدارة بغداد، بمعنى التحاق الايزيديين الذين ضموا الى كردستان بالأحزاب الكردية القومية، أما ايزيدية سنجار وسهل نينوى فقد بقوا بعيدين عن القضايا والصراعات القومية حتى الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003. وهذا خلق “انقسام مناطقي” موزعاً بين ثلاث مجتمعات ايزيدية، المجتمع (السنجاري)، والمجتمع الولاتي (ولات شيخ) ومجتمع مناطق الايزيدية في دهوك، هذا الى جانب تعدد أو “الانقسام العشائري”، وكل ذلك ترك تأثيراً على التواصل بين الايزيديين. (ص 56)
تتبع الحلقة الثالثة: انتماء الايزيديين للأحزاب السياسية
RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular